بسم الله الرحمن الرحيم
انه عمر الفاروق للشيخ:عائض القرني
أسلم قوياً , وهاجر قوياً , وقتل قوياً , شمر قميصه في اليقظه فجره في المنام
أراد صلى الله عليه وسلم أن يدخل قصره في الجنة فذكرَ غيرته فلم يدخل
إسلامه فتحٌ هزَّ مكة , وهجرتهُ نصر لأنه هاجر متحديّاً شامخاً ظاهراً , وخلافته رحمةلأنه أول الجائعين والمساكين والزاهدين
شـكــــراًً لــــذاك الفــــذِّ ليــــت حيــــاته طــــالت وليــــت سنيــــنه أحقــــابا
إنه عمــــــــر الفاروق
وضع يمينه في يمين الرسول صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم بن أبي الأرقم ,
فعزَّ الإسلام , وارتفعت الأعلام , وانهزمت الأصنام , واندك الباطل ,
وسحق الزيف , وقمع الضلال , وغربت شمس الزور
وضعها في يمين أبي بكر في سقيفة بني ساعدة , فساد الأمن , وتوطدت الخلافة ,
وحسمت الفتنة , كسر بسيف الشرع ظهر كسرى , وقصر بالحق
آمال قيصر , وأرهق بكتائب الله هرقل
إذا سمع الباطل أزبد وأرعد , وتهدد , وقام وقعد , وأنجز ما توّعد ,
وإذا سمع القرآن بكى وشكى وتململ وتزلزل
خاف الشيطان منه , وارتعد لرؤيته الهرمزان , وانتهت به دولة آل ساسان.
أيــــا عمــــر الفاروق هــــل لك عــــودةٌ فإن جيــــوش الروم تنــــهى وتــــأمرُ
تنــــاديك مــــن شــــوق مــــآذن مكــــة وتبكيــــك بــــدرٌ يا حبيــــبي وخيبــــر
هدّمت به قصور فارس لأن بيته من طين , وكسرت به سيوف رستم لأن في يده درة وخلعت به تيجان آل كسرى لأن قميصه مرقّع
له ثلاث وقفات , وثلاث رؤى , وثلاث كلمات
تعرّضَ للموت في كل مكان , فما وجده إلا في المحراب , دوّخ ملوك العالم
فقتله عبد , قُتِلَ ساجداً لأن قاتله لم يسجد أبداً , خرج اللبن الذي شربه
يوم طعن , لأنه اكتفى بفضل ما شربه من لبن الرسول صلى الله عليه وسلم
في عــــروق الحــــبِّ يســــري دافقــــاً من دمــــاء الجــــرح أو دمــــع الحبيــــب
يقول وهو يتنهد : يا ليتني كنتُ شجرةً فأُعضد , فنال الشهادة في المسجد
وفــــاة قــــامت الدنيــــا تعــــزى ونـــاح الدهــــرُ واهتــــزَّ الزمــــانُ
وافق الوحي , وخالف الهوى , وتابع المعصوم , وتلا الصدِّيق , وسبق الملوك ,
وصحب العدل , وجدَّ في الأمر , وعزم على الرشد
سمِع الوحي فقال : الله أكبر , وقرقر بطنه من الجوع فقال : قرقر أو لا تقرقر ,
فبقر في سبيل الله بالخنجر , طالت همته فقصر أمله , وكبرت نيته فصغرت نفسه ,
واتسع فهمه فضاق وهمه , كان للظلم بالمرصاد , فكم من ظالم قد صاد ,
ظنه يقين , لأنه صحب الأمين , وردد وراءه آمين
قيل له الروم بالجيوش رموك ؛ فقال الموعد اليرموك ؛ أطلق كسرى الرصاص ,
فكتب عليه القصاص , وأرسل له سعد بن أبي وقاص
هو باب دون الفتنة كسر , فدخلت منه الطوائف , كلما دخلت منه أمّة فاقت في الشر أختها ,
وأراد أهل الضلال العبث في الكتابة , فضرب بينهم بسور له باب ,
خرج من الدنيا فأطلَّت برأسها الخوارج ,
ورفض العيش فأقبلت الرافضة , ولقي قدره فعشعشت القدرية , افترس فارس
بسعد الفوارس , ورمي الروم بخالد فطاش راميها , وبعثر سجستان
بالنعمان , وأرغم هرقل وأنو شروان , وجبى خزائنهما , يخرج منهما اللؤلؤ
والمرجان
قُتِلَ عمر ولكنه عاش , وارتحل لكنه أقام , هو فينا في ضمائرنا , في عروقنا
في دمائنا , في قلوبنا , في عيوننا , في الأبطال , في الرجال , في الأطفال
فكيــــف تذهــــب يا من حبــــه أبدا في كــــل قلــــب وهــــل للحــــب من أجــــلِ
طبت يا عمر حياً وطبت ميتا لبست جديداً وعشت حميداً ومت شهيدا
تعليق