تويت
دعــــوة من الـــرحمــن
الحمدلله رب العالمين .. الذي جعل الدنيا ممر و جعل الآخرة دار مقر .. و الصلاة و السلام على من بُعث رحمة للعالمين .. سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
أحبتي في الرحمن أحييكم بتحية الإسلام .. فالسلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
إن ما أتيتُ به اليوم لكم إنما هي دعوة من الخالق الرحمن العزيز المنان إلى عباده الضعفاء المحتاجين إليه .. دعوة بشروط بسيطة .. و جزائها ثمين .. إن جزائها الجنة .. تعالوا معي أحبتي نتدبر قول الرحمن الذي سيدور عليه حديثنا ..
في سورة آل عمران :{وسارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء و الضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} آل عمران 133-136
دعانا الله إلى المغفرة و الجنة بل طلب منا (المسارعة) في ذلك و عدم التراخي .. فلنقف قليلا .. انظر الى السماء .. حاول أن تنظر إلى الأرض .. عندما تذهب للبحر و تتأمل فيه .. ألا تشعر بأنه جد كبيـــــــر .. و هو جزء من الأرض فقط .. فما بالكم أحبتي في جنة عرضها بعرض ( السماوات و الأرض معاً ) يا سبحان الله ..
و لكن هل سألنا أنفسنا لمن هذه الجنة ؟
أجابتنا الآية ( أُعدت للمتقيـــــــن )
ربما يأتينا سؤال آخر .. من هم المتقون ؟
ذكرت لنا الآيات السابقة صور عديدة للمتقين .. تعالوا لنتأملها معاً و نرى انفسنا إن كنا ننتمي لأحد هذه الصور أم لا ..
( الأولى )
( الذين ينفقون في السراء و الضراء )
فقد طلب منا الرحمن أن نتصدق و ننفق مما لدينا من خير على المحتاجين في أكثر من موضع في القرآن الكريم .. فقد
: { فاتَّقوا الله ما استطعتُم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم ومن يُوق شُحَّ نفسه فأُولئك هُمُ المفلحون } [التغابن: 16]و قال رسولنا و حبيبنا المصطفى صلى الله عليه و سلم : « إن صدقة السِّر تطفئ غضب الرب- تبارك وتعالى- » . [صحيح الترغيب].
و كم نحن محتاجين لنيل رضى الله و الابتعاد عن كل ما يغضبه .. فلا نتردد في الصدقة ..
و الأهم أن تكون في السراء و الضراء و ليس فقط في وقت الشدة فكما قال صلى الله عليه و سلم : ( تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة )
( الثانية)
( و الكاظمين الغيظ )
فما أجمل و أرقى أن يصبح الإنسان هو من يتحكم بنفسه و يسيطر عليها و ليس هي من تلعب به .. و كان صلى الله عليه و سلم يوصي صحابته بأن لا يغضبوا
( لا تغضب ) .. و هو قدوتنا في ذلك فقد
"وإنك لعلى خلق عظيم"، وقوله " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك..".( الثالثه )
( و العافيين عن الناس )
يالها من خصلة راقية سامية لا يقدر عليها أي شخص إلا من هو واع و فاهم مسألة و الهدف من وجودنا بهذه الدنيا .. و قد حثنا الرحمن الكريم على هذا الخلق الطيب
: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199].و الأهم من ذلك أن من يعفو عن الناس يكسب عفو الله و هو الهدف الأسمى لنا فقد
: { أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}.وقد ورد عن الصديق رضي الله عنه أنه قال: "بلغنا أن الله تعالى يأمر مناديًا يوم القيامة فينادي: مَن كان له عند الله شيء فليقم، فيقوم أهل العفو، فيكافئهم الله بما كان من عفوهم عن الناس".
( الرابعة )
( المحسنيـــن )
و الإحسان له عدة جوانب و لكن ما وجدته هو انه حُصر في ثلاث أمور ورد بها القرآن ووردت بها السنة:
1. الإحسان بأن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
2. الإحسان إلى الناس، كالوالدين والأقربين واليتامى والمساكين والمسلمين وسائر الخلق أجمعين.
3. إحسان العمل وإتقانه وإصلاحه، سواء العمل العبادي أو العادي أو المعاملاتي.
و ذكر تعالى المحسنين في كتابه في عدة سور من القرآن الكريم و مدحهم منها : (لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين). (سورة الزمر، الآية: 33) هنالك يستبشرون (آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم). (سورة الذاريات، الآيات:16-19).
( الخامسة )
( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )
هذه الآية تختصر معنى التوبة و الإنابة و العودة إلى الله سبحانه و تعالى .. و الحديث عن التوبة لوحده يستحق منا موضوعا كاملاً و لن ننتهي منه .. فكرم الرحمن جزيل علينا .. و ما أجمل تلك الأحاديث التي تطمئننا و تدعونا للتوبة ففيها من البشرى و الأمان الشيء الكثير .. و لكن الأهم علينا أن نعرف الأمور التي تتحقق بها التوبة :
أولاً: الإخلاص لله تعالى :
فأقول في نفسي أنا تبت لله وحده و ليس لهدف ثاني
فليرضى عني الناس او فليسخطوا , , , أنا لم أعد أسعى لغير رضاك
و قد
:
إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين [النساء:146]
ثانياً: الإقلاع عن المعصية:
فكما قيل الابتعاد عن المعصية جهاد و المداومة عليها قمة في العناد
ثالثاً: الاعتراف بالذنب:
فمتى ما اعترف الانسان ان ما يقوم به ذنب لا يُرضي الله و لا رسوله سيفكر بالتوبة و سيقوده ذلك إلى النقطة الرابعة و هي
رابعاً: الندم على ما سلف من الذنوب والمعاصي
و قد قال صلى الله عليه و سلم : ( الندم توبة )
خامساً: العزم على عدم العودة:
و هذا الشرط يتحقق متى ما كان الانسان مخلصاً في توبته لله تعالى يبتغي رضاه وحده لا إله إلا هو .
فأنصح نفسي و إياكم أحبتي بأن لا نسوف في التوبة و أن نستبشر بالخير فقد قيل للحسن : ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود , ثم يستغفر ثم يعود , فقال : ود الشيطان لو ضفر منكم بهذه , فلا تملوا من الاستغفار .
تعالوا نتأمل معاً مدى رحمة الرحمن و كرمه علينا في الحديث التالي على الرغم من حاجتنا نحن إليه و غناه هو عنا :
فقد ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : \" لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه , وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك – أخطأ من شدة الفرح – \"
فكل هذه الصور الخمسة التي ذكرتها أعلاه . . أتعلمون ماذا قال عنها الله تعالى:
(أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين}
يا سبحان الله .. ما أكرمك .. ما أحلمك .. ما أرحمك بعبادك الضعفاء المحتاجين إليك .. فلنعمل أحبتي ما دمنا بهذه الدنيا .. فاليوم عمل بلا حساب و غداً حساب بلا عمل .. والله إنها أمور لو قسناها بعقولنا و تدبرناها لوجدناها بسيطة .. و لوجدنا جزائها كبيـــــــر الجنـــــــــة .. فلنعمل لها حتى لا ننـــــــدم ..
إنما كتبت كلماتي هذه لكم بعدما مرت على مسمعي تلك الآيات و قد كنت جالسة منشغلة بقراءة مواضيع أخرى ..و لكنني تأملتها .. و أحببت أن أناقشها معكم حتى تعم الفائدة بإذن الله .. فإن أصبت فمن الله، و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
منقـــوووول
تقـــبلوا خالـــــص احترامـــــــــــــــي
تحــــــــــــــــــ ღ دلــــــــــــــــــع ღ ـــــــــــــــــــياتي
تعليق