إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

موت و حياة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موت و حياة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




    موت و حياة - من الواقع



    الموت لا يفرق بين صغير وكبير، صحيح أو عليل هكذا تقول أحداث هذه القصة التي أرسلتها لي احدى الصديقات تقول فيها :

    للمرة الأولى أجد نفسي مدفوعة للكتابة بهذا الشكل عن شيء يخصني وحدي ولكني قررت أن أفعل هذا على أمل أن تكون قصتي عبرة للجميع، فقد كنت فتاة تحب الحياة وتوليها جل اهتمامها، لم أكن أفكر في الموت مطلقا، وظننت أنه سيضل طريقه إلي ردحا طويلا من الزمن. كنت جميلة ومحبوبة ومرحة ومنطلقة في الحياة لم تكن همومي تتجاوز تفكيري في التميز في كل شيء، وهذا ماتحقق لي زمنا كنت محط رغبة الكثيرين، ولكني اخترت أفضلهم.

    كان الأول في كل شيء، تعليمه وسامته ورجولته وخلقه، تميزه كان بلا حدود، وكان يعمل ضابطاً عسكرياً برتبة ملازم أول، بعد زواجنا، كانت علاقتنا محط غيرة وحسد الجميع أحببنا بعضنا بشكل لايوصف، فلا سعادة لأحدنا بدون الأخر، لانفترق إلا نادرا ويكون ذلك غالبا يوم الأربعاء من السادسة مساء حتى الثانية عشرة ليلا، يذهب لأصدقائه وأذهب لأهلي، يحادثني حتى وهو في مكتبه في العمل حدثت لنا بعض المشكلات وكان سببها الوحيد غيرته الشديدة علي من كل شي أهلي وإخوتي وأخواتي وملابسي ومكياجي حتى وصل به الأمر أن يجبرني على لبس الجلابيات حتي عند أهلي، لم تكن لي علاقات خارج حدود عائلتي وعائلته أبدا، لاجارات ولا صديقات ولا زيارات إلا ما ندر أوقعنا ذلك كله في مشكلة وموقف لا أرى داعياً لذكره هنا، وقد لاأستطيع ذلك، لكنه كان سببا في معرفة مدى حب أحدنا للآخر وعدم قدرته على التخلي والبعد عنه وأن كلاً منا خلق للأخر فقط وهذا ماأثبته لي وللجميع.

    عاد الوضع أو استمر على هذا المنوال سعادة وحباً وتضحية وتفانياً وإخلاصاً حتى تلك الليلة، سهرنا كالمعتاد حتى الثالثة، حدثني عن حبه لي ورغبته في إسعادي وضمان مستقبلي أنا وطفله وأنه لا راحة له قبل ذلك، تحدثنا ولا أدري لماذا عن الوفاء بين الزوجين حتى بعد الموت، وأخبرني، أن الحب لاحدود له وأن سعادته وكماله في جنات النعيم، حيث لا انقطاع ولا فرقة ولامشاكل ولاتعب ونصب، ظننت لوهلة أن وفاة والده قبل عدة أشهر، كانت دافع هذا الحديث، وغفوت ليلتها لأستيقظ بعد ساعة على صوته وهو يقول لي (قومي صلي الله) يجزاك خير علشان تكونين زوجتي في الدنيا والآخرة كان واقفاً على الباب مرتدياً بذلته العسكرية أكاد أرى ملامحه الدافئه العذبة، تشق الظلام، ونظراته الحنونه تنطرح بكل صدقها علي. وابتسامته البريئة تزين محياه.

    ودعني على أمل أن يعود لي ظهراً وهو يحمل بين يديه علبة العصير التي أحب. لكنه ماعاد ومارأيته بعدها سوى في أحلامي، نعم، سقط صباحا بين يدي ربه، وعلى مرأى من الجميع وهو ينازع سكرات الموت من دون سبب واضح غير انتهاء أجله، سكتة قلبية أنهت كل شيء، من دون استئذان، أو إنذار، في بداية هذا العام لم يكن مريضا ولا مدخنا، لم يتجاوز الواحدة والثلاثين من عمره لكنه (الموت) نعم (الموت) بكل قوته وجبروته لا راد له، ولا رحمة في قلبه، ولامجال لتفاوض معه.

    في تلك الليلة، نمت وأنا أمتلك أجمل حياة، وبيتاً واسعاً، وسيارة آخر طراز، وزوجاً متيماً ومحباً وحياة هانئة، ولكني استيقظت على زوالها كلها في طرفة عين، لأبقى وحيدة، مذهولة، لاحول لي ولا قوة، أصبحت، أرملة، في السابعة والعشرين من عمرها، في يدها طفل وفي أحشائها طفل آخر، مررت بكرب لايعلم به إلا الله، ولكني فررت منه إليه، وكان بي رحيماً، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم.

    تغيرت حالي وأصبحت من أكثر الناس احتقارا للدنيا، وأكثرهم طمعا فيما عند الله، أعطتني الدنيا كفاً لاينسى، ولكنه كان في وقته، صحوت من غفلتي وتوجهت الى ربي بالدعاء عسى أن يتجاوز عنه وعني ويسكنه فسيح جناته بكرمه ورحمته وأن لا يكلنا على أعمالنا ولاعلى أنفسنا طرفة عين، تذكرت قولة تعالى “وحيل بينهم وبين مايشتهون”، وأنا أفكر في أمره وأمري، وتأكدت أنه لكل أمر إذا ماتم نقصان.
يعمل...
X