إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

معارج الوصول إلى محبة الله والرسول

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • معارج الوصول إلى محبة الله والرسول

    معارج الوصول إلى محبة الله والرسول (العدد الرابع)
    بقلم: الحافظ ابن رجب الحنبلي – بلاد الشام - 2012-05-10

    معارج الوصول إلى محبة الله والرسول

















    أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة عن النبي قال: «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده».



    وأخرجا –أيضًا- من حديث أنس قال: قال رسول الله : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين».



    محبة النبي من أصول الإيمان، وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحبوبة طبعًا من الأقارب، والأموال، والأوطان، وغير ذلك؛ فقال تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ﴾ [التوبة: 24].



    ولما قال عمر للنبي : أنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال: «لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك!»، فقال عمر: والله أنت الآن أحب إلي من نفسي، قال: «الآن يا عمر!!».



    فيجب تقديم محبة الرسول على النفوس، والأولاد، والأقارب، والأهلين، والأموال، والمساكين، وغير ذلك مما يحبه الناس غاية المحبة، وإنما تتم المحبة بالطاعة؛ كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ﴾ [آل عمران 31].



    وسئل بعضهم عن المحبة، فقال: الموافقة في جميع الأحوال.



    فعلامة تقديم محبة الرسول على محبة كـل مخلوق: أنه إذا تعارض طاعة الرسول في أوامره وداع آخر يدعو إلى غيرها من هذه الأشياء المحبوبة، فإن قدم المرء طاعة الرسول وامتثال أوامره على ذلك الداعي: كان دليلًا على صحة محبته للرسول وتقديمها على كل شيء، وإن قدم على طاعته وامتثال أوامره شيئًا من هذه الأشياء المحبوبة طبعًا: دل ذلك على عدم إتيانه بالإيمان التام الواجب عليه.



    وكذلك القول في تعارض محبة الله ومحبة داعي الهوى والنفس، فإن محبة الرسول تبع لمحبة مرسله عز وجل؛ هذا كله في امتثال الواجبات وترك المحرمات.



    فإن تعارض داعي النفس ومندوبات الشريعة، فإن بلغت المحبة إلى تقديم المندوبات على دواعي النفس كان ذلك علامة كمال الإيمان، وبلوغه إلى درجة المقربين والمحبوبين المتقربين بالنوافل بعد الفرائض، وإن لم تبلغ هذه المحبة إلى هذه الدرجة؛ فهي درجة المقتصدين أصحاب اليمين الذين كملت محبتهم الواجبة، ولم يزيدوا عليها.











    * محبة الله ورسوله غذاء القلوب:

    أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس، عن النبي ؛ قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار».



    فهذه الثلاث خصال من أعلى خصال الإيمان، فمن كملها فقد وجد حلاوة الإيمان، وطعم طعمه، فالإيمان له حلاوة وطعم يذاق بالقلوب؛ كما يذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم، فإن الإيمان هو غذاء القلوب وقوتها؛ كما أن الطعام والشراب غذاء الأبدان وقوتها، وكما أن الجسد لا يجد حلاوة الطعام والشراب إلا عند صحته فإذا سقم لم يجد حلاوة ما ينفعه من ذلك، بل قد يستحلي ما يضره وما ليس فيه حلاوة لغلبة السقم عليه، فكذلك القلب إنما يجد حلاوة الإيمان إذا سلم من أسقامه وآفاته، فإذا سلم من مرض الأهواء المضلة، والشهوات المحرمة؛ وجد حلاوة الإيمان حينئذ، ومتى مرض وسقم لم يجد حلاوة الإيمان، بل يستحلي ما فيه هلاكه من الأهواء والمعاصي.



    ومن هنا قال : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»(أخرجه البخاري (2475)، ومسلم (100) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)؛ لأنه لو كمل إيمانه؛ لوجد حلاوة الإيمان؛ فاستغنى بها عن استحلاء المعاصي.



    سئل وهيب بن الورد: هل يجد طعم الإيمان من يعصي الله؟ قال: لا، ولا من هم بالمعصية. فمن جمع هذه الخصال الثلاثة المذكورة في هذا الحديث فقد وجد حلاوة الإيمان وطعم طعمه:

    أحدها: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

    ومحبة الله تنشأ تارة من معرفته، وكمال معرفته: تحصل من معرفة أسمائه وصفاته وأفعاله الباهرة، والتفكير في مصنوعاته وما فيها من الإتقان والحكم والعجائب، فإن ذلك كله يدل على كماله وقدرته وحكمته وعلمه ورحمته.

    وتارة ينشأ من مطالعة النعم.



    قال بعض السلف: من عرف الله أحبه ومن أحبه أطاعه؛ فإن المحبة تقتضي الطاعة، كما قال بعض العارفين: المحبة الموافقة في جميع الأحوال، ثم أنشد:



    ولو قلت لي مت مت سمعًا وطاعة ... وقلت لداعي الموت أهلًا ومرحبًا.











    ومحبة الله على درجتين:



    إحداهما: فرض؛ وهي: المحبة المقتضية لفعل أوامره الواجبة، والانتهاء عن زواجره المحرمة، والصبر على مقدوراته المؤلمة.

    فهذا القدر لابد منه في محبة الله، ومن لم تكن محبته على هذا الوجه؛ فهو كاذب في دعوى محبة الله، كما قال بعض العارفين: من ادعى محبة الله، ولم يحفظ حدوده؛ فهو كاذب، فمن وقع في ارتكاب شيء من المحرمات أو أخل بشيء من فعل الواجبات؛ فلتقصيره في محبة الله حيث قدم محبة نفسه وهواه على محبة الله، فإن محبة الله لو كملت لمنعت من الوقوع فيما يكرهه. وإنما يحصل الوقوع فيما يكرهه الله لنقص محبته الواجبة في القلوب!؛ وتقديم هوى النفس على محبته، وبذلك ينقص الإيمان كما قال : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن».



    والدرجة الثانية من المحبة -وهي فضل مستحب-: أن ترتقي المحبة من ذلك إلى التقرب بنوافل الطاعات، والانكفاف عن دقائق الشبهات والمكروهات؛ والرضا بالأقضية المؤلمات؛ كما قال عامر بن عبد قيس: أحببت الله حبًا هَوّن علي كل مصيبة، ورضاني بكل بلية، فما أبالي مع حبي إياه على ما أصبحت، ولا على ما أمسيت.



    وقال عمر بن عبد العزيز –رحمه الله-: أصبحت ومالي في سرور إلا في مواقع القضاء والقدر، ولما مات ولده الصالح قال: إن الله أحب قبضه، وأعوذ بالله أن تكون لي محبة تخالف محبة الله!.



    وقال بعض التابعين في مرضه: أحبهُ إليَّ أحبهُ إليهِ.



    وأما محبة الرسول: فتنشأ عن معرفته ومعرفة كماله وأوصافه وعظم ما جاء به، وينشأ ذلك في معرفة مرسله وعظمته - كما سبق -؛ فإن محبة الله لا تتم إلا بطاعته، ولا سبيل إلى طاعته إلا بمتابعة رسوله!، كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ﴾ [آل عمران 31].



    ومحبة الرسول على درجتين –أيضًا-:

    إحداهما: فرض؛ وهي: ما اقتضى طاعته في امتثال ما أمر به من الواجبات، والانتهاء عما نهى عنه من المحرمات، وتصديقه فيما أخبر به من المخبرات، والرضا بذلك، وأن لا يجد في نفسه حرجًا مما جاء به ويسلم له تسليمًا، وأن لا يتلقى الهدى من غير مشكاته، ولا يطلب شيئًا من الخير إلا مما جاء به.



    الدرجة الثانية: فضل مندوب إليه؛ وهي: ما ارتقى بعد ذلك إلى اتباع سنته، وآدابه، وأخلاقه، والاقتداء به في هديه وسمته، وحسن معاشرته لأهله وإخوانه، وفي التخلق بأخلاقه الظاهرة في الزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، وفي جوده وإيثاره، وصفحه وحلمه، واحتماله وتواضعه، وفي أخلاقه الباطنة من كمال خشيته لله، ومحبته له، وشوقه إلى لقائه، ورضاه بقضائه، وتعلق قلبه به دائمًا، وصدق الالتجاء إليه، والتوكل والاعتماد عليه، وقطع تعلق القلب بالأسباب كلها ودوام لهج القلب واللسان بذكره والأنس به، والتنعم بالخلوة بمناجاته ودعائه، وتلاوة كتابه بالتدبر والتفكر.



    وفي الجملة: فكان خلقه القرآن: يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه، فأكمل الخلق من حقق متابعته وتصديقه قولًا وعملًا وحالًا؛ وهم: الصديقون من أمته الذين رأسهم: أبو بكر – خليفته من بعده – وهم أعلى أهل الجنة درجة بعد النبيين؛ كما قال: «إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق إلى المغرب لتفاضل ما بينهم»، قالوا: يا رسول الله! تلك منازل الأنبياء ما يبلغها غيرهم، قال: «إي والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين!». خرجاه في «الصحيحين» من حديث أبي سعيد.



    الخصلة الثانية: «أن يحب المرء لا يحبه إلا لله».

    والحب في الله من أصول الإيمان، وأعلى درجاته.

    عن البراء عن النبي ؛ قال: «أوثق عرى الإيمان: أن تحب في الله وتبغض في الله» ( أخرجه أحمد (18524) )



    وعن أبي أمامة، عن النبي قال: «من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان» (أخرجه أبو داود (4681))



    وإنما كانت هذه الخصلة تالية لما قبلها؛ لأن من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما فقد صار حبه كله له، ويلزم من ذلك أن يكون بغضه لله وموالاته له ومعاداته له، وأن لا تبقى له بقية من نفسه وهواه، وذلك يستلزم محبة ما يحبه الله من الأقوال والأعمال، وكراهة ما يكرهه من ذلك، وكذلك من الأشخاص، ويلزم من ذلك معاملتهم بمقتضى الحب والبغض، فمن أحبه الله أكرمه وعامله بالعدل والفضل، ومن أبغضه لله أهانه بالعدل، ولهذا وصف الله المحبين له بأنهم: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ﴾ [المائدة: 54].



    فلا تتم محبة الله ورسوله إلا بمحبة أوليائه وموالاتهم، وبغض أعدائه ومعاداتهم.

    وسئل بعض العارفين: بما تنال المحبة؟ قال: بموالاة أولياء الله، ومعاداة أعدائه، وأصله الموافقة.



    الخصلة الثالثة: «أن يكره الرجوع إلى الكفر كما يكره الرجوع إلى النار».

    فإن علامة محبة الله ورسوله: محبة ما يحبه الله ورسوله، وكراهة ما يكرهه الله ورسوله؛ فإذا رسخ الإيمان في القلب، وتحقق به، ووجد حلاوته وطعمه، أحبه وأحب ثباته ودوامه والزيادة منه وكره مفارقته وكان كراهته لمفارقته أعظم عنده من كراهة الإلقاء في النار، قال الله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ [الحجرات: 7].



    والمؤمن يحب الإيمان أشد من حب الماء البارد في شدة الحر للظمآن، ويكره الخروج منه أشد من كراهة التحريق بالنيران.



    وفي «المسند» –أيضًا– أن النبي وصى معاذ بن جبل، فقال له فيما وصاه به: «لا تشرك بالله شيئًا وإن قطعت وحرقت» (وأخرجه ابن ماجه (4681) من وصية النبي لأبي الدرداء رضي الله عنه)



    وقد أخبر الله عن أصحاب الأخدود بما أخبر به، وقد كانوا فتنوا المؤمنين والمؤمنات وحرقوهم بالنار؛ ليرتدوا عن الإيمان، فاختاروا الإيمان على النار. وفي «الصحيح» عن النبي : «أن امرأة منهم أتي به ومعها صبي لها يرضع؛ فكأنها تقاعست أن تلقي نفسها في النار من أجل الصبي، فقال لها الصبي: يا أمه! اصبري؛ فإنك على الحق».



    وألقي أبو مسلم الخولاني في النار على امتناعه أن يشهد للأسود بالنبوة؛ فصارت عليه بردًا وسلامًا.



    وعرض على عبد الله بن حذافة: أن يتنصر؛ فأبى فأمر ملك الروم بإلقائه في قدر عظيمة مملوءة ماء تغلي عليه فبكى، وقال: لم أبك جزعًا من الموت، لكن أبكي أنه ليس لي إلا نفس واحدة يفعل بها هذا في الله، لوددت أنه كان لي مكان كل شعرة مني نفسًا يفعل بها ذلك في الله عز وجل!.



    هذا مع أن التقية في ذلك باللسان جائزة مع طمأنينة القلب بالإيمان؛ كما قال تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النحل: 106]. ولكن الأفضل الصبر وعدم التقية في ذلك!!.



    فإذا وجد القلب حلاوة الإيمان أحس بمرارة الكفر والفسوق والعصيان؛ ولهذا قال يوسف عليه السلام: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ [يوسف: 33].



    واعلم أن القدر الواجب من كراهة الكفر والفسوق والعصيان؛ هو: أن ينفر من ذلك؛ ويتباعد منه جهده، ويعزم على أن لا يلابس شيئًا من جهده؛ لعلمه بسخط الله له وغضبه على أهله. فأما ميل الطبع إلى ما يميل من ذلك – خصوصًا لمن اعتاده ثم تاب منه – فلا يؤاخذ به إذا لم يقدر على إزالته، ولهذا مدح الله من نهى النفس عن الهوى، وذلك يدل على أن الهوى يميل إلى ما هو ممنوع منه، وأن من عصى هواه كان محمودًا عند الله عز وجل.



    وسئل عمر –رضي الله عنه- عن قوم يشتهون المعاصي ولا يعملون بها، فقال: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [الحجرات: 3].



    وقد ترتاض النفس بعد ذلك وتألف التقوى، حتى تتبدل طبيعتها وتكره ما كانت مائلة إليه، وتصير التقوى لها طبيعة ثابتة (مأخوذ من «فتح الباري» للحافظ ابن رحب الحنبلي (1/50-59) باختصار)



    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .






    منقول من موقع الصحيفة الصادقة
    www.alsadiqa.com

  • #2
    رد: معارج الوصول إلى محبة الله والرسول

    شكرا وبارك لله فيك :)
    يا خيل جيت اشكيك من مر الايام
    اثر البشر يا خيل ما عاد يوفون

    اشكي لسرجك وامسك الهم فلجام
    واسمع صهيلك و اذرف دموع العين
    ...
    يا كم بنيت احلام وماتت احلام
    ويا كم طلبت الوصل لكن يصدون!

    تعليق

    يعمل...
    X