إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عانقت اديم الردى 2013 , قصة قصيرة لكن رائعة جدا 2013، قصص جميلة 2013

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عانقت اديم الردى 2013 , قصة قصيرة لكن رائعة جدا 2013، قصص جميلة 2013

    عانقت أديم الردى












    من فرط اهتمامي بمهجتي ، والسهر على راحتها ،
    وتوفير معظم طلباتها،
    ألفت الاتكال والكسل ، وركنت إلى عيش الرفاه والدلال .
    فشبت عن طوق العوائد ، وأضحت بارعة في التسديد واقتناص الطرائد .
    لما أخذت أشعرها ببعض واجباتها ،
    ضاقت بالعيش معي . وتاقت لتقيم في فضاء طليق ،
    لا تسيجه جدران ، ولا تظله سقوف . ولا تقيد الحياة فيه ضوابط ولا قواعد .
    فتوقعت العثور على السعادة بين أحضان الانبساط .
    وعلى اليمن في مدى القدرة على قطف ثمرة الانفصال .
    والحرية كامنة في رفع الحرج ونزع الكلفة .
    تود أن تغدو وتروح بلا مراعاة ، ولا اعتبار ، ولا وقوف عند ما رسم الكبار .
    اغتنمت أول غفوة أخذتني فيها سنة إلى هدوء استرجاع الأنفاس ، استعدادا لاستئناف السعي ، فهرولت ، ونطت سابحة في فراغ مدلهم .
    تشدو ترانيم الفرحة ، ترفرف بأجنحة الفراشة المبهورة بضوء المصباح .
    تملأ الفجاج الخالية بذبذبة الصفير .ترقص في مناسبات لا متناهية .
    تتعقب أسراب الخفافيش المفزوعة ، النائمة في حضن مقلها .


    تقطع المسافات الخيالية في لمح البصر .
    تفقدتها . أجهشت بالندم . تتبعت أثرها . بعثت في أثرها شرارات مقلتي .
    إلى أن وجدتها تواسي غصنا يتيما مصلوبا ، تدلى رأسه واندلقت اطرافه ، فغطت وجه صخر سقيم ، مقيم على حافة المنحدر السحيق ، ترتجف وريقاته تجاوبا مع هبوب ريح لافح ، فبدا المصلوب كمن يبعث إشارة المودع المحتضر .
    صك سمعها غرغرة الأنين .فانتقلت وقصدت أهذاب خيوط مرجانية متلألئة ، تلحفت برداء الأشعة المتسللة عبر الشقوق ، مدت هياكلها جسورا تمر عبرها سلسلة قطرات ماء زلال منعش .
    يبدو أن مهجتي تاهت في نشوة بين نتوءات صخورالمنحدر ومنعرجاته وكهوفه .
    شروق يومها تنكر للمغيب . فأصبح نهارها سرمديا ،
    وليلها غارت نجومه فتوغل في بيدائه .


    ترى الهوة سحيقة ، وتجد الفضاء شاسعا .
    لمحت ومض لهفتي يجوب أفقها ، فتنكرت له ، ولم تأبه به ، ولا أعارته أي اهتمام .
    لا ترغب في الالتفات إلى الخلف .
    بهرتها ألوان الطيف ، فذابت وسط ركام السحب .
    ملأ صدى صوتها المكان ، مرددا :
    أتوق إلى الإبحار بعيدا ، لترميم أنامل الشعاع ، وإعادة ترتيب خيوط نسيج الهلال .
    فأجبت قائلا :
    لا مناص من رشف الألم وتجرعه ، وازدراء مغصه .
    لم تعد الأمواج بعدها رحيمة بقاربي المرتجف. .
    غرق الاسطرلاب ، تعطلت البوصلة ، عبثت الرياح بأضلع الشراع ، مزقت السنون أرديته . ووارى قصف الرعد جثث ذكرياتنا ، ولم يبق سوى الترنم بعذوبة رجع صوتها ، كهدير .
    انتابت أطرافي رعشة الملسوع بقر السموم ، تيقنت من حصول أمر جلل ، فهمست أنا في أذني :
    قررت أن ألحق بها ، لا عيش لي بدونها .
    وضعت كفي فوق صدغي ، أغمضت عيني ، أغلقت منافذ حدسي ، وأصخت للنداء بسمع صاخب .
    استلقيت بقفزة خلفية من شاهق وسط أمواج الظلام الدامس .
    ملأ الإشفاق جوانحي ، أخذت طريقي عبر سفوح المنحدر المترامي في الأفق ، الممتد على مساحة مد البصر .
    السرعة جنونية فاقت كل تقدير ، توقفت معها دوالب التفكير ، وتعطلت أدوات التوجيه والتحكم . حتى عانقت أديم الردى ، ووقعت بعنف على حافة أكمة صلدة ، فتناثرت أطرافي ، وانتشرت شظاياي في الأرجاء .
    انكشف الحجاب وعن اصطلامي ، فشاهدت في المكان أكداسا لأذرع ممزقة تنزف دما فائرا ، ولأرجل حافية مبتورة الأنامل ، وأسنان حادة شرهة متآكلة ، وبقايا آذان متسترة تسترق السمع في حذر ، وبقايا ألسن تئن بصوت خافت ، تستغيث وتلح .. ولا مجيب
يعمل...
X