السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع كوب من القهوه المره اتصفح ماكتب بالجرائد
فوجدت مقالا رائعه
اعجبني فلم اتردد بنقله لكم
الحقيقة لا تدنو بأصحابها
الحقيقة لا يمكن أن تكون مبعثرة في الهواء ، إنما هي كالمرآة الكبيرة الصقيلة ، سقطت من السماء وتبعثرت قطعاً في الأرض ، منها ما غدا في حوزة الكائن ، ومنها ما ظل مجرداً ، مترائياً عبر صفحات الكون البيضاء ، هذه هي الطبائع البدهية لأوليات الحقائق ، وما أن تبدأ في التبدل والتشكل على غير الصبغة الأولى حتى تطرأ حينئذ دواعي التنافر والاحتراب ، لتصل إلى أدنى مستويات البحث العقلي ، فتصبح الحقيقة المتخيلة معارضة للحقيقة الأخرى المتوهمة ، ابتداء من ذهنية الفرد الواحد ، وفي أوقات جد متقاربة ، وانتهاء بإفراز تناقضات حادة ، حادثة شرخاً عميقاً في اللحمة الاجتماعية ، ومورثة تناقضات أخرى أشد اتساعاً وانتشاراً ، وإذ بنا نفاجأ بمجتمعات عوضاً عن كونها حاضنة غدت طاردة ، نتصور هذا داخل الأسرة الواحدة ، وفي بيئات العمل، من سطوة كل ذي مسؤولية على من هو دونه في ذات المسؤولية ، ناهيك عن مواطن والتدريس ، إنه ضغط مرٌ هائل يورث بلا شك طرداً أشد مرارة وتوجعا ، لاسيما إن كان من ذوي القربى الذين يفترض منهم أنهم أحرى الناس بالمشاركة لا المعاركة .
إن المعضلة كامنة في شعورين اثنين ، يلازمان بطبيعتها طبيعة البيئات الطاردة ، أما الأول فهو الإسقاط النفسي بأن آحادنا ملوثون ، وأن ثمة مرضا متفشيا في المجتمع ، بعضهم يسمى هذا المرض جاهلية أو رذيلة أو.. أو.. إلى آخر المسميات المتدثرة بلبوس ديني ، وبعضهم الآخر يسميه عتها وخمولا وعدم جاهزية .. إلى آخر المسميات المتسربلة بلبوس نخبوي ، المهم أن المرض يظل هو المرض مهما اختلفت تسمياته ، وعليه فبما أن الجميع متوعك في نظر الجميع ولا طاقة لأي الفريقين بممارسة العلاج ، تظل أدبيات التحطيم والتحقير هي المتداولة ، والأعجب من ذلك قول أكثرهم إذا ما خوطبوا بضرورة إحلال المتطلبات الاجتماعية محل التنفيذ والمحاققة : إن المجتمع غير مؤهل لها !! وكأنه هو غير هذا المجتمع ، وكأنه هو المهيأ ابتداء ، بل وكأن المجتمع قد خوله للتحدث باسمه ، وهو الذي لم يمسك طوال حياته بورقة إحصائية تحدد مدى فشو موقفه الذي يتبنى من عدمه !! .
إنه العجز بحذافيره ، إذ كيف يحتمل إنسان يعاني شعوراً مراً بالعار أن يعيش دون أن يلوث الكل ليستريح ، ودون أن يسبغ على مجتمعه صفة الخمول والكسل ، ليصبح ما فعله ويفعله هو القاعدة بعد أن كان استثناء ، وليظفر بموقع من التشهير والتسفيه يرفع به ما كان يعانيه من الإحساس بالسقوط إلى أسفل التيار .
أما الشعور الثاني فهو حضور المقارنة في كل شيء ، مقارنة الأنا مع الآخر ، مما يستلزم خلق بيئة تنافسية هي أضيق بكثير مما يقتضيه الواقع الرحب ، يذكرني ذلك بما يحدث بين العامة في السوق من تضافرهم على فتح محلات مشابهة تماماً لمحلات أخرى اشتهرت برواج بضاعتها ، بل إن البعض يناكف على الاسم ذاته ، وكأن حاجات الناس قد توقفت على أعتاب الأسماء لا مضامينها ، هكذا هي الحال في سوق الأفكار ، فما أن تروج فكرة ما وتدر على صاحبها حضوراً اجتماعياً إلا وتجد المنافسة عليها على أشدها ، بغض النظر عن صوابية هذه الفكرة من عدمها ، الأمر الذي يورث ترداداً ممجوجاً للأفكار ، ولا يستحث العقل في الركض خلف ما هو جديد وجدير.
وعلى الرغم من انتشار هذه البيئات التي تطرد بعضها بعضاً إلا أن فضيلة الحقيقة تبقى حاكمة مهما طال الأمد ، إذ لا تأذن بالبقاء إلا للأصلح ، الساعي للاستزادة المعرفية ، فإن رمنا هذا البقاء ما علينا سوى امتهان التأمل الحثيث ، المنزوي عن بهرج من القول والصول .
اتمنى يعجبكم المقال
تقبلي مني كل الاحترام والتقدير
مع كوب من القهوه المره اتصفح ماكتب بالجرائد
فوجدت مقالا رائعه
اعجبني فلم اتردد بنقله لكم
الحقيقة لا تدنو بأصحابها
الحقيقة لا يمكن أن تكون مبعثرة في الهواء ، إنما هي كالمرآة الكبيرة الصقيلة ، سقطت من السماء وتبعثرت قطعاً في الأرض ، منها ما غدا في حوزة الكائن ، ومنها ما ظل مجرداً ، مترائياً عبر صفحات الكون البيضاء ، هذه هي الطبائع البدهية لأوليات الحقائق ، وما أن تبدأ في التبدل والتشكل على غير الصبغة الأولى حتى تطرأ حينئذ دواعي التنافر والاحتراب ، لتصل إلى أدنى مستويات البحث العقلي ، فتصبح الحقيقة المتخيلة معارضة للحقيقة الأخرى المتوهمة ، ابتداء من ذهنية الفرد الواحد ، وفي أوقات جد متقاربة ، وانتهاء بإفراز تناقضات حادة ، حادثة شرخاً عميقاً في اللحمة الاجتماعية ، ومورثة تناقضات أخرى أشد اتساعاً وانتشاراً ، وإذ بنا نفاجأ بمجتمعات عوضاً عن كونها حاضنة غدت طاردة ، نتصور هذا داخل الأسرة الواحدة ، وفي بيئات العمل، من سطوة كل ذي مسؤولية على من هو دونه في ذات المسؤولية ، ناهيك عن مواطن والتدريس ، إنه ضغط مرٌ هائل يورث بلا شك طرداً أشد مرارة وتوجعا ، لاسيما إن كان من ذوي القربى الذين يفترض منهم أنهم أحرى الناس بالمشاركة لا المعاركة .
إن المعضلة كامنة في شعورين اثنين ، يلازمان بطبيعتها طبيعة البيئات الطاردة ، أما الأول فهو الإسقاط النفسي بأن آحادنا ملوثون ، وأن ثمة مرضا متفشيا في المجتمع ، بعضهم يسمى هذا المرض جاهلية أو رذيلة أو.. أو.. إلى آخر المسميات المتدثرة بلبوس ديني ، وبعضهم الآخر يسميه عتها وخمولا وعدم جاهزية .. إلى آخر المسميات المتسربلة بلبوس نخبوي ، المهم أن المرض يظل هو المرض مهما اختلفت تسمياته ، وعليه فبما أن الجميع متوعك في نظر الجميع ولا طاقة لأي الفريقين بممارسة العلاج ، تظل أدبيات التحطيم والتحقير هي المتداولة ، والأعجب من ذلك قول أكثرهم إذا ما خوطبوا بضرورة إحلال المتطلبات الاجتماعية محل التنفيذ والمحاققة : إن المجتمع غير مؤهل لها !! وكأنه هو غير هذا المجتمع ، وكأنه هو المهيأ ابتداء ، بل وكأن المجتمع قد خوله للتحدث باسمه ، وهو الذي لم يمسك طوال حياته بورقة إحصائية تحدد مدى فشو موقفه الذي يتبنى من عدمه !! .
إنه العجز بحذافيره ، إذ كيف يحتمل إنسان يعاني شعوراً مراً بالعار أن يعيش دون أن يلوث الكل ليستريح ، ودون أن يسبغ على مجتمعه صفة الخمول والكسل ، ليصبح ما فعله ويفعله هو القاعدة بعد أن كان استثناء ، وليظفر بموقع من التشهير والتسفيه يرفع به ما كان يعانيه من الإحساس بالسقوط إلى أسفل التيار .
أما الشعور الثاني فهو حضور المقارنة في كل شيء ، مقارنة الأنا مع الآخر ، مما يستلزم خلق بيئة تنافسية هي أضيق بكثير مما يقتضيه الواقع الرحب ، يذكرني ذلك بما يحدث بين العامة في السوق من تضافرهم على فتح محلات مشابهة تماماً لمحلات أخرى اشتهرت برواج بضاعتها ، بل إن البعض يناكف على الاسم ذاته ، وكأن حاجات الناس قد توقفت على أعتاب الأسماء لا مضامينها ، هكذا هي الحال في سوق الأفكار ، فما أن تروج فكرة ما وتدر على صاحبها حضوراً اجتماعياً إلا وتجد المنافسة عليها على أشدها ، بغض النظر عن صوابية هذه الفكرة من عدمها ، الأمر الذي يورث ترداداً ممجوجاً للأفكار ، ولا يستحث العقل في الركض خلف ما هو جديد وجدير.
وعلى الرغم من انتشار هذه البيئات التي تطرد بعضها بعضاً إلا أن فضيلة الحقيقة تبقى حاكمة مهما طال الأمد ، إذ لا تأذن بالبقاء إلا للأصلح ، الساعي للاستزادة المعرفية ، فإن رمنا هذا البقاء ما علينا سوى امتهان التأمل الحثيث ، المنزوي عن بهرج من القول والصول .
اتمنى يعجبكم المقال
تقبلي مني كل الاحترام والتقدير
تعليق