وقــفـه تـأمل في حيــاتـك
الكلمة الطيبة صدقه ، والابتسامه صدقه ، " ولا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق " . معان كثيرة ننساها في غمرة انشغالنا بالدنيا ولهاثنا وراء مصالحنا ، والتهائنا بأحزاننا وهمومنا . ننساها وننسى أن بابتسامة صادقه قد نسري عن إنسان حزين ، أو نطفيء غضب ثائر ، أو نكسب ود حاقد . ننسى أن كلمة طيبة لا نلقي لها بالاً قد تكون سبباً في رفع همة عاجز ، أو نشاط كسول ، أو فعل خير يكون لنا أجره . ننسى أن البشاشة في وجوه الآخرين تكسبنا الأصدقاء ، وتربطنا بالناس . ننسى هذا كله متعللينٍ أنه لا وقت للمشاعر ، وأنه يكفينا مالدينا من هموم ، و" مالنا وللناس " وأنه " إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب " وغيرها من الأعذار والأقول التي رسخت فينا حب النفس والأنانية ، والبخل بالمشاعر ، والتوجس من ردات فعل الغير ، أو الخوف من سوء الفهم أو حتى التفكير بما سنجنيه من مصالح وراء هذه الابتسامة أو تلك الكلمة ، وكأنه لابد من مقابل لكل تصرف أو عمل نقوم به !
هذه المادية البحتة التي ترسخت في أذهان الكثيرين منا ، باعدت بين الأحباب والأصحاب ، وهذا الشح في إظهار المشاعر والعواطف خوفاً من سوء الفهم أو حتى ترفعاً أو أنشغالاً ، أورثنا انسلاخاً في الروابط ، وأدى ببعضنا إلى الاكتئاب والوحدة والأمراض النفسية ؛ بل قد وقاد بعضنا إلى العدوانية ، أليس كذلك ؟ كما نرى ونسمع عما يحدث في الغرب من أحداث ؛ آباء يقتلون أبناءهم ، أو أمهات يخنقن أطفالهن الرضع أو مراهقون بل وحتى أطفال يفتحون الرشاش في وجوه زملائهم ، والسبب : أمراض نفسية واكتئاب . كم قرأنا عن ( كبار سن ) يموتون فلا يرى بموتهم أحد ، أو مشردين ينامون على الأرصفة يلتحفون قصاصات الصحف ويأكلون القمامة ولهم أهل لا يعلمون عنهم شيئاً ؟ ! فهل ننتظر حتى نصبح نسخة أخرى ، ومثالاً آخر للتفكك والعدوانية ؟ قد لا يلامون ، فحياتهم جافة وقاسية بلا إيمان ولا روح ، أما نحن فلا عذر لنا وديننا يربط بيننا برباط وثيق لا ينفك ، ويحثنا على الخلق والصلة ، ولكن هل استوردنا منهم كل شيء حتى القسوة والجفوة وتفكك الروابط ؟
فلنسأل أنفسنا ونتفكر كم منا من يقول لأبنائه إنه يحبهم ؟ كم منا من يضمهم ويقبلهم ؟ كم منا من يقول لوالدية إنه ( حاضر ) وفي ( أمرهم ) ؟ كم منا من يتصل بصديق أو صاحب فقط ليسأل عنه دون أن يرجو منه قضاء حاجة أو مصلحة أو ( التوسط ) في موضوع ؟ كم منا من يزور جيرانه بين فترة وأخرى ؟ كم منا من يتصل بعمته أو خالته أو أهل أبيه أو أمه ليسأل عن صحة الكبير ونجاح الصغير ؟ كم منا من يشعر بالوحدة في يوم إجازته ويتمنى لو أن " فلاناً " صديقه يتصل به ويأبى أن يكون هو الباديء ؟ كم منا من يرى حزينا فيشجعه ويواسيه " أن الدنيا حقيرة " وأن الحزن يهون ؟ كم منا من يشد على يد محسن ويقول " الله يعطيك العافية " ؟ كم منا من يثني على مجتهد ويتمنى له المزيد دون أن يضمر في نفسه شيئاً آخر ؟ من منا لا يحتاج للكلمات الحانية والمواساة أو التشجيع من أهله وأصحابه ؟ من منا لا يفرح باتصال عزيز ( طال عليه الأمد ) أو بمكالمة من أخ أو أخت ، طال العهد به ؟ كم مرت علينا مواقف نسمع فيها أن فلاناً أو فلانة توفاهم الله ، فنعض أصابع الندم ليتنا حادثناهم من قريب ؟ أو نتحسر أننا لم نصلهم أو نبرهم ؟ لماذا ننتظر حتى يقع لهم حادث كي نتصل ونطمئن عليهم ، لماذا ننتظر حتى يمرض فلان أو ينجح فلان ، وكأن صلاتنا ومشاعرنا مرتبطة بالمناسبات ؟ وكأننا كالحواسب الآلية مبرمجوٍن على مناسبات معينة ، بل قد تأتي المناسبات وتذهب ولا نأبه بها ، ونترك من وراءنا قلوباً كسيرة وخواطر لا جابر لها إلا الله ، ثم نتعلل بالمشاغل ، وننسى أنه قد يصيبنا ما أصابهم فنتمنى الكلمة أو الابتسامة فلا نجدها ؟
أسئلة لا بد منها من التأمل فيها ، حتى لا نفاجأ بالمشيب وقد غزانا وليس من صاحب ، أو نفاجأ بالمصيبة فنبحث عن مخلص فلا نجد ، والكيّس من دان نفسه ولم يتمن على الله الأماني ، قال صلى الله عليه وسلم :" ليس الواصل بالمكافيء ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها " . رواه البخاري . وقال أبن عمر _ رضي الله عنهما :" من أتقى ربه ، ووصل رحمه ، نسىء في أجله ، وثرى ماله ، وأحبه أهله " .
دعائي للجميع بدوام السعاده
منقــوول
تقـــبلوا خالـــــص احترامـــــــــــــــي
تحـــــــــــــــــ ღ دلــــــــــــــــــع ღ ـــــــــــــــــــياتي
تعليق