إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الدرة على حديث: «عذبت امرأة في هرة!»

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الدرة على حديث: «عذبت امرأة في هرة!»

    بقلم: الدكتور/ مختار بن عبد الواحد الهقش

    الدرة على حديث: «عذبت امرأة في هرة!»


    قال الإمام مسلم في «صحيحه» في كتاب: البر والصلة والآداب- باب: تحريم الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي (2242) (133): حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء بن عبيد الضبعي حدثنا جويرية -يعني ابن أسماء- عن نافع عن عبد الله أن رسول الله ؛ قال: «عذبت امرأة في هرة، سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض!».


    المبحث الأول: تخريج الحديث:

    الحديث أخرجه الإمام مسلم عن ابن عمر من طرق هذه إحداها. ثم قال عقبها: حدثني هارون بن عبد الله وعبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد، –جميعًا- عن معن بن عيسى، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر عن النبي ، بمعنى حديث جويرية.

    وحدثنيه نصر بن عليّ الجهضمي، حدثنا عبد الأعلى، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : «عذبت امرأة في هرة أوثقتها فلم تطعمها ولم تسقها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض».


    وأخرجه من هذه الطرق الثلاث في (كتاب: السلام) –باب: «تحريم قتل الهرة» (2242/51).


    وأخرجه البخاري في ثلاثة مواضع من «صحيحه» أولها في كتاب: الشرب والمساقاة- باب فضل سقي الماء (2365) فقال: حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر م: أن رسول الله ؛ قال: «عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعًا، فدخلت فيها النار، قال: فقال -والله أعلم-: لا أنت أطعمتيها ولا سقيتيها، حين حبستيها، ولا أنت أرسلتيها فأكلت من خشاش الأرض».


    والثاني: في كتاب: بدء الخلق- باب خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم (3318): فقال: حدثنا نصر بن علي، أخبرنا عبد الأعلى، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر م ، عن النبي قال: «دخلت النار امرأة في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خَشاش الأرض».


    قال: وحدثنا عبيد الله، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن النبي مثله.


    والثالث: في كتاب: أحاديث الأنبياء -باب ما ذكر عن بني إسرائيل (3482): فقال: حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا جويرية بن أسماء، عن نافع، عن عبد الله بن عمر م أن رسول الله قال: «عذبت امرأة في هرة ربطتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها، ولا سقتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض».


    وفي الباب عن أبي هريرة في «الصحيحين»، وأسماء بنت أبي بكر م عند «البخاري» و«ابن ماجه»، وجابر بن عبد الله عند مسلم، وعائشة عند أحمد والبزار والطيالسي بإسناد حسن، وعبد الله بن عمر عند النسائي بإسناد صحيح -رضي الله عنهم أجمعين-.





    المبحث الثاني: لطائف إسناده وفوائده:


    (1) رجال الإسناد الأربعة اتفق أصحاب الكتب الستة على إخراج حديثهم إلا شيخ مسلم؛ فإنه لم يرو له الترمذي وابن ماجه، وإلا شيخ شيخه جويرية؛ فلم يرو له الترمذي.

    (2) نصف الإسناد الأعلى من أهل المدينة ونصفه الأدنى من أهل البصرة.

    (3) نافع مولى ابن عمر من أسفل، وابن عمر مولى نافع من أعلى؛ فالحديث من رواية مولى من أسفل عن مولى من أعلى. وعبد الله بن محمد شيخ مسلم هو ابن أخي جويرية، وقد روى هذا الحديث عن عمه جويرية.

    (4) نصف الإسناد الأدنى الرواية فيه بالتحديث ونصفه الأعلى بالعنعنة.

    (5) صيغة تحمل مسلم عن شيخه (حدثني) وصيغة تحمل شيخه عن شيخ شيخه (حدثنا)، ووجه الإفراد في الاصطلاح: أن الراوي سمع وحده، ووجه الجمع: أنه سمع ومعه غيره.

    (6) هذا الإسناد رباعي، والإسناد الرباعي هو أعلى أسانيد صحيح مسلم، فليس في صحيحه أعلى من الرباعيات.

    (7) هذا الحديث رواه مسلم عن ابن عمر م من ثلاث طرق رواه عاليًا من هذه الطريق، ورواه نازلًا من الطريقين الأخريين بينه وبين النبي في كل منهما خمسة.

    (8) نصف الإسناد الأعلى نافع عن ابن عمر، وفي إحدى الطريقين النازلتين مالك عن نافع عن ابن عمر وهذه السلسلة هي أصح الأسانيد عند البخاري.

    (9) هذا الحديث أورده مسلم في (كتاب: البر والصلة والآداب) وأورده في (كتاب: السلام)، وهو من الأحاديث القليلة في (صحيح مسلم) التي أوردها في أكثر من موضع، وقد أحصاها الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله، وبلغت عنده (137) حديثًا.

    (10) الصحابي في الحديث عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) ، ولم ينسبه في الإسناد، ولا لبس في عدم نسبته هنا لاشتهار نافع مولاه بالرواية عنه.

    (1) الصحابي في الحديث؛ هو: أحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وهو أحد المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله.







    المبحث الثالث: شرح الحديث:

    - قوله: «عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار». المعنى أن عذاب المرأة ودخولها النار سببه سجنها الهرة دون أن تطعمها حتى ماتت.


    - قوله: «عذبت امرأة»: لم يقف العلماء على تعيينها، ولكن وقع في حديث جابر في الكسوف: (أنها حِمْيَرِية)، وفي رواية: (أنها من بني إسرائيل)، والله أعلم.


    ولا تضاد بينهما؛ لأن طائفة من حمير كانوا قد دخلوا في اليهودية؛ فنسبت إلى دينها تارة، وإلى قبيلتها أخرى.


    - وهل هذه المرأة مسلمة أو كافرة؟

    قال النووي في «شرحه لصحيح مسلم»: ظاهر الحديث: أنها كانت مسلمة، وإنما دخلت النار بسبب الهرة!».


    وقال الحافظ في كتابه «فتح الباري»: ويؤيد كونها كافرة: ما أخرجه البيهقي في «البعث والنشور» وأبو نعيم في «تاريخ أصبهان» من حديث عائشة ك، وفيه قصة لها مع أبي هريرة ا، وهو بتمامه عند أحمد.


    - قوله: «في هرة». أي بسببها لأنه حرف (في) للسببية، والهرة: أنثى السنور، والهر الذكر، ويجمع الهر على هررة؛ كقرد وقردة، وتجمع الهرّة على هرر؛ كقربة وقرب.


    - قوله: «سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لاهي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض»؛ هذا هو سبب دخول المرأة النار.


    و«خشاش الأرض»: المراد به هوام الأرض وحشراتها؛ كالفأرة ونحوها.


    - قوله: «عذبت امرأة في هرة». التنكير في المرأة والهرة لإرادة الوحدة؛ أي: عذبت امرأة واحدة بسبب هرة واحدة، وهذا الحكم لا يخص هذه المرأة بل من عمل عملها استحق مثل عقوبتها، وإنما أخبر بذلك رسول الله لتحذر أمته مثل هذا العمل.


    - جاء في حديث أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما) عند البخاري وابن ماجه، ذكر كيفية تعذيب المرأة في النار، وأن الهرة تخدشها: فهي تعذب بها!.






    المبحث الرابع: من فقه الحديث وما يستنبط منه:

    (1) التحذير من أسباب دخول النار.

    (2) جواز اتخاذ الهرة في البيت.

    (3) تحريم تعذيب الهرة وغيرها من الحيوان الذي لا يؤذي.

    (4) أن تعذيب الإنسان بغير حق يحرم من باب أولى.

    (5) أنه لا مانع من حبس الهرة في البيت بشرط سقيها وإطعامها.

    (6) أن الجزاء من جنس العمل فكما عذبت المرأة الهرة بحبسها وإهمالها عذبت بدخولها النار.

    (7) أنه لا يجب إطعام الهر إلا عند حبسه.

    (8) تفخيم شأن الذنب ولو كان صغيرًا، وأن الإصرار على الصغائر يلحقها بالكبائر.

    (9) الإيمان بالغيب.

    (10) إثبات عذاب البرزخ.

    (11) إثبات وصول عذاب النار إلى مستحقه قبل يوم القيامة.

    (12) التنبيه على العناية بالسجناء والإحسان إليهم.

    (13) أن النار موجودة الآن.

    (14) وجوب سقي وإطعام السجين على من سجنه.

    (15) أن الإنسان إذا لم يحصل منه الإحسان فلا أقل من الابتعاد عن الإساءة.

    (16) سوء عواقب الظلم والعدوان.



    المبحث الخامس: شبهات حول الحديث:

    - زعم بعض الروافض: أن هذا الحديث من خيال أبي هريرة ا التي يرمي فيها إلى سوء الظلم وعواقب العدوان.

    وهذا زعم باطل ورأي عاطل من وجوه:

    أ- أن هذا الحديث شارك أبا هريرة في روايته جمع من الصحابة ن أجمعين.

    ب- أن الروافض –أنفسهم- رووا هذا الحديث في كتبهم، كما نقل المجلسي عن نوادر الراوندي.


    وفي هذا القدر الكفاية، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.منقول من الصحيفة الصادقة

يعمل...
X