إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

معدن الكتابه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • معدن الكتابه

    لا تتأتى الكتابة لأي امرئ. مدارجها وسبل مراودتها عصية مبهمة. لا وقت معين وبائن ومدقق يعلن عن قدومها الأول. وحتى بعد قدومها وفي قمة غرور امتلاكها وإحكام ناصيتها تظل منفلتة وغير مؤكدة.
    هي ظاهرة تتكون لحظة ما فالتة من الزمن، في بداية العمر، عند وجود ظروف تلتقي وتنوجد لا يعرفها أحد، لأن أمرا مجهولا لكن عاتيا فرضها وأوجبها وقررها للصاحب المسكين الذي انتقته من بين العباد ليصير خادمها المطيع الخانع القانع.

    هي ظاهرة منزوية من بين أنشطة الإنسان، توجب الاختلاء بها قسرا ومهما طال الزمن آو قصر بدون التأكد من الحصول على المرجو أي متعة فريدة متفردة خاصة بلا لون أو شكل أو ذوق متعارف ولكن متعة قد لا تأتي في آخر مطاف العناء. وبالرغم تؤتى مع مطلع كل رغبة والرغبة ممكن أن تتكرر ومرارا.
    هكذا، هي أمر نادر وعند حصوله ليس هناك إمكان معروف يبين تحقيق الانتشاء من خلف مراودتها والعبور إليها وطرق كل مسالكها المؤدية إلى عروشها الكامنة في الغيب.
    وبالتالي فالسؤال عن ماهيتها سؤال عناء لا طائل من ورائه سوى أنه يظل سؤال كتابة أي كتابة هو بدوره. لأنه سؤال الفلسفة منذ الأزل وسؤال التعبير الذي حفظ وحفظ حياة البشرية منذ بداياتها الأولى في الصحائف والألواح وفي المعمار وفي الجلود والرقائق. إنها شيء هناك دائما، ماضي وحاضر وقدر الإنسان، وقدر الآلهة التي تتجلى للخلق من خلالها وتسير أحوالهم وأنسابهم ومصائرهم.
    قال القرآن الكريم في أولى اختراقه سمع السماوات : " اقرأ". وقال الإنجيل في آيته الأولى:" في البدء كانت الكلمة" والتوراة ألواح...الكل كتابة. الحياة كتابة. فلا مناص من أن تحير العقول المتوقدة في توقها إلى سطوة الكتابة فالحلم عظيم. وكل ما يجئ من أرحام القدس وجلالات السر لا يعطى بسهولة ويستساغ بيسر. وإن لم تحصل الكفاية من ذلك كله يكون العذاب عند مفترق النهاية. ألم يمر بروميتوس من ذات الطريق وهو يسرق النار، نار المعرفة والدفء، بدون إذن من الأكوان العليا؟
    لا قانون ولا قاعدة هنا. كشف ينفتح على القلب في زاوية اختلاء وظرف استسماح خارج العرف. لذا لا تتجسد الكتابة إلا وحدانية وفي العزلة التامة وبعيدا عن الملهى والصخب والآخرين. يد وقلم وصفحة بيضاء ورحمة الرب ! وسوى ذلك لا يقدر أن يمنحك قيد جملة. هي النشاط الأوحد، قريب من الجنون، شيء من الهذيان، احتمال للتفرقع، صدى للانمحاء.
    فلا غرابة أن تظل متمنعة وأن تبقى الرغبة الوحيدة الدفينة التي يتمناها الكل ويعشقونها سرا. تمتع المتعة التي لا ند لها وتديم الحضور بين الأحياء وتقرب من الخالق.
    وللاقتراب من فهم بسيط لقدرة الكتابة العتية والرافضة للتصنيف لنتأمل هذه الحكاية. ذات يوم زار الكاتب الإنجليزي الشهير "أنتوني بورجيز" طبيبا بعد ما ألمت به سلسلة من الصداع الحاد في رأسه. وبعد الكشف أبلغه الطبيب بوجود ورم في الدماغ سيقضي على حيلته بعد عام على الأكثر. لم يتبق له إلا عام يقضيه في أرجاء الدنيا. فعاد إلى بلده إنكلترا وقد كان رحالة وبدأ يكتب بدون انقطاع كسجين محكوم عليه بالأشغال الشاقة وهو متأكد من وفاته الوشيكة. كان يرجو أن لا يغادر عالم الأحياء بدون أن يترك أثرا. لكن النتيجة كانت مذهلة وغير متوقعة: خمس روايات في مدة أربعة أشهر ! من بينها روايته الشهيرة "الآلة البرتقالية" التي حولها المخرج السينمائي ستانلي كوبريك إلى فيلم ناجح جدا.
    فأمام الموت المحقق انفجرت رغبة الكتابة وتفجرت طاقتها في عقل الروائي الكبير هذا. لم يكن ذلك منتظرا بهذا الحجم الطاغي الجامح وبهذا الألق المدهش. حقا كان قد كتب بضع روايات من قبل لكن بدون صدى نجاح يذكر لكن ظرف الموت الوشيك والنهاية المحتومة الدانية، هذا الظرف الذي ما بعده ظرف جعل التدفق الكلامي ذي معنى وبقدر الشهادة على الحياة والوجود والعصر.
    الكتابة من خلال أمثلة كهذه تعني أنها تؤتى من لا مكان ولا زمان وحسب ما تراه هي في كون خاص بها لا بغيرها. بسبل غير مألوفة تجعلنا نقترب من شباكها فنمسك فراغا مهولا أليما أو نشد في عين العيون الشبكية المتوارية فقط.

    تقبلووو تحياتى ودمتم سالمين ...

  • #2
    مشكووور اخوي الف


    ويعطيك العافية

    تعليق


    • #3
      لا مو الف الفتى
      الله يعافيك

      تعليق


      • #4
        موضوع جميل من فتي جميل :)


        خــذآك ..
        الموعد الثآني ..!!




        تعليق


        • #5
          تسلم يا جميل

          تعليق


          • #6
            يعطيك العافيه اخوي الفتي علي هالمشاركه والموضوع الجميل :)
            ::. Only God Can Judge Me ! .::

            ALNa7eeeS سابقآ ..

            .:.

            تعليق

            يعمل...
            X