إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشيــــــخ والبحـــــــر ... (( ارنست همنغواي )) ..... (10 )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشيــــــخ والبحـــــــر ... (( ارنست همنغواي )) ..... (10 )

    [IMG]C:\********s and Settings\[/IMG]


    تــــــــأليف :: ارنست همنغواي __ الشيخ والبحر


    ((كان ذلك في ربيع عام 1950. لم يكن أحد يعلم بأن همنغواي قد بدأ بكتابة قصة "الشيخ والبحر")) في المرة الثانية، هناك على ساحل بحر((كابانا) اصطاد الشيخ سمكة كبيرة من ((سمك السيف)).. ومازالت معلقة مع الطعم بالسنارة، يجرها إلى وسط البحر. كلا، لم يكن أحد يعلم. همنغواي لم يتحدث حتى مع زوجته حول مشروع كتابة هذه القصة.. مع العلم أنه كان يطلعها دائماً على مشاريعه.. فماري كانت ذات خبرة صحفية مثله. هذه المرة لزم الصمت، لكنها كانت تعلم بأنه يعمل بمشروع جديد. ما نوع المشروع هذا؟. لم يكن همنغواي قد حدد معالمه، هل سيكون قصة أم قصة قصيرة أو رواية؟

    كانت قوى همنغواي الجسدية آنذاك على أحسن ما يكون.. خفض من وزنه عشرين كيلو غراماً.. ولو أن الرشاقة لم تكن بادية عليه وما بدت يوماً إلا أن المرء يشعر بأنه يملك جسداً رياضيا مدرباً ذا عضلات بارزة. رأسه الفريد لم يكن منسجماً مع الشعر الأبيض واللحية الكثيفة. كان يضجر من الحلاقة نظراً لجلدته الحساسة. أما إذا وضع نظارتيه.. فما كان يبدو بهيئته هذه كملاكم قديم أبداً.. بل كان أشبه بالحكيم. فقط عندما يضحك ينسى المرء كل شيء.. وتعود هيئته على طبيعتها.. شابة وحيوية.

    وقتذاك كان عنده كالمعتاد ضيفان أو ثلاثة في ((المزرعة)) هكذا كان همنغواي يسمي منزله الأبيض الكبير. كان معظم الوقت مختفياً في غرفة عمله، لا يظهر إلا وقت العشاء.

    في إحدى الليالي نهض من مائدة الطعام بشكل مفاجيء وأحضر المسودات وشرع بالقراءة بصوت عال.. كانت الصفحتان أو الثلاث التي قرأها. عبارة عن حوار بين صياد عجوز وصبي.. وفجأة سأل مقاطعاً نفسه: ((أهذا صحيح؟ أيتحدث الناس هكذا؟)) أراد الآخرون أن يستفسروا عما كان يتحدث، لكن ماري أومأت لهم بطرف عينيها.

    في هذا المجال لا يسمح لأحد أن يسأل همنغواي.

    وفي اليوم التالي.. كان ممتنعاً عن الكلام.. وفي اليوم الذي بعده كذلك. حتى أنه لم يأت لتناول الطعام.. وطلب من ((رينيه)) أن يضع اليافطة أمام البيت - والتي كانت توضح مراراً- تحمل العبارة التالية: ((يمنع الدخول دون موعد)).

    أما الضيفان اللذان كانا مقيمين عنده ((رجل من هوليوود وضابط من واشنطن)) فقد وجه لهما الاعتذار قائلاً: ((عليكما أن تعذراني، فانا لا أملك وقتاً بعد اليوم.. الوقت عامة لا أملك منه إلا القليل)).

    فهم الضيفان مغزى الكلام.. فانصرفا.

    قبل هذه الحادثة بأسبوعين.. كانت ((المزرعة)) تعج بالضيوف.. بيته ذو الغرف الكبيرة والذي يحمل الاسم الجميل ((فينكا فيجيا)) الواقع بالقرب من ((هافانا)) والذي يبعد عن ((سان فرانسيسكودي باولا)) بمئتي متر أو أكثر.. يغري بمجئ الكثير من الأصدقاء. ناشرون وممثلون ورسامون وضباط وطيارون ومصارعو ثيران من مكسيكو وأسبانيا، وملاكمون. لم تعرف ماري يوماً كم من الطعام عليها أن تعد أوكم من هؤلاء الضيوف ينوي البقاء.

    كان بيتاً كبيراً هذا الذي يملكه همنغواي. مبني على الطراز الأسباني، يقع وسط حديقة تبلغ مساحتها ثمانية هكتارات مزروعة بكل أناع الفاكهة والخضروات.. يتوسطه ملعب للتنس وحمام للسباحة.. وكان لديه أبقار وكلاب وقطط، همنغواي لا يمل من جمع القطط.. غالباً ما كان يعود من نزهاته حاملاً معه قطة صغيرة.. أما أن يكون قد خلصها من الغرق أو من صاحبها القاسي أو وجدها على قارعة الطريق.

    الذين يديرون البيت كانوا: طباخاً صينياً، خادمين، بستانيين، سائقاً ومصلحاً ميكانيكياً لليخت. الطابق الأسفل من بيته كان مخصصاً للضيوف فقط، مزيناً بالحيوانات الأفريقية المحنطة، الطابق الأول كان يضم غرف النوم والمكتبة التي تحتوي على عشرة آلاف كتاب.

    - ((اشتريتها جميعاً)) وضح همنغواي ذلك ذات مرة بفخر.

    وبالمناسبة، لم يكن همنغواي يستعمل المكتبة لعمله.. بل كان يعمل في ((البرج الأبيض)) المطل على البحر والعاصمة ((هافانا)). كان دخوله ممنوعاً حتى على الخدم. أما بالنسبة للضيوف فكان محرّماً وما عداه كان كل شيء مسموحاً به.

    كان همنغواي يذهب معهم للسباحة والرحلات البحرية ولزيارة العامة ((هافانا)). كان دائماً تحت تصرفهم يشرب معهم الويسكي ويأكل شرائح اللحم النيء، ويزور الملاهي ويشاهد فرقها الكوبية ويسمع ألحان(( التانغو)).

    لم يكن دائماً معتاداً على هذه الحياة.

    لقد أثبت مراراً بأنه قادر على الاستغناء عن حياة الترف ففي السنوات الحرجة كان يسكن في غرفة بسيطة في حي ((مونمارتر)) بباريس، كما عاش في الاستراحات والبيوت المفروشة -حيث لا حياة مريحة متوفرة ولا وسائل صحية أخرى- وذلك عندما زار أميركا (نيويورك- شيكاغو) وأسبانيا وإنكلترا وسويسرا وألمانيا وأفريقيا والصين.

    لقد تجول كثيراً.. ولكن وبمعنى آخر أكثر وضوحاً ربما بقى دائماً في وطنه كان في وسط غرب الولايات المتحدة.. في شيكاغو حيث ولد في بيت بشمال ((ميشيغان)). حصل الصبي ذو العشرة أعوام على بندقية من أبيه الذي كان يصحبه دائماً في رحلات الصيد. كانت الأم مغنية وتمنت أن يصبح ابنها موسيقياً. كانت تأمل أن يتعلم العزف على (( التشيلو))، ولكن هذا لم يحصل، لأنه لم يكن مولعاً بالموسيقى.

    أبان الحرب العالمية.. أراد التطوع، ولكن ولعلة ما في عينيه، لم يقبل. إلا أن الصليب الأحمر وافق أخيراً على تطوعه..وأرسل على الجبهة الإيطالية. أصبح سائقاً للإسعاف.. يحمل الجرحى من خط النار.. إلى أن أصيب يوماً أصابه خطيرة (237 شطية دخلت في ساقيه)..وعندما ترك المستشفى كان يسير على عكازين من الحديد.

    الوطن: كان يعني المغامرة، المغامرة بإعداد جموع المقاتلين الغفيرة وبينهم الصحفي.. ولكن الذي يحمل تعاطفه ومشاركته في داخله. كتاباته كانت حول انتهاء الحرب العالمية وأحداث اليونان والصين.

    الوطن: كان اليأس، من أن هذه الحرب سوف لن تكون الأخيرة. فالزحف الفاشي على أوروبا كان ينذر بحرب جديدة. ومن يومها عرف همنغواي، مع أي جبهة سيقف ((وقفت ضد الفاشية بعدما عرفت ما تعنيه الفاشية)).

    في الحرب الأسبانية كان يناضل بجانب الجمهوريين. واستطاع أن يجمع أدوات طبية تبلغ قيمتها

    (4 آلاف دولار).. أبان الحرب العالمية الثانية.. ولم تكن الحرب الأسبانية سوى ((بروفة)) أو مقدمة لذلك. سافر بعدها إلى انجلترا وانضم إلي سلاح الجو الملكي. كما عمل كمراسل حربي في الجيش الأميركي الثالث الذي يترأسه الجنرال المزين بالأوسمة ((باتون)).

    نعم، فالوطن كان أيضاً شيئاً مختلفاً.. الطبيعة بتشكيلاتها غير المحدودة. جبال وغابات ميشغان.. ساحل ((كي وست)) بفلوريدا حيث الأسماك الكبيرة. الوطن، كان يعني أيضاً مصارعة الثيران في أسبانيا.. التي كان يعشقها وغالباً ما كتب حولها. الوطن، كان يضم الملاكمين في شيكاغو ونيويورك_ كانوا يتضاربون فيما بينهم كي لا يموتوا جوعاً-، الوطن، كان الحياة بأشكالها وألوانها اللانهائية ((الحية الحقة تتكون من السهول والليالي، من البحر والناس، من النساء والكلاب والسيارات)). الفكرة الأساسية لرواية ((الشيخ والبحر)) لم تكن جديدة. إنها مؤلفة منذ عام 1936 كقصة قصيرة. كان قد نشرها في مجلة((اسكواير)) التي أبرزت الشاب الموهوب ((أرنولد غينغريش)) من شيكاغو. آنذاك ظهرت كمقطع ضمن مقالة بعنوان ((على المياه الزرقاء)). رئيس تحري مجلة ((اسكواير)) صرح يومها: ((إنها فكرة تصلح لان تكون قصة قصيرة في عشر صفحات أو اثنتي عشرة صفحة)). ولم يذكر همنغواي يومها شيئاً حول هذا الموضوع.. حتى للناشر ((تشارلز سكربينر)) الذي كان يتابع كتابات همنغواي بانتظام.وكان سكربينر يحث همنغواي على النشاط والسرعة في الإنجاز، لأنه كان يؤمن بأن عدم نشر أي كتاب لسنوات عديدة يتيح الفرصة لنسيان الكاتب من قبل القراء.

    أجابه همنغواي منبهاً لمهنته القيمة- الملاكمة. ((حصلت على البطولة في العشرينات. وفي الثلاثينات والأربعينات دافعت عنها... في الخمسينات بودي أن أدخل الحلبة وأضرب الجميع حتى الإعياء)). كان يقصد بأنه مازال قادراً على إصدار أفضل الكتب وأكثرها نجاحاً من كل مؤلفات جيله. همنغواي لم يكن من النوع الذي يؤمن بأن الكتابة موهبة يمتلكها الإنسان أو لا يمتلكها. أو أنها مسألة تتخللها الحماسة والمزاجية. الكتابة بالنسبة لهمنغواي كانت حرفة بإمكان الإنسان تعلمها.. وإتقانها بعد تعلمها جيداً. لقد فهم مبكرا ((أن القصة البسيطة، مجرد قصها، يعتبر من اًصعب الأشياء الموجودة في العالم)).

    كان لديه أفضل معلمة مختصة.. التقى بها في ((تورنتو ستار)) حينما عين بعد الحرب العالمية مراسلاً للصحيفة في باريس.. إنها ((غيرترود شتاين)) الشاعرة الاميركية التي رفضت العودة إلى موطنها، والتي لعبت دوراً مهماً بالنسبة للشبيبة الأميركية آنذاك.. كانت تعتبر أفضل ممثل عن (( الجيل الضائع)) كما كان يدعى الشباب الاميركي، معتقداً بعدم قدرته على تجاوز تجربة الحرب المريرة. كانت تزوره في ((مونتمارتر)) تقرأ ما يكتبه وتصرح بأن كتابات ((روديارد كبلنغ)) أفضل من كتاباته بكثير.

    حتى أول صفحات ((الشيخ والبحر)) لم تعرها ذلك الاهتمام. قالت ((إنك صحفي جيد.. إنك تصف، وهذا عمل الصحفي، ولكنك لا تصف بصورة جيدة.. وأما الكاتب فان عليه أن لا يصف أبداً)).

    قلت: ((ماذا على الكاتب أن يعمل؟))

    قالت: ((يدع الناس يعيشون، يحيون حياتهم، لا يقول شيئاً عنهم، بل يدعهم هم وحدهم يتكلمون)).التأثير الباريسي الآخر كان ((عزرا باوند)) رجل كبير وثقيل ذو لحية حمراء.. شاعر عبقري. ترك الولايات المتحدة منذ صباه. كان عندما يتلاكم مع باوند يقول باستخفاف ((لا يعرف الملاكمة، حركته غير رشيقة كسرطان البحر.. ولا يعرف كيف يصد الضربات)).

    ((عزرا باوند)) تبرع بمراجعة نصوص همنغواي.. القلم الأحمر كان يخط دون شفقة. باوند كان يشطب الأفعال.. قال للصحفي الشاب ((تملك أسلوباً جميلاً.. لكن عليك بذل جهد مضاعف كي يصبح أسلوبك أكثر رشاقة، اترك كل الألفاظ المدوية وحاول قدر ما تستطيع أن تصف الأشياء ببساطة أشد)).

    ببساطة أشد، كما لو كان ذلك سهلاً!

    لم يكن يسمح لهمنغواي بكتابة كل ما يعرفه. فعليه أن يكتب ما يراه وعليه التركيز بدقة.. حتى يرى. همنغواي رأى الناس وسمعهم يتحدثون. بدأ يعرفهم من حركة اليد ووميض العين حتى القراء كان عليه معرفتهم من خلال أحاديثهم وحركاتهم ونظراتهم.. وليس من خلال وصف الكاتب لداخلهم وليس من خلال اعتماد الكاتب على النظرات والحركات وما تود قوله.. بل يجب أن يبرزوا من خلال ذواتهم. الحقيقة يجب أن تبرز من خلال ذاتها.

    همنغواي قرأ باللغة الفرنسية.. مع أنه كان لا يتقنها.. كان يقرأ الأخبار الرياضية ((فالأخبار الرياضية مركزة وواضحة.. تصور ما حدث وليس ما أحس وأفكر فيه)). كما كان يقرأ المواضيع القضائية للسبب ذاته. قرأ كذلك لـ دوماس ودوديه وستندال ((عندما قرأت لستندال..عرفت بأني أردت الكتابة على منواله)).

    همنغواي كان يكتب بنشاط.. معتقداً بأنه يسجل تقدماً لولا مجيء الضربة الثقيلة في عيد الميلاد لعام 1922 عندما حضر مؤتمر الصلح بين تركيا واليونان في ((لوزان)) كمراسل صحفي. وقتها جاءت زوجته تخبره بان (( الحقيبة قد فقدت)). الحقيبة كانت تحتوي على كل المسودات والنصوص. كانت زوجته قد وضعتها في محطة القطار.. وبلمح البصر سرقت منها. ما استطاع العثور عليها. بالرغم من الجهود التي بذلت. وبعدها بأيام كان مهاناً بشكل يتعذر الحديث معه. كان يحتسي الشراب دون جدوى. وبأحلام السكر كانت ((غيرترود شتاين)) تتراءى له بقولها: ((عليك البدء من جديد)).

    وبدأ فعلاً من جديد.

    كتبه الأولى لم تلق نجاحاً.. أصدر كتاباً صغيراً يضم أيضاً ثلاث قصص قصيرة وعشر قصائد لم يبع منه سوى 200 نسخة كان ذلك في صيف 1923م. في آذار عام 1924م صدر كتابه الثاني بقصص قصيرة أيضا. لم يبع منه سوى ((170)) نسخة فقط. وبالرغم من ذلك بدأت الأوساط الأدبية في فرنسا بالتحدث عنه، متوقعة له مستقبلاً لامعاً. هذا ما كان يعتقده الخمسون أديبا في مقهى ((كافيه دي دوم)). وكانوا محقّين في ذلك.

    في عام 1926م كانت روايته الأولى ((الشمس تشرق أيضاً)) قد أحدثت ضجة كبيرة. الكتاب يتحدث عن جيل ما بعد الحرب – جيل فقد قابليته للحياة. مشاكلهم ومشاعرهم باتت تشكل هموماً كبيرة. عالم جديد فتح للقراء. وأسلوب جديد أذهلهم. في الولايات المتحدة وحدها بيعت أكثر من ((26 ألف)) نسخة وهو رقم كبير بالنسبة لكاتب ناشئ. صدر الكتاب في انجلترا وفرنسا وألمانيا أيضاً.

    كان آنذاك يؤمن بانتصار المرء على النجاح.

    قال ذات مرة لصديقه ف. سكوت فيتزجرالد ((ليت باستطاعة المرء أن ينهي الرواية بشكل سريع وعاجل ليتسنى له اللحاق بكل ما يكتبه)). وبعد مرور زمن طويل، تتدفق البسمة على شفتيه كلما تذكر كلمته هذه: ((لم أكن أعرف وقتها كيفية كتابة الرواية، كنت أكتب باستعجال واستنفد قواي بشكل كبير.. لذا كانت كتاباتي الأولى رديئة جداً.. وكان علىّ أن أعيد الصياغة.. لكني تعلمت الكتابة)).

    في ذلك الوقت كان يقرأ لـتولستوي كثيراً.. ((إنه لقادر على الخلق أكثر وأفضل من أي إنسان آخر.. منه تعلمت كيف أشكك بتفكيري، وأكتب بشكل حقيقي وموضوعي.. اًصعب شيء هو كتابة النثر الواقعي حول البشر. يجب إنقاذ الموضوع وكيفية كتابته.. ولإتقان الاثنين معاً يحتاج المرء إلي حياة بأكملها)).

    لقد أدرك، بأنه ليس قادراً على أن يكون صحفياً وكاتباً في آن واحد.

    رفض كل العروض الصحفية التي كان بوسعها أن تجعله يعيش لسنين طويلة دون هموم، عاد إلي غرفته في ((مونتمارتر)) حيث كان غذاؤه الوحيد البطاطا المقلية وأحياناً كان يعاني الجوع، أراد أن يتفرغ لعمله المستقبلي.

    ((سأكتب كل ما أحسه وأره بأفضل وأبسط أسلوب.. إن كان ذلك في الإمكان)) وأتضح له مع مرور الأيام بأن عملية الكتابة كالرسم تماماً. حذف، ودقة متناهية، بساطة، تجنب البيانية واخلاص في العمل)).

    ((إذا كتب المرء بوضوح وأراد أن يعبر عن مسألة واضحة، فبإمكان أي إنسان مثلاً، التعرف على الغش وعملية الغش وعملية الخداع.. وسيكون ذلك أشبه بكسر شروط القواعد. أما إذا كتب بتعقيد.. فسيطول اكتشاف القارئ لغش الكاتب والكتاب الآخرين الذين يستخدمون النهج ذاته.. يثنون على الكاتب ويتخذونه كستار لهم.. خوفاً من اكتشافهم أمام القراء)).

    سيستغرق وقتاً.. إلى أن يتخلص من كل ما هو فائض وغير ضروري، إلى أن تتكلم نماذجه كما يتكلم الناس في الواقع، إلى أن يخلق أسلوب همنغواي – أسلوب دون زينة ودون كلمات ((الألف دولار)) كما يسمي همنغواي تلك الكلمات الكبيرة التي يستخدمها المثقفون والمتعلمون.. ويسعون مع مرور الزمن إلى استبدالها بكلمات بسيطة وشعبية.

    أنه يتجنب كل ما يتعلق بتذكير القارئ حول وجود المؤلف. ولهذا الشأن يتجنب أيضا كل رواية يقظة ومباشرة وكل إشراك وتعريف بأعماق الناس إذا كان يتجاوز هؤلاء الذين يكونون الفكرة والذين عليهم تكوينها.. أي الكاتب والقارئ سواء.

    إنه يتجنب كل الكلمات المزينة، وكل تجربة للتلوين من خلالها.. كاستعمال أربع أو خمس كلمات مختلفة لنفس الوضعية أو الشيء.. لأن أربع أو خمس كلمات قد وجدت لذلك.

    فمثلاً إذا دار حوار ما في إحدي روايات همنغواي- فإنه يركز بوعي على كلمة ((يقول)) وليس على ((يحكي، يصرخ، يتحدث، يصرح)) إطلاقاً.

    هي تقول، هو يقول.. هذا كل ما لدي همنغواي.

    كان يعمل بقسوة، تنسي المرء بأنه ينتج رواية. هكذا أنتجت أكبر الأعمال في عصرنا. كتابه ((في بلاد أخرى)) يصور قصة حب يائسة ما بعد الحرب العالمية في ايطاليا..لأناس فقدوا كل شيء عدا الحب. وحتى الحب ينتهي عند وفاة المرأة أثناء الولادة.

    وبعد مرور وقت يصدر كتاب ((لمن تقرع الأجراس))، قصة حب أكثر وعياً وقسوة وتدور أحداثها أبان الحرب الأهلية الأسبانية.. قصة رجل يعرف أن هناك ما هو أهم من الحب.. الحرية. يصبح الموت لا شيء، إذا تعلق الأمر بإنقاذ الحرية في هذا العالم.

    وها هي قصة ((الشيخ والبحر)) قصة صياد عجوز.. يضيع صيده، بعد كفاح دام أياماً. قصة بنهاية مأساوية، كباقي قصص همنغواي.

    ((كان رجلاً عجوزاً، يصطاد على مركبه وحيداً، أربعة وثمانون يوماً على التوالي كان يخرج للبحر دون أن يوفق بسمكة واحدة في الأربعين يوماً الأولى كان يساعده صبي. وبعد أربعين يوماً من غير صيد، قال أهل الصبي بأن الشيخ العجوز محاط بسوء الحظ إلى يكون أسوا شكل للنعاسة. على أثرها ترك الصبي الشيخ إلى مركب آخر، اصطاد ثلاث سمكات في الأسبوع الأول. الحزن كان يحز في نفس الصبي يومياً كلما رأى الشيخ عائداً بمركبه الفارغ))

    نوم همنغواي كان خفيفاً. فعند خيوط الشمس الأولي يستيقظ في الساعة السادسة صباحاً، يجلس وراء منضدته ويشرع بالعمل.

    في السابق عندما كان صحفيا كان يستخدم الآلة الكاتبة.. أما الآن فهو يستعمل الأقلام الرصاص.. ((قلم الرصاص له إيجابياته)).

    بوضوح كلي يري همنغواي الصياد سانتياغو.. ضعيفاً وهزيلاً. تجاعيد عميقة في الرقبة.. عظام الورك بارزة وتتخللها بقع بنية اللون.. جلدية سرطانية – وجيعة بفعل انعكاس الشمس في البحر. يداه مليئتان بآثار الحبال التي كانت تسحب السمك.كل شيء فيه قديم ومستهلك.. إلا العيون الملونة بزرقة البحر. همنغواي يرى كل هذا ولكنه يعلن عنه بفوال كبيرة وكلمات قليلة.. يعبر عنها بشكل طفيف تقريباً، فالوصف الطويل ليس من صفات عمله.

    تمر الساعات المعذبة والأسابيع والشهور.. وهمنغواي يتساءل (أيراه المرء، أيسمعه المرء، أبمقدوري أحياءه للغير)؟

    دون كلمات كبيرة، دون فصول طويلة، دون استنتاجات، دون تنبيه القارئ على أن ما سيأتي سيكون مهماً.

    لماذا لا يسمح للصبي أن يصطاد مع الشيخ وسط البحر ولماذا الشيخ وحده يعاني من الوحدة، هذا مالا يستطيع همنغواي الإفصاح عنه.. على القارئ أن يتحسس ذلك.

    من قبل صورة المرأة التي خسرها منذ زمن معلقة على الحائط الآن، وضع الصورة بين طيات ملابسه..لان منظرها يجعل الوحدة لا تطاق.

    سطران أو ثلاثة.. يستشف القارئ من خلالها مقياس الوحدة، أو كبرياء الفقراء الذين يدعون للأكل بالرغم من عدم توفره لأنفسهم.. يكون واضحاً عند موقف الشيخ الذي يدعو الصبي ((مانولين)) للأكل مدركاً بأن معدته لم تدخلها وجبة كاملة طيلة أيام:

    أذن فقد كتب خلال هذا الأسبوع ((2828 كلمة)). غداً عطلته، يذهب بها للصيد. ويوم الاثنين؟ ليس مؤكد كم من الـ((2828 كلمة)) إنه لا يريد التفكير بذلك. فهذا يسلبه الشجاعة. والرواية يجب أن تستمر الشيخ يذهب للصيد وسط البحر.. ليصطاد الأسماك، هذه مهنته. وليس أكثر من ذلك بديهية. وعلى القراء أن تعلموا ذلك أيضا. همنغواي نفسه لا يسمح بذكر ذلك. ليس عليه التوضيح. الكاتب لا يتخذ موقف المعلم، ولا يفرض وجوده لكن الناس، القراء، الذين يكتب لهم يجب أن يتحسسوا وجود الخطر هذا الشيخ يملك عدواً واحداً.. العدو هو البحر الذي يتموج بعدة ألوان، البحر اللانهائي، البحر العديم القاع.

    البحر والشمس والوقت الذي يمضي دون اصطياد السمك الذي يسبح تحت المركب، الوقت الذي يجعل الشيخ يعاني الجوع والعطش لقد حظي بسمكة.. لكنه لا يعلم ما مدى قوته وتحمله وما مدى تحمل المركب.. إنه يعلم فقط أن عليه ألا يترك السمكة تفلت من يديه ويجب استخدام كل تجاربه السابقة لمد الحبل بالمقدار الكافي.. السمكة قوية، هذا ما يعرف، السمكة تحمل قوة هائلة لو شد الحبل.. لفقدها بسهولة.

    رأى الشيخ السمكة أخيراً. كان يعلم بوجودها. مخلوقين في هذا العالم بأسره وجوده هو ووجود هذه السمكة تسبح في مكان ما تحت البحر. السمكة التي أرادها والتي سيمتلكها، ليس لتأمين طعامه لمدة شهور، وإنما لإثبات جدارته كصياد ماهر.. وليس كما يدعي الصبي(مانولين) بأنه صياد جيد..

    الآن بمقدوره رؤية السمكة(( المياه تنحسر عنها، أنها تلمح تحت الشمس رأسها وظهرها كان يتسمان باللون الأحمر القاتم، والجوانب كانت ألوانها (بركانية)، أما ذنبها فكان كبيراً كمضرب كرة بيسبول. ها هي تدفع بنفسها من الماء إلى أعلى بقوة وتغطس ثانية، إنها رشيقة كرجال الضفادع، يكشف سانتياغو بأن السمكة أكبر م مركبه بقدمين((سأقضي عليك قبل انقضاء النهار)) كان الشيخ قد وعدها ولكنه لم يستطع أن يفي بالوعد. والسمكة أخذت تجر وتجر المركب إلي وسط البحر.. تجر النهار بأكمله والليل بأكمله.. في اليوم التالي أخذ الشيخ يشعر بضعف السمكة بشكل ينبئ بالنهاية .. ولا بد م اقتراب النهاية فالمرء لا يقاوم دون نون، قوته بدأت تخذله، اليد اليسرى باتت متشنجة جداً، في الليل يرتجف برداً وفي النهار تمتصه الشمس.. وبدا الشك يساوره أحيانا، فيما إذا كان سينتصر هو أم السمكة.

    (( إنك تقتلينيي) يقول الشيخ (( ولكن لك الحق في ذلك)).

    كثير من وصف همنغواي مصارعة الثيران وكان النقاد والقراء مثقفين بأن لا احد يجيد إحياء تراجيديا مصارعة الثيران كهمنغواي. كم يلاقي مصارع الثيران من السخرية والاستهزاء، وكم مرة يعاني من الفشل لعدم تغلبه على الثور. وبالرغم من ذلك يدخل ساعة المصارعة مجدداً ليستعيد شجاعته. همنغواي لا ينسى تراجيديا الثور.. مهما كان يتحلى بالشجاعة والقوة.. يدفع الثمن في النهاية بحياته.

    لذ فإن تراجيديا الشيخ هي تراجيديا ((السمكة)) التي تدفع الثمن أخيراً. الشيخ يعرف بأن السمكة عدوه الكبير.. لكنها تتحول بطريقة غريبة إلى صديق يستجدي الشفقة ((إنها أختي)) يقول الشيخ محدثاً نفسه، ويكمل بعد ذلك مباشرة ((سألاحقك إلى أن تهلكي، سأقتلك إنه شيء غير عادل، ولكني سأريك ما بوسع المرء فعله، وما بوسع المرء إنجازه))

    إنه يحاول مراراً أن يضع نفسه مكان السمكة، يحاول معرفة ما يدور برأسها وكأنه يلعب ((البوكر)).

    هذا هو السبب الذي يجعل همنغواي يهتم بالشيخ، بل ويرى هناك تشابهاً متطابقاً بينهما. منذ سنوات عندما كان همنغواي عائداً من أفريقيا كتب يقول: ((عندما يكبر المرء وسط البحر وحيداً، يعرف بأن المياه منذ خلق البشرية وهي على هذا النحو تجرى، وأن الأشياء التي يتعلمها المرء حوله تكو قيمة ودائمة، لأن المياه كانت دائماً تجرى وعبر كل أزمان الهنود والأسبان والإنجليز والأمريكان والكوبيين وعبر كل أشكال الأنظمة وعبر الغنى والفقر وكل الضحايا والبؤس.. ومازال البحر يتحلى بزرقته دون تغيير دائماً وأبداً)).

    إذا كان المرء وحيداً..

    ألم يكن هو دائماً وحيداً؟ في طفولته كان يهرب من البيت مراراً.. لقد كان وحيداً. وأعتقد بأنه سينزع وحدته في مكان ما. لم يكن يكتب آنذاك. ربما استطاع الكتابة والتعبير عما في داخله من شعوره بالوحدة، لكن حتى الكتابة لم تساعده. المرء يظل وحيداً كالشيخ وسط البحر((نظر للبحر .. وعرف، كم وحيد)).

    ((آه، لوكان-مانولين- موجوداً)) كان الشيخ يقول ذلك مراراً.. لو كان الصبي هنا. كان يعتقد أن وجود الصبي ضروري لانتصاره على السمكة. ((كم تمنيت أن يكون الصبي هنا)). لم يكن ذلك بسبب السمكة بل بسببه هو.

    السمكة مازالت حية، والتحدث معها مازال ممكناً.. ولكن، ما الذي سيأتي بعد ذلك؟ هل الأمر متوقف، على من سيقتل من؟ ((إنني شيخ متعب، لقد قتلت السمكة، قتلت أخي)) ويعلم فجأة بأن سيكون وحيداً أكثر من ذي قبل لكن الأمر لا يتعلق بذلك أيضا. لا يتعلق الأمر بعذابات الوحدة حتى ولا على النجاة...)) الشيخ يقول: (( المرء قد ينكسر ولكنه لا يهزم أبداً)).

    ولأن الشيخ يعلم ذلك وهمنغواي كذلك.. فلن تكون هذة الرواية سيئة.

    ((الكتابة بقلم الرصاص، لها إيجابياتها)) قال همنغواي ذلك منذ بضع سنوات. ((المرء يستطيع امتحان الانطباع ثلاث مرات.. الانطباع الذي يود توليده عند القراء.. اقرأ المسودات وأحسنها.. ثم تكتب على الآلة الكاتبة. التحسين يستمر بعدها أيضاً..ثم يأتي دور التصحيح.. بمقدوري التصحيح للمرة الثالثة. لي مجال ثلاثة في المئة مع قلم الرصاص.. أي أفضل من الآلة الكاتبة بكثير)). عندما ينهي عمله.. لا يفكر مطلقاً بما سيكتبه غداً، انه يخاف التعب قبل بدء العمل ولكن...(( في العقل الباطن يظل المرء يعمل باستمرار)).

    الشيخ كان قد قتل السمكة بالرمح، دماؤها صبغت البحر بالأحمر.. وسمك القرش بدأ يتواجد فجأة.. ويأتي الواحد تلو الآخر. إنها أنواع مختلفة من سمك القرش. كلها..لها شخصيتها، هؤلاء الممثلون بتراجيديا الحياة. جاء أول واحد منهم.. يا له من مقاتل... يقدم نفسه.. فيقتل. وجاء الثاني فالثالث.. الشيخ يستطيع مقاومتهم ((إنهم يحصلون على ضربات قاتلة))،((المعذرة: أيها السمك)) يقول الشيخ.

    ويحل الظلام. وتحت ستار الظلام تأتي أسماك القرش أفواجاً. الآن، ستكون أية مقاومة دون فائدة.

    الشيخ لا يعرف، بأن حياته تسبح بالخطر.. أنه يشعر بوحدة كبيرة.. الآن.. لأنه يرى سمكته الكبيرة وما حل بها.. السمكة الجميلة الكبيرة التي يحبها والتي لن تبدو بعد الآن جميلة. ولا يستطيع التحدث معها بعد الآن.. انه يحاول نسيانها... يحاول النسيان إنه اصطادها.

    ومع ذلك.. فالرواية لا تنتهي نهاية سيئة. ولا يجوز أن تنتهي برداءة، يظل هو المنتصر.. وبما أنه أضاع صيده وأتلفه.. فإنه لا يبكي ولا يتذمر لان الشيخ يعلم بأن ((المرء قد ينكسر ولكنه لا يهزم أبداً)). وبمعنى أحسن.. فالغد يوم جديد وبعد الغد كذالك... على المرء أن يكافح باستمرار.. حالياً سيخلد للنوم.. ليستعيد قوته.. أثناء نومه يحلم بأيام شبابه.. وبالأسد الذي رآه في افريقيا.. إنه سعيد.. على الأقل بحلمه، ربما سيكون اسعد في حياته لأن الصبي ((مانولين)) سيقبل بالخروج معه للصيد ثانية.

    همنغواي أنهى روايته.. بوضع اللمسات الأخيرة لها ((أسوأ الجمل قمت بحذفها)) انه يقوم بذلك بعد كل رواية(( وأخيراً تخلص المرء من مسؤولية الكتابة الرهيبة)) وما عاد من معنى للحياة بعد الآن.

    همنغواي يعود للصيد.. ومقاهي(هافان) ولأنغام (التانغو).. إنه يشعر وكأنه((فارغ)) وحزين لدرجة الموت.. ووجوده بات فائضاً.

    أثناء ذلك تجمع النصوص التي تبلغ مائة وأربعين صفحة. انه لا يفكر بإرسالها إلي نيويورك. أنه حالياً لا يريد معرفة أي شيء عن الروية.

    النصوص تصل بالبريد وبشكل غير ((إحتفالي)) إلي دار نشر ((سكربينر)) في آذار عام 1952م.. يتذكر العجوز سكربينر بأن همنغواي قال قبل سنين عديدة بأنه كتب بضعة سطور فقط. وأنه يود كتابة ذلك ثانية.

    ((كل ذلك من صنع الخيال لكنه يملك خلفية واقعية)) قال همنغواي آنذاك وصول النصوص آثار دهشة كبيرة. ((سكربينر)) والعاملون معه شرعوا يقرأانها بمتعة كبيرة. السكرتيرة تقرأها، حارس المصعد يقرأها همنغواي. أنها تمثل همنغواي جديداً.

    انه ليس همنغواي الملاهي الليلية والملاكمة ومصارعة الثيران والنساء الجميلات والحروب والثورات. بل همنغواي البساطة والهدوء والكلاسيكية. بعد أسبوع أي في 1-9-1952 يصدر الكتاب بطبعته الأولي. وتوزع منه ((15 ألف)) نسخة تنفذ قبل صدورها بثلاثة أيام.. بعد ذلك بأسبوع تعمل المطبعة من جديد... الكتاب الصغير يتصدر قائم أشهر وأفضل اكتب لأشهرِ عديدة.

    في أمريكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.. في كل مكان. أما همنغواي فيريد نسيان هذه الرواية، فيغادر ((هافانا)) وساحة روايته.. البحر.. للصيد في شرق أفريقيا.

    في كانون الثاني من عام 1954 يسقط بطائرة للرياضة في ((البرت سيس)).

    ويعثر عليه أحد المراكب السياحية وينقله إلي ((بويتابا)) حيث تنقله طائرة أخرى. وتشتعل النيران في الطائرة عند هبوطها. همنغواي ينجو مع زوجته في الوقت المناسب، لكنه يصاب في كليته ورأسه والعمود الفقري. ويصرخ بغموض((لم ييق لي سوى خمس سنين للعيش على أن أسرع)). في السنة ذاتها يحصل علي جائزة نوبل. ولم يستطع حضور حفل تسلم الجائزة بنفسه.. لم تكن قواه تساعده على ذلك.

    كانت خيبة أمل كبيرة في لندن وباريس وهوليود بالنسبة للذين راهنوا إذا كان سيحلق ذقنه عند تسلمه الجائزة أم لا. ويسر كثيراً لحصوله على الجائزة ((وأخيراً سأستطيع دفع ديوني)) لكن وسرعان ما يقع في التشاؤم.((إذ يشيخ المرء)) قال لأحد اًصدقائه ((والظهر مهشم والجمجمة مكسورة والكلية معصورة فذلك يعني بأن المرء ليس في أحسن حالاته... وما عدا ذلك.. أشعر باني في حالة ممتازة)). كان يرفض المقابلات ((أنا لا أريد الدعاية)).

    ربما كان السبب يعود للضجة التي أحدثتها إحدى الصحف الكوبية ((إكسلسيور)) التي ادعت بأن الصياد ((ميغيل راميرز)) والبالغ من العمر 68 عاماً هو البطل الوحيد لرواية همنغواي. لأنه قد عاش هذه القصة مع سمك القرش فعلاً.. وأن همنغواي قد ابتاعها منه. والثمن؟ ((السيد (واي) وعدني بشراء بنطلون جديد ومركب جديد حالما يصدر كتابه)) هذا ما جاء في مجلة (اكسلسيور).

    الغضب يتملك همنغواي... عندما يقرأ المجلة.. فيسافر في اليوم ذاته إلى قرية الصياد ((كوجيمار)) ويتحدث بنفسه مع الصياد العجوز. وكان قد حمل معه التسجيل .. توخياًَ للدقة.

    ((راميرز)) لا يعرف أي شيء عن كلام المجلة الكوبية0 ((أنا لم اذكر شيئاً كهذا وكل ذلك مجرد اختلاق)) صرح راميرز.

    لكن المجلة تعتمد على وصف أخاذ لقصة الرجل العجوز وكيف خدع من قبل كاتب غني. والصحف العالمية التي تركض وراء الفضائح تنشر المقال بحذافيره.

    وهاكم انظروا:

    ((إن العجوز راميرز بدا يؤمن تدريجياً بهذه القصة. ألم يكن السيد همنغواي هو الذي التقاه في (بيسترو) وتحدث معه قبل عامين أو ثلاثة؟؟))

    ((ألم يعش في كوخ كالذي وصفه في الرواية؟ نعم، ألم يوجد صبي صغير كـ (مانولين) في القرية؟ كم كان جميلاً... لو أهداه السيد (واي)- لم يكن يستطيع لفظ همنغواي- البنطلون والمركب؟)) الصحف تكتب لأسابيع عديدة.. وفي قرية ((راميرز)) سيتحدثون بهذه القصة لسنين طويلة.. هذا حسن بالنسبة للسياح.

    والعجوز يقبض جيداً لقاء سرده ((لحكايته مع همنغواي)) الذي خدعه.. وكتب من خلال إحدى مغامراته البحرية رواية عظيمة ما تزال تحتل مكاناً مرموقاً في قائمة الأدب العالمي.
    يأأرب اجعلــه يقتــربَ لا يبتـعد عنـي ... مهمـا طـال الغيــاب ياربي فـ آنـا في يـومـي احترق الـف مره لحـــين انــه اتـذكره جـالس مع غـيري .. وأرجـع أستغـر لان هـذا النصـيب انت من كتبتـه يا الهـي .. وربما انت يا ربي الكـريم .. كتبـت لي مـن هـو افضـل واجمـل واحسـن منــه .. ولكن ارجــع واستغفـــرك لانـي لا اريـــد الافضــل منــه !
    اريـده هــو من يعيـش بجـانبي .. فعشقــته من كــلي يـارب اجعلــه هو مـن يخطــي معـي دربــي ....
    االلهــم آميـــــن

  • #2
    يعطيـــــــــــــج العــــــــــــآفيه

    تعليق


    • #3
      مشكوووور ويعطيك العافيه

      تعليق


      • #4
        العفوووووووووووو
        يأأرب اجعلــه يقتــربَ لا يبتـعد عنـي ... مهمـا طـال الغيــاب ياربي فـ آنـا في يـومـي احترق الـف مره لحـــين انــه اتـذكره جـالس مع غـيري .. وأرجـع أستغـر لان هـذا النصـيب انت من كتبتـه يا الهـي .. وربما انت يا ربي الكـريم .. كتبـت لي مـن هـو افضـل واجمـل واحسـن منــه .. ولكن ارجــع واستغفـــرك لانـي لا اريـــد الافضــل منــه !
        اريـده هــو من يعيـش بجـانبي .. فعشقــته من كــلي يـارب اجعلــه هو مـن يخطــي معـي دربــي ....
        االلهــم آميـــــن

        تعليق

        يعمل...
        X