بذهول أقرب إلى الإذعان استمعت إلى حكم القاضي.. تردد صوته القوي
في أرجاء القاعة ليخترق قلبي بسهام مسمومة نفذت إلى أعماقي..
قالها بلا مبالاة أدمتني:
- يفرق بينهما للمصلحة العامة..
نظرت إلى زوجي أو من كان بالأمس زوجي.. ألفيته ينظر لي بوجوم
وحزن الدنيا يسكن في عينيه.. حاول أن يتكلم.. أعجزته العبارات عن
النطق.. وصلتني رسالة عينيه المعبرتين. (لن أنساك أبدا)
رغم ضجيج القاعة.. ورغم الوجوه الصارمة من حولي.. ورغم أيدي أخوتي
وأبي التي تقيدني.. أطلقت زفرة حارة من صدري مشبعة بكلمات لم تشفع لي أيامي بالنطق بها.. (أحبك حتى الموت).. وهل الموت هو الفراق.. أم أن الفراق أقسى وأمر.. فالغائب بلا رجعة كمفارق الحياة كلاهما لا يعود مرة أخرى إلى حيز الوجود..
تعانقت نظراتنا ألمغلفة بأسى فبل أن ينتزعني أخوتي منه إلى داخل السيارة تنهد أبي قائلا:
- لا تحزني يا ابنتي فما فعلته كان لأجلك ولأجل مستقبلك..
مستقبلي؟.. اغرورقت عيناي بالدموع وكياني يهتف بألم..
وهل مستقبلي يبدأ بإنفصالي عن زوجي.. حبيبي.. توأم روحي.. وحياتي.. هل الطلاق بداية أم إنه نهاية موجعة ومستقبل مظلم وحزن أبدي.. وهل من العدل يا أبي أن ينتهي حب خمس سنوات بهذه النهاية.. وهذا الظلم..؟!
صرخ صوت المطربة عبر مذياع السيارة ليبدد وحشة أحلامي المقبلة..
(حبيتك بالصيف.. حبيتك بالشتاء.. وعيونك بالصيف.. وعيوني بالشتاء)..
قطرات الدمع تنساب على خدي بغزارة وأيامي معه تتبدى أمام ناظري
لم أكن أعرفه قبل زواجي منه.. فقط سمعت أوصافه من أبي ورأيت !
صورته مع أمي وفهمته من خلال أخوتي.. وكان الواقع أجمل من الخيال "
.. فوجدته كما تمنيت دائما أن يكون.. رجولة مميزة وحنانا دافقا وتواضعا
جما.. إنه هو فارس أحلامي.. هو من يمتطى جواده كل ليلة ليرافقني في رحلة خيالية إلى عالم الأحلام.. هو حبيبي وزوجي ورفيق دربي.. أحببته بعمق عاطفتي وأحبني بكل معنى الكلمة.. ولكن الأيام تمر، والشهور تتراكض، والسنين تعدو دون أن تظهر ثمرة الحب المتبادل.. التقت عينانا بتساؤل ودون أن ينطق بكلمة سبقته بكلماتي:
- سأذهب غدا إلى طبيبة نساء وولادة..
هتف بقلق:
- ولكن..!-
قاطعته:
- يجب أن نطمئن.. ولن نخسر شيئأ..
كانت النتيجة واحدة رغم تعدد الطبيبات.. لا شيء يعيق الحمل.. كل شيء طبيعي.. لا بد أن يفحص الزوج..
ترددت كثيراً أقبل أن أفصح له عما يدور داخلي.. بمرح قال لي:
- لا تخشي شيئا يا حبيبتي.. سأذهب إلى الطبيب بدوري..
وكانت الصاعقة.. زوجي عقيم.. ولا أمل في قدرته على الإنجاب..
صرخت في وجوه الأطباء:
- إن الأمل بيد الله وحده.. ولاحق لكم في أن تحرموه منه..
هز أحد الأطباء رأسه في أسف وهو يقول:
- ونعم بالله.. ولكن إذا حدث أي حمل فستبقى معجزة إلهية عظيمة،.
تشابكت أيدينا بيأس وأسراب الأمل تطير مهاجرة بيتنا إلى حيث لا تعود..
أجهش زوجي بالبكاء.. وقفت فزعة أحاول أن ألملم ذاتي.. دموعه كانت
الخيط الأخير الذي هوى بي إلى قاع اليأس..
قال لي بانكسار:
- أنت حرة يا فاطمة من حقك أن تطلبي الطلاق وتتزوجي برجل آخر يحقق لك حلمك بالإنجاب.. إنك..
قاطعته برقة:
- "أنا أحبك.. أنت أبني وزوجي وحبيبي.. وجودك يحقق لي أحلامي..
أشرقت دنياي بالسعادة.. ولكنها سعادة زائفة.. مجرد حائط من الورق
سرعان ما هوى أمام أول سؤال نواجهه من الآخرين:
- أين الأطفال.. متى تفكرون بالإنجاب.. العيب فيمن؟
ونعود إلى بيتنا الخالي صفر اليدين.. وحيدين إلا من حزن يمزق الضلوع..
وسؤال حائرا ينخر في عقلينا وإلى متى؟
وكيف يستمر زواجا بلا ثمار أمام نظرات الآخرين وسهامهم الجارحة؟..
بكت أمي وهي ترجوني الذهاب إلى الطبيبة وأنا أقاوم دموعي بأستماته..
بإحساس الأم فهمت كل شيء.. قالت لي بحنان (الحب لا يكفى).. رفعت رأسي إليها.. أشاحت بوجهها وهي تمسح دمعة كبيرة فرت من عينيها.. أصبح زوجي أكثر قلقا وأشد عذابا.. يعاني التمزق والضياع بين حبه لي وبين واجبه نحوي.. ألمح اضطرابه حين يرى أبناء أختي الصغار.. أحس عذابه حين تصوب العيون أنظارها إلينا بترقب وانتظار.. ألمس ضياعه
حين تكثر الهمسات من حولنا وتتحول الكلمات إلى رصاصات قاتلة وسهام مسمومة..
لم يمهلنا الناس لعذابنا ويأسنا ودموعنا.. اجتمعت الأسرة وعلى رأسهم أبى أصدروا الحكم بقتلى.. طلبوا مني الانفصال عن زوجي لأنه لا ينجب.
ولما رفضنا بقوة الحب.. وصمود المحاربين.. سحبوني إلى القاضي ليصدر
الحكم بإعدامي.. أجهشت بالبكاء.. التفت لي أبي قائلا:
- الدنيا لم تنته بعد.. هناك شاب مميز يود الزواج منك ونحن موافقون..
عشت كابوساً رهيباً في خضم الاستعداد للزواج الجديد.. كنت أشعر وكأنهم يزفوني إلى القبر لا إلى حياة جديدة أبدأها مع زوج آخر..
في ليلة زواجي أدركت هول ما أنا مقدمة عليه.. زوج آخر.. يعني ليس
زوجي.. ليس حبيبي.. كيف أستطيع أن أنظر إلى وجهه وصورة الآخر
تحتل كيانى.. كيف أستطيع أن أحبه وقلبي مسكون بحبى الأول.. كيف
أستطيع أن أخلص له والآخر يسري في دمائي كمسرى الدم..
صرخت بأمي في وجل:
- أمي أرجوك.. أتوسل إليك لا أريد هذا الزواج.. نظرت إلي باستنكار وهى
تهتف:
- كفي عن هذا الهراء.. زوجك على وشك القدوم..
أنهرت باكية والشمس تغيب عن عالمي.. ليظل لي ليل لا قمرا فيه.. وظلام دامس لا أرى فيه سوى حقيقتي البشعة.. ومن بين دموعي قررت أن لا أنساق لإرادة الأهل ولو امتلكوا جسدي.. فلن أكون أبدا أسيرة للجسد الفاني فليحرقوه إن شاءوا.. إن إرادتي هي قلبي هي عقلي هي كياني.. فلن أكون لهذا الزوج أكثر من جسد.. سأعيش معه في قالب جليدي دون إحساس..
لن أبخل عليه بشيء وسأحترمه وأطعمه.. ولكن قلبي لا.. وألف لا..
تزوجته.. الرجل الأخر.. أذهلتني رقته الواضحة.. وأخجلني أكثر احترامه
الشديد لي.. تواضعه أشعرني بالدونية.. ونبله أحسسني بالضعة والتفاهة.. توالت الأيام والشهور ولم أستطع أن أحبه.. كانت صورة زوجي الأول تتبدى داخل أضلعي لتحول بيني وبينه .. فلم يعد لي بارقة أمل في الحب وان كان أملي بالإنجاب يتضاعف.. تسألني أمي ويستفهم أبي.. ولكن الانتظار يطول والحلم ينهار والأمل يخفت
في أرجاء القاعة ليخترق قلبي بسهام مسمومة نفذت إلى أعماقي..
قالها بلا مبالاة أدمتني:
- يفرق بينهما للمصلحة العامة..
نظرت إلى زوجي أو من كان بالأمس زوجي.. ألفيته ينظر لي بوجوم
وحزن الدنيا يسكن في عينيه.. حاول أن يتكلم.. أعجزته العبارات عن
النطق.. وصلتني رسالة عينيه المعبرتين. (لن أنساك أبدا)
رغم ضجيج القاعة.. ورغم الوجوه الصارمة من حولي.. ورغم أيدي أخوتي
وأبي التي تقيدني.. أطلقت زفرة حارة من صدري مشبعة بكلمات لم تشفع لي أيامي بالنطق بها.. (أحبك حتى الموت).. وهل الموت هو الفراق.. أم أن الفراق أقسى وأمر.. فالغائب بلا رجعة كمفارق الحياة كلاهما لا يعود مرة أخرى إلى حيز الوجود..
تعانقت نظراتنا ألمغلفة بأسى فبل أن ينتزعني أخوتي منه إلى داخل السيارة تنهد أبي قائلا:
- لا تحزني يا ابنتي فما فعلته كان لأجلك ولأجل مستقبلك..
مستقبلي؟.. اغرورقت عيناي بالدموع وكياني يهتف بألم..
وهل مستقبلي يبدأ بإنفصالي عن زوجي.. حبيبي.. توأم روحي.. وحياتي.. هل الطلاق بداية أم إنه نهاية موجعة ومستقبل مظلم وحزن أبدي.. وهل من العدل يا أبي أن ينتهي حب خمس سنوات بهذه النهاية.. وهذا الظلم..؟!
صرخ صوت المطربة عبر مذياع السيارة ليبدد وحشة أحلامي المقبلة..
(حبيتك بالصيف.. حبيتك بالشتاء.. وعيونك بالصيف.. وعيوني بالشتاء)..
قطرات الدمع تنساب على خدي بغزارة وأيامي معه تتبدى أمام ناظري
لم أكن أعرفه قبل زواجي منه.. فقط سمعت أوصافه من أبي ورأيت !
صورته مع أمي وفهمته من خلال أخوتي.. وكان الواقع أجمل من الخيال "
.. فوجدته كما تمنيت دائما أن يكون.. رجولة مميزة وحنانا دافقا وتواضعا
جما.. إنه هو فارس أحلامي.. هو من يمتطى جواده كل ليلة ليرافقني في رحلة خيالية إلى عالم الأحلام.. هو حبيبي وزوجي ورفيق دربي.. أحببته بعمق عاطفتي وأحبني بكل معنى الكلمة.. ولكن الأيام تمر، والشهور تتراكض، والسنين تعدو دون أن تظهر ثمرة الحب المتبادل.. التقت عينانا بتساؤل ودون أن ينطق بكلمة سبقته بكلماتي:
- سأذهب غدا إلى طبيبة نساء وولادة..
هتف بقلق:
- ولكن..!-
قاطعته:
- يجب أن نطمئن.. ولن نخسر شيئأ..
كانت النتيجة واحدة رغم تعدد الطبيبات.. لا شيء يعيق الحمل.. كل شيء طبيعي.. لا بد أن يفحص الزوج..
ترددت كثيراً أقبل أن أفصح له عما يدور داخلي.. بمرح قال لي:
- لا تخشي شيئا يا حبيبتي.. سأذهب إلى الطبيب بدوري..
وكانت الصاعقة.. زوجي عقيم.. ولا أمل في قدرته على الإنجاب..
صرخت في وجوه الأطباء:
- إن الأمل بيد الله وحده.. ولاحق لكم في أن تحرموه منه..
هز أحد الأطباء رأسه في أسف وهو يقول:
- ونعم بالله.. ولكن إذا حدث أي حمل فستبقى معجزة إلهية عظيمة،.
تشابكت أيدينا بيأس وأسراب الأمل تطير مهاجرة بيتنا إلى حيث لا تعود..
أجهش زوجي بالبكاء.. وقفت فزعة أحاول أن ألملم ذاتي.. دموعه كانت
الخيط الأخير الذي هوى بي إلى قاع اليأس..
قال لي بانكسار:
- أنت حرة يا فاطمة من حقك أن تطلبي الطلاق وتتزوجي برجل آخر يحقق لك حلمك بالإنجاب.. إنك..
قاطعته برقة:
- "أنا أحبك.. أنت أبني وزوجي وحبيبي.. وجودك يحقق لي أحلامي..
أشرقت دنياي بالسعادة.. ولكنها سعادة زائفة.. مجرد حائط من الورق
سرعان ما هوى أمام أول سؤال نواجهه من الآخرين:
- أين الأطفال.. متى تفكرون بالإنجاب.. العيب فيمن؟
ونعود إلى بيتنا الخالي صفر اليدين.. وحيدين إلا من حزن يمزق الضلوع..
وسؤال حائرا ينخر في عقلينا وإلى متى؟
وكيف يستمر زواجا بلا ثمار أمام نظرات الآخرين وسهامهم الجارحة؟..
بكت أمي وهي ترجوني الذهاب إلى الطبيبة وأنا أقاوم دموعي بأستماته..
بإحساس الأم فهمت كل شيء.. قالت لي بحنان (الحب لا يكفى).. رفعت رأسي إليها.. أشاحت بوجهها وهي تمسح دمعة كبيرة فرت من عينيها.. أصبح زوجي أكثر قلقا وأشد عذابا.. يعاني التمزق والضياع بين حبه لي وبين واجبه نحوي.. ألمح اضطرابه حين يرى أبناء أختي الصغار.. أحس عذابه حين تصوب العيون أنظارها إلينا بترقب وانتظار.. ألمس ضياعه
حين تكثر الهمسات من حولنا وتتحول الكلمات إلى رصاصات قاتلة وسهام مسمومة..
لم يمهلنا الناس لعذابنا ويأسنا ودموعنا.. اجتمعت الأسرة وعلى رأسهم أبى أصدروا الحكم بقتلى.. طلبوا مني الانفصال عن زوجي لأنه لا ينجب.
ولما رفضنا بقوة الحب.. وصمود المحاربين.. سحبوني إلى القاضي ليصدر
الحكم بإعدامي.. أجهشت بالبكاء.. التفت لي أبي قائلا:
- الدنيا لم تنته بعد.. هناك شاب مميز يود الزواج منك ونحن موافقون..
عشت كابوساً رهيباً في خضم الاستعداد للزواج الجديد.. كنت أشعر وكأنهم يزفوني إلى القبر لا إلى حياة جديدة أبدأها مع زوج آخر..
في ليلة زواجي أدركت هول ما أنا مقدمة عليه.. زوج آخر.. يعني ليس
زوجي.. ليس حبيبي.. كيف أستطيع أن أنظر إلى وجهه وصورة الآخر
تحتل كيانى.. كيف أستطيع أن أحبه وقلبي مسكون بحبى الأول.. كيف
أستطيع أن أخلص له والآخر يسري في دمائي كمسرى الدم..
صرخت بأمي في وجل:
- أمي أرجوك.. أتوسل إليك لا أريد هذا الزواج.. نظرت إلي باستنكار وهى
تهتف:
- كفي عن هذا الهراء.. زوجك على وشك القدوم..
أنهرت باكية والشمس تغيب عن عالمي.. ليظل لي ليل لا قمرا فيه.. وظلام دامس لا أرى فيه سوى حقيقتي البشعة.. ومن بين دموعي قررت أن لا أنساق لإرادة الأهل ولو امتلكوا جسدي.. فلن أكون أبدا أسيرة للجسد الفاني فليحرقوه إن شاءوا.. إن إرادتي هي قلبي هي عقلي هي كياني.. فلن أكون لهذا الزوج أكثر من جسد.. سأعيش معه في قالب جليدي دون إحساس..
لن أبخل عليه بشيء وسأحترمه وأطعمه.. ولكن قلبي لا.. وألف لا..
تزوجته.. الرجل الأخر.. أذهلتني رقته الواضحة.. وأخجلني أكثر احترامه
الشديد لي.. تواضعه أشعرني بالدونية.. ونبله أحسسني بالضعة والتفاهة.. توالت الأيام والشهور ولم أستطع أن أحبه.. كانت صورة زوجي الأول تتبدى داخل أضلعي لتحول بيني وبينه .. فلم يعد لي بارقة أمل في الحب وان كان أملي بالإنجاب يتضاعف.. تسألني أمي ويستفهم أبي.. ولكن الانتظار يطول والحلم ينهار والأمل يخفت