إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عاد وليته لم يعد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عاد وليته لم يعد


    الفصل الأول
    يا إلهي لقد عاد
    لقد سمعت بأنه لن يعود , ولكنه عاد
    وهاهي الحياة تعود إليكِ يا نفسي الحزين , وقلبي المسكين , هيا فلأذهب إليه وأخبره بما يعتمل في صدري وما يحمله قلبي له من .....
    ولكن مهلاً لماذا يبدو هكذا , وجهه شاحب , ونظراته ليست هي تلك النظرات التي كنت مغرمة بها
    يا إلهي ماذا أرى .... إنه مقعد
    لا يمكن أن يكون هذا عماد الذي أعرفه , لقد كان رياضي الجسم , ووسيم الوجه , وعريض المنكبين , وشعره ناعم أسود , ونظراته تحمل الكثير
    يا قلبي المسكين , لقد انتظرته كل هذه السنين ليعود وهو مقعد , شاحب الوجه , كسير النظرات , كئيب المنظر
    ليس هذا عماد الذي اعرفه
    ليته لم يعد ولم أره بهذه الصورة
    ليته لم يعد
    ليته لم يعد

    الفصل الثاني
    ارتجفت عند رؤيته بهذه الصورة , دق قلبي دقات سريعة , حاولت التغلب على القلق الذي بدا واضحاً علي , طردت الأفكار السلبية عن مخيلتي وصحت بصوت عال :
    - عماد
    فالتفت إلى وهنا ارتجف جسدي وهو ينظر إلي بتلك النظرات الحادة التي كان معروف بها .
    تحركت شفتاه , ففهمت بأنه يطلب من سائق كرسيه أن ينقله إلى تلك الفتاة التي نادته , اقترب مني وقال لي :
    - ماذا تريدين ؟
    فوجئت بأسلوبه الجاف , ازدرت لعابي وقلت له :
    - أهلاً بك يا كابتن عماد .
    - قلت لك ماذا تريدين مني ؟
    - ألا تعرف من أنا ؟
    قال باستهزاء :
    - أنت ِ .
    صمت قليلاً ثم استطرد :
    - أنتِ التي تعاليتي علي وتكبرتي واستهزئتي بي وكنتِ دوماً تقولين لي أنت أفشل لاعب في تاريخ كرة القدم , ألا تتذكرين ذلك ؟
    قلت بصوت حزين :
    - نعم لقد كنت كذلك ولكن كنت مخطئة وها أنا أطلب منك الاعتذار .
    قهقه قليلاً وقال :
    - تتأسفين , ومتى , بعد أن أصبت وأصبحت مقعداً .
    طأطأت برأسي وقلت :
    - يا عماد , لقد ظلمتك كثيراً ولكن أنا الآن نادمة .
    - حسناً ماذا تريدين ؟
    - أرجو أن تسامحني .
    صمت دقيقة كاملة ثم قال :
    - قبلت اعتذارك . والآن ماذا تريدين ؟
    فرحت عندما قبل اعتذاري وقلت بفرح :
    - أريد أن أتكلم معك كلاماً كثيراً .
    - كلام , في أي موضوع ؟
    قلت باسغراب :
    - موضوع !!أنسيت بأنك تح.....
    وقفت على حرف الحاء وأشحت بوجهي عنه حياءً , فهم ماذا كنت أريد قوله , طلب من سائقه أن يمضي به , توقف قلبي عندما غادر , ولكنه أخرج بطاقة من جيبه ورماها لي وهو يقول :
    - هذا رقمي .
    أعاد قوله الحياة إلي
    وما أجملها من حياة
    برجعته ........

    الفصل الثالث

    حدثتكم في الفصلين الأول والثاني عن عودة عماد , فرحت جدا بعودته حتى إنني ...... ولكن مهلاً لماذا أفرح , ومن أنا حتى أفرح , قد يقول البعض بأنني حبيبة عماد ولكن أنا لم أكن كذلك , صحيح أنه كان يحبني , ولكن حب من طرف واحد , لم أفكر فيه طيلة العامين الذين كنا مع بعض في الثانوية .
    كنت في المدرسة قاسية القلب مع عماد , لم أحترمه أبداً , كنت أحسبه شاب طائش لا يستحق أن أهتم به أو أنظر إليه , حتى أن صديقاتي كن يحسدنني على اهتمام الكابتن عماد بي , ويتضايقن مني بسبب عدم احترامي له , وسؤالهن دوماً كان يتكرر على مسامعي : كيف ترفضين عماد ؟
    عماد شاب رياضي , وسيم , طويل ولكن ليس بالطول الفاحش , على وجهه ابتسامة جميلة , ونظراته حادة , وهو كابتن فريق المدرسة لكرة القدم , برغم هذه الصفات إلا أنه لم يدخل قلبي , لم أفكر أبداً أن أحبه , اهتم بي كثيرا , وكان يناديني بالجميلة إلا أنني كنت أبتعد عنه وأحياناً أوجه إليه كلمات حادة وموجعة .
    حدث ذات يوم , أن المعلمة طلبت منا بحثاً حول موضوع ما وأعطتنا مهلة أسبوعين , ولكن مر الأسبوعان ولم أقدم لها البحث كسلاً وقلة اكتراث مني , فقالت لي :
    - اسمعي يا وفاء إن لم تكتبي لي بحثاً اليوم ستأخذين صفراً في النشاط .
    قلت لها باستغراب :
    - اليوم !! . أرجوك أعطني مهلة يومين وسأقدم لك البحث .
    - لا . اليوم فقط مسموح لك وإلا تأخذين الصفر يا مهملة .
    كدت أن أقول لها بأن هذا مستحيل واستسلمت لأخذ الصفر , لولا دخول عماد المفاجئ .
    دخل عماد الصف وقدم لي بحثاً جاهزاً ومكتوب عليه اسمي أيضاً , وقال :
    - ها هو البحث يا جميلة , فلقد جهزته لكِ منذ يومين .
    ولكن قلبي كان ميتاً لم أفكر في شكره وتقبل البحث منه بل راحت الأفكار السيئة تدور في رأسي , لقد قال بأنه جهزه لي منذ يومين , إذاً هو يعلم بأني مهملة ولن أقدم البحث في موعده , فقلت له بصوت جاف وقاس :
    - لا أريد منك شيئاً , خذ بحثك وأخرج من هنا .
    صعق عماد لهذه الجملة وأحس بأن كرامته امتهنت أمام طالبات الصف والمعلمة , نزلت دمعة من عينه وهو يغادر الصف ,لقد طعنته بسكين في قلبه , لم أحس به أبداً وكنت اضحك باستهزاء وانا اقول للمعلمة :
    - لا أريد بحثه , بل أفضل الصفر .
    كم كنت قاسية عليه , يا لي من غبية , كيف ارفض شابا مثل عماد ومن انا حتى ارفضه , إنه اشهر واجمل طالب في المدرسة , يمشي والكل يتبعه بنظراته ,
    كان له معجبات كثيرات إلا أنه لم يدخل قلبه منهن أحد , لقد اختارني أنا .
    وغاب عماد عن المدرسة مدة شهرين كاملين سمعت بأنه تعرض لإصابة خطيرة نقل على إثرها لدولة أجنبية للعلاج , وهنا استيقظت , ارتجفت عندما سمعت ذلك , ولأول مرة أحسست بالندم على معاملتي السيئة له , تمنيت أن يعود لكي اعتذر منه , وجدت في قلبي مكاناً له , لقد أحببته , انظر في صورته قبل أن أنام وبعد أن أستيقظ تكون أول نظرة لي في صورته .
    وانتظرته أياماً كثيرة , أسأل عنه , أتتبع أخباره , ولقد سمعت ذات يوم بأنه لن يعود , فوجئت لهذا الخبر , أحسست بأن الحياة دونه لا شيء ,
    ولكنه عاد
    عاد ولكن بشكل آخر .....


    الفصل الرابع

    - لا أصدق بأن حبيبي عاد بعدما انتظرته طويلاً , ولكنه عاد ... عاد ... نعم لقد عاد .
    قلت هذه الجملة لصديقتي نور , في البداية لم تصدقني ولكني ألححت عليها وحلفت لها بأني رأيته قبل يومين ولقد رضي عني وقبل اعتذاري , فقالت لي :
    - اسمعي يا وفاء , لا اعتقد بأن إنساناً بهذا الوجود يسامح من أستهزء به وتجرأ عليه وجرح كرامته .
    فقلت لها :
    - ولكنه كان يحبني , وهو الآن يحبني أيضاً .
    - أمتأكدة بأنه ما زال يحبك .
    - نعم ... نعم متأكدة , فلقد أعطاني رقم هاتفه .
    - حقاً , هل اتصلت به .
    - لا ..... لم اتصل به ... ما زلت مترددة بعض الشيء .
    - هيا اتصلي به , هيا ... هيا .
    ترددت قليلاً وفكرت لما لا اتصل به , قمت وذهبت إلى غرفتي وعدت وهاتفي معي ثم استخرجت بطاقته وأجريت الاتصال ....
    - آلو
    صوت امرأة , ماذا أقول ارتبكت قليلاً ثم قلت :
    - عماد موجود ؟
    - لا لقد خرج من المنزل , من يتكلم ؟
    - أنا ... أنا زميلته .
    قالت باستغراب :
    - زميلته !!
    - نعم زميلته , ومن أنتِ ؟
    - أنا زوجته .
    صعقت لهذه الكلمة .... زوجته ....
    هل تزوج عماد ...
    لا يمكن ....
    يا إلهي إنني لا أرى شيئاً ...
    واظلمت الدنيا من حولي وسقطت فاقدة الوعي ....

    الفصل الخامس والأخير

    فتحت وفاء عينيها ببطء وراحت تنظر من حولها فهرعت إليها وأنا أقول :
    - الحمد لله على سلامتك .
    ولكنها لم تلتفت إلي لقد كانت تنظر إلى ذلك الشخص القاعد على الكرسي وهي تناديه بصوت خرج من فمها بصعوبة :
    - عماد ... عماد ....... عماد
    اقترب منها عماد وهو يجر كرسيه المتحرك بيديه ووقف عند رأسها وقال بصوت حنون :
    - ماذا يا ........ وفاء .
    - لماذا تزوجت ؟
    - لقد ....... لقد كنت مضطراً , فقد نصحني الأطباء بأن أتخذ زوجة لتعينني على شؤون الحياة , فأنت ترين ماذا حدث لي .
    فأطلقت تنهيدة طويلة وقالت :
    - ولكنك كنت تحبي وكيف تتزوج بغيري .
    - نعم أحببتك ولكنك رفضيتني وأنا الرياضي والوسيم والمشهور , فهل تقبلينني وأنا المقعد .
    انزعجت وفاء لرده وغطت وجهها باللحاف وهي تبكي بغزارة ثم نادتني وقالت لي :
    - يا نور , أرجو أن تذهبي إلى غرفتي وفي الدرج الثالث من الطاولة هناك أوراق خذيها واكملي عليها الفصل الأخيرة من قصة ......... قصة حبنا .
    فقال عماد وقد انزعج من طلبها :
    - ولماذا نور , سوف تقومين بإذن الله وتكملين الحياة ولا داعي للـ.... .
    توقف فجأة عندما ارتفع نبضات قلب وفاء ومعها ارتفعت أصوات الأجهزة فهرع الطبيب يحاول تخفيف نبضاتها ولكن دون فائدة فطلب مني أن أنادي الممرضة فركضت مسرعةً لأناديها ولكن توقفت عند الباب فقد توقفت الأجهزة فجأةً
    ومعها توقف ..... توقف قلب وفاء .
    انهمرت الدموع من عيني بغزارة ولم أتمالك نفسي فأسندت إلى الجدار , أما عماد فبكى وراح يهتف باسمها :
    - وفاء ...... وفاء ......... رد علي ...... لا يمكن أن تموتي ........ ردي علي يا جميلة .
    وارتمى بجانبها وأمسك بكفها ثم ...... سكن بجوارها إلى الأبد .
    هكذا انتهت قصة حب وفاء وعماد بأن ماتا معاً .
    فكرت المسكينة بأنها سوف تفرح بعودته وأنها سوف تكفر عن خطأها ولكن القدر لم يمهلها
    فقد عاد إليها بعد غياب طويل ........
    ولكنه عاد وبشكل آخر
    عاد وليته لم يعد
يعمل...
X