منذ الصغر ونحن نعيش ونسمع أن الخواطر كالزجاج لايمكن
( جبرها ) إذا انكسرت ,
وعشنا سنيناً طويلة في هذه المقولة المحنطة ,
ولم نفكر ولو مرة بمجرد إعادة التفكير بها ,
وتعاملنا معها بصورة مختلفة , فهناك من يحاول ألا يكسر الخواطر ,
وهناك من يكسرها بقوة دون رحمة , وهكذا استمرت معنا كل هذه السنين ,
ولكن هل هذه الفكرة صادقة دائماً ,
فإذا افترضنا ذلك فأين التسامح والمحبة بين خلق الله ؟
أين الصبر على الأهل والأصدقاء ؟
أين الحلم تجاه سلوك الأخرين الموجه لنا ؟
إن مثل هذه المقولات ماهي إلا تهميش لأحاسيس ومشاعر الإنسان ,
وفيها أيضاً تجاوز كبير لما يتفرد به من قدرة وحرية وإرادة ,
ولنا أن نتساءل أين هي الخواطر التي لا يمكن أن نصلح كسرها ,
نعم نتفق بحساسية البعض وشفافيتهم
ولكننا لا نستطيع أن نسلم بأن هناك خواطر زجاجيه ,
وبذلك نكون سلمنا بأننا قد نشوه هذه الخواطر ,
والدليل على ذلك أننا لو تأملنا حياتنا لوجدنا
هناك الكثير من المواقف الحياتيه التي مررنا بها
ولنقول جرحت مشاعرنا وأغضبتنا ومع ذلك
تجاوزناها بل قد نكون نسيناها تماماً ,
فهل يعني ذلك أن مشاعرنا متحجرة وصلبة ؟ .
هذه الفكرة ليست دعوة لعدم الاكتراث بمشاعر الآخرين ,
ولكنها تأكيداً على إنسانية المشاعر ووضعها بصورتها الصحيحة ,
حتى لا نرهق أنفسنا بمثل هذه الأفكار
وألا نضع قيوداً على سلوكنا وتعاملنا مع الآخرين بحجة
زجاجية المشاعر ,
لذلك دائماً تجدنا نستغرب من الإنسان الذي
( لا يزعل )
وفي الوقت نفسه نعجب ممن لا يرضى ,
فالأول قد يكون بليداً في مشاعره وأحاسيسه والثاني قد يكون قاسياً ,
وهذا لاشك خطأ كبير ,
إنها دعوة مني للعيش وفق مشاعرنا وأن نتعلم أن هذه هي سنة الحياة ,
والمرء يمر بكل تلك الأحوال فقد يكون في يوم سعيداً وفي آخر حزينا ,
وليست هذه المشكلة ,
ولكن المشكلة كيف نتوافق مع حياتنا ونكون بين الآخرين لا منفردين عنهم ,
نشعر بما يشعرون ونعاني مما يعانون
وفي الوقت نفسه نفرح بهم ومن أجلهم .
منقول
تعليق