[align=center]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحكم خير
اخباركم
مما راق لي
القناعات
كل فرد بشري يحمل قناعات مختلفة .. ولكنه قلما يسأل : كيف انغرست فيه هذه القناعات وكيف ربت وكيف اثمرت القدرة على تحريكنا الى سلوك معين وتصور محدد وزجنا او الزج بنا الى ما نعتقد وما لا نعتقد !
سهل ان نقول : (انا) على قناعة بهذا او ذاك .. ولكن من اصعب ما يلاقي غياب التفسير او استحالته احيانا ان نقول : (نحن) مقتنعون بهذا او ذاك .. اذ كيف التقت هذه (النحن) على هذه القناعة دون غيرها وهل رسوخها في نفوس الافراد على درجة واحدة من العمق والثبات .. ام انه تختلف درجات سلمه باختلاف الافراد بحيث ان بعضهم يخترق الشك قناعاته من الوريد الى الوريد ؟
هناك بالطبع لدى كل انسان قناعات مؤقتة .. كما نرى ذلك في اختياراتنا الاستهلاكية وتغيرها الدائم او كما نشاهد ذلك في الغرب .. حيث ينتخب الفرد شخصا ما ثم يغير قناعته في الدورة القادمة.. وينتخب فردا آخر.. لان المقياس هنا ما يحمله الشخص من الانحياز الى مصالح فردية او جماعية يريد تحقيقها.. وهذا النوع من القناعات لا اتكلم عنه.. فهو وليد منزلقات عديدة من الدعايات او الادعاءات التي يتضح سرابها بعد حين.. وليس فقط تحقيق المصالح او عدمه.. هنا اتكلم عن النوع الآخر من القناعات وهو القناعات الثابتة. والقناعات الثابتة هي تلك المنظومة من المفاهيم التي تحدد مواقف الفرد والجماعة وتصورهم وتدفعهم الى سلوك بعينه بحيث تكون هي السمة الاوضح لهذا المجتمع او ذاك وان اختلفت بالنسبة الى الافراد والفئات.
القناعات الجماعية الثابتة يمكن ان تكون وراثية.. اي ان المجتمع يغرس في ابنائه ما غرسه آباؤه فيه. وهنا لا تكون القناعات اختيارا للفرد او الجماعة.. بل هي مجرد نباتات (برية) بكل ما فيها من اشواك او ازهار.. وهذه القناعات هي التي تشن عليها الاديان وتيارات الاصلاح حربا عوانا في كل مسيرة التاريخ البشري، لانها تهدم اي جسر الى المستقبل.
ويمكن ان تنغرس تلك القناعات بالقوة، بكل انواعها الجسدية والنفسية ثم تترسخ بقوة الاستمرار.. وهذا النوع من القناعات هو مثار الاختلاف والجدل في كل زمان ومكان.. لانها بعد رسوخها بقوة الاستمرار وحده، اي بدون اختيار، وتتعاقب عليها الاجيال تمد التفسيرات المختلفة، بل والمتناقضة تمد اعناقها في اوساط الافراد والفئات، فيحاول كل فرد او جماعة جر الضوء الى صواب تفسيره وبطلان التفسير الآخر.
بعض هذه القناعات قد تكون نابعة من مصدر مقدس.. ولكن المقدس لا يفهمه البشر فهما واحدا او مشتركا.. ان فهمه له جملة من الشروط يدخل فيها التاريخ.. ان التاريخ جزء من اجزاء الفهم البشري لا للمقدس وحسب بل لكل شيء.
ان القناعة مهما كانت مضيئة، اذا لم تكن بالاختيار والفهم تكون عرضة لامراض عديدة.. قد يكون الشك احد هذه الامراض فابن الرومي يقو ل
غير ان اليقين اضحى مريضا *** مرضا باطنا شديد الخفاء
اتمنى يعجبكم
لكم مني كل الاحترام
دمتم بحفظ الله
[/align]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحكم خير
اخباركم
مما راق لي
القناعات
كل فرد بشري يحمل قناعات مختلفة .. ولكنه قلما يسأل : كيف انغرست فيه هذه القناعات وكيف ربت وكيف اثمرت القدرة على تحريكنا الى سلوك معين وتصور محدد وزجنا او الزج بنا الى ما نعتقد وما لا نعتقد !
سهل ان نقول : (انا) على قناعة بهذا او ذاك .. ولكن من اصعب ما يلاقي غياب التفسير او استحالته احيانا ان نقول : (نحن) مقتنعون بهذا او ذاك .. اذ كيف التقت هذه (النحن) على هذه القناعة دون غيرها وهل رسوخها في نفوس الافراد على درجة واحدة من العمق والثبات .. ام انه تختلف درجات سلمه باختلاف الافراد بحيث ان بعضهم يخترق الشك قناعاته من الوريد الى الوريد ؟
هناك بالطبع لدى كل انسان قناعات مؤقتة .. كما نرى ذلك في اختياراتنا الاستهلاكية وتغيرها الدائم او كما نشاهد ذلك في الغرب .. حيث ينتخب الفرد شخصا ما ثم يغير قناعته في الدورة القادمة.. وينتخب فردا آخر.. لان المقياس هنا ما يحمله الشخص من الانحياز الى مصالح فردية او جماعية يريد تحقيقها.. وهذا النوع من القناعات لا اتكلم عنه.. فهو وليد منزلقات عديدة من الدعايات او الادعاءات التي يتضح سرابها بعد حين.. وليس فقط تحقيق المصالح او عدمه.. هنا اتكلم عن النوع الآخر من القناعات وهو القناعات الثابتة. والقناعات الثابتة هي تلك المنظومة من المفاهيم التي تحدد مواقف الفرد والجماعة وتصورهم وتدفعهم الى سلوك بعينه بحيث تكون هي السمة الاوضح لهذا المجتمع او ذاك وان اختلفت بالنسبة الى الافراد والفئات.
القناعات الجماعية الثابتة يمكن ان تكون وراثية.. اي ان المجتمع يغرس في ابنائه ما غرسه آباؤه فيه. وهنا لا تكون القناعات اختيارا للفرد او الجماعة.. بل هي مجرد نباتات (برية) بكل ما فيها من اشواك او ازهار.. وهذه القناعات هي التي تشن عليها الاديان وتيارات الاصلاح حربا عوانا في كل مسيرة التاريخ البشري، لانها تهدم اي جسر الى المستقبل.
ويمكن ان تنغرس تلك القناعات بالقوة، بكل انواعها الجسدية والنفسية ثم تترسخ بقوة الاستمرار.. وهذا النوع من القناعات هو مثار الاختلاف والجدل في كل زمان ومكان.. لانها بعد رسوخها بقوة الاستمرار وحده، اي بدون اختيار، وتتعاقب عليها الاجيال تمد التفسيرات المختلفة، بل والمتناقضة تمد اعناقها في اوساط الافراد والفئات، فيحاول كل فرد او جماعة جر الضوء الى صواب تفسيره وبطلان التفسير الآخر.
بعض هذه القناعات قد تكون نابعة من مصدر مقدس.. ولكن المقدس لا يفهمه البشر فهما واحدا او مشتركا.. ان فهمه له جملة من الشروط يدخل فيها التاريخ.. ان التاريخ جزء من اجزاء الفهم البشري لا للمقدس وحسب بل لكل شيء.
ان القناعة مهما كانت مضيئة، اذا لم تكن بالاختيار والفهم تكون عرضة لامراض عديدة.. قد يكون الشك احد هذه الامراض فابن الرومي يقو ل
غير ان اليقين اضحى مريضا *** مرضا باطنا شديد الخفاء
اتمنى يعجبكم
لكم مني كل الاحترام
دمتم بحفظ الله
[/align]
تعليق