أخي الحبيب:-

عليك قبل أن تعصي الله عز و جل أن تتفكر في هذه الدنيا و حقارتها و قله و فائها و كثره جفائها و خسة شركائها و سرعة انقضائها و تتفكر بأهلها و عشاقها و هم صرعى حولها ، و قد عذبتهم بأنواع العذاب ، و أذاقتهم مر الشراب و أضحكتهم قليلا و أبكتهم كثيرا و طويلا .

عليك قبل أن تعصي الله عز و جل أن تتفكر في الآخرة و دوامها و أنها هي الحياة الحقيقية و هي دار القرار و محط الرحال و منتهى الأسفار .

عليك قبل أن تعصي الله عز و جل أن تتفكر في النار و توقدها و اضطرامها و بعد قعرها و شدة حرها و عظيم عذاب أهلها .. عليك أن تتفكر في أهلها و هم في الحميم و على وجوههم و في النار كالحطب يسجرون .

عليك قبل أن تعصي الله عز و جل أن تتفكر بالجنة و ما أعد الله لأهل طاعته فيها مما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر من النعيم المفصل و الكفيل بأعلى أنواع اللذة المطاعم و المشارب و الملابس و الصور ، و البهجة و السرور ، و التي لا يفرط فيها إلا إنسان محروم .

عليك قبل أن تعصي الله عز و جل أن تتفكر كيف اصطفاك الله من الملايين و المليارات لكي يجعلك من امة النجاة و أراد لك الخير و الصلاح و التوحيد و أعطاك من النعم و الآلاء الشيء الكثير فهل تعصي الله بالعين التي حباك بها أم باللسان الذي أعطاك إياه أم باليد التي سخرها لك أم بالرجل التي ترفعك بأمر الله .

عليك قبل أن تعصي الله عز و جل أن تتخيل لو انك ممن يعبد البقر أو من يعبد الحجر أو ممن ضل و تجبر و كفر فكيف سيكون مآلك إذا انتهى أجلك و قامت قيامتك ووسدت اللحد و جاءك منكر و نكير فكيف يكون جوابك .

أخي الحبيب تذكر أن كل شيء فاني و كل شيء يزول و لا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال و الإكرام و سنقف بين يديه عراه حفاه و أن كل واحدا منا سينقل إلى قبره بماله و أهله و عمله فيعود المال و الأهل و يبقى العمل فمن عمل مثقال ذرة خيرا يره و من عمل مثقال ذرة شرا يراه..

أخي الكريم تيقن حق اليقين أن ملك الموت كما تعداك إلى غيرك فهو في الطريق إليك و ما هي إلا أعوام أو أيام أو لحظات فتصبح وحيدا في قبرك لا أموال و لا أهل و لا أصحاب فتذكر ظلمة القبر و ضيقة ووحشته ، و هول مطلعه و شدت ضغطته .

منقول