إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لبيـك اللهم لبيك , لبيك لا شريك لك لبيك, ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لبيـك اللهم لبيك , لبيك لا شريك لك لبيك, ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ةمن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، والصلاة والسلام على نبينا القائل :"أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا" رواه مسلم.
    الحج ركن من أركان الاسلام تهفو إليه القلوب المسلمة وتلبي له الأفئدة المؤمنة الموحدة على اختلاف أجناسها وتعدد ألوانها واختلاف قبائلها وأنسابها قائلة: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لم والملك لا شريك لك مستجيبة لذلك النداء الذي أذّن به أبونا ابراهيم عليه السلام فجاءت قوافل المؤمنين من كل فج عميق ليطوفوا بالبيت العتيق (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) الحج)
    وقد نصّ الرسول صلى الله عليه وسلم على الحج في الحديث الشريف: "بُني الاسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان" صحيح الجامع الصغير.
    وللحج معان وفضائل يحسن الوقوف عندها واستشعار عظمتها فبمعرفتها نفارق في الأداء ما اعتاد عليه بعض الناس وألِفوه من أداء أفعال دون النظر في مدلولها ومقصودها أو استشعار عظيم أجرها وعلو منزلتها ليسمو المرء عندها ويتيه فرحاً بما حباه الله من فضله ويقدّر النعمة التي أنعم الله بها عليه وخصّه دون خلقه بها فكان من الملبين لنداء ربه والمتّبعين لأفعال نبيّه صلى الله عليه وسلم.
    والحج عبادة عظيمة الأجر والثواب يمحو الله تعالى بها الخطيئات ويهدم ما قبلها من السيئات ويرفع بها الدرجات وما أجلّها من طاعة وفريضة ينبغي أن يحرص المسلم على أدائها بالكيفية التي شرعها الله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197) البقرة) وكما أدّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: "خذوا عني مناسككم" وبشّر عليه الصلاة والسلام فقال "من حجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" وقال صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"
    والحج المبرور هو قصد الكريم وإرادة العظيم وصفاء النية وسلامة الهدف ووضوح الرؤية وإخلاص العمل له جلّ وعلا.

    والحج المبرور هو النفقة الحلال والبعد عن الجدال وبذل الحقوق وترك الفسوق والترفع عن العبث وهجر الرفث ولزوم الأدب وحُسن الخلق والتزام النظام وتجنّب الغوغتء.

    والحج المبرور هو جمال الاتّباع وروعة القتفاء وتلمّس السُّنة والأخذ عن الحبيب المطصفى صلى الله عليه وسلم والبعد عن المخالفة والحذر من البدعة.

    والحج المبرور هو اللهج بالدعاء والإلحاح في الرجاء والكثرة للذكر والتأمل في الوحي والتدبر للقرآن والإقامة للصلاة.

    والحج المبرور هو رد المطالم وبذل المكارم وأداء الأمانات.

    والحج المبرور هو التوبة من الذنب والندم على المعصية والبكاء على الخطايا والعزم على الاقلاع.

    والحج المبرور هو زمّ النفوس عن الهوى وكبح الجوارح عن الخطأ وحفظ اللسان عن الخنا.

    والحج المبرور هو تعظيم الشعائر وإجلال المكان واحترام الزمان وصيانة المثل والاحسان إلى الناس.

    والحج المبرور هو مرضاة الربّ وغفران الذنب ورفعة للدرجة ومحوٌ للسيئات وطريق إلى الجنة.


    وفقّنا الله تعالى وإياكم ويسّر لكم ولنا وتقبّل منا ومنكم لإنه سميع مجيب رحيم رقيب زجعل حجّكم حجاً مبروراً مقبولاً وسعيكم مشكوراً لإنه غفور شكور وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وخاتم المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.


    --------------------------------------------------------------------------------

    التشويق إلى حج البيت العتيق
    الحمد لله الذي فرض على عباده حج بيته العتيق، وجعل الشوق إلى زيارته حاديا لهم ورفيقا ، والصلاة والسلام على من أنار الله به الدرب والطريق ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين... أما بعد ..

    فالفإنّ الله تعالى فرض على عباده الحج إلى بيته العتيق في العمر مرة واحدة، وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة التي بني عليها، لقوله صلى الله عليه وسلم : « بني الإسلام على خمس... وذكر منها: حج بيت الله الحرام » متفق عليهحج فريضة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، فمن أنكر فرضيته وهو يعيش بين المسلمين فهو كافر، أما من تركه مع إقراره بفرضيته فليس بكافر على الصحيح، ولكنه آثم مرتكب كبيرة من أعظم الكبائر.

    ولما كانت النفوس مجبولة على محبة الأوطان وعدم مفارقتها، رغب الشارع في الحج ترغيبا شديدا، وجعل له فضائل جليلة، وأجورا كبيرة، لأنه يتطلب مفارقة الأوطان والمألوفات من أهل ومال وصاحب وعشيرة، وكذلك حثا للعباد على قصد هذا البيت بالحج والزيارة، وتشويقا لهم إلى رؤية تلك المعالم التي هبط فيها الوحي ونزلت فيها الرسالة.
    أخي سارع ولا تتأخر

    قال تعالى: { وللّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإنّ الله غنيّ عن العالمين } [ آل عمران : 97 ]
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « تعجلوا إلى الحج، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له » أحمد وأبو داود،.
    وقال صلى الله عليه وسلم : « من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة » أحمد وابن ماجة وحسنه الألباني .
    وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار ، فننظر كل من كانت له جدة ولم يحج ، فيضربوا عليه الجزية، ما هم بمسلمين.. ما هم بمسلمين. (صححه ابن حجر)
    .

    وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( استكثروا من الطواف بهذا البيت ، قبل أن يحال بينكم وبينه )
    وقال الحسن : ( لا يزال الناس على دين ما حجوا البيت واستقبلوا القبلة )

    الحج يهدم ما كان قبله
    عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : « لما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : ابسط يدك فلأبايعك ، فبسط ، فقبضت يدي . فقال : مالك يا عمرو؟ قلت: أشترط. قال : تشترط ماذا ؟ " قلت: أن يغفر لي.
    قال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟ » رواه مسلم.

    الحج طهارة من الذنوب
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه » لفظ البخاري.
    ولفظ مسلم : « من أتى هذا البيت » وهو يشمل العمرة وعند الدار قطني : « من حج واعتمر» والرفث : الجماع ، أو التصريح بذكر الجماع أو الفحش من القول.
    قال الأزهري : هي كلمة جامعة لما يريد الرجل من المرأة. والفسوق : المعاصي. ومعنى : « كيوم ولد ته أمه » أي بلا ذنب. قال ابن حجر: وظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات.

    الحج من أفضل أعمال البر
    عن أبي هريرة قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم : « أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مرور» متفق عليه .
    قال أبو الشعثاء: نظرت في أعمال البر، فإذا الصلاة تجهد البدن ، والصوم كذلك ، والصدقة تجهد المال، والحج يجهدهما.


    فضل الحج المبرور
    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة » متفق عليه
    والحج المبرور : هو الذي لا يخالطه إثم. وقيل: المتقبل. وقيل الذي لا رياء فيه ولا سمعة، ولا رفث ولا فسوق. وقيل: علامة بر الحج أن تزداد بعده خيرا، ولا يعاود المعاصي بعد رجوعه.
    وعن الحسن البصري قال : الحج المبرور؟ أن يرجع زاهدا في الدنيا راغبا في ا لآخرة.
    وروي أن الحج المبرور هو إطعام الطعام، وطيب الكلام، وإفشاء السلام. والصحيح أنه يشمل ذلك كله.
    الحج أفضل الجهاد
    عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال : « لكن أفضل الجهاد حج مبرور » [متفق عليه]

    الحج جهاد المرأة
    وعنها قالت : « قلت يا رسول الله ! ألا نغزو ونجاهد معكم؟ فقال : لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج، حج مبرور ، قالت عائشة : فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم » . متفق عليه.
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: « جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة » [النسائي وحسنه ا لألباني]

    الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب
    عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أديموا الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد » [رواه الطبراني والدار قطني وصححه الألباني ]
    وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة » [أحمد والترمذي وصححه الألباني].

    فضل النفقة في الحج
    عن بريدة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف » [أحمد والبيهقي وصححه السيوطي]

    دعوة الحاج مستجابة
    عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله : دعاهم فأجابوه ، وسألوه فأعطاهم » [ابن ماجة وأبن حبان وصححه الألباني].
    الحاج في ذمّة الله وحفظه
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ثلاثة في ضمان الله عز وجل: رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله ، ورجل خرج غازيا في سبيل الله، ورجل خرج حاجا » رواه أبو نعيم وصححه الألباني.

    حديث عظيم في فضل مناسك الحج
    عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة. وأما وقوفك بعرفة، إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج- أي متراكم- أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك. وأما حلقك رأسك، فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة. فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك » الطبراني وحسنه الألباني
    .

    أخي المسلم ..
    لا تحرم نفسك من تلك الأجور وعظيم الهبات فإننا جميعا في أمس الحاجة إلى الحسنات، ومغفرة الذنوب والسيئات، فلماذا التسويف والتأجيل، ومن خطب جليل ؟! ولماذا الفتور والكسل وأنت مأمور بإحسان العمل .
    عن أبن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا صرورة في الإسلام » [رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي]. والصرورة: ترك الحج.

    الحج واجب على الفور
    واختلف العلماء : هل وجوب الحج على الفور أم على التراخي. قال الشنقيطي رحمه الله : ( أظهر القولين عندي ، وأليقهما بعظمة خالق السموات والأرض هو وجوب أوامره - جل وعلا- كالحج على الفور لا التراخي، للنصوص الدالة على الأمر بالمبادرة، وللخوف من مباغتة الموت ؟ كقوله : { وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم } [آل عمران: 133] .. وكقوله: { شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم } [ الأعراف: 185] .. )

  • #2
    سؤال:
    ما هي مكانة الحج في الإسلام ؟ وعلى من يجب ؟.

    الجواب:

    الحمد لله

    " الحج إلى بيت الله الحرام أحد أركان الإسلام ، ومبانيه العظام ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ ْبَيْتِ الله الحرام ) وهو فرض بكتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإجماع المسلمين . قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/97 .

    وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا ) ، وأجمع المسلمون على ذلك ، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة ، فمن جحد وجوبه وهو ممن عاش بين المسلمين فإنه يكون كافراً ، وأما من تركه تهاوناً فإنه على خطر عظيم ؛ لأن من العلماء من قال : إنه يكفر . وهذا القول رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ، ولكن القول الراجح : أنه لا يكفر بترك الأعمال إلا الصلاة فقط ، قال عبد الله بن شقيق رحمه الله - وهو من التابعين - : ( ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ) فمن تهاون بالحج حتى مات فإنه لا يكفر على القول الراجح ، ولكنه على خطر .

    فعلى المسلم أن يتقي الله ، وأن يبادر بأداء الحج إذا تمت شروط الوجوب في حقه ، لأن جميع الواجبات تجب المبادرة بها إلا بدليل ، فكيف تطيب نفس المسلم أن يترك الحج إلى بيت الله الحرام مع قدرته عليه ، وسهولة الوصول إليه ؟! وكيف يؤخره وهو لا يدري لعله لا يستطيع الوصول إليه بعد عامه ؟! فقد يكون عاجزاً بعد القدرة ، وقد يكون فقيراً بعد الغنى ، وقد يموت وقد وجب عليه الحج ، ثم يفرط الورثة في قضائه عنه .

    أما شروط الوجوب فخمسة :

    الشرط الأول : الإسلام ، وضده الكفر ، فالكافر لا يجب عليه الحج ، بل لو حج الكافر لم يقبل منه .

    الشرط الثاني : البلوغ ، فمن لم يبلغ فلا حج عليه ، ولو حج صح حجه تطوعاً وله أجره ، فإذا بلغ أدى الفريضة ، لأن حجة قبل البلوغ لا يسقط به الفرض .

    الشرط الثالث : العقل ، وضده الجنون ، فالمجنون لا يجب عليه الحج ، ولا يحج عنه .

    الشرط الرابع : الحرية ، فالرقيق المملوك لا يجب عليه الحج ، ولو حج صح حجه تطوعاً ، وإذا عتق وجب عليه أن يؤدي الفريضة ، لأن حجة قبل أن يتحرر لا يجزئ عن الفرض .

    وقال بعض العلماء : إذا حج الرقيق بإذن سيده أجزأه عن الفريضة ، وهذا القول هو الراجح .

    الشرط الخامس : الاستطاعة بالمال والبدن ، ومن الاستطاعة أن يكون للمرأة محرم ، فإن لم يكن لها محرم فلا حج عليها " انتهى .


    فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "فتاوى ابن عثيمين" (21/9-11) .

    تعليق


    • #3
      حكم منع الزوج زوجته من حج الفريضة

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أنا وأخي نريد أداء فريضةَ الحج والعُمرة هذا العام، وطلبنا من الوالد الإذن بأن تكون الوالدة معنا لأداء الفريضة، ولكن الوالد رفَضَ رفضًا قطعيًّا، على الرغم من أنه مُتزوِّجٌ بأخرَى، لذا نسأل فضيلتكم : هل مِن حقِّ الوالد أن يَمنع الوالدة من السفَر معنا أم لا ؟ مع العلم بان هذه أول مرة تحج فيها ، كما أنها فرصة للوالدة كي لا تحتاج إلى محرم في الأعوام القادمة هذا إن سمح لها الوالد بالسفر فيما بعد !! ولكم جزيل الشكر


      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
      فليس من حقِّ الزوج منْع زوجتِه مِن أداء ركن مِن أركان الإسلام مثل الحجِّ إذا كان معَها مَحرم، ولا طاعة لمَخلوق في معصية الخالِق، ولا شك أن منْعه لها مِن أداء فريضةَ الحج يُعتبر معصيةً من المعاصي التي يَجب الابتعادُ عنها.
      وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور ـ نصر فريد واصل \" مفتي مصر سابقاً :

      إن الشريعةَ الإسلاميَّةَ قد رَتَّبَتْ لكلٍّ مِن الزوجَينِ حُقوقًا على الآخر، فجعلت للزوج على الزوجة من الحقوق أن تُقيم معه في منزل الزوجية حتى يَتحقَّق الغرَض من الزواج من سكَنٍ ومودة وإنجاب للأولاد والعِناية بهم وتوفير وسائل الراحة في البيت ليَنعم أفراد الأسرة جميعًا، ومن حقِّه عليها ألا تَخرج من منزل الزوجية إلا بإذْنه، وله أن يَمنعها من الخروج إلا لحاجةٍ تقضي بها الشريعة أو العُرف العَفُّ النَّزِيهُ.

      وقد دلَّ على ذلك قول الله تعالى: (وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلِيةِ الأُولَى (الأحزاب: 33.

      وقد جاء في السُّنة المُطهَّرة عن أنس: جاءت النساء إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقُلن: يا رسول الله ذهب الرجالُ بالفضل والجهاد، فهل يكون لنا من عملٍ نُدرك به المُجاهدين؟ فقال عليه الصلاة والسلام: \"مَن قعَدَتْ مِنكنَّ في بَيتِها فإنَّها تُدركُ عملَ المُجاهدينَ في سبيلِ اللهِ \".

      ومن حقِّ الزوج منْعُ زوجته من السفر وَحدها أو مع غير مَحرم لها حرصاً عليها ولو كان هذا السفر لغرَض دِينيٍّ كأداء فريضة الحج، ودليل ذلك عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أنْ تُسافرَ مَسيرةَ يومٍ وليلةٍ إلا مع ذِي رَحِمٍ مَحرم لهَا\". متفق عليه.

      وفي واقعة السؤال، وبناء على ما تقدم أن السائل وأخاه يُريدانِ أخْذَ والدتهما معهما لأداء فريضة الحج والعمرة، فليس من حقِّ والدهما زوجِها أن يَمنعها مِن السفَر معهما؛ لأنهما مَحرَم لها، خاصَّةً أنها ستقوم بأداء رُكنٍ من أركان الإسلام وهو فريضةُ الحج والعُمرة؛ لأنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.

      ولاشك في أن مَنْعَه لها من أداء فريضة الحج يُعتبر معصيةً من المعاصي التي يجب الابتعادُ عنها، لا سيما أن والد السائل له زوجة أخرى تَعُولُه فيصبح لا حق له ولا عذر.

      والله أعلم.


      تعليق


      • #4
        مكانة الحج في الإسلام وحكمه
        الحج ركن من أركان الإسلام المذكورة في عدة أحاديث صحيحة وهو فرض في العمر مرة على كل مسلم ومسلمة إذا استوفى شروطا خاصة نذكرها فيما بعد ، وفرضيته معلومة بالضرورة ، فمن أنكرها فقد كفر .

        فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس . قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم رواه أحمد ومسلم والنسائي

        وجاء في حديث آخر مماثل الحج مرة فمن زاد فهو تطوع رواه أحمد والنسائي بمعناه وأبو داود وابن ماجة والحاكم وقال : صحيح على شرطهما . والحديث يعتبر مبينا للآية الكريمة وهي قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا

        فإن الآية مطلقة والحديث حدد هذا الإطلاق وقيده بأن بين أن المراد بالفرضية مرة واحدة في العمر .

        تعليق


        • #5
          تأخير الحج
          علمنا أن الحج فرض على المستطيع في العمر مرة ، وبقي أن نعلم ، هل هو فرض على الفور أم على التراخي ؟ بمعنى أن من استطاع الحج واستوفى شروط الوجوب هل يلزمه أن يحج في العام الذي وجب عليه الحج فيه أم يجوز له التأخير والتراخي ؟

          أما عند الشافعي ومحمد بن الحسن فإن الحج فرض على التراخي والإمهال بشرط أن يحج قبل موته فإن مات قبل أن يحج فهو آثم مرتكب كبيرة من الكبائر ، سواء ظل مستطيعا حتى مات ، أو انقطعت عنه الاستطاعة قبل موته .

          واستدلوا على أنه على التراخي بأن الحج فرض سنة خمس ، أو سنة ست ، أو سنة تسع - على اختلاف في ذلك - ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم إلا سنه عشر من الهجرة ، مع أنه سنة تسع أوفد أبا بكر أميرا على الحجاج وبقي هو لم يحج هذا العام مع استطاعته ذلك وعدم المانع .

          وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد وبعض أصحاب الشافعي : إن الحج واجب على الفور بالنسبة للمستطيع ، فإن استطاع فأخره أثم بالتأخير . واستدلوا بأحاديث كلها ضعيفة ، ولكن لكثرتها يقوي بعضها بعضا عندهم ، وبعض الفقهاء يرجح رأي الشافعي ومن معه، مثل الأوزاعي وأبي يوسف والقاسم بن إبراهيم وأبي طالب (وهما من أهل البيت) .

          والبعض الآخر يرجح رأي الآخرين... وكفة الأدلة متعادلة تقريبا فالأحوط التعجيل..

          والخلاصة أن الحج ركن من أركان الإسلام وفرض من فرائضه ، بذلك جاء الكتاب والسنة ، وعلى ذلك أجمعت الأمة ، والخلاف إنما هو في سَنَة فرضيته ، وفي كونه فرضا على الفور أو على التراخي .

          تعليق


          • #6
            حكم العمرة
            العمرة مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة فمن أنكر أنها مشروعة فقد كفر .

            غير أن الفقهاء اختلفوا في حكمها : هل هي فرض أم سنة.

            فقال الحنفيون والمالكية : هي سنة مؤكدة مرة في العمر على الأقل .

            وقال الشافعي وأحمد : هي فرض في العمر مرة على من يفرض عليه الحج .

            استدل الأولون بأن الآية التي تفيد فرضية الحج لم تذكر فيها العمرة ، وكذلك الأحاديث الصحيحة الصريحة .

            واستدل الآخرون بأدلة لم يسلم دليل منها من مطعن فالراجح أنها سنة مؤكدة ، وسيأتي الكلام في كل ما يتصل بأحكام العمرة

            تعليق


            • #7
              من الذي يجب عليه الحج
              الذي يجب عليه الحج هو : المسلم العاقل البالغ ، الحر، العالم بالفرضية ، المستطيع . وإليك تفصيلا لذلك كله ، حتى يتبين ، لك حكم كل حالة .

              حج الكافر والمجنون والصبي لا يفرض الحج على كافر ، لأنه غير مطالب بفروع الإسلام وهو فاقد أصله الذي يبنى عليه ابتداء ، وهو الإيمان ، وهذا عند غير الإمام مالك ، أما عنده فإن الكافر يخاطب بالفروع ، ويعذب عليها يوم القيامة .

              وعند الجميع : إن حج وهو كافر فإن حجه لا يصح ، ولا يسقط الحج عنه إذا أسلم .

              (هذا) ومن حج ، ثم ارتد عن الإسلام وكفر ، ثم عاد إلى الإسلام ، فإنه يجب عليه إعادة الحج عند الأحناف والمالكية ، ولا يجب عليه ذلك عند الشافعية ؛ لأن إحباط العمل لا يحدث للمرتد إلا إذا مات على ردته وكفره عندهم .

              وكذلك لا يجب الحج على مجنون ، أو معتوه (وهو الأبله الناقص العقل.)..

              ومثله الصبي الذي لم يبلغ ، فإن الحج لا يجب عليه ؛ لعدم تكليفه ، وإن حج صح حجه ، ولكن لا يكفي ذلك عن الحجة المفروضة ، ولا يسقطها عنه بعد بلوغه واستيفائه الشروط التي توجب الحج .

              وما قيل في الصبي يقال في العبد المملوك لغيره ، فالحج لا يجب عليه ، وإن حج صح حجه ، ولكنه لا يسقط الحجة الواجبة عليه إذا أعتق واستوفى شروط الوجوب. اهـ .

              دليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى ، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى أخرجه الطبراني في الأوسط بسند رجاله رجال الصحيح

              وقال الترمذي : أجمع أهل العلم على أن الصبي إذا حج قبل أن يدرك فعليه الحج إذا أدرك ، وكذلك المملوك إذا حج في رقه ثم أعتق فعليه الحج إذا وجد إلى ذلك سبيلا ا هـ .

              وهذا واضح في الصبى المميز الذي يستطيع القيام بنفسه بأعمال الحج .أما الصبى غير المميز وغير القادر على القيام بأعمال الحج فإن حجه صحيح أيضا عند الجمهور ، ويقوم الولي بتحجيجه وذلك بأن يحرم عنه قائلا بقلبه : جعلته محرما، ويجرده من المخيط ، ويلبي عنه ، ويطوف به ويسعى ، ويقف به بعرفة ، ويرمي عنه الجمار..

              فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال : من القوم ؟ فقالوا : المسلمون ، فقالوا : من أنت ؟ فقال : رسول الله فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر أخرجه مسلم .

              (هذا) ولو بلغ الصبي وهو غير محرم ثم أحرم يوم عرفة أو قبله فإن إحرامه صحيح وتقع حجته عن الحجة المفروضة عليه بالإجماع .

              وإن كان الصبي محرما من الأصل ثم بلغ قبل عرفة أو يومه فوقف بعرفة وأتم أعمال الحج فإن حجه يقع عن حجة الإسلام عند الشافعي وأحمد ، لأنه وقف بعرفة وأتم أركان الحج وهو أهل لها .

              وقال مالك : لا يجزئه ذلك كما حجة الإسلام ، واختاره ابن المنذر .

              وقال الحنفيون : إن جدد الصبي الإحرام قبل الوقوف بعرفة أجزأه ، وإلا فلا يجزئه ، لأن إحرامه لم ينعقد واجبا .

              ولو بلغ الصبي بعد الوقوف بعرفة فعاد إلى عرفة ووقف بها قبل فجر يوم النحر فإن حجته تجزئ عن حجة الإسلام عند الشافعي وأحمد .

              وقال أبو حنيفة ومالك لا يجزئ ذلك عن حجة الإسلام .

              وإن لم يعد الصبي إلى عرفة أو عاد بعد الفجر فإن حجه يقع تطوعا ولا يجزئ عن حجة الإسلام اتفاقا .

              ملاحظتان :

              (1) الصبي المميز لا يحج إلا بإذن وليه (وهو من يقوم بأموره ويرعى شؤونه مثل الأب والجد عند عدم الأب ، ومثل الأم عند عدمهما ، ومثل الوصي والقيم عند فقد الأب والجد والأم) ، وإن أحرم بغير إذن وليه فإن إحرامه فيه قولان : قول بأنه يصح ، وقول بأنه لا يصح . وعلة ذلك أن الصبي يحتاج إلى المال والمولى هو المسؤول عن مال الصبي وعن رعايته إن كان للصبي مال ، وهو الذي ينفق عليه من مال نفسه إن لم يكن للصبي مال .
              (2) إن كان الصبي غير مميز وأراد الولي أن يحج عنه فإن عليه عند الإحرام أن يخلع عن الصبي الذكر الملابس المحرمة على الرجال حالة الإحرام ثم ينوي بقلبه الإحرام عنه ، ويلبي عنه فيقول : لبيك اللهم عن فلان لبيك . وكذلك يفعل معه في السنن فيغسله ويطيبه ويقم أظفاره إلخ .
              وعليه أن يجنبه ما يجتنبه الرجل ، وعند الطواف والسعي يطوف به ويسعى طوافا وسعيا مستقلين ، غير طوافه وسعيه لنفسه ، ثم يأخذه إلى عرفات وإلى المزدلفة ومنى ، ويرمي عنه الجمار بعد أن يرمي لنفسه وكذلك يذبح عنه بنيته ولا يشترط حضور الصبي عند الرمي ، أو الذبح ؛ لأن الإنابة فيهما جائزة ا هـ .


              حكم من يجهل افتراض الحج لإسلامه بدار الحرب
              ذكرنا أن الحج يجب على من استوفى شروطا معينة . منها : العلم بفرضية الحج .

              وهذا الشرط ينظر إليه بالنسبة لمن أسلم حديثا وكان يسكن دار الحرب ، فإن جهله حينئذ بأركان الإسلام معقول ومتوقع ، ومثله من يعيش في بيئة إسلامية ليس فيها علماء ، وهي معزولة عن الجو الإسلامي العام كأن كانت تعيش منعزلة في بادية ، ومضت عليها السنون ، لا تتصل بالعلم ولا بالعلماء ، فإن العقل يتصور حينئذ جهل بعض هؤلاء بكثير من أمور الدين الضرورية المشهورة .

              فمن كان من هؤلاء لا يعلم فرضية الحج فإن الحج لا يجب عليه ، ولو مات لا يسأل عنه أمام الله تعالى .

              ويكفي في تحمله المسؤولية أن يخبره رجل مسلم عدل بحكم من أحكام الله تعالى أو تخبره امرأتان كذلك فحينئذ يعتبر عالما بالحكم ويجب عليه العمل به .

              أما إن أسلم وكان بدار الإسلام وجو الإسلام فإنه لا يعذر بجهله مثل هذه الفريضة المعلومة من الدين بالضرورة.. وكذلك مثلها من الفرائض .

              الاستطاعة المعتبرة شرعا
              قلنا : إن المستطيع هو الذي يجب عليه الحج ، وهنا نحتاج إلى معرفة مدى هذه الاستطاعة حتى نستبين ، أمرها ، ونتأكد من حالتنا بالنسبة لها .

              والخلاصة التي يمكن بلورتها بسرعة عن مفهوم الاستطاعة هي أنها القدرة الصحية والمالية والأدبية مع عدم المانع الشرعي وإليك تفصيل ذلك كله وتبيينه .

              (1) فالقدرة الصحية معناها: أن يكون البدن سليما من الأمور التي تعجزه عن القيام بفرائض الحج وواجباته . مثل : كبر السن ، والمرض المزمن ، وعدم القدرة على ركوب الدابة أو السيارة وأمثالها بسبب نقص في أعضائه كقطع اليدين أو الرجلين ، أو إحدى الرجلين ، بحيث لا يستطيع الركوب وأداء أعمال الحج الواجبة ، ومثله المشلول ، والمقعد ، والأعمى وإن وجد قائدا عند أبي حنيفة ، وغيره يوجب الحج عليه إن وجد القائد وقدر على نفقته .
              (2) والقدرة المالية : أن يكون عنده من المال ما يكفي من يعولهم أثناء ذهابه وجحه وعودته ، والمراد بالكفاية (الوسط) فلا ينظر إلى حالة الإسراف ، ولا يطالب بالتقتير والتضييق على نفسه وعلى من يعولهم ، فإن رضي ، أو رضى من يعولهم بالتقتير والتضييق كان له ولهم ثواب أكثر .
              (3) وأن يجد الدابة التي تحمله إلى مكان الحج ثم إلى بلده بعد الحج ، ومثل الدابة السيارة ، والقاطرة ، والطائرة وأشباهها سواء أكان مالكا لها أو مالكا لأجرتها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الاستطاعة المذكورة في آية الحج بالزاد والرحلة في حديث رواه الدارقطني والحاكم وصححه ، وهذا بالنسبة للبعيد عن مكة بحيث لا يستطيع الوصول ماشيا إلا بمشقة فادحة ، أما من يستطيع الوصول بدون هذه المشقة فإن عليه الحج إن وجد النفقة... ويكون معلوما أن القدرة المادية بقسميها السابقين تندرج تحت كلمة النفقة ..
              والنفقة التي يجب الحج عند توفرها هي : النفقة الزائدة عن الحوائج الأصلية التي لا يستغني عنها الإنسان عادة مثل : الثياب ، ودار السكنى ، وكتب العلم ، وسيارة يؤجرها لينفق منها على نفسه وعياله ، ومصنع كذلك ، أو سفينة أو دار يؤجرها وينفق من أجرتها ، أو قطعة أرض يزرعها يأكل من زرعها ، ومثل ذلك البضاعة التي إن نقصها اختل ربحها فلم يكفه هو وعياله، وكذلك الماشية التي يعيش من نتاجها ولبنها وربحها ولو باعها أو باع بعضها لا يجد النفقة الكافية لنفسه أولمن يعوله فتدبر ذلك وقس عليه غيره.
              ولا يجب عليه الحج إن كان مدينا لآدمي، أو لله، كأنما كان عليه زكاة، أو كفارة، إن كان ما يبقى بعد سداد الدين لا يكفي نفقات الحج، وكان مطالبا بسداد الدين.
              وإن احتاج إلى الزواج وخاف على نفسه الضرر الصحي، أو الوقوع في الفاحشة قدم التزوج على الحج، لأن التزوج حينئذ واجب، فهو مثل النفقة، وإذا لم يخف شيئا فإن التزوج حينئذ يكون سنة، أما الحج فواجب فيقدم الحج . وإن كان له دين يستطيع تحصيله وجب عليه الحج وإلا فلا...
              ومن كان لا يجد نفقة الحج له ولأولاده ولا يجد أجرة السفر فجاء إنسان وبذل له النفقة والأجرة فإنه لا يصير مستطيعا بذلك سواء كان الباذل قريبا أو أجنبيا.
              وقال الشافعي: إن بذل له ولده ما يتمكن به من الحج لزمه، لأنه أمكنه الحج من غير منة تلزمه، ولا ضرر يلحقه .
              ولا يجب الحج بسؤال الناس لمن تعود ذلك إلا عند المالكية...
              ومن كان ذا صنعة يستطيع ممارستها أثناء الحج والإنفاق منها فإن الحج يجب عليه عند الإمام مالك وعند الأحناف رأي قريب من هذا .
              (4) أمن الطريق: بمعنى أن يأمنه على نفسه وماله حسب غلبة ظنه، فإن كان الأمن يتحقق إذا دفع رشوة، أو ضريبة للظلمة أو قطاع الطريق وكان الدفع غير متعدد وغير مجحف فإن المالكية يرون وجوب الحج، والشافعية يرون أن هذه الرشوة عذر يسقط الحج وإن قلت، ورأي المالكية أقرب إلى العقل خصوصا في زمننا الذي كثرت فيه مثل هذه الأشياء حتى صارت عادة... وأما الحنابلة فلهم رأي مثل الشافعية، ورأي آخر كالمالكية
              إذا كان الحاج لابد له من ركوب البحر جاز له الركوب إن غلبت عليه السلامة، وإلا فلا.. فإن كان البحر هائجا مخوفا فإن ركوبه لا يجوز لا لحج ولا لغيره حتى يسير مأمونا.
              (5) عدم المانع من الحج سواء أكان مانعا حسيا كالحبس والاعتقال، أم معنويا كالخوف من سلطان جائر يمنع الناس من الخروج إلى الحج.

              تعليق


              • #8
                حج المرأة
                عرفنا أن الحج لا يجب إلا على المستطيع : وهذا الحكم يعم الرجل والمرأة غير أن المرأة تزيد عن الرجل بندا هو أن تجد المرأة من تحج معه وتكون في صحبته .

                واختلف الفقهاء في هذا الرفيق الذي إن وجد وجب عليها الحج ، وإن لم يوجد لا يجب .

                فالحنفيون والحسن والنخعي وإسحاق وابن المنذر وأحمد قالوا : إن وجدت المرأة زوجها أو رجلا محرما لها يحج معها وجب عليها الحج ، وإلا فلا ، ولو حجت صح حجها وأثمت .

                وهناك رواية ثانية عن أحمد أن المحرم ليس بشرط في الحج الواجب..

                وقال ابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعي : ليس المحرم شرطا في حجها بحال .

                قال ابن سيرين : تخرج مع رجل من المسلمين ، لا بأس به.. وهذا رأي لا يستساغ .

                وقال مالك : تخرج مع جماعة النساء .

                وقال الشافعي : تخرج مع حرة مسلمة ثقة إن لم تجد زوجا ، أو محرما ، أو نسوة ثقات .

                وقال الأوزاعي : تخرج مع قوم عدول... وهذا كله في الحج الواجب .

                أما القائلون بالمنع إلا مع محرم أو زوج فاستدلوا بعموم الأحاديث التي منعت المرأة من السفر إلا مع محرم أو زوج ، وقالوا إنها مقيدة لإطلاق آية: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا وبعضهم قال : إن الزوج أو المحرم للمرأة من السبيل فإن وجدته وجب الحج وإلا فلا .

                وأما الآخرون فإنهم رأوا أن الآية أطلقت وجوب الحج على المستطيع ، والرسول صلى الله عليه وسلم فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة ، ولم يذكر المحرم بالنسبة لحج المرأة ، وقالوا في الأحاديث التي تمنع حج المرأة إلا مع محرم : إنها مطلقة تقيدها الآية . فمعناها أن تمنع المرأة من السفر من غير محرم إلا في الحج الواجب فإن لها أن تحج بغير محرم أو زوج ، واستدلوا أيضا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عدي بن حاتم بأنه سيأتي يوم تخرج فيه المرأة مسافرة من الحيرة (بقرب الكوفة) إلى البيت الحرام بغير جوار يحميها لغلبة الأمن في بلاد تحولت إلى الإسلام . وقد كان ذلك كما أخبر عدي نفسه... والذي يميل إليه القلب في هذا الموضوع هو : أن المرأة إن توفرت لديها جميع الشروط التي توجب الحج ولم يبق إلا موضوع السفر والرفيق فيه فإنها تفعل الآتي

                ( أ ) إن كانت عجوزا وخرجت في قافلة مأمونة فلا شيء عليها وتثاب على حجها .
                ( ب ) إن كانت شابة ووجدت رفقة من النساء بحماية المسؤول عن القافلة فكذلك .
                ( ج ) إن كانت شابة ووجدت رجالا ونساء مأمونين ، مسؤولين فكذلك .
                ( د ) إن كانت شابة ووجدت امرأة ثقة في حماية رجال مأمونين ، مسؤولين ، فكذلك .
                (هـ) إن كانت عجوزا أو شابة ولم يتوفر لها زوج ، أو محرم ، أو حالة من الحالات السابقة فإنها لا يحل لها الخروج للحج الواجب ، ولا يعتبر الحج واجبا عليها حينئذ..

                وهناك فوائد تتصل بالمحرم الذي يجوز له الخلوة بالمرأة ، والسفر معها ، ورؤية شعرها وعنقها ، وصدرها ، وذراعيها وساقيها ، مع فوائد أخرى تتصل بالزوج .

                (1) تعريف المحرم

                المحرم هو من حرم عليه نكاح المرأة على التأبيد يسبب مباح لحرمتها.. وذلك مثل الأب والابن والأخ وابن الأخ ونحوهم .

                فليس من المحرم زوج أخت الزوجة وعمتها وخالتها ؛ لأنه لو ماتت زوجته أو طلقها حلت له أخت زوجته وعمتها وخالتها ، إن كن بغير أزواج ، ولا موانع ، فتحريم التزوج بهن مؤقت ، وليس مؤبدا .

                ولو زنى بامرأة أو وطئها بشبهة فإن أمها محرمة عليه على التأبيد ، ولكنها محرمة بسبب غير مباح فلا تعتبر محرما له ولا يعتبر محرما لهذه الأم .

                ومن اتهم امرأته بالزنا ثم حصل بينهما لعان فإن امرأته تحرم عليه على التأبيد ولكن التحريم ليس للحرمة والتعظيم ، إنما هو للعقاب والزجر ، فلا تعتبر محرما لمن كان زوجها ولا يعتبر محرما لها .

                واختلفوا : هل الكافر يعتبر محرما للمسلمة إن كانت أخته أو ابنته أو عمته مثلا أولا يعتبر محرما لها ، فلا يحل له الخلوة بها ولا النظر إلى أطرافها ؟..

                هما قولان : فالإمام أحمد يرى أنه ليس بمحرم ، وأبو حنيفة والشافعي يريان أنه محرم .

                (2) ما يجب في المحرم ، ونفقته وإذن الزوج

                يشترط أن يكون المحرم الذي يصحب المرأة في سفرها بالغا أو مراهقا (مقاربا للبلوغ) وأن يكون غير فاسق ؛ لأن الفاسق المنحل لا يؤتمن حتى على ابنته ، وهذا رأي لبعض الفقهاء ، والبعض الآخر لا يشترط هذا الشرط .

                ونفقة الزوج أو المحرم الذي يخرج مع المرأة من أجلها على المرأة ، فإن عجزت عنها وامتنع المحرم أو الزوج أن يخرج على حسابه فإن الحج لا يكون واجبا عليها عند القائلين ، بوجوب المحرم أو الزوج .

                والمحرم غير ملزم بالخروج مع المرأة على الصحيح ، لأن في الحج مشقة كثيرة فلا تلزم أحدا من أجل غيره

                وليس للزوج منع امرأته من حجة الإسلام ، وبهذا قال النخعي وأحمد وإسحاق ، وأبو ثور، وأصحابا الرأي (الأحناف) وهو الصحيح من قولي الشافعي ، وله قول : بأن له المنع بناء على أن الحج واجب على التراخي عنده .

                ويستحب . للمرأة أن تستأذن زوجها ترضية له ، فإن أذن فيها ، وإلا خرجت بغير إذنه ، وهذا في الحج الواجب ، فأما حج التطوع فلا تخرج للحج إلا بإذنه ، وله منعها منه ، قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها من الخروج إلى الحج التطوع ، وذلك لأن حق الزوج واجب فليس لها تفويته بما ليس بواجب كالسيد مع عبده ، وليس له منعها من الحج المنذور، لأنه واجب عليها ، فأشبه حجة الإسلام .

                حج المرأة وهي في العدة

                لا يجوز للمرأة أن تخرج للحج إذا كانت في عدة الوفاة عند الإمام أحمد ؛ لأنها مأمورة بملازمة المسكن ، أما في العدة من طلاق رجعي فإنها في حكم المتزوجة فتستأذن زوجها ، وأما العدة من طلاق بائن (بعد الطلقة الثالثة) فإنها لا تمنع من الحج . هذا رأي الإمام أحمد .

                سفر المرأة لغير الحج المفروض وللزيارة والتجارة

                قال في المجموع للنووي : هل يجوز للمرأة أن تسافر لحج التطوع ، أو لزيارة وتجارة ونحوهما مع نسوة ثقات ، أو امرأة ثقة ؟ فيه وجهان للأصحاب (أحدهما) يجوز كالحج المفروض (والثاني) وهو الصحيح باتفاقهم والمنصوص عليه في الأم ، لا يجوز ، لأنه سفر ليس بواجب ا هـ ملخصا وأحاديث النهي عن سفر المرأة بغير زوج أو محرم تدل على المنع .

                تعليق


                • #9
                  حج الماشي والراكب أيهما أفضل
                  اختلف الفقهاء في حج الماشي والراكب . أيهما أفضل ؟ فالشافعية والأحناف وأكثر الفقهاء على أن الركوب أفضل ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حج راكبا ، وقال الآخرون : المشي أفضل ؛ لأن فيه مشقة ، وبقدرها يكون الأجر كما قال صلى الله عليه وسلم لعائشة ولكنها على قدر نفقتك ، أو نصبك رواه البخاري ومسلم

                  وروي عن ابن عباس قوله: ما ندمت على شيء فاتني في شبابي إلا أني لم أحج ماشيا .

                  وروى أن الحسن بن علي حج خمسا وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه، ولقد قاسم الله ماله ثلاث مرات .

                  تعليق


                  • #10
                    الحج عن الغير
                    قدم أن صحة البدن مما تتحقق بها الاستطاعة ، فهي شرط لوجوب الحج . وعلى هذا فالشيخ الكبير والمرأة العجوز، والمريض، والمشلول ، والمقعد ومقطوع الرجلين ، والأعمى (وإن وجد قائدا عند أبي حنيفة) كل هؤلاء وأمثالهم - كن يعجزون صحيا عن الحج بأنفسهم - لا يجب عليهم الحج ، ولا يلزمهم إحجاج الغير عنهم ، ولا الإيصاء به عند الموت بشرط ألا يكونوا قد وجدت عندهم الاستطاعة قبل المرض ، فإن كانت الاستطاعة وجدت قبل المرض ، فإن الحج فرض عليهم باتفاق العلماء ، وعليهم أن يقوموا بإحجاج غيرهم عنهم لتسقط عنهم الفريضة .

                    والخلاف إنما هو فيمن قدر على الحج ماليا في وقت يعجز فيه عن تأديته صحيا عجزا دائما إلى الموت حسب غلبة الظن .

                    فأبو حنيفة في الرأي المختار عنده ، والشافعي وأحمد يرون أن الحج فرض عليه ، وعليه أن يبعث من يحج عنه على حسابه ونفقته ، إن وجد هذا الذي يحج عنه ، رجلا كان أو امرأة .

                    ودليلهم حديث ابن عباس أن امرأة من خثعم قالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : نعم . وذلك في حجة الوداع أخرجه مالك والشافعي والشيخان

                    وفي رواية قال لها صلى الله عليه وسلم : نعم فحجي عنه رواه الجماعة

                    وقال مالك : لا حج عليه ، وهو رأي للأحناف ، ودليلهم : أن الحج واجب على المستطيع ، وهذا غير مستطيع ، وأجابهم الأولون بأنه غير مستطيع بنفسه مستطيع بغيره فيجب عليه .

                    ومن بعث إنسانا يحج عنه لمرضه المزمن ، ثم شفي من مرضه فإنه لا يجب عليه أن يحج مرة أخرى عند أحمد وإسحاق ، لأن الواجب لا يتكرر وقد سقط عنه بإحجاج غيره ، وقال الشافعي والأحناف وابن المنذر : يلزمه الحج ، لأن حج غيره كان لأن مرضه ميؤوس منه ، وقد تبين ، غير ذلك فيجب عليه الحج .

                    (هذا) والحج المنذور كحجة الإسلام في إباحة الاستنابة عند العجز والمنع منها مع القدرة لأنها حجة واجبة .

                    وأما الإنابة في حج التطوع فل تجوز إن كان الذي ينيب غيره لم يؤد حجة الإسلام .

                    فإن كان قد أدى حجة الإسلام ، وهو عاجز عن الحج بنفسه فإن له أن ينيب من يحج عنه ، وإن كان غير عاجز فإن أبا حنيفة يجيز ذلك والشافعي لا يجيزه .

                    وإن كان من ينيب غيره ليحج عنه تطوعا به عجز مؤقت كالحبس والمرض المرجو الزوال فإن الإنابة صحيحة ، لأن التطوع مشروع في كل عام شروعا مستقلا بخلاف الفرض فإنه فرض العمر .

                    (هذا) وكل ما قيل في الحج يقال في العمرة .

                    حكم الاستئجار على الحج والأذان وتعليم القرآن وغيرها
                    إن الكلام فيمن يحج عن الغير يستدعي الكلام في الاستئجار على الأمور التي هي في الأصل عبادة تخص فاعلها ، ولكنها مع ذلك يتعدى نفعها إلى الغير ، مثل الحج عن الغير وتعليم القرآن والفقة والأذان إلخ .

                    وقبل الكلام في ذلك يحسن التنبيه إلى أن الحج عن الغير ليس معناه دائما الاستئجار ، ولو كان النائب أجنبيا ، فقد يحج إنسان عن إنسان ولا يأخذ إلا نفقة الحج فقط ، وقد يحج بأجرة يأخذها من أنابه ويستفيد من وراء ذلك ، كما يستفيد من يؤجر نفسه للأذان ، وتعليم الفقه وغيرهما .

                    كما يحسن التنبيه إلى أن الأجر الذي يأخذه المؤذن ، والفقيه ، ومعلم القرآن وإمام الصلاة ، وغيرهم من خزانة الدولة وبيت المال هو حلال اتفاقا ولا شيء فيه ، بل الواجب على الدولة مساعدة هؤلاء مساعدة مجزية تقوم بكفايتهم وكفاية من يعولونهم ، ويحرم على الدولة حرمانهم مما يكفيهم إذا كان العمل يستغرق الوقت الذي يمكن . أن يسعى فيه العامل ويعمل ليكسب مالا يكمل به ما يحتاجه لنفسه وأولاده ، أو كان محظورا عليه أن يعمل في جهة وعمل غير الجهة والعمل اللذين يعمل فيهما .

                    والتفرقة بين عامل وعامل حرام إذا كان العمل واحدا ، والعامل مجبرا على القبول تحت إلحاح الحاجة ؛ لأن ذلك يثير البغضاء ، ويزرع الحقد والحسد ويقلل من الإخلاص في العمل . وهذه التفرقة من الأسباب التي تتذرع بها الشيوعية ضد الرأسماليين ؛ حيث إنهم يتحكمون في الناس تحكما ظالما تحت إلحاح الحاجة والفقر... هكذا يقولون .

                    والقول بأن العقد شريعة المتعاقدين ليس على إطلاقه ، إنما هو حيث لا يوجد استغلال ، وظلم ، وقهر ، وسحق للمحتاج الذي أحيانا ما يرضى بالدون في سبيل الحصول على إقامة وعمل يسد به جوعته ، ويستر به جسده ، مع أن زميله المماثل له في كل شيء ينال من نفس الجهة ولنفس العمل أضعاف ما يناله... إن أقل ما يتصف به المسلم أن ينصف الناس من نفسه . وأن يدرأ عنهم ضرره وأذاه .

                    وليس من يسرق الناس اعتداء عليهم بأكثر جرما ممن يستغل ذا والحاجة ، ويذله ، ويقهر نفسه ، ويسحقه حين ، يراه يرسف في أغلال الحاجة والفاقة هو وأولاده...

                    إن غلمان حاطب بن أبي بلتعة حين سرقوا سيدهم لم يقطع عمر أيديهم ولكنه هدد سيدهم بقطع يده هو إن عاد إلى تجويعهم والتقتير عليهم ؛ لأنه حينئذ يعتبر هو الملجىء لهم إلى السرقة.. فليتنبه المسلمون إلى ذلك فهم أولى الناس بالإنصاف والعدل والرحمة ليكونوا خير أمة بالقدوة لا بالكلمة.. و.. لا غير

                    ولنعد إلى ما كنا فيه فنقول : إن الاستئجار الذي نتكلم فيه هو ما كان استئجارا من فرد أو جماعة لفرد أو جماعة وليس استئجارا من الدولة لفرد أو جماعة فإذا كان الذي يدفع الأجرة أحد الناس أو جماعة منهم وليس الدولة فإن الفقهاء اختلفوا في ذلك ، فمنهم من أجاز الاستئجار على ذلك ، ومنهم من منعه ، فالمجوزون هم مالك والشافعي وابن المنذر، وهي رواية لأحمد .

                    دليلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله رواه البخاري.

                    وقد أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجعل (الأجر) على الرقية ، وكانت بالفاتحة ، وهي من كتاب الله تعالى ، وأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقرهم على ما فعلوا ، وقال لهم ليؤكد لهم حل ما فعلوا واضربوا لي معكم سهما وقالوا : إنه يجوز أخذ النفقة على الحج فكذلك يجوز أخذ الأجرة عليه كما تؤخذ على بناء المساجد والقناطر وغيرها .

                    المانعون هم أبو حنيفة وإسحاق والزهري وعطاء والضحاك وابن شقيق ، وهي رواية عن أحمد... واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص : واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا والحديث في الصحيح ومعناه واضح .

                    وجاء في حديث أخرجه أحمد برجال الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : اقرأوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به .

                    وقال المانعون أيضا : إن هذه الأمور عبادة يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة فلم يجز أخذ الأجرة عليها كالصلاة والصوم .

                    والموضوع مثار خلاف قديم وكل فريق له أدلته . غير أن أدلة الجواز أقوى وأصح ، وأدلة المنع أقل صحة ، وتختص بحالات معينة ، والله أعلم . وفائدة الخلاف تظهر في أن المستأجرعليه أن يتم الحج الذي استؤجر عليه مهما تكن الظروف ، وما يأخذه من الأجرة هو نصيبه لا أكثر ولا أقل ، ولذلك يلزم في الإجارة العمل بشروطها من معرفة الأجرة ، ومعرفة العمل إن كان حجا ، أو عمرة ، أو الاثنين ، معا ، إلخ المطلوب معرفته في ذلك ، وإن منع من الحج ، أو ضل الطريق ، أو مرض ، أو ضاعت النفقة فهو ضامن وعليه الحج ، وما لزمه من الفدية عقابا فعليه .

                    أما إذا لم يكن مستأجرا فإنه يعتبر نائبا تجب له النفقة حتى يعود إلى المكان الذي خرج منه ، إلا أن يتبرع ، ولو مات ، أو ضل الطريق ، أو منع بمرض أو عدو لم يلزمه الضمان لما أنفق ، لأن شأنه شأن من أنابه ، ولذلك لو بقي معه مال ، فإن عليه رده لمن أنابه إلا أن يأذن له فيه ، وله أن ينفق على نفسه أثناء الحج والعودة بدون إسراف ولا تقتير ، وليس له التبرع بشيء لم يأذن به من أنابه... وله التوسع كما يشاء إن دفع إليه مبلغ معين ، كمائتي دينار مثلا وقيل له : حج بهذه ، أو هذه لك لتحج عن فلان بها ، أو قيل له إن الميت أوصى بهذا المبلغ للحج به عنه ؛ لأن هذه إباحة فله أن يتصرف في المبلغ كما يشاء بخلاف ما إذا قيل له : حج عني وعلي نفقة حجك ، فإنه حينئذ نائب مقيد بالنفقة الوسط ، أما المستأجر فعليه القيام بالحج أو العمرة أو غيرهما ، وهو حر التصرف في الأجر .

                    تعليق


                    • #11
                      حج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل
                      يجوز أن يحج الرجل عن المرأة ، كما يجوز أن يحج عن الرجل ، ويجوز أن تحج المرأة عن المرأة وأن تحج عن الرجل . وعلى ذلك عامة أهل العلم ، لم يخالف منهم إلا الحسن بن صالح فإنه كره حج المرأة عن الرجل . وقال ابن المنذر فيه : هذه غفلة عن ظاهر السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المرأة أن تحج عن أبيها .

                      الحج عن الغير بغير إذنه وحج غير الولي عن الميت
                      لا يجوز الحج والعمرة عن الغير إذا كان حيا إلا بإذنه سواء أكان ذلك في الفرض أم في التطوع ؛ لأنها عبادة تصلح فيها النيابة فلا تجوز عن البالغ العاقل الحي إلا بإذنه كالزكاة ، فأما الميت فتجوز عنه بغير إذن سواء أكان ذلك في الواجب أم في التطوع ، كما يجوز أن يحج عنه الولي وغيره من الأجانب على الأصح .

                      هل يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه
                      اختلف العلماء في ذلك ، فالشافعية والحنابلة يقولون : لا يصح حج إنسان عن غيره إذا لم يكن قد حج عن نفسه وهو قادر عليه ؛ لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة . قال : ومن شبرمة قال: أخ لي ، أو قريب لي . قال : حج عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه .

                      قال الحنفيون والمالكية : إن من لم يحج عن نفسه وهو قادر على الحج يجوز أن يحج عن غيره وحجه عن غيره صحيح غير أنه يأثم بالنسبة لنفسه ، لأنه حرمها الحـج والخير ، ولا يضمن البقاء حتى يحج ، وهذا عن تفسيرهم للحديث وفهمهم له ؛ أنه يفيد الإثم ، ولا يمنع من الصحة

                      حكم من استطاع الحج فلم يحج حتى مات
                      من وجب عليه الحج فلم يحج حتى مات وجب أن يخرج الورثة من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر ، سواء فاته بتفريط أو بغير تفريط ، وبهذا قال الحسن وطاوس ، والشافعي ، وأحمد .

                      وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجب ذلك على الورثة ويسقط حق الميت في ذلك إلا إذا أوصى بالحج والعمرة فيخرجان من ثلث ماله فقط . وبهذا قال الشعبي والنخعي ، لأن الحج عبادة بدنية فتسقط بالموت .

                      غير أن الدليل يشهد للأولين . فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت ، أفأحج عنها ؟ قال : نعم حجي عنها . أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله فالله أحق بالقضاء رواه البخاري

                      ففي الحديث دليل على وجوب الحج عن الميت سواء أوصى أو لم يوص ما دام قد مات وعليه حج واجب سواء أكان حجة الإسلام أم حجة منذورة ، ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة فلم يسقط بالموت كالدين . والعمرة مثل الحج في ذلك..

                      المكان الذي يبدأ منه الحج عن الميت
                      اختلف الفقهاء في البلد الذي يجب البدء منه للقيام بالحج عن الميت ، فالحنابلة يرون أن البدء يجب أن يكون من البلد الذي كان يعيش فيه الميت والذي لو حج لخرج منه ، أو من البلد الذي أيسر منه وصار مستطيعا الحج إلا إذا كانت التركة لا تكفي فحينئذ يجب الحج من حيث تكفي لحديث : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ووافقهم على ذلك الحسن وإسحاق ومالك في النذر .

                      وقال عطاء : إن لم يكن الناذر نوى مكانا فمن ميقاته واختاره ابن المنذر .

                      وقال الشافعي: فيمن عليه حجة الإسلام يستأجر من يحج عنه من الميقات ، لأن الإحرام لا يجب من دونه .

                      فإن كان الميت قد أحرم بالحج ثم مات ، أو سافر للحج ثم مات قبل الإحرام فإن النيابة عنه تبدأ من حيث مات عند الحنابلة والشافعية بالنسبة لمن مات بعد إحرامه من الميقات ، أما من مات قبل ذلك فعند الحنابلة من حيث مات وعند الشافعية يجوز من الميقات .

                      وإن كان نائبا عن غيره فمات في الطريق صحت النيابة عن النائب من حيث مات وهذا كله بالنسبة للحج الفرض أما الحج النفل فيبدأ النائب فيه من أي مكان...

                      (هذا) ويستحب للولد أن يكون هو الذي يحج عن أبويه ، إذا كانا ميتين ، أو عاجزين ويبدأ بمن كان الحج واجبا عليه ، فإن كان واجبا عليهما ، أو كان نفلا عنهما بدأ بالأم ، لأن برها مقدم على بر الأب كما جاء في الحديث ، وإن حج غير الولد من الأقارب أو غيرهم جاز على الصحيح لحديث شبرمة .

                      تعليق


                      • #12
                        حكم من حج تطوعا وعليه حج واجب
                        من أحرم بحج تطوعا ، أو وفاء بنذر وهو لم يحج حجة الإسلام ، فإن حجه يقع عن حجة الإسلام ، وبهذا قال ابن عمر وأنس والشافعي وأحمد .

                        وقال مالك والثوري وأبو حنيفة وإسحاق وابن المنذر : يقع ما نواه ، وهو رواية عن أحمد أيضا ، فإن نوى تطوعا وقع تطوعا ، أو نذرا وقع نذرا .

                        ولو أحرم بتطوع وعليه حجة منذورة وقع الحج عن المنذورة ؛ لأنها واجبة فهي كحجة الإسلام ، والخلاف في هذا هو نفسه الخلاف السابق . والعمرة كالحج في كل ما ذكر لأنها أحد النسكين ، فأشبهت الآخر .

                        وحكم النائب كذلك ، فمن حج عن غيره حجة تطوع وهذا الغير لم يحج حجة الإسلام وقعت عن حجة الإسلام . وكذلك القول في النذر والعمرة .

                        ومن أحرم بحجة منذورة وعليه حجة الإسلام وقعت الحجة عن حجة الإسلام وبقيت عليه المنذورة . وبهذا قال ابن عمر وأنس وعطاء وأحمد .

                        وروي عن ابن عباس وعكرمة أن حجة واحدة تكفي عن النذر وحجة الإسلام

                        الحكم في مخالفة من حج عن غيره (النائب)
                        من خرج ليحج عن غيره فإن عليه أن يلتزم بما أمره به من أنابه ، فإن أنابه في الحج فقط فأحرم هو بالعمرة لنفسه من الميقات ، أو أحرم بها متمتعا لحساب من أنابه ، ثم حج عمن أنابه فإن كان عند الإحرام بالحج عمن أنابه أحرم من الميقات الذي أحرم منه للعمرة فإن حجه جائز عمن أنابه ولا شيء عليه عند الشافعي وأحمد ، وإن كان لم يخرج للحج من الميقات وأحرم من مكة فإن عليه أن يذبح فدية لترك ميقاته ، ويرد من النفقة بقدر ما أنفقه من يوم أحرم من الميقات بالعمرة إلى يوم أحرم بالحج ، وقال القاضي : لا يقع فعله عن الآمر ويرد جميع النفقة لأنه أتى بغير ما أمر به . وهو رأي أبي حنيفة .

                        وإن أمره بالإفراد فقرن لم يضمن شيئا عند الشافعي وأحمد ، وعند أبي حنيفة يضمن ، لأنه مخالف .

                        وإن أمره بالتمتع فقرن فلا شيء عليه عند الشافعي وأحمد ، وإنما أفرد فعليه نصف النفقة ؛ لأنه أخل بالإحرام بالعمرة من الميقات ، وإحرامه بالحج من الميقات زيادة من عند نفسه لا يستحق عليها شيئا ا هـ منه .

                        فإن أمره بالقران فأفرد أو تمتع صح ووقع النسكان عن الآمر ، ويرد من النفقة بقدر ما ترك من إحرام النسك الذي تركه من الميقات...

                        وإن أنابه رجل في الحج وآخر في العمرة ، وأذنا له في القران ففعل جاز؛ لأنه نسك مشروع ، وإن قرن من غير إذنهما صح ، ووقع عنهما ويرد من نفقة كل واحد منهما نصفها .

                        وإن أمره بالحج وبعد الحج اعتمر لنفسه ، أو أمره بعمرة فاعتمر ثم حج لنفسه صح ولم يرد شيئا من النفقة ، لأنه وفى بما أمر به ، وإن أمره بالإحرام من ميقات فأحرم من غيره جاز لأنهما سواء في الإجزاء ، وإن أمره بالإحرام من بلده فأحرم من الميقات جاز لأنه الأفضل وكذلك يجوز العكس

                        تعليق


                        • #13
                          وقت الحج
                          لكي يقع الحج صحيحا يجب أن تؤدى أعماله في الوقت الذي عينه الله للحج ، وقد قال تعالى : الحج أشهر معلومات

                          والتقدير وقت الحج ، أو أشهر الحج أشهر معلومات . وهذه الأشهر هي : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ، وبهذا قال ابن عمر وأخذ به الحنفيون والشافعي في الجديد وأحمد.. وقال مالك والشافعي في القديم : زمن الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة بتمامه ، وهو رأي ابن حزم .

                          والكل متفق على أن جميع أركان الحج يجب أن تقع في هذه الأشهر ، ولم يختلفوا إلا في الإحرام . فالحنفيون ومالك وأحمد يرون جواز الإحرام بالحج قبل أشهره مع الكراهة لقوله تعالى يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج .

                          فالله تعالى أخبر بأن الأهلة كلها مواقيت للناس وللحج فيصح الإحرام به في جميع السنة كالعمرة ، ورد عليهم الآخرون بأن الآية مجملة بينتها آية الحج أشهر معلومات .

                          تعليق


                          • #14
                            أركان الحج
                            الأركان جمع ركن ، والركن هو ما تتوقف عليه صحة الحج ، وإن تركه الحاج فإنه لا يجبر بشيء ، بل يبطل الحج وتجب إعادته على ما سيأتي . والأركان عند الأحناف هي : الوقوف بعرفة وأكثر طواف الإفاضة ، وهو أربعة أشواط ، والثلاثة الباقية واجبة (والواجب عندهم في مرتبة أقل من الفرض وأعلى من السنة) أما الإحرام عندهم فهو شرط صحة ابتداء ، وركن بعد ذلك .

                            وعند مالك وأحمد : أركانه أربعة : الإحرام (وهو قصد الحج ونيته) والوقوف بعرفة ، والسعي بين الصفا والمروة ، وطواف الإفاضة .

                            والمشهور عند الشافعي أن أركانه ستة : الأربعة المذكورة ، والحلق أو التقصير وترتب معظم الأركان ، بأن يقدم الإحرام على جميعها ، والوقوف بعرفة على طواف الإفاضة ، وإليك بيانها مفصلة .

                            تعليق


                            • #15
                              الإحرام
                              المشهور عند الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد) أن الإحرام هو نية الحج ، أو العمرة ، أو هما معا ، بدون التلبية ، أما الأحناف فلا يتم الإحرام عندهم إلا بالتلبية ، أو بفعل يتعلق بالحج كتقليد الهدي وسوقه .

                              والإحرام هو الركن الأول من أركان الحج ، وهو لا بد منه لقوله تعالى : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصيين له الدين حنفاء

                              ولحديث إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى أخرجه السبعة ؛ أي إنما صحة الأعمال بالنيات ، وقد أجمع العلماء على فرضية النية في الحج وغيره من مقاصد العبادات...

                              مطلوبات الإحرام
                              (1) التنظيف
                              يطلب ممن يريد الإحرام ستة أشياء ، أولها التنظيف : وهي كلمة تشمل عدة أشياء ؛ .

                              فمن عزم على الدخول في الإحرام يسن له قص أظافره وشاربه ، وحلق عانته ، ونتف إبطيه ، ثم يتوضأ أو يغتسل ، ولو كان المحرم صبيا ، أو امرأة حائضا ، أو نفساء ؛ لأن الغسل للنظافة فقط ، وهو أفضل لقول ابن عمر : من السنة أنما يغتسل إذا أراد الإحرام ، وإذا أراد دخول مكة أخرجه البزار ، والدارقطني ، والحاكم وصححه .

                              وقالت عائشة رضي الله عنها : نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يأمرها أن تغتسل وتهل أخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة أن تغتسل عند الإهلال بالحج ، وكانت حائضا .

                              وهذا الغسل لأنه للنظافة لا ينوب عنه التيمم عند العجز عن الماء أو استعماله .

                              ويسن الغسل أيضا لدخول مكة ، وللوقوف بعرفة ، لأن ابن عمر كان يفعل ذلك .

                              (2) ما يلبسه المحرم
                              يلبس من يريد الإحرام إزارا يستر به النصف الأسفل ، ابتداء من السرة ، ورداء يستر به أعلاه ابتداء من الكتفين ، ويستحب أن يكون الإزار والرداء أبيضين ، جديدين ، أو غسيلين ، نظيفين ؛ لأن النظافة مطلوبة ومستحبة في الجسم والثياب ، ويلبس في رجليه نعلين ، تحت الكعبين .
                              هذا بالنسبة لإحرام الرجل ، أما المرأة فتلبس ملابسها العادية الشرعية غير أنها يجب عليها كشف وجهها وكفيها ؛ لأن إحرامها فيهما .

                              (3) التطيب والادهان
                              يسن التطيب قبل الإحرام للرجل والمرأة ، ولا يضر بقاء لونه وريحه بشرط ألا تكون المرأة متصلة بالأجانب الذين يشمون طيبها فإنها منهية أن تتطيب للأجانب من الرجال والدليل على تطيب المرأة قول عائشة رضي الله عنها كنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنضمد جباهنا بالسك المطيب عند الإحرام ، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقي

                              وعنها قالت : كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ، ولإحلاله قبل أن يطوف بالبيت أخرجه الشافعي والجماعة والدارمي

                              دل الحديثان على استحباب التطيب عند الإحرام ، وأنه لا يضر بقاء أثره بعده . وبذلك قال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي وأحمد وداود على أن يكون الطيب في البدن لا في الثوب ، وقد قال بجواز الطيب ، ابن عباس ، وابن الزبير وسعد بن أبي وقاص ، وعائشة ، وأم حبيبة ، ومعاوية ، وأبو سعيد الخدري ، وعروة ، والقاسم ، والشعبي وابن جريج .

                              وكان عطاء يكره ذلك ، وهو قول مالك ، وروى ذلك عن عثمان وعمر وابن عمر ودليلهم ما روي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله.. كيف ترى في رجل أحرم بعمرة وهو متضمخ بطيب ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، يعني ساعة ، ثم قال : اغسل الطيب الذي بك - ثلاث مرات - وانزع عنك الجبة ، واصنع في عمرتك ما تصنع في حجتك متفق عليه

                              والجواب أن الجهة منفكة ، لأنه جاء في رواية صحيحة ما يفيد أن الطيب كان في جبته وأن الطيب كان بالزعفران ، والزعفران في الثياب منهي عنه للرجال في غير الإحرام ، ففيه يكون أولى وقالوا ، إن حديثهم كان في سنة ثمان من الهجرة وأحاديثنا كانت سنة عشر من الهجرة فهي ناسخة لما قبلها .

                              قال ابن عبد البر : لا خلاف بين جماعة أهل العلم بالسير والآثار أن قصة صاحب الجبة كانت عام حنين ، بالجعرانة سنة ثمان وحديث عائشة كان سنة عشر في حجة الوداع...

                              (هذا) وإن طيب ثوبه قبل الإحرام فلا شيء عليه ما دام مستديما لبسه ، فإذا خلعه ثم لبسه فإن عليه الفدية لأنه منهي عن إحداث لبس شيء به طيب أثناء الإحرام ، وهذا بخلاف التطيب قبل الإحرام ، ثم بقاء الطيب في الثوب المطيب ، لكن بشرط ألا يخلعه كما سبق ، وكذلك يسن أن يتطيب قبل الإحرام ، وبعد الإحرام لا يحل له التطيب ، ولا نقل الطيب من جزء من بدنه إلى جزء آخر وإلا فعليه الفدية أيضا ، وكذلك إن تعمد مسه بيده ، أو إزالته من موضعه ثم رده إليه ، فأما إن عرق الطيب ، أو ذاب في الشمس فسال إلى موضع آخر فلا شيء عليه ؛ لأنه ليس من فعله فجرى مجرى الناسي...

                              وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرجل شعره ويدهن بالدهن قبل الإحرام ، فالدهن والترجيل والتزين قبل الإحرام مستحب .

                              (4) خضاب المرأة
                              يستحب للمرأة أن تختضب قبل الإحرام ، لأن الخضاب من زينتها ، ولأنها يكره لها الخضاب بعد الإحرام ، لأن التزين مكروه للمحرم أو حرام .

                              (5) تلبيد الشعر
                              ويندب تلبيد الشعر قبل الإحرام بصمغ ونحوه إن تيسر ذلك بالنسبة لمن شعره طويل حفظا له من الشعث والانتشار ، وجمع الأوساخ داخله ، ولقول ابن عمر رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي والبيهقي قال النووي في شرح مسلم في شرح كلمة (ملبدا) : فيه استحباب تلبيد الرأس قبل الإحرام ، وقد نص عليه الشافعي وأصحابنا .

                              والتلبيد : ضم الشعر بعضه إلى بعض بمادة تمسكه حتى لا يتفرق

                              وبالتلبيد قال الشافعي وأحمد وكذا الحنفيون ومالك بشرط أن يكون يسيرا لا يؤدي إلى ستر الرأس بالمادة الملبدة ، فإن سترت المادة الملبدة ربع الرأس فأكثر فإنه حرام يلزم فيه دم إن دام حال الإحرام يوما فأكثر ، وإن دام أقل من يوم وليلة ففيه صدقة كصدقة الفطر، أما المرأة فلا تمنع من تغطية رأسها في الإحرام .

                              (6) ركعتا الإحرام
                              يستحب لمن يريد الإحرام أن يصلي ركعتين ، في غير وقت كراهة ، ينوي بهما سنة الإحرام ، ويقرأ فيهما بعد الفاتحة قل يا أيها الكافرون في الركعة الأولى ، والإخلاص في الركعة الثانية ، وتجزئ الصلاة المكتوبة..
                              هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم عند إحرامه من ذي الحليفة .

                              وهذه الصلاة مجمع على استحبابها في غير وقت الكراهة ، فإن كان في الميقات مسجد استحب أن يصليها فيه ، وإلا صلاها حيث يحرم ، والركعتان تكونان قبل الإحرام فيراعى ذلك ، كما يراعى العمل بجميع السنن قدر الاستطاعة والله أعلم .

                              ويرى الإمام أحمد : أن الإحرام عقب الصلاة يساوي الإحرام إذا استوت به راحلته كما يساوي الإحرام إذا بدأ بالسير ؛ لأن كلا ورد بأحاديث صحيحة فيتوسع في ذلك .

                              تعليق

                              يعمل...
                              X