السلام عليكم
حماية بعض المساجد من دمار الزلازل التي وقعت جنوب شرق آسيا أمر لافت للنظر، ولا يمكن أن يمر علينا هكذا؛ فلماذا المساجد بالذات مع كونها أحد الأبنية التي يبنيها الإنسان بيده كغيرها من البنايات الأخرى؟!
إن الناس في عالم الحياة لا يؤمنون إلا بالأشياء العقلية المجردة، أو تلك الأشياء التي يرونها بأعينهم حتى يصدقوا؛ فتكون العين مع العقل هما مصدر الإيمان، ولكن الله سبحانه وتعالى وهو الذي بنى الكون على قانون السببية، وأمر الناس بالأخذ بالأسباب، يلفت أنظار الخلق إلى شيء هام؛ فإن كانت الأرض تسير على قانون السببية.. فأين السببية قبل مجيء الخلق؟ إنها قدرة الله تعالى المطلقة التي لا يحيط بها مكان أو زمان؛ فأفعال الله تعالى ومشيئته فوق كل مشيئة، وقدرته ليس لها حدود، وقياس الإنسان قدرة الخالق بعقله ضرب من السفه؛ لأن العقل المفكر الذي يقيس هو شيء من خلقه؛ فكيف يكون العقل هو الحاكم مع كونه في الحقيقة هو المحكوم؟! ولكن العقل دوره هنا أن يدرك عظمة الخالق، وأن يؤمن بقدرته سبحانه وتعالى المطلقة؛ فيكون العقل مع القلب مصدر الإيمان الصادق.
لماذا الزلازل في بلاد المسلمين؟
وقد يقول قائل: لكن هذه الزلازل أتت غالبا في بلاد إسلامية، ولو كانت آية من آيات الله لأتت على الأمريكان أو الإنجليز أو إسرائيل أو غيرهم ممن يحاربون الإسلام!
ولكني تذكرت أن الأمر قد يكون درسا كالدرس الذي تعلمه موسى -عليه السلام- حين صحب الخضر؛ فكان أول ما حدث له أن ركب معه السفينة، وكان أهل السفينة يعرفون الخضر عليه السلام، فلم يأخذوا منه ولا من موسى -عليه السلام- أجرا، وفي وسط البحر قام الخضر بأخذ بعض ألواح الخشب من السفينة فأفسدها، فتعجب موسى قائلا: "أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا"، فرد عليه الخضر: "قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا"؛ أي لن تدرك الحكمة من أمر الله، فلما حدث له الشيئان الآخران، وطلب موسى من الخضر أن يفسر له ما حدث قال له الخضر: "أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا"؛ فقد أتلف الخضر السفينة حفاظا عليها من الظلمة الذين كانوا يأخذون كل سفينة يقابلونها؛ فحين يرون فيها العطب يبعدون عنها، ولربما كان في الأجندة الاحتلالية لإرهابيي العالم اليوم أن ينظروا إلى هذه البلاد، ولكن عسى الله أن يكون قد حفظها بما قدر لها، والله لا يقدر لعباده إلا الخير.
تعليق