المنظر الأول
الساعى : بوسته معالى الوزير . . .
مدير المكتب : الوزير السابق
الساعى : توصلها الي منزله ؟
مدير المكتب : طبعا إذهب بها الى منزله . . كما ذهبت أمس إليه بأوراقه
الخصوصي . . ألم تسلم إليه أوراقه ؟ . .
الساعى : سلمتها إلى معاليه يدا بيد . وقد ظهر على وجه التأثر الشديد . . .
وسأل عن سعادتك . . .
مدير المكتب : سأل عن سعادتى ؟ . . .
الساعى : قال : (( كنت انتظر من مدير مكتبى أن يحضر على الاقل
ليودعنى . . خصوصا وهو يعلم أنى كنت اعددت مذكرة
بترقيتة استثنائية . . لولا سقوط الوزارة الماجئ . . . ))
مدير المكتب : أكان يريد منى أن أودعه ؟ أغاب عن فظنه أننا كنا
نترقب زوال عهده البغيض بفروغ صبر ! . .
الساعى : قلت لمعاليه إن سعادتك مشغول .
مدير المكتب : طبعا مشغول . هذه الحجرة تحتاج الى تنظيف . قبل تشريف
الوزير الجديد . . اذهب وإرسل إلأى كبير الفراشين .
( الساعى يخرج . . . بينما مدير
المكتب ((أدراج )) مكتب الوزير ويخرج
منها الأوراق القدية وينظر فيها ويزقها )
الساعى : (يعود بعد لحظه ) نسيب معالى الوزير السابق . .
مدير المكتب : (ببرود) نسيبه ؟ !
الساعى : خطيب كريمة معاليه .
مدير المكتب : وما سأنى به ؟
الساعى : يريد مقابلة سعادتك . . .
مدير المكتب : (صائحا) ما شاء الله ! .. أيوجد فى رأسك ذرة من العقل ؟ !
اتظن أن وقتى نهب مباح لمن يريدون أن يصاهروا الويز السابق
ويناسبوه ويطلبوا يد أبنته ؟ !
الساعى : أفقول له إن سعادتك غير موجود . . .
مدير المكتب : قل له ما شئت .
(السعى يهم بالخروج . . . وإذا الخطيب
يدخل مندفعا قبل أن يستطيع منعه . . )
الخطيب : (لمدير المكتب)نهارك سعيد ! . .
مدير المكتب : (بخفاء ) نهارك سعيد ! . .
الخطيب : لا تؤاخذنى . . . ليس من حقى الدخول عليك بهذه الصوره . .
ولكن الموضوف فى غاية الأهميه . . تسمح لى بكلمه على انفراد . .
مدير المكتب : كلمه واحدة فقط لأنى مشغول . .
الخطيب : لن أستغرق من وقتك أكثر من دقيقة .
مدير المكتب : تفضل . . .
(يشير إلى الساعى فيخرج)
الخطيب : الموضوع دقيق . . وانى أعلم أن أمامى رجلا من رجال الوزير
السابق , المعرف عنهم شدة الاتصال به والتشيع له . .
مدير المكتب : من هذا الرجل ؟ !
الخطيب : سعادتك طبعا .
مدير المكتب : ( ينظر الى الابواب بقلق ) ادخل فى الموضوع . . ادخل فى
الموضوع ! .
الخطيب : هل الخطابات المرسلةإلى الوزير تفتحها سعادتك ؟
مدير المكتب : أى خطابات ؟
الخطيب : الخطابات الخاصة
مدير المكتب وما دخلى أنا فى خطاباته الخاصة ؟ !
الخطيب : لا تطلع عليها أذن ولا تعرف محتوياتها .
مدير المكتب : أنا ؟ !
الخطيب : هذا معقول . . ولكن بقى شىء . . هو أنك تتسلم هذه الخطابات
قبل أن تصل إلى يد الوزير ..
مدير المكتب : ما ذا تريد حضرتك أن تقول بالظبط ؟
الخطيب : هل تسلمت الخطابات الوارده باسم الوزير هذا الصباح ؟ . .
مدير المكتب : تسلمتها .
الخطيب : ( فى امل) أهى موجودة عندك الآن ؟ . .
مدير المكتب : مع الأسف . . لقد أرسلتها إلى منزله مع أحد السعاة . .
الخطيب : (فى ياس) يا للمصيبة ! . .
مدير المكتب : مصيبة ؟ !
الخطيب : مصيبتى أنا . . لقد جئت من عزبتى فى الصعيد بقطار الليل . .
ولكن كل شىء ذهب وسدى . . . القسمة ! . . اشكرك على كل
حالا . . (يتحرك للانصراف)
مدير المكتب : لم أفهم منك شيئا حتى الآن .
الخطيب : لاداعى . . ولا فائده . انه سوء حظ والسلام .
مدير المكتب : سوء حظك !
الخطيب : وسوء حظك أنت كمان .
مدير المكتب : سوء حظى أنا لماذا ؟ . .
الخطيب : لسقوط الوزارة .. وذهاب هذا الوزير النافع . المصلح . النشيط ..
الشهم . . لست معى فى هذا الرأى ؟ !
مدير المكتب : (ناظرا بخوف إلى الأبواب) طبعا . .
الخطيب : كان من خير الوزراء . . . وكان محبوبا من الجميع .. أليس
كذلك ؟
مدير المكتب : جدا ..
الخطيب : ولكنه ذهب .. ولن يعود .. وذهبت آمالنا معه إلى غير
رجعة .. إنى كما تعلم رجل مزارع .. من الأعيان والملاك ..
صاحب أطيان واسعة .. ومصالح كثيرة .. (يهمس)ألا ترى
أن اتصالى به يعرضنى لغضب الوزارة القادمة ؟ ! . .
مدير المكتب : هذا محتمل الحدوث .
الخطيب : وانا ايضا ؟ . . ما موقفك ؟
مدير المكتب : كما ترى . .
الخطيب : أرى أنه موقف لا نحسد عليه .. ألم تتنسم أخبارا عن تشكيل
الوزارة الجديدة ؟
مدير المكتب : ربما تم تأليفها اليوم .
الخطيب : لو لم تسارع إلى إرسال خطابات الوزير السابق إلى منزله هذا
الصباح , لكان لى شأن آخر ..
مدير المكتب : ما الذى يهمك من هذه الخطابات ؟
الخطيب : خطاب واحد .. لاغير ..
مدير المكتب : أفيه شىء خطير ؟
الخطيب : فيه ارتباطى بتحديد يوم الخميس القادم لقد قرانى بكريمة هذا
الوزير الساقط .. أقصد السابق !
مدير المكتب : أنت الذى حررت هذا الخطاب ؟
الخطيب : نعم .. وبعد أن وضعته فى صندوق البريد .. جاءت الصحف ..
وإذا فيها خبر سقوط الوزارة !
مدير المكتب : عندئذ قمت فى الحال الى مصر ..
الخطيب : بقطار الليل .. وجئت كما ترى فى الصباح الباكر .. عسى ان
الحق الخطاب قبل وقوعه فى يد الوزير ..
مدير المكتب : وماذا كنت تنوى أن تفعل لو أن خطابك وصل إلى يدك قبل
أن يصل إلى يد الوزير ؟
الخطيب : طبعا . . أنت سيد العارفين .. ما دامت الفأس لم تقع فى
الراس . . . ن الذى يحملنى على أن ألقى بمصالحى فى يد شخص لم
يعد فى العير ولا فى النفير ! ؟
مدير المكتب : حقا . . رجل ما عاد ينفع ولا يضر .
الخطيب : بالعكس يا سيدى البك . . بل قد يضر ولا ينفع . . فإن مجرد
الانتساب إليه الآن قد يلحق بنا أضرار ليست فى الحسبان .
(الساعى يظهر وتحت إبطه المظروف . . .)
الساعى : نبهت على كبير الفراشين بالحضور مع أعوانه لتنظيف الحجرة
لمعالى الوزير الجديد .. والآن . . هل تآمر سعادتك بذهابى
لتوصيل البوستة إلى منزل الوزير السابق ؟
الخطيب : (صائحا) بوستة الوزير السابق ؟ !
مدير المكتب : (للساعى) هات المظروف ! . . وانتظر فى الخارج حتى
أناديك 000
(الساعى يسم مظروف الخطابات
إلى مدير المكتب ويخرج . . .)
الخطيب : (فى صيحة فرح) لم يكن قد ذهب بها . . . يا لحسن الحظ !
مدير المكتب : (يفرغ المظروف وينثر ما فيه من خطابات على المكتب )أين
خطابك من بين هذه الخطابات ؟ !
الخطيب : (يفرز خطابا من بين الخطابات ) ها هو ذا خطى . . ها هو
ذا خطى ! ..
مدير المكتب : انتظر . . ماذا تريد أن تصنع به ؟
الخطيب : وأنت ؟ . . ماذا كنت تصنع به لو كنت فى مكانى ؟
مدير المكتب : تريد أن تمزقة ؟
الخطيب : لو أمكن فتح الغلاف بحرص . . فأنى أستخرج منه الورقة التى
فيها تحديد يوم القرآن 0 وأضع بدلا منها ورقة فيها فسخ للخطبة
أجعل تاريخها سابقا لتاريخ سقوط الوزارة 0 بذلك يكون تصرفنا
فى منتهى الكياسة . . ألا ترى ذلك ؟
مدير المكتب : أرنى الغلاف !
الخطيب : (يتناول الخطاب) صمغه ليس شديد الالتصاق 0
مدير المكتب : (يفحصه) حقا ..من الميسور فتحه وإعادة تصمغيه .. خذ
وافعل به ما شئت !
الخطيب : (يتناول الخطاب ثم يتناول فتاحة معدنية من فوق المكتب
يفتح بها الغلاف بحرص ) فتاحة معالى الوزير !..
مدير المكتب : أتعرف من سيكون ؟
مدير المكتب : ما من أحد يعرف بعد . . . إن كل وزير جديد هو على أى حال
خير من كل وزير سلبق !
الخطيب : (وهو يضع التفاحة) فتح الغلاف بكل احتياط , بدون أن
يمس ختم البريد . . . (يستخرج ورقة من داخل الغلاف . . )
وهذه هى الرسالة التى كانت ستوقعنا فى شر أعمالنا !
مدير المكتب : (مشيرا بيده) إليك سلة المهملات !
الخطيب : وهو يلقى بالقطع الصغير فى السلة) والآن ورقة بيضاء من
فضل سعادتك 0
مدير المكتب : (يبحث بين أوراق المكتب) خد هذه ورقة عادية ! . .
الخطيب : (وهو يتناولها مع قلم من فوق المكتب شكرا . سأضع تاريخ
أمس الأول أو الأفضل تاريخ اليوم السابق لأمس الأول . .
(يكتب) 0 . حضرة صاحب المعالى .. بعد تقديم واجب
الاحترام .. وجدت ظروف عائلية ترغمنى على إرجاء التفكير
فى الزواج فى الوقت الحاضر .. لذلك يؤسفنى أن أرجوك من
معالبكم اعتبار موضوع الخطبة كأن لم يكن .. وتفضلوا ..
إلى آخره 0 لاداعى للإطالة 0 أليس فى هذه الكلمة كل المطلوب ؟
مدير المكتب : هذه الكلمة كافية جدا 0 0 0
الخطيب : ( وهو يضع الورقة فى الغلاف) قليلا من الصمغ لنغلق الغلاف
كما كان . ( يلمح زجاجة المصغ على المكتب . فستناولها
ويغلق الغلاف)
مدير المكتب : خلصت الآن ؟
الخطيب : كالشعرة من العجين .. بفضل الله وفضلكم .. إليك الخطاب
ضعه كما كان بين ((بوستة)) معالى الوزير 000 السابق !
مدير المكتب : (يتناول منه الخطاب ويدسه بين بريد الوزير ويضغط على زر
الجرس فيدخل الساعى)خذ بوستتة الوزير السابق واذهب بها
فى الحال إلى منزله 000
الخطيب : (للساعى) بغاية السرعة من فضلك !
مدير المكتب : (للساعى) عندى العجله طبعا 00
الساعى : (وهو يتناول مظروف البريد) نعم 00 سأركب العجلة 00
وأذهب فى طرفة عين ! ( يخرج مسرعا 00 )
الخطيب : (لمدير المكتب) لسانى عاجز عن الشكر 0 وان انصراف الآن
حتى آخذ منك وعدآ أكيد بأن تشرفنى فى بلدنا لنحتفى بك ونذبح
الذائح ونقو نحوك ببعض الواجب 000
مدير المكتب : لم أفعل شيئا يستحق كل ذلك 0
الخطيب : بل فعلت من المروءة ما لا أنساه 00 ولكأن الله ألهمنى أن أرسل
خطاب على الوزارة , تباهيا أمام الفلاحين 00 كى يتيح لى رجلا
شهما مثلك ينقذنى من المأذق 00
مدير المكتب : بل قل إن الله هو الذى أراد إنقاذك وإزالة هذه الغمة عنك 0
كما أزلها عنا 000
الخطيب : حقا كانت غمة وانزاحت ..
مدير المكتب : كان عهدا بغيضا وزال بشره000
الخطيب : كان هذا الوزير والشهادة لله ثقيل الظل على قلبى 00
مدير المكتب : وماذا نقول نحن الذين عاشرناه فى العمل 00كان رجلا فى غاية
الحمق والسف والغباء 000
الخطيب : كان الله فى عونكم ! إنى لم أكن قد خالطته بعد كل المخالطة 0 ولكنى
بالفراسة أدركت أنهمثل (شرابة الخج) !
مدير المكتب : كل هذا فضلا عن ظلمه وقلة نزاهته وارتباكه واعوجاجه
فى تصريف الأمور 00
الخطيب : يا حفيظ !
مدير المكتب : لذلك كان من الضرورى أن يأتى عهد جديد 00 نرى فيه اصلاحا
لهذا الفساد !
الخطيب : البركة فى الوزير الجديد ..
مدير المكتب هذا هوأملنا .. ومضع 00
(جرس التليفون يدق 00 فيرفع مدير المكتب السماعه ويضعها على أذنه000)
مدير المكتب : ألو 00 ألو 00 أفندم 0 الوزارة الجديدة تألفا 00 مبروك 00
الخطيب : مبروك 00
مدير المكتب : (يشير اليه بالصمت ويستأنف حديث التليفون) ألو 00 ألو 00
قل لى من الوزراء الجدد 00 أسماء الوزراء 00 وزارتنا أولا 00
أخبرنى من هو وزيرنا الجديد 0 دخل الوزارة الجديدة فى نفس وزارته !
كفى كفى 0 لا داعى لسماع البقية 00 متشكر ! (يض السماعة 000)
الخطيب : هو نفسه ! ؟
مدير المكتب : وزيرنا الجديد هو نفسه الوزير السابق ! 00
الخطيب : (صائحا) يا داهيتنا الكبيرة ! الخطاب 00 الخطاب !
صه ! 00 أين الاوراق التى سأعرضها على معاليه ! 0 بنفسى 00 الآن 00
فى منزله 00 منزل معاليه ! 0
الخطيب : (يثب ناهضا) وخطابى ؟ من يرد إلى هاذ الخطاب الملعون 00
إلى منزله 00 فى طرفة عين 00 منزل معاليه !
(ستار)
الساعى : بوسته معالى الوزير . . .
مدير المكتب : الوزير السابق
الساعى : توصلها الي منزله ؟
مدير المكتب : طبعا إذهب بها الى منزله . . كما ذهبت أمس إليه بأوراقه
الخصوصي . . ألم تسلم إليه أوراقه ؟ . .
الساعى : سلمتها إلى معاليه يدا بيد . وقد ظهر على وجه التأثر الشديد . . .
وسأل عن سعادتك . . .
مدير المكتب : سأل عن سعادتى ؟ . . .
الساعى : قال : (( كنت انتظر من مدير مكتبى أن يحضر على الاقل
ليودعنى . . خصوصا وهو يعلم أنى كنت اعددت مذكرة
بترقيتة استثنائية . . لولا سقوط الوزارة الماجئ . . . ))
مدير المكتب : أكان يريد منى أن أودعه ؟ أغاب عن فظنه أننا كنا
نترقب زوال عهده البغيض بفروغ صبر ! . .
الساعى : قلت لمعاليه إن سعادتك مشغول .
مدير المكتب : طبعا مشغول . هذه الحجرة تحتاج الى تنظيف . قبل تشريف
الوزير الجديد . . اذهب وإرسل إلأى كبير الفراشين .
( الساعى يخرج . . . بينما مدير
المكتب ((أدراج )) مكتب الوزير ويخرج
منها الأوراق القدية وينظر فيها ويزقها )
الساعى : (يعود بعد لحظه ) نسيب معالى الوزير السابق . .
مدير المكتب : (ببرود) نسيبه ؟ !
الساعى : خطيب كريمة معاليه .
مدير المكتب : وما سأنى به ؟
الساعى : يريد مقابلة سعادتك . . .
مدير المكتب : (صائحا) ما شاء الله ! .. أيوجد فى رأسك ذرة من العقل ؟ !
اتظن أن وقتى نهب مباح لمن يريدون أن يصاهروا الويز السابق
ويناسبوه ويطلبوا يد أبنته ؟ !
الساعى : أفقول له إن سعادتك غير موجود . . .
مدير المكتب : قل له ما شئت .
(السعى يهم بالخروج . . . وإذا الخطيب
يدخل مندفعا قبل أن يستطيع منعه . . )
الخطيب : (لمدير المكتب)نهارك سعيد ! . .
مدير المكتب : (بخفاء ) نهارك سعيد ! . .
الخطيب : لا تؤاخذنى . . . ليس من حقى الدخول عليك بهذه الصوره . .
ولكن الموضوف فى غاية الأهميه . . تسمح لى بكلمه على انفراد . .
مدير المكتب : كلمه واحدة فقط لأنى مشغول . .
الخطيب : لن أستغرق من وقتك أكثر من دقيقة .
مدير المكتب : تفضل . . .
(يشير إلى الساعى فيخرج)
الخطيب : الموضوع دقيق . . وانى أعلم أن أمامى رجلا من رجال الوزير
السابق , المعرف عنهم شدة الاتصال به والتشيع له . .
مدير المكتب : من هذا الرجل ؟ !
الخطيب : سعادتك طبعا .
مدير المكتب : ( ينظر الى الابواب بقلق ) ادخل فى الموضوع . . ادخل فى
الموضوع ! .
الخطيب : هل الخطابات المرسلةإلى الوزير تفتحها سعادتك ؟
مدير المكتب : أى خطابات ؟
الخطيب : الخطابات الخاصة
مدير المكتب وما دخلى أنا فى خطاباته الخاصة ؟ !
الخطيب : لا تطلع عليها أذن ولا تعرف محتوياتها .
مدير المكتب : أنا ؟ !
الخطيب : هذا معقول . . ولكن بقى شىء . . هو أنك تتسلم هذه الخطابات
قبل أن تصل إلى يد الوزير ..
مدير المكتب : ما ذا تريد حضرتك أن تقول بالظبط ؟
الخطيب : هل تسلمت الخطابات الوارده باسم الوزير هذا الصباح ؟ . .
مدير المكتب : تسلمتها .
الخطيب : ( فى امل) أهى موجودة عندك الآن ؟ . .
مدير المكتب : مع الأسف . . لقد أرسلتها إلى منزله مع أحد السعاة . .
الخطيب : (فى ياس) يا للمصيبة ! . .
مدير المكتب : مصيبة ؟ !
الخطيب : مصيبتى أنا . . لقد جئت من عزبتى فى الصعيد بقطار الليل . .
ولكن كل شىء ذهب وسدى . . . القسمة ! . . اشكرك على كل
حالا . . (يتحرك للانصراف)
مدير المكتب : لم أفهم منك شيئا حتى الآن .
الخطيب : لاداعى . . ولا فائده . انه سوء حظ والسلام .
مدير المكتب : سوء حظك !
الخطيب : وسوء حظك أنت كمان .
مدير المكتب : سوء حظى أنا لماذا ؟ . .
الخطيب : لسقوط الوزارة .. وذهاب هذا الوزير النافع . المصلح . النشيط ..
الشهم . . لست معى فى هذا الرأى ؟ !
مدير المكتب : (ناظرا بخوف إلى الأبواب) طبعا . .
الخطيب : كان من خير الوزراء . . . وكان محبوبا من الجميع .. أليس
كذلك ؟
مدير المكتب : جدا ..
الخطيب : ولكنه ذهب .. ولن يعود .. وذهبت آمالنا معه إلى غير
رجعة .. إنى كما تعلم رجل مزارع .. من الأعيان والملاك ..
صاحب أطيان واسعة .. ومصالح كثيرة .. (يهمس)ألا ترى
أن اتصالى به يعرضنى لغضب الوزارة القادمة ؟ ! . .
مدير المكتب : هذا محتمل الحدوث .
الخطيب : وانا ايضا ؟ . . ما موقفك ؟
مدير المكتب : كما ترى . .
الخطيب : أرى أنه موقف لا نحسد عليه .. ألم تتنسم أخبارا عن تشكيل
الوزارة الجديدة ؟
مدير المكتب : ربما تم تأليفها اليوم .
الخطيب : لو لم تسارع إلى إرسال خطابات الوزير السابق إلى منزله هذا
الصباح , لكان لى شأن آخر ..
مدير المكتب : ما الذى يهمك من هذه الخطابات ؟
الخطيب : خطاب واحد .. لاغير ..
مدير المكتب : أفيه شىء خطير ؟
الخطيب : فيه ارتباطى بتحديد يوم الخميس القادم لقد قرانى بكريمة هذا
الوزير الساقط .. أقصد السابق !
مدير المكتب : أنت الذى حررت هذا الخطاب ؟
الخطيب : نعم .. وبعد أن وضعته فى صندوق البريد .. جاءت الصحف ..
وإذا فيها خبر سقوط الوزارة !
مدير المكتب : عندئذ قمت فى الحال الى مصر ..
الخطيب : بقطار الليل .. وجئت كما ترى فى الصباح الباكر .. عسى ان
الحق الخطاب قبل وقوعه فى يد الوزير ..
مدير المكتب : وماذا كنت تنوى أن تفعل لو أن خطابك وصل إلى يدك قبل
أن يصل إلى يد الوزير ؟
الخطيب : طبعا . . أنت سيد العارفين .. ما دامت الفأس لم تقع فى
الراس . . . ن الذى يحملنى على أن ألقى بمصالحى فى يد شخص لم
يعد فى العير ولا فى النفير ! ؟
مدير المكتب : حقا . . رجل ما عاد ينفع ولا يضر .
الخطيب : بالعكس يا سيدى البك . . بل قد يضر ولا ينفع . . فإن مجرد
الانتساب إليه الآن قد يلحق بنا أضرار ليست فى الحسبان .
(الساعى يظهر وتحت إبطه المظروف . . .)
الساعى : نبهت على كبير الفراشين بالحضور مع أعوانه لتنظيف الحجرة
لمعالى الوزير الجديد .. والآن . . هل تآمر سعادتك بذهابى
لتوصيل البوستة إلى منزل الوزير السابق ؟
الخطيب : (صائحا) بوستة الوزير السابق ؟ !
مدير المكتب : (للساعى) هات المظروف ! . . وانتظر فى الخارج حتى
أناديك 000
(الساعى يسم مظروف الخطابات
إلى مدير المكتب ويخرج . . .)
الخطيب : (فى صيحة فرح) لم يكن قد ذهب بها . . . يا لحسن الحظ !
مدير المكتب : (يفرغ المظروف وينثر ما فيه من خطابات على المكتب )أين
خطابك من بين هذه الخطابات ؟ !
الخطيب : (يفرز خطابا من بين الخطابات ) ها هو ذا خطى . . ها هو
ذا خطى ! ..
مدير المكتب : انتظر . . ماذا تريد أن تصنع به ؟
الخطيب : وأنت ؟ . . ماذا كنت تصنع به لو كنت فى مكانى ؟
مدير المكتب : تريد أن تمزقة ؟
الخطيب : لو أمكن فتح الغلاف بحرص . . فأنى أستخرج منه الورقة التى
فيها تحديد يوم القرآن 0 وأضع بدلا منها ورقة فيها فسخ للخطبة
أجعل تاريخها سابقا لتاريخ سقوط الوزارة 0 بذلك يكون تصرفنا
فى منتهى الكياسة . . ألا ترى ذلك ؟
مدير المكتب : أرنى الغلاف !
الخطيب : (يتناول الخطاب) صمغه ليس شديد الالتصاق 0
مدير المكتب : (يفحصه) حقا ..من الميسور فتحه وإعادة تصمغيه .. خذ
وافعل به ما شئت !
الخطيب : (يتناول الخطاب ثم يتناول فتاحة معدنية من فوق المكتب
يفتح بها الغلاف بحرص ) فتاحة معالى الوزير !..
مدير المكتب : أتعرف من سيكون ؟
مدير المكتب : ما من أحد يعرف بعد . . . إن كل وزير جديد هو على أى حال
خير من كل وزير سلبق !
الخطيب : (وهو يضع التفاحة) فتح الغلاف بكل احتياط , بدون أن
يمس ختم البريد . . . (يستخرج ورقة من داخل الغلاف . . )
وهذه هى الرسالة التى كانت ستوقعنا فى شر أعمالنا !
مدير المكتب : (مشيرا بيده) إليك سلة المهملات !
الخطيب : وهو يلقى بالقطع الصغير فى السلة) والآن ورقة بيضاء من
فضل سعادتك 0
مدير المكتب : (يبحث بين أوراق المكتب) خد هذه ورقة عادية ! . .
الخطيب : (وهو يتناولها مع قلم من فوق المكتب شكرا . سأضع تاريخ
أمس الأول أو الأفضل تاريخ اليوم السابق لأمس الأول . .
(يكتب) 0 . حضرة صاحب المعالى .. بعد تقديم واجب
الاحترام .. وجدت ظروف عائلية ترغمنى على إرجاء التفكير
فى الزواج فى الوقت الحاضر .. لذلك يؤسفنى أن أرجوك من
معالبكم اعتبار موضوع الخطبة كأن لم يكن .. وتفضلوا ..
إلى آخره 0 لاداعى للإطالة 0 أليس فى هذه الكلمة كل المطلوب ؟
مدير المكتب : هذه الكلمة كافية جدا 0 0 0
الخطيب : ( وهو يضع الورقة فى الغلاف) قليلا من الصمغ لنغلق الغلاف
كما كان . ( يلمح زجاجة المصغ على المكتب . فستناولها
ويغلق الغلاف)
مدير المكتب : خلصت الآن ؟
الخطيب : كالشعرة من العجين .. بفضل الله وفضلكم .. إليك الخطاب
ضعه كما كان بين ((بوستة)) معالى الوزير 000 السابق !
مدير المكتب : (يتناول منه الخطاب ويدسه بين بريد الوزير ويضغط على زر
الجرس فيدخل الساعى)خذ بوستتة الوزير السابق واذهب بها
فى الحال إلى منزله 000
الخطيب : (للساعى) بغاية السرعة من فضلك !
مدير المكتب : (للساعى) عندى العجله طبعا 00
الساعى : (وهو يتناول مظروف البريد) نعم 00 سأركب العجلة 00
وأذهب فى طرفة عين ! ( يخرج مسرعا 00 )
الخطيب : (لمدير المكتب) لسانى عاجز عن الشكر 0 وان انصراف الآن
حتى آخذ منك وعدآ أكيد بأن تشرفنى فى بلدنا لنحتفى بك ونذبح
الذائح ونقو نحوك ببعض الواجب 000
مدير المكتب : لم أفعل شيئا يستحق كل ذلك 0
الخطيب : بل فعلت من المروءة ما لا أنساه 00 ولكأن الله ألهمنى أن أرسل
خطاب على الوزارة , تباهيا أمام الفلاحين 00 كى يتيح لى رجلا
شهما مثلك ينقذنى من المأذق 00
مدير المكتب : بل قل إن الله هو الذى أراد إنقاذك وإزالة هذه الغمة عنك 0
كما أزلها عنا 000
الخطيب : حقا كانت غمة وانزاحت ..
مدير المكتب : كان عهدا بغيضا وزال بشره000
الخطيب : كان هذا الوزير والشهادة لله ثقيل الظل على قلبى 00
مدير المكتب : وماذا نقول نحن الذين عاشرناه فى العمل 00كان رجلا فى غاية
الحمق والسف والغباء 000
الخطيب : كان الله فى عونكم ! إنى لم أكن قد خالطته بعد كل المخالطة 0 ولكنى
بالفراسة أدركت أنهمثل (شرابة الخج) !
مدير المكتب : كل هذا فضلا عن ظلمه وقلة نزاهته وارتباكه واعوجاجه
فى تصريف الأمور 00
الخطيب : يا حفيظ !
مدير المكتب : لذلك كان من الضرورى أن يأتى عهد جديد 00 نرى فيه اصلاحا
لهذا الفساد !
الخطيب : البركة فى الوزير الجديد ..
مدير المكتب هذا هوأملنا .. ومضع 00
(جرس التليفون يدق 00 فيرفع مدير المكتب السماعه ويضعها على أذنه000)
مدير المكتب : ألو 00 ألو 00 أفندم 0 الوزارة الجديدة تألفا 00 مبروك 00
الخطيب : مبروك 00
مدير المكتب : (يشير اليه بالصمت ويستأنف حديث التليفون) ألو 00 ألو 00
قل لى من الوزراء الجدد 00 أسماء الوزراء 00 وزارتنا أولا 00
أخبرنى من هو وزيرنا الجديد 0 دخل الوزارة الجديدة فى نفس وزارته !
كفى كفى 0 لا داعى لسماع البقية 00 متشكر ! (يض السماعة 000)
الخطيب : هو نفسه ! ؟
مدير المكتب : وزيرنا الجديد هو نفسه الوزير السابق ! 00
الخطيب : (صائحا) يا داهيتنا الكبيرة ! الخطاب 00 الخطاب !
صه ! 00 أين الاوراق التى سأعرضها على معاليه ! 0 بنفسى 00 الآن 00
فى منزله 00 منزل معاليه ! 0
الخطيب : (يثب ناهضا) وخطابى ؟ من يرد إلى هاذ الخطاب الملعون 00
إلى منزله 00 فى طرفة عين 00 منزل معاليه !
(ستار)
تعليق