إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نصب تذكارى لمجهول

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نصب تذكارى لمجهول

    نصب تذكارى لمجهول ..
    قتله مجهول لاسباب مجهوله !..

    مدينه المانيه صغيره .. كل شىء فيها هادىء : الانس والحيوانات والاشجار . الكل يمشى او يجرى او يتوقف على قاعده من حديد . لا يهتز ولا يهتز احدا .. فالناس لا يقولون شيئا .. فالكل يعرف ما يدور فى رأس الكل .. حتى الامطار والعواصف تستاذن قبل ان تجىء .. حتى السماء تبعث بالبرق يضىء الطريق للرعد ليوقظ اهل مدينة نورمبرج الهادئه واحدا واحدا .. حتى لا ينزعج احد .. او حتى يفسد على الناس نعمة الاثاره .. ومتعة المفاجئه .. ولذة الشىء الجديد .
    ولهذا عندما جاء هذا الشاب المجهول الى هذه المدينه تعلقوا به . انه حدث قائل .. انه قنبله . انه السماء انطبقت على الارض . انه القمر عانق الشمس .. فالليل والنهار واحدا متصل ..
    ففى 28 مايو سنة 1828 تقدم شاء فى السابعه من عمره يدق باب رجل سباك . ويتقدم منه حتى يكاد يدوس عليه . ويعطيه خطابا . الخطاب موجه لقلئد سلاح الفرسان فى المنطقه . ويساله السباك وهو ينظر الى ملابسه المتنافره التى التقت على جسمه لاول مره ؛ ولابد انها ملابس "مساهمه" من اناس كثيرين : ومن انت ؟
    _انا كاسبر.
    _من هو ابوك ؟
    _ لا اعرف .
    _ من اين ؟
    _وماذا تريد ؟
    _ حصانا .. فارسا .
    االشاب كاسبر فى صحه جيده جدا لكنه لا يعرف من الله الالمانيه الا بضع كلمات اشهرها : لا اعرف .. واكثرها انتشارا على لسانه : حصان .. فارس . فهو يريد ان يكون فارسا ليركب الحصان . وهو لذلك جاء بهذه الرساله الى قائد سلاح الفرسان .
    ورأى الشاب شمعه موقده فمد اليه اصبعه فاحرقته .. فصرخ .. واندهش السباك لهذا السلوك الغريب . كأن هذا الشاب لا يعرف ان الشمعه تحرقه . او كأنه رأى الشمعه لاول مره فى حياته .
    ولم يكد الشاب يرى الخبز الاسود حتى التهمه حتى دون ان يستاذن . ثم جلس الى مقعد ساكنا ينظر الى لا شىء .. وهو لا يرى الدهشه التى غيرت ملامح مجه السباك وزوجته واولاده ..
    وذهب به السباك الى قيادة سلاح الفرسان وقدم لهم هذا الشاب الغريب .. وتعددت الاسئله . وواجهها الشاب .. باجابه موحده : لا اعرف !
    ولاحظوا عليه انه يمد وجهه الى الامام كأنه حريص على ان يشم الطريق ..
    واجء قائد سلاح الفرسان وفتح خطاب الشاب كاسبر . الخطاب يقول : " عزيزى القائد .. ابعث اليك بطفل ارجو ان تجعله احد جنود صاحب الجلاله .. الامبراطور .. وفى سلاح الفرسان بالذات . فقد كان ابوه ضابطا وانا لا اعرف اباه . فقد اتوا به الى فى يوم 7 اكتوبر سنة 1812 وانا سيده فقيره . وعندى اطفال احوج للعنايه والرعايه . ولكنى ربيته كاولادى تماما ولم اسمح له بان يخرج من البيت . حبسته هكذا امرونى وهو لا يعرف اين كان ولا من انا . لقد جئت به الى هنا ليلا . وهو لا يعرف كيف يعود . فقد سلكت به طرقا ملتويه . واذا اراد فلن يستطيع . فليس فى جيبه مليم واحد . ولا فى جيبى واذا لم تستطع ان تجعله جنديا فابعث به الى ابيه الذى توفى منذ سنوات ! ".
    ثم اخرج الشاب من جيبه خطابا آخر .. والقى به عند قدمى قاءد سلاح الفرسان . الخطاب بخط مختلف تماما واكثر ثقافه واناقه . ويقول : " هذا الشاب اسمه كاسبر هاورز . ارجو العنايه به . وارجو ان يكون فى سلاح الفرسان عندما يبلغ السابعة عشره لقد ولد هذا الشاب فى 30 ابريل 1812 . وانا سيده فقيره جدا . ولو كنت استطيع ان اصنع له شيئا لابقيته عندى ضمن اولادى . ولكن اباه ما وزوجى مات .. وما اقسى الحياه لسيده شريفه ؛وحريصه على ذلك .. ولو لم اكن اما ؛ لارحته وارحتك وقتلته . انهم هكذا اوصونى اذا داقت السبل فى وجهى ؛ فارجو الا تضيق فى وجهك فتضيق به . شكرا يا سيادة القائد . جزاك الله خيرا على طفل اصبح شابا ولا ذنب له فى شىء . ولن تكون دهشتك اكثر من دهشتى .. اذا رايت شيئا غريبا او عجيبا .. فكلانا لا يعرف اكثر مما قلت لك " .
    وكان لابد ان يقوم قائد سلاح الفرسان بتفتيش هذا الشاب .. تفتيش جيوبه وتفتيش عقله وذاكرته . طلب اليه ان يكتب اسمه على ورقه . فكتب اسمه . وحاول ان يستدرحه الى ان يقول اى شىء . وقال الشىء الوحيد الذى يعرفه : الحصان والفارس ولا اعرف !
    وقالوا : عبيط ..
    وقالوا : بل انهم منعوه من ان يتعلم لاسباب لا يعرفها احد .
    اما ملامح هذا الشاب فى محاضر البوليس او الجيش _ لم يكن هناك فرق بينهما فى ذلك الوقت _ فهو انه طويل . ممتلىء بشرته ناعمه . لونه ابيض شاحب . عيناه واسعتان زرقاوان . ولكنه اذا مشى يبدوا كما لو كان كسيحا . وهو ليس كذلك . وانما فقط كان حبيسا فى مكان ضيق . تحت الارض . ولم تكن لديه اية فرصه للمشى . وفى اسطاعة هذا الشاب ان يجلس على اى مقعد دون حركه ساعات طويله .
    وادخلوه فى غرفه لعلهم يعرفون عنه شيئا اكثر . ولم يصلوا الى شىء . ووضعوا فى الغرفه سريرا . ومقعدا . ترك السرير وجلس على المفعد حتى الصباح .. ولما اطفئوا الشموع فى غرفته لم يعترض . ولكنه اذا تحرك فى الغرفه فى الظلام ؛ لاى سبب فانه لا يصطدم بشىء . انه يرى فىالظلام كأى كلب او قط .
    انتشرت القصه بين اهل نورمبرج . فما الذى الذى لم يقله احد ؟
    ما الذى لم يتخيله احد ؟ . ان المديه قد احتشدت . علت وهبطت . اتسعت وضاقت . التقى اولها بآخرها . انفتحت نوفذها على ابوابها وخرجت الالسنه ؛ ودارت فى التاريخ القديم والجديد . وكانت تسلية النساء ان يقارن بين ملامح الشاب وبين ملامح كل غانيه او بنت ليل او نبيله او دوقه . لابد انه ابن غير شرعى لاحد من النبلاء .. انها الفرصه الوحيد لكى تصبح الفضيله هى المؤهل الوحيد لكل الذين لا صفة لهم ولا وضع ولا مركز ولا دم نبيلا . لقد جاء هذا الشاب فرفع سعر القيم الاخلاقيه ؛ وحط العرووش والتيجان . انه ابن غير شرعى . ما فى ذلك شك !
    والا _ ويتسائل الناس : لماذا يحب الخيول دون بقية الحيوانات الاخرى ؟ لابد انه رآها فى اسطبلات آبائه ..
    والا_ فكيف يفضل ان يجلس على المقعد دون السرير ؟ لابد انهم لقنوه انه سيجلس على العرش . ويجب ان يتمرن على ذلك . فاعرووش ليست مريحه .. انها من الخشب والذهب . اى من الخشب والمعادن الجافه البارده . ولكن العرووش هى وحدها التى تحمى من يجلس عليها من شر الذين يقفون امامها وحولها .
    وجاء الناس من كل المدن الالمانيه يتفرجون ويقارنون ويعودون بمزيد من القصص والخرافات والاتهامات والشائعات . والشاب بدا بحفظ مفردات اخرى وبسرعه . اذن ليس ابله ولا عبيط . انهم فقط حرموه من التعليم ..
    شىء غريب : المدينه كلها عندها ارق . اما هو فينام بعمق . كانه ولد لينام . او كأنه استولى على نوم المدينه كلها . وكان الشاب يصحو من النوم فيجد ملابسه وحذائه قد تغيرت جميعا . ولا تبدوا عليه اية دهشه . ويقولون طبعا انه نبيل ابن نبيل . لقد اعتاد على ان يجد من يوقظه ومن يطعمه ومن يكسوه دون ان يفكر فى ذلك وهل هو مثلنا يصنع كل شىء لنفسه ؟!
    حتى العلماء ذهبوا ليروا . فقد جلش اليه الفقيه الجنائى فون فويرباخ ساعات طويله . ولم يشأ ان يقول لاحد ما الذى فكر فيه . ولكن اعلن : هذا الشاب هو ابن غير شرعى لاحد النبلاء . وقد اخفاه تحت الارض لاسباب تتعلق بوراثة العرش فى احدى الامارات الالمانيه !
    وزاره بعض الاطباء . واكتشف احد الاطباء ان لديه قدره على الشم غير عاديه . ولابد ان يكون قد اكتسب هذه القدره اثناء سجنه الطويل . فهو لا يعرف الكلام . ولا يحتاج الى ان يستخدم يديه او رجليه . ولابد ان تكون قدرته على الرؤيه فى الظلام قد نمت مع قدرته على الشم . وكانوا يخفون الطعام فى اماكن مختلفه من البيت الذى نقوله اليه . وكان يذهب ويحضر الطعام فى الظلام . ولم يخطىء مره واحده !
    حاول بعض الامراء يتكلم على مسمع منه لغه اخرى . وكان الشاب يلتفت عند سيماع بعض الكلمات . وعاد الامراء وهم على يقين انه من اصل مجرى نمساوى. ولابد انهم استراحوا الى النتيجه التى وصلوا اليها : ان ابويه من الاسره المالكه !
    وفى يوم 17 اكتوبر سنة 1829 وجدوا هذا الشاب ساقطا على الارض مفمى عليه . ولما افاق قال : ان رجلا مجهولا ضربنى على راسى !
    وحاول البوليس ان يعثر على هذا الرجل فلم يجدوا احدا ..
    وقررت المدينه حماية هذا الشاب فكان يراقبه ليلا اثنان من رجال البوليس .
    وعاود المدينه هدوء جديد . وتعبت من حكاية هذا الشاب المجهول .. انها قصه ممله ليش فيها جديد . الى ان جاء رجل انجليزى من النبلاء اسمه لورد شانهوب . واعلن انه مهتم جدا بهذا الشاب . وليس وحده . وفى بريطانيا كثيرون قلقون عليه وعادت المدينه الهادئه الى اهتامها بالشاب : كيف اهتم الانجليز به ؟ ولماذا ؟ كيف يجىء نبيل انجليزى الى هذه المدينه ليسال عنه ويقيم الى جواره شهرا كاملا ؟ لابد انه طفل هام جدا ؟ وهذا يؤكده ابن ملكى .. لا شك فى ذلك .
    وفى احدى الليالى سمع عيار نارى فى غرفة الشاب . وبعد ذلك عرفوا ان يده قد اصطدمت خطأ باحدى البنادق المعلقه على الجدار لحمايته ..
    وادى هذا العيار النارى الى مضاعفة الاهتمامات والتساؤلات .
    وفى مايو سنة 1833 وفى ظروف غامضه اصيب الفقيه الجنائى فون فوير باخ بالشلل . ثم مات بعد ذلك بايام .
    ويوم 14 ديسميبر 1833 عاد هذا الشاب الى البيت والدماء تنزف من صدره لقد طعنه مجهول بسكين فى جانبه الايسر . فقد تحدث اليه . ثم اعطاه خطابا . قال له : ضعه فى جيبك الان . واقراه فى البيت ! وفى هذه اللحظه طعنه واختفى ..
    وحاول البوليس ان يعثر على هذا المجهول .. ولكن لم يفلح . وعاد الفزع يجتاح المدينه . خوفا على صحة هذا الشاب .. واخوفا على مصدر الاثاره فى حياة المدينه . وخوفا ان تفقد المدينه اهميتها فجاه . وخوفا من ان يموت " المبرر الوحيد " لان تكون الفضيله والشرف مع الفقر هى كل مؤهلات الاغلبيه الساحقه من سكان المدينه !
    وعندما فتشوا جيوب هذا الشاب وجدوا هذا الخطاب . يقول : هذا الشاب بدا يتعلم وبسرعه . وسوف يخبركم من هو . وسوف تعرفون هذه القدرات الخفيه التى يمتلكها والتى لم تظهر بعد . وحان موعد ظهورها . انه شمشون جبار ومن نوع خاص .. ولكن حتى لا تتفجر فيه هذه القدرات ؛ فقد قررنا ما تعرفونه الان " !
    ومات الشاب كاسبر هاوزر يوم 17 ديسمبر 1833 .
    اما التقرير الذى كتبه رجل الفقه الجنائى فوينفوير باخ فلم يشا ان ينشر الا بعد وفاته . ويقال انه تلقى مبلغا كبيرا من المال حتى لا ينشر هذا التقرير ولكن بعد وفاته طبع هذا التقرير . وهو يقطع بان الطفل ابن" دوقة بادن " . وانه على يقين من ذلك . وصادرته ولاية بادن ؛ وكذلك الولايات و الامارات الالمانيه والنمساويه والمجريه .. فادى ذلك الى انتشارها ..
    ويقال ان الفقيه فويرباخ قد مات مسوما .. وعاد الرجل السباك يعترف بان هذا الشاب عندما جاءه يسال عن قائد سلاح الفرسان لم يرافقه البى بيت القائد . وانه اشار اليه ان يمشى اليه وان يسال الناس عنه .. وسار السباك وراء الطفل الذى اعتمد على انفه واتجه الى بيت القائد دون ان يسال احدا من الناس . وكان البيت فى اطراف المدينه ! اما البوليس فقد اعلن انه يوم طعن هذا الشاب بسكين لم يجدوا اثار اقدام احد من الناس سواه . اما الذى طعنه فلم يجدوا له اثرا او شبيها بين كل سكان المدينه ..
    اما قائد سلاح الفرسان فقد اعترف بشىء غريب . قال انه الان يستطيع ان يقول الحقيقه . وقد خشى على الناس منه ؛ وخشى على نفسه ايضا من ان يتهموه الناس بالجنون : فقد كانت لهذا الشاب خاصه عجيبه .. كانوا يرددون على مسامعه اسماء بعض الناس وكان يصرخ عند سماع الاسماء .. ومن الغريب ان كل انسان صرخ عند سماع اسمه مات فى نفس اللحظه او بعد ذلك بقليل . فعل ذلك سبع مرات فى يومين .. بل ان قائد سلاح الفرسان يداعبه ويقول له : وما رايك فى جوستاف الصغير .
    وصرخ الشاب عند سماع هذا الاسم .. ولكن القائد ضحك قائلا : هذه المره اخطات فجوستاف هذا هو الاسم الذى اقترحه لحفيدى الذى سوف يولد بعد ايام .. وولد الحفيد ميتا فى نفس اليوم !
    وقال قائد سلاح الفرسان فى التقرير المكتوب المحفوظ فى السجلات العسكريه لمدينة نورنبرج الالمانيه : " ولا اعرف كيف قررت ان اقلب هذه الكارثه على راسه .. فقلت له : وما رايك فى كاسبر هاوزر " ..
    " والذى قررته شىء فظيع : لقد ظل الشاب يصرخ ويرفع انفه الى اعلى . ويدق صدره . وجانبه الايسر .. ومن العجيب انه فى اليوم التالى قد طعن فى قلبه وتوفى بعد ذلك بايام " .
    -----------------------------------

    ومن الصدف الغريبه اننى تلقيت من د. احمد عبد العال انه كان يقتنى الكلاب السوداء . وهو يتفائل باللون الاسود من الكلاب والقطط من الانجليز .. فقد امضى وقتا طويلا يدرس فى انجلترا .. وان احد هذه الكلاب اذا عوى عند الفجر فان شيئا مؤلما لابد ان يحدث ؛ عوى الكلب امام غرفة والده فمات بعد ذلك بيومين .. ومن تشاؤمه بعث به الى اخته فى الاسكندريه فعوى امام حجرة طفلها ومات الطفل فى اليوم الثانى .. فانزعجت منه وارسلته الى البواب الذى انزعج من عوائه وعندما اراد ان يعيده الى صاحبته قتله المصعد فى حادثه مشهوره ..
    ---------------------------------------

    واعترف احد الاطباء انه عندما كشف على جثة كاسبر هاورز لاحظ ان الجثه تضىء فى الليل .. وانه لم يصدق عينيه .. وانه اضطر الى انه يؤخر الدفن وقد سارع بتغطيها حتى لا يراها الناس وينزعجوا منها .. وربما كان هذا الشاب من سكان الكواكب الاخرى ..
    ومن يزر مدينه نورنبرج يجد فيها نصبا تذكاريا بين الاشجار الكثيفه . ويجد عليه هذه العباره اللاتينيه : مدفون هنا شخص مجهول ظهر لاسباب مجهوله ؛ وقتله مجهول لاسباب مجهوله .. !.
    ان هذا الشاب ضحيه ثمرة جريمه . او حتى لا تقع جريمه. او هو عقبه فى طريق المجد او قنبله فظيعه ..
    لقد اقمت المدينه الهادئه هذا النصب التذكارى حزنا عليه وامتنانا له لانه انعش روحهم وانقذها من بلادة الهدوء والملل ..
    ثم انا هذا النصب التذكارى ليس الا اصبعا من رخام يشير الى السماء : الى الحقيقه الكبرى المجهوله لكل الناس ......
    ---------------------------------

  • #2
    يسلمو يلغالي
    ...ماكو توقيع :P ....

    تعليق

    يعمل...
    X