المكان : القاعة النارية في قعر الجحيم تحت الأرض السابعة ..
الحدث : انعقاد المجمع الأوّل لعموم الشياطين و الأبالسة و العفاريت و الجن الأسود و مردة النار ..
تحت رعايةٍ مشينةٍ من خباثة الشيطان الأكبر ( إبليس اللعين بوضاعة قدره ) و بمشاركة جميع أصحاب السفالة مديري مصالح الشر على الأرض و بغية الارتقاء بأداء الأبالسة و تنظيم أعمالهم .. و تحت شعار ( نحو شرٍّ منهجيّ و غواية فعّالة ) .. بدأت الجلسة الافتتاحية لهذا المجمع المهيب الذي ضمّ بالإضافة إلى كل تلك الكائنات الناريّة الخبيثة كائناً آخر مخلوقاً من طين أرضيّ اسمه ( إنسان ) و قد تمّ قبول حضوره بصفة ( مراقب ) .
و بعد تلاوة التعاويذ السحرية الطاردة للأرواح النورانية و بعض التمائم الإبليسية الكفيلة بإبعاد أي ظلٍّ ملائكي قد تراوده نفسه بالاقتراب من هذا المحفل المشين , وقف الجميع دقيقة صمت احتراماً لذكرى هبوط الجنس الشيطاني من الجنّة إلى الأرض و استذكاراً لتلك العبارة الخالدة التي قالها إبليس و وضعها جميع الأبالسة نصب أعينهم طوال آلافٍ من السنين لا تكاد تحصى : لأغوينّهم أجمعين .
ثم بدأت الجلسة .. و وقف الشيطان الأكبر بقرنيه الطويلين و حوافره المتشققة و عينيه الحمراوين ينظر للجميع نظرة الغبطة و السعادة و ران على الجميع صمت مطبق قبل أن يبدأ خطابه :
- مساء الشر يا حضرات الأوغاد.. مساء اللؤم و التعاسة و الخباثة على الأرض و في السماء ( إن أمكن ) ..
سأبدأ أولاً باستعراض أهم الانجازات التي حققناها حتّى الآن و التي أعتقد أنّها رغم كونها غير كافية لتحقيق ما نبغيه تماماً إلاّ أنّها تشكّل لنا حافزاً قويّاً لمتابعة عملنا بإصرار و حماس و تفاؤل ..
لقد هبط آدم إلى الأرض و هبطنا معه .. تلك الأرض الملعونة التي طالما داعبت أحلامنا القديمة أن تكون ملاذنا و مرتعنا نمارس فيها سطوتنا و سيطرتنا كما نهوى ..
الأرض المفتوحة المسكونة بآلاف الجنان و ألف جحيم و جحيم ينفث أواره شلاّلاتٍ من نارٍ عذبةٍ شهيّة ..
الأرض التي تشدنا جميعاً نحو الأسفل نحو نقطة متناهية في الصغر حتى تكاد تكون عدماً .. لكنّها – يا لطف المقادير – تمسكنا بترابها و طينها و نيرانها و حكاياتها و أسرارها التي لا تنتهي ..
هي الأرض يا سادة .. الأرض التي من أجلها قلنا : لا .. و لم نسجد حين سجد الجميع ..
الأرض التي من أجلها نفضنا عنّا فطرة خلقنا فأصبحنا أنصاف آلهة و لو إلى حين ..
لو لم ننجز غير ذلك لكفانا ..
لقد اكتشفنا ما هي الشهوة .. و حين بانت ( العورة ) للمرّة الأولى عرفنا أعظم أسرار الكون و أكثرها إثارة ..
علمنا أن طقوس اللذة المقدّسة ليس لها حاضرٌ على الإطلاق , و لا تنتمي لأي مكانٍ أو زمان , و ليس فيها كلمة ( الآن ) , بل هي رغم كلّ ( لذّتها ) و متعتها إما حاضرٌ يُذكَر أو مستقبلٌ يُنتَظر ..
اكتشفنا – بضربة حظٍ رائعة – أن كلّ المخلوقات الطينية تبحث عن اللذة رغم أنّها لا تعيشها أبداً , و حين تصل إلى ما تعتقده قمّة اللذة تهبط فوراً إلى الحضيض لتواصل رحلة البحث المضني مرّة أخرى ..
هي الرحى التي تربط كلّ كائنات الطين حولها لتدور و تدور دونما توقّف من الولادة الأولى إلى الولادة الثانية ..
لو لم نكتشف غير ذلك لكفانا ..
لقد علمنا أن الألم كائن يعيش مع الإنسان , يرتبط به و بكينونته و عقله , و أن لحظةً واحدةً من التفكير تعني بالنسبة له آلافاً مؤلّفة من لحظات الألم و الحيرة و الإحساس المرهق بالعبثيّة و السخط , فيصاب بالذعر و يطلق ساقيه للريح يبحث لاهثاً عن الوجه الآخر لوجوده , عن اللذة التي لم يذقها يوماً لكنّه مازال يبحث عنها في كل الزوايا المختبئة وراء شهوة نفسه التي تريد أن تلتهم الكون كلّه كثقبٍ أسودٍ عملاق ..
لو لم نعلم غير ذلك لكفانا ..
لكنّا لم نكتفِ بعد ..
ما زال الطريق أمامنا طويلاً , و ما زال الكثير ينتظرنا لننجزه .. فلا نطمأن إلى ما فعلنا و لا نركن إلى الراحة الكاذبة كما يفعل بعض البشر البلهاء حين يحسبون أنّهم أنجزوا كلّ ما يمكن إنجازه و أنّهم عرفوا كلّ ما يمكن معرفته فيفقدون نكهة وجودهم و جدواه و فائدته ..
و الشرّ من وراء القصد ..
أيها الناريّون ..
بحقّ الخالق لنغوينّهم أجمعين ..
نحن الشياطين ..
ستحكي الدنيا حكاياتنا ..
و يهتف باسمنا الهاتفون ..
أعطي الكلمة الآن لشيطان الكِبر .. فليتقدّم مشكوراً ..
يتبع ..
الحدث : انعقاد المجمع الأوّل لعموم الشياطين و الأبالسة و العفاريت و الجن الأسود و مردة النار ..
تحت رعايةٍ مشينةٍ من خباثة الشيطان الأكبر ( إبليس اللعين بوضاعة قدره ) و بمشاركة جميع أصحاب السفالة مديري مصالح الشر على الأرض و بغية الارتقاء بأداء الأبالسة و تنظيم أعمالهم .. و تحت شعار ( نحو شرٍّ منهجيّ و غواية فعّالة ) .. بدأت الجلسة الافتتاحية لهذا المجمع المهيب الذي ضمّ بالإضافة إلى كل تلك الكائنات الناريّة الخبيثة كائناً آخر مخلوقاً من طين أرضيّ اسمه ( إنسان ) و قد تمّ قبول حضوره بصفة ( مراقب ) .
و بعد تلاوة التعاويذ السحرية الطاردة للأرواح النورانية و بعض التمائم الإبليسية الكفيلة بإبعاد أي ظلٍّ ملائكي قد تراوده نفسه بالاقتراب من هذا المحفل المشين , وقف الجميع دقيقة صمت احتراماً لذكرى هبوط الجنس الشيطاني من الجنّة إلى الأرض و استذكاراً لتلك العبارة الخالدة التي قالها إبليس و وضعها جميع الأبالسة نصب أعينهم طوال آلافٍ من السنين لا تكاد تحصى : لأغوينّهم أجمعين .
ثم بدأت الجلسة .. و وقف الشيطان الأكبر بقرنيه الطويلين و حوافره المتشققة و عينيه الحمراوين ينظر للجميع نظرة الغبطة و السعادة و ران على الجميع صمت مطبق قبل أن يبدأ خطابه :
- مساء الشر يا حضرات الأوغاد.. مساء اللؤم و التعاسة و الخباثة على الأرض و في السماء ( إن أمكن ) ..
سأبدأ أولاً باستعراض أهم الانجازات التي حققناها حتّى الآن و التي أعتقد أنّها رغم كونها غير كافية لتحقيق ما نبغيه تماماً إلاّ أنّها تشكّل لنا حافزاً قويّاً لمتابعة عملنا بإصرار و حماس و تفاؤل ..
لقد هبط آدم إلى الأرض و هبطنا معه .. تلك الأرض الملعونة التي طالما داعبت أحلامنا القديمة أن تكون ملاذنا و مرتعنا نمارس فيها سطوتنا و سيطرتنا كما نهوى ..
الأرض المفتوحة المسكونة بآلاف الجنان و ألف جحيم و جحيم ينفث أواره شلاّلاتٍ من نارٍ عذبةٍ شهيّة ..
الأرض التي تشدنا جميعاً نحو الأسفل نحو نقطة متناهية في الصغر حتى تكاد تكون عدماً .. لكنّها – يا لطف المقادير – تمسكنا بترابها و طينها و نيرانها و حكاياتها و أسرارها التي لا تنتهي ..
هي الأرض يا سادة .. الأرض التي من أجلها قلنا : لا .. و لم نسجد حين سجد الجميع ..
الأرض التي من أجلها نفضنا عنّا فطرة خلقنا فأصبحنا أنصاف آلهة و لو إلى حين ..
لو لم ننجز غير ذلك لكفانا ..
لقد اكتشفنا ما هي الشهوة .. و حين بانت ( العورة ) للمرّة الأولى عرفنا أعظم أسرار الكون و أكثرها إثارة ..
علمنا أن طقوس اللذة المقدّسة ليس لها حاضرٌ على الإطلاق , و لا تنتمي لأي مكانٍ أو زمان , و ليس فيها كلمة ( الآن ) , بل هي رغم كلّ ( لذّتها ) و متعتها إما حاضرٌ يُذكَر أو مستقبلٌ يُنتَظر ..
اكتشفنا – بضربة حظٍ رائعة – أن كلّ المخلوقات الطينية تبحث عن اللذة رغم أنّها لا تعيشها أبداً , و حين تصل إلى ما تعتقده قمّة اللذة تهبط فوراً إلى الحضيض لتواصل رحلة البحث المضني مرّة أخرى ..
هي الرحى التي تربط كلّ كائنات الطين حولها لتدور و تدور دونما توقّف من الولادة الأولى إلى الولادة الثانية ..
لو لم نكتشف غير ذلك لكفانا ..
لقد علمنا أن الألم كائن يعيش مع الإنسان , يرتبط به و بكينونته و عقله , و أن لحظةً واحدةً من التفكير تعني بالنسبة له آلافاً مؤلّفة من لحظات الألم و الحيرة و الإحساس المرهق بالعبثيّة و السخط , فيصاب بالذعر و يطلق ساقيه للريح يبحث لاهثاً عن الوجه الآخر لوجوده , عن اللذة التي لم يذقها يوماً لكنّه مازال يبحث عنها في كل الزوايا المختبئة وراء شهوة نفسه التي تريد أن تلتهم الكون كلّه كثقبٍ أسودٍ عملاق ..
لو لم نعلم غير ذلك لكفانا ..
لكنّا لم نكتفِ بعد ..
ما زال الطريق أمامنا طويلاً , و ما زال الكثير ينتظرنا لننجزه .. فلا نطمأن إلى ما فعلنا و لا نركن إلى الراحة الكاذبة كما يفعل بعض البشر البلهاء حين يحسبون أنّهم أنجزوا كلّ ما يمكن إنجازه و أنّهم عرفوا كلّ ما يمكن معرفته فيفقدون نكهة وجودهم و جدواه و فائدته ..
و الشرّ من وراء القصد ..
أيها الناريّون ..
بحقّ الخالق لنغوينّهم أجمعين ..
نحن الشياطين ..
ستحكي الدنيا حكاياتنا ..
و يهتف باسمنا الهاتفون ..
أعطي الكلمة الآن لشيطان الكِبر .. فليتقدّم مشكوراً ..
يتبع ..
تعليق