إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نهضة الأمة وأحاديث آخر الزمان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نهضة الأمة وأحاديث آخر الزمان

    السؤال‮: ‬ما الحاجة لدراسة مستقبل أمة هي‮ ‬اليوم في‮ ‬ذيل القائمة ومتخلفة ولا‮ ‬يوجد في‮ ‬الأفق ما‮ ‬يدعو للتفاؤل لا سيما إذا استدل بحديث صحيح عن النبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم رواه أنس رضي‮ ‬الله عنه أنه‮ (‬لا‮ ‬يأتي‮ ‬زمان على الناس إلا والذي‮ ‬بعده أشد منه)؟ يقول فضيلة الشيخ الدكتور‮ ‬يوسف القرضاوي‮ : ‬ الأمة صحيح متخلفة ؛ إنما هل هذا التخلف أبدي‮ ‬أم هو مرحلة من المراحل؟ هل نحن متخلفون لأننا‮ ‬يجب أن نكون متخلفين؟‮ ‬ لا‮.. ‬بدليل أننا كنا متقدمين ؛ كنا سادة العالم ؛ كنا قادة الأمم كنا نحن الذين نملك أزِمة الحضارة،‮ ‬فالحضارة الإسلامية ظلت هي‮ ‬الحضارة الأولى والسائدة في‮ ‬العالم حوالي‮ ‬ثمانية أو عشر قرون،‮ ‬والكتب الإسلامية والمراجع العلمية الإسلامية كانت مراجع العالم في‮ ‬أوروبا وغيرها،‮ ‬علماء المسلمين كانت أسماؤهم أشهر الأسماء في‮ ‬العالم،‮ ‬اللغة العربية كانت لغة العلم،‮ ‬كُتِب فيها الطب وكُتِب فيها التشريح،‮ ‬وكُتِب فيها الفلك وكُتِب فيها الكيمياء وكُتِب فيها الفيزياء،‮ ‬وكُتِب فيها كل علوم الأرض باللغة العربية والآن للأسف نجد الجامعات تتجه إلى اللغات الأخرى،‮ ‬كنا نحن هكذا‮.. ‬ إذن هذا التخلف الذي‮ ‬نعانيه ليس ذاتياً‮ ‬فينا،‮ ‬وليس أبدياً‮ ‬؛فيجب أن نضع خطة للخروج من سجن التخلف،‮ ‬ويجب أن نفترض أن أول أسباب تخلفنا انتشار الأمية في‮ ‬بلادنا العربية والإسلامية وهذا أمر لا‮ ‬يليق،‮ ‬نحن أمة الكتاب وأول آية نزلت في‮ ‬كتابنا‮ (‬اقرأ باسم ربك الذي‮ ‬خلق‮) ‬وكُررت مرتين‮ (‬اقرأ وربك الأكرم‮) ‬والقراءة مفتاح العلم،‮ (‬الذي‮ ‬علم بالقلم‮) ‬والقلم هو أداة نقل العلم من فرد إلى فرد ومن أمة إلى أمة ومن جيل إلى جيل،‮ ‬والقرآن أقسم بالقلم،‮ ‬قال‮ (‬نون‮. ‬والقلم وما‮ ‬يسطرون‮). ‬ فالمفروض أن نضع خطة لكي‮ ‬تتعلم الأمة بالقلم وتقرأ وتكتب،‮ ‬الرسول الأمي‮ ‬محمد عليه الصلاة والسلام الذي‮ ‬ما كان‮ ‬يقرأ من كتاب ولا‮ ‬يخطه بيمينه ليكون معجزة هو أول من حارب الأمية،‮ ‬فالمعروف في‮ ‬غزوة بدر أن النبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم قال للذين‮ ‬يقرأون من الأُسرى‮: ‬إننا لا نريد منكم مالاً،‮ ‬يكفي‮ ‬أن‮ ‬يعلم أحدكم عشرة من أولاد المسلمين الكتابة،‮ ‬وفعلاً،‮ ‬حتى قال سيدنا زيد بن ثابت‮: ‬كنت ممن حذق الكتابة على‮ ‬يد هؤلاء،‮ ‬الأمة لابد أن تضع خطة فتقول‮: ‬عندي‮ ٠٥‬٪‮ ‬لا‮ ‬يقرأون ولا‮ ‬يكتبون فلابد من وضع خطة مثلاً‮ ‬في‮ ‬خلال ‮٠١ ‬سنوات أتخلص من هذا،‮ ‬أجند مثلاً‮ ‬طلاب الثانويات وطلاب الجامعات وأعمل لهم مكافئات بحيث القارئ‮ ‬يعلم الأمي‮. ‬وهكذا‮. ‬ أما الحديث المذكور فرواه الإمام البخاري‮ ‬في‮ ‬جامعه الصحيح،‮ ‬عن أنس بن مالك ـ رضي‮ ‬الله عنه ـ وهو حديث صحيح من ناحية سنده،‮ ‬ولكن الآفة تأتي‮ ‬هنا من فهمه فهمًا‮ ‬يُخالف سُنَن الله،‮ ‬أو حقائق العلم،‮ ‬أو ثوابت الواقع،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يأتي‮ ‬الدين بما‮ ‬يخالف ذلك؛ لأن الدين حق،‮ ‬وهذه الأشياء المذكورة حق،‮ ‬والحق لا‮ ‬يتناقض،‮ ‬فإما أن‮ ‬يكون لهذه الأشياء تفسير‮ ‬غير ما‮ ‬يبدو لنا،‮ ‬أو‮ ‬يكون للنص الديني‮ ‬تأويل‮ ‬غير الظاهر المتبادر منه‮. ‬ وأحاديث‮ (‬الفتن‮) ‬وما‮ ‬يتعلق بما‮ ‬يُسمى‮ (‬آخر الزمان‮) ‬أو‮ (‬أشراط الساعة‮) ‬يَكثُر فيها سوء الفهم،‮ ‬ولِذا‮ ‬ينبغي‮ ‬التأمل الطويل في‮ ‬معانيها،‮ ‬حتى لا‮ ‬يتخذُها الناس وسيلة لقتل كل بِذرة للأمل،‮ ‬ووَأْد كل محاولة للإصلاح والتغيير‮. ‬ والحديث المذكور نموذج لهذا النوع من الأحاديث‮. ‬فقد روى البخاري‮ ‬بسنده إلى الزبير بن عدي،‮ ‬قال‮: ‬أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج،‮ ‬فقال‮: (‬اصبروا،‮ ‬فإنه لا‮ ‬يأتي‮ ‬عليكم زمان إلا الذي‮ ‬بعده شر منه،‮ ‬حتى تلقَوْا ربكم‮) ‬سمعته من نبيكم،‮ ‬صلى الله عليه وسلم‮. ‬ يَتخذ بعض الناس من هذا الحديث تُكَأَةً‮ ‬للقعود عن العمل،‮ ‬ومحاولة الإصلاح والإنقاذ،‮ ‬مُدعيًا أن الحديث‮ ‬يدل على أن الأمور في‮ ‬تدهور دائم،‮ ‬وسقوط مستمر وهوى متتابع،‮ ‬من درْك إلى درك أسفل منه،‮ ‬فهي‮ ‬لا تنتقل من سيء إلا إلى أسوأ،‮ ‬ولا من أسوأ إلا إلى الأسوأ منه‮. ‬حتى تقوم الساعة على شرار الناس ويلقى الناس ربهم‮. ‬ وآخرون توقفوا في‮ ‬قبول الحديث،‮ ‬وربما تعجل بعضهم فرده؛ لأنه في‮ ‬ظنه‮ ‬يدعو‮: ‬ أولاً‮: ‬إلى اليأس والقنوط‮. ‬ وثانيًا‮: ‬إلى السلبية في‮ ‬مواجهة الطغاة من الحكام المنحرفين‮. ‬ وثالثًا‮: ‬يُعارض فكرة‮ (‬التطور‮) ‬التي‮ ‬قام عليها نظام الكون والحياة‮. ‬ ورابعًا‮: ‬يُنافي‮ ‬الواقع التاريخي‮ ‬للمسلمين‮. ‬ وخامسًا‮: ‬يعارض الأحاديث التي‮ ‬جاءت في‮ ‬ظهور خليفة‮ ‬يملأ الأرض عدلاً‮ (‬وهو الذي‮ ‬عُرف باسم المهدي‮) ‬وفي‮ ‬نزول عيسى ابن مريم،‮ ‬وإقامته لدولة الإسلام،‮ ‬وإعلاء كلمته في‮ ‬الأرض كلها‮. ‬ ومن الحق علينا أن نقول‮: ‬إن السابقين من علمائنا قد وقفوا عند هذا الحديث مستشكلين‮ (‬الإطلاق‮) ‬فيه‮. ‬يَعنون بالإطلاق ما فهم من الحديث‮: ‬أن كل زمن شر من الذي‮ ‬قبله،‮ ‬مع أن بعض الأزمنة تكون في‮ ‬الشر دون التي‮ ‬قبلها،‮ ‬وقد اشتهر الخير الذي‮ ‬كان في‮ ‬زمن عمر بن عبد العزيز،‮ ‬بل لو قيل‮: ‬إن الشر اضمحل في‮ ‬زمانه،‮ ‬لما كان بعيدًا،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن أن‮ ‬يكون شرا من الذي‮ ‬قبلَه‮. ‬ وقد أجابوا عن هذا بعدة أجوبة‮: ‬ فالإمام الحسن البصري‮ ‬حمَل الحديث على الأكثر الأغلب،‮ ‬فقد سُئل عن عمر بن عبد العزيز بعدَ‮ ‬الحجاج،‮ ‬فقال‮: ‬لا بد للناس من تنفيس‮! ‬ وجاء عن ابن مسعود ـ رضي‮ ‬الله عنه ـ في‮ ‬قوله‮: (‬لا‮ ‬يأتي‮ ‬عليكم زمان إلا وهو أشر مما كان قبله‮: ‬أَمَا إني‮ ‬لا أعنى أميرًا خيرًا من أمير،‮ ‬ولا عامًا خيرًا من عام،‮ ‬ولكن علماؤكم وفقهاؤكم‮ ‬يذهبون،‮ ‬ثم لا تَجِدون منهم خلَفا،‮ ‬ويَجيء قوم‮ ‬يُفتَون برأيهم‮) ‬وفي‮ ‬لفظ عنه‮: (‬فيَثْلِمون الإسلام ويَهدِمونه‮) ‬ورجح الحافظ في‮ (‬الفتح‮) ‬تفسير ابن مسعود لمعنى الخيرية والشرية هنا،‮ ‬قائلاً‮: ‬وهو أَولَى بالاتباع‮. ‬ ولكنه في‮ ‬الواقع لا‮ ‬ينفي‮ ‬الاستشكال من أساسه،‮ ‬فالنصوص تدل على أن في‮ ‬الغيب أدوارًا للإسلام ترتفع فيها رايته وتعلو كلمته،‮ ‬ولو لم‮ ‬يكن إلا زمن المهدي‮ ‬والمسيح في‮ ‬آخر الزمان لكفى‮. ‬والتاريخ‮ ‬يُثبت أنه جاءت فترات ركود وجمود في‮ ‬العالم أعقبتها أزمنة حركة وتجديد،‮ ‬ويكفي‮ ‬أن نذكر مثلاً‮ ‬من ظهر في‮ ‬القرن الثامن من العلماء والمجددين ـ بعد سقوط الخلافة الإسلامية في‮ ‬بغداد،‮ ‬وتدهْوُر الأوضاع في‮ ‬القرن السابع،‮ ‬مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم،‮ ‬وسائر تلاميذه في‮ ‬الشام،‮ ‬والشاطبي‮ ‬في‮ ‬الأندلس،‮ ‬وابن خلدون في‮ ‬المغرب،‮ ‬وغيرهم ممن تَرجم لهم ابن حجر في‮ ‬كتابه‮ (‬الدرر الكامنة في‮ ‬أعيان المائة الثامنة‮). ‬ وفي‮ ‬العصور التي‮ ‬تَلَتْ‮ ‬ذلك نجِد مثل ابن حجر،‮ ‬والسيوطي‮ ‬في‮ ‬مصر،‮ ‬وابن الوزير في‮ ‬اليمن،‮ ‬والدهلوي‮ ‬في‮ ‬الهند،‮ ‬والشوكاني‮ ‬والصنعاني‮ ‬في‮ ‬اليمن،‮ ‬وابن عبد الوهاب في‮ ‬نجْدٍ،‮ ‬وغيرهم من العلماء الأَجِلاء المجتهدين والأئمة المُجددين‮. ‬ وهذا ما جعل الإمام ابن حبان في‮ ‬صحيحه‮ ‬يرى أن حديث أنس ليس على عمومه،‮ ‬مستدلاً‮ ‬بالأحاديث الواردة في‮ ‬المهدي،‮ ‬وأنه‮ ‬يَملأ الأرض عدلاً،‮ ‬بعد أن مُلِئت جورًا‮ (‬فتح الباري‮: ‬ج‮٦١‬،‮ ‬ص‮٨٢٢‬ـ ط الحلبي‮) ‬ ولهذا أرى أن أرجح التفسيرات لهذا الحديث ما ذكره الحافظ في‮ (‬الفتح‮) ‬بقوله‮: (‬ويُحتمل أن‮ ‬يكون المراد بالأزمنة المذكورة أزمنة الصحابة،‮ ‬بناء على أنهم هم المخاطبون بذلك،‮ ‬فيختص بهم،‮ ‬فأما من بعدهم فلم‮ ‬يقصد في‮ ‬الخبر المذكور،‮ ‬لكن الصحابي‮ ‬فهم التعميم ـ فلذلك أجاب من شكا إليه من الحجاج بذلك وأمرهم بالصبر،‮ ‬وهم ـ أو جُلهُم ـ من التابعين‮) ‬أ.هـ‮ ‬ وعلى هذا التفسير‮ ‬يحمل كلام ابن مسعود أيضًا‮: ‬فهو خاص بأزمنة من كان‮ ‬يخاطبهم من الصحابة والتابعين،‮ ‬وقد تُوفي‮ ‬في‮ ‬زمن عثمان ـ رضي‮ ‬الله عنهماـ‮. ‬ وأما زعم من زعم أن الحديث‮ ‬يتضمن دعوة إلى السكوت على الظلم والصبر على التسلط والجبروت،‮ ‬والرضا بالمنكر والفساد،‮ ‬ويُؤيد السلبية في‮ ‬مواجهة الطغاة المتجبرين في‮ ‬الأرض‮. ‬ فالرد على ذلك من عِدة أوجه‮: ‬ أولاً‮: ‬إن القائل‮ (‬اصبروا‮) ‬هو أنس ـ رضي‮ ‬الله عنه ـ فليس هو من الحديث المرفوع،‮ ‬وإنما استنبطه منه،‮ ‬وكل واحد‮ ‬يُؤخذ من كلامه ويُترك ما عدا المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم ـ‮. ‬ ثانيًا‮: ‬إن أنسًا لم‮ ‬يأمرهم بـ‮ (‬الرضا‮) ‬بالظلم والفساد،‮ ‬وإنما أمرهم بـ‮ (‬الصبر‮)‬،‮ ‬وفرق كبير بين الأمرين،‮ ‬فإن الرضى بالكفر كفر،‮ ‬وبالمنكر منكر،‮ ‬أما الصبر فقلما‮ ‬يستغني‮ ‬عنه أحد،‮ ‬وقد‮ ‬يصبر المرء على الشيء،‮ ‬وهو كارهٌ‮ ‬له،‮ ‬ساعٍ‮ ‬في‮ ‬تغييره‮. ‬ ثالثًا‮: ‬إن من لم‮ ‬يملك القدرة على مقاومة الظلم والجبروت،‮ ‬ليس له إلا أن‮ ‬يَعتصم بالصبر والأَناة،‮ ‬مجتهدًا أن‮ ‬يُعِد العُدة،‮ ‬ويتخذ الأسباب،‮ ‬معْتضِدًا بكل من‮ ‬يَحمل فكرته،‮ ‬منتهزًا الفرصة المواتية،‮ ‬ليُواجه قوة الباطل بقوة الحق،‮ ‬وأنصار الظلم بأنصار العدل،‮ ‬وجند الطاغوت بجند الله‮ ‬ وقد صبر النبي‮ ‬ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثلاثة عشر عامًا في‮ ‬مكة على الأصنام وعبادها،‮ ‬فيصلي‮ ‬بالمسجد الحرام،‮ ‬ويطوف بالكعبة وفيها وحولها ثلاثمائة وستون صنمًا،‮ ‬بل طاف في‮ ‬السنة السابعة من الهجرة مع أصحابه في‮ ‬عمرة القضاء،‮ ‬وهو‮ ‬يراها ولا‮ ‬يَمَسها،‮ ‬حتى أتي‮ ‬الوقت المناسب‮ ‬يوم الفتح فحطمها‮. ‬ ولهذا قرر علماؤنا‮: ‬أن إزالة المنكر إذا ترتب عليه منكر أكبر منه وجب السكوت عنه حتى تتغير الأحوال‮. ‬ وعلى هذا لا‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يفهم من الوصية بالصبر الاستسلام للظلم والطغيان بل الانتظار والترقب حتى‮ ‬يحكم الله،‮ ‬وهو خير الحاكمين‮. ‬ رابعًا‮: ‬إن الصبر لا‮ ‬يَمنع من قول كلمة الحق،‮ ‬والأمر بالمعروف والنهي‮ ‬عن المنكر أمام الطغاة المتألهين،‮ ‬وإن لم تكُن واجبةً‮ ‬على من‮ ‬يَخافُ‮ ‬على نفسه أو أهله ومن حوله،‮ ‬فقد جاء في‮ ‬الحديث‮: (‬أفضل الجهاد كلمةُ‮ ‬حق عند سلطان جائر‮)‬،‮ (‬سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب،‮ ‬ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله‮).‬


    [align=center][/align]


يعمل...
X