[align=center]فاطمة فتاة خجولة ، ابتسامتها رقيقة ، ضحكتها بريئة ، هي طفلة في ثوب امرأة .. لا تكذب ، لا تخدع ، لا تعرف المجاملة ، قليلة الكلام .. لا تتكلم إلا إذا طلب منها الكلام وفوق هذا تتكلم ( بالقطارة ) .. على عكس جميع النساء الموجودات في هذا العالم اللاتي لا يتوقفن عن ( القاق قاق ) و ( الحش في خلق الله ) كانت فاطمة تختلف عن كل هؤلاء النساء ولهذا ازداد ( الاستاذ سالم ) حباً لها بالرغم من كونه متزوج وأب لثلاثة أطفال ..!!
كانت فاطمة في الخامسة والعشرين من عمرها .. تقدم لها الكثيرون ولكنها رفضتهم ، تقدم لها ابن خالتها ولكنها كانت لا تفكر في الزواج .. كانت تفكر في شيء آخر شغل فكرها وبالها وجعلها تنسى موضوع الزواج حتى إشعار آخر ..!!
نعود إلى الماضي وبالضبط قبل سبع سنوات حينما تقدم الشاب الجامعي المتعلم سالم لطلب يد الآنسة فاطمة التي كانت تدرس في الصف الثاني ثانوي ويومها وافقت والدتها عليه ولكن والدها ( رحمه الله ) رفضه ورجعه حزيناً خائباً لأن والد سالم كان فارسي الأصل وكذلك لأن فاطمة مازلت صغيرة في السن .. حزن سالم حزناً شديداً وقرر السفرإلى لبنان لاستكمال دراسته في العلوم السياسية بجامعة بيروت ليعود بعدها بأربعة سنوات ومعه زوجة لبنانية وثلاثة ابناء !!
قرر سالم أن يرحل بحزنه بعيداً عن ( الدقداقة ) التي ولد وتعلم وأحب فيها إلى بيروت الباردة .. إلى لبنان الجميلة حيث ينشغل بالتعليم وينسى الفتاة التي أحبها .. ذهب ليتعلم في لبنان وينشغل بالدراسة ولكن حدث مالم يكن يتوقعه حينها وهو إعجابه بأحد زميلات الدراسة من اللبنانيات الجميلات فتزوجها بسرعة وواصل تعليمه ليكتشف قبل التخرج أن عنده ثلاثة أطفال وكأن عجلة الزمن تسير أسرع من طبيعتها ..
اكتشف سالم أن زوجته لبنانية وأنه أصبح مرتبطاً بها ولا يستطيع التخلي عنها واكتشف أن عنده ثلاثة أبناء منها واكتشف اكتشافاً آخر وهو أن عليه العودة إلى الإمارات لأنه حصل على شهادة الماجستير حيث تنتظره الوظيفة الكبيرة وينتظره وعد قطعه على نفسه بأن يقدم شيئاً لبلده الإمارات التي وفرت له كل شيء حتى حصل على شهادته !!
بعد انتهاء سالم من دراسته وحصوله على الشهادة اعتبر زواجه من اللبنانية ( فايزة ) أكبر خطأ في حياته واعتبر إنجابه للأبناء إصراراً على الوقوع في الخطأ وأخذ يفكر فيما يجب عليه فعله ..
هل يترك اللبنانية في لبنان ويطلقها ويرحل غير عابئاً بها وبالأبناء ؟!؟
هل ينسى المرأة التي وقفت إلى جنبه وينسى فلذات كبده ؟
هل يستطيع التخلي عن أبنائه وزوجته بهذه الطريقة البشعة ؟!؟
وهل هو نذل وجبان لهذه الدرجة حتى يفكر هذا التفكير الأحمق ؟!؟
طبعاً لا فسالم أكبر من أن يفعل هذا وهو إبن الإمارات الذي تعلم فيها الأخلاق العربية الأصيلة وتعلم في مدارسها مبادىء الدين الإسلامي الحنيف ولهذا قرر سالم أن يأخذها معه إلى الإمارات حتى لو كان هذا على حساب قلبه الذي مازال يحب فاطمة بنت الجيران التي رفضه والدها ..
نزل سالم مع زوجته وأطفاله في مطار دبي ولم يكن يستقبله أحد ( كالعادة ) فركب تاكسي إلى رأس الخيمة حيث بيت والده الهرم الذي يقضي يومه في الصلاة والذكر ..
وصل سالم إلى الدقداقة وأخذ ينظر إلى بيوتها القديمة حتى مر ببيت كان يعرفه ، كان يحبه ، كان يتمنى لو أن صاحبه قد زوجه بابنته قبل أن يموت وقبل أن يسافر هو إلى لبنان ويتزوج منها .. هو بيت فاطمه ، الحب الأول الذي مازال له في القلب أجمل مكان وأحلى ذكرى .. ولكن كفىء سالم دمعة من عينه وانتبه لزوجته التي كانت تقارن بين عمارات دبي الشاهقة والبيوت الشعبية القديمة في أحياء رأس الخيمة .. ضحك سالم في خاطره وقال : بالأمس كنت آكل معها جبنة وزيتون في الشقة وغداً سوف تأكل معي المالح والعوال في العريشة ههههههههه ..
اشتغل سالم في أحد الدوائر المحلية بوظيفة مدير قسم واستمر في عمله لثلاث سنوات أخرى وهو يتتبع أخبار فاطمة من بعيد وكان لا يزال يمني نفسها بالزواج بها !!
نعود إلى فاطمة ونقول بأنها لم تكن تفكر في الزواج لأنها كانت تفكر في الطريقة التي تساعد فيها أمها العمياء وتربي أختها الصغيرة خصوصاً وأنه ليس لها أقارب قريبون أبداً بالإضافة إلى أن والدها ليس له معاش تقاعد من الدولة لأنه لم يعمل في دائرة حكومية كما أن معاش الشؤون الاجتماعية ( 1250 درهم ) لا يكفي لسد فواتير الكهرباء والتلفون والمأكل والمشرب ومصاريف دراسة البنت الصغيرة .. ولذلك فور تخرج فاطمة من كلية التقنية سارعت إلى البحث عن وظيفة ولكنها ( مثل غيرها من الخريجات ) لم تجد عملاً .. قدمت فاطمة أوراقها في الجامعة والتقنية والتربية والبنوك وغيرها ولكن كانت كل الأبواب مغلقة في وجهها بطريقة فظيعة حتى وقعت فاطمة بين نارين .. أمها العمياء وأختها الصغيرة ، وعدم وجود وظيفة لها وقلة الحيلة في فعل شيء ولذلك كانت فاطمة تبكي في كل يوم قبل أن تنام وكانت تدعو ربها أن يفك هذه الأزمة على خير !!
اتصل الأستاذ سالم بأم فاطمة ذات يوم وقد كان يعرفها بحكم أنها كانت صديقة المرحومة أمه وبحكم أنه جارهم الذي أصبح أقرب الناس لهم وقال لها : ألف مبروك .. أخيراً وبعد طول عناء استطعت إقناع المدير بتوظيف فاطمة عندنا في المؤسسة ..!!
فرحت أم فاطمة بهذا الخبر ودعت له بالتوفيق والنجاح وانفتاح أبواب الرزق وأخذت تدعو له بكل الدعوات الممكنة والغير ممكنة وهكذا هم ( العجائز ) الله يخليهم !!
سارعت أم فاطمة إلى ابنتها لتبلغها هذا الخبر ففرحت فاطمة واحتضنت أمها وأخذت تبكي على صدرها غير مصدقة .. وأخيراً ستعمل فاطمة وستحصل على راتب وستنتهي الكثير من الديون ..
بعد أقل من نصف ساعة طرق حموووود ابن الأستاذ سالم باب منزلهم وكان طفلاً في الروضة ويحمل بين يديه الظرف الأصفر الذي به أوراق المباشرة في العمل فركضت فاطمة إليه ورفعت حمووودإلى أعلى وأخذت تدور به من الفرحة ثم أنزلته وأخذت تقبل خديه لدرجة أن الولد ( احمر ) من الخجل وهو الذي اعتاد أن يرى فاطمة فلا تلقي له بالاً فتسمر الولد مكانه وهو غير مصدق ماذا تفعل به فاطمة وبعد أن تركته ظل واقفاً كالتمثال وكأنه يقول في خاطره ( شكلها سكرانة !! )
بعد أن أخذت فاطمة المظروف وفتحته بينما حمووود واقف مكانه أراد حمووود الخروج من البيت فمسكته من يده وذهبت به إلى الثلاجة ومن الرف العلوي أعطته الشوكولاته التي كانت تحبها ( أم آند أمز ) ووضعت قبلة جديدة على خده وفور أن قبلته فاطمة خرج الولد من البيت هارباً قبل أن تفعل به فاطمة أشياء أخرى !!
فرحت فاطمة كثيراً بالوظيفة الجديدة بالرغم من أن راتبها ضئيل ( أربعة آلاف فقط ) ولكنها كانت تعني لفاطمة الكثير وهي التي فقدت الأمل في الحصول على وظيفة تساعدها في تحمل تكاليف المعيشة ومصاريف البيت ..
اشتغلت فاطمة في الوظيفة الجديدة وقبلت بالراتب الضئيل لأنه أفضل من لا شيء وكان الأستاذ سالم هو مسؤولها المباشر في العمل ..
كان سالم يعاملها بأدب شديد وكان لا يضع عينه في عينها لأنها خجولة وكان يحترمها احترام العاشق لمليكته التي نصبها منذ كان صبياً على مملكة الروح !!
لاحظت فاطمة اهتمامه بها وشاهدت الحب في عينيه ولكنها كانت تخادع نفسها وتقول لها بأنه متزوج ويحب زوجته ولديه ثلاثة أطفال !!
قرر الأستاذ سالم في أحد الأيام استجماع قوته .. وقرر أن يتقدم لفاطمة طالباً يدها ومتجاهلاً كل شيء آخر .. وفعلاً في أحد الأيام استدعى الأستاذ سالم فاطمة فأتت فطلب منها الجلوس فجلست بحياء وترقب على الكرسي المقابل لطاولة الأستاذ سالم ..
قال الأستاذ سالم بصوت متقطع : يا أخت فاطمة ، ممكن أتكلم معاج في شي خاص ؟!؟
ردت فاطمة بصوت خافت : تفضل ..
الأستاذ سالم : يا فاطمة ، في البداية أتمنى ما تفهميني غلط لأنني والله العظيم أعزج وأحترمج وأعتبرج بمثابة وحدة من أهلي وفي نفس الوقت يا فاطمة أنتي بنت الجيران ونحن بمثابة جماعة وأهل ..
يا فاطمة أبوج توفى وأمج الله يشفيها ما تشوف وأنتي تشتغلين هنيه عشان تساعدين أمج وتربين أختج الصغيرة .. وأنا أريد أساعدج .. أريد أوقف وياج لأنج بالفعل إنسانة عظيمة وتستاهلين كل خير ..
فاطمة مثل ما تعرفين أنا تقدمت لج وطلبت أيدج من ابوج قبل سبع سنوات ويومها أبوج رفضني .. فسافرت على لبنان وتزوجت هناك ولكن بعده قلبي متعلق فيج أنتي .. يحبج أنتي ، يريدج أنتي .. فاطمة أنا أريدج على سنة الله ورسوله .. أريدج بالحلال .. وافقي يا فاطمة ..
صعقت فاطمة مما سمعت وأصابها تشنج عصبي وطاحت على الكرسي مغمى عليها ..
طااااار بسرعة الأستاذ سالم من على مكتبه ونادى الموظفات اللي في خارج مكتبه وصرخ فيهم : تعالوا بسرعة شوفوا فاطمة !!
وركض على التلفون واتصل بالإسعاف وأخبرهم بالمكان وأنه في حالة طارئة !!
وطبعاً لم يصبر سالم على سيارة الإسعاف لحد ما توصل لأنها ( تمشي على بيض ) وطلب من الموظفات ياخذونها على سيارته وأنه هو بيوصلها ..!!
وفعلاً موظفتين شلوا فاطمة وحطوها في الكراسي اللي ورا من سيارة سالم وركبوا معاها وطاااااااار الأستاذ سالم على المستشفى .. في الطريق : سالت إحدى الموظفات : شو فيها فاطمة ؟!؟
رد سالم بتلعثم : مممم ممادري شفيها ، اروحها طاحت !!
فردت موظفة مشهورة بدفاشتها ويسمونها ( أم لسانين ) : يمكن من الفرحة لأنه زيدولها راتبها !!
فرد سالم بقوة وهو يسوق السيارة : بسسسسسسسسس ياللي ما تستحي ، ما تشوفين حالتها !!
سكتت أم لسانين بعد ما احترق ويهها ...... وبسرعة وصلوا المستشفى ودخلوها على قسم الحوادث !!
دخل سالم مثل المجنون قسم الحوادث وقال للأطباء والممرضين الموجودين : عندنا حرمة مغمى عليها بسرعة شوفوها ..!!
وكان شكل سالم وهيئته يعطي هيبة واحترام وخاصة أن سيارته شبح أسود وعليه عاكس وعشان جيه صار كل اللي في المستشفى مثل النحل يحاولون يقدمون أقصى مافي استطاعتهم للمريضة وإرضاء للرجل المحترم الموجود في قسم الحوادث ..
المهم دخلوها غرفة خاصة ودخلوا عندها الأطباء وسالم يروح ويرجع قدام باب الغرفة وهو يفرك أيدينه بينما كانت الموظفات قاعدات على الكراسي فقالت عويش : شكله خايف عليها وايد ..
أم لسانين : هيه والله .. اتقول حرمته هههههههه ..
عويش : لو حرمته ما خاف عليها جيه ..
أم لسانين : طالعي شكله ههههههه ، اتقول حرمته وداخله تولد ..
عويش : بيطلع الدكتور وبيقول له : مبروووووك جالك ولد هههههههه
أم لسانين : لا يالعنز موب جيه ، بيطلع الدكتور وبيقول له : اضطرينا نضحي بالأم والجنين والممرضات عشان تعيش أنته ههههههههه
عويش : غربلات شكلج ، لا تفاولين على الحرمة .. إن شاء الله تطلع بالسلامة ..
أم لسانين : آي هوب ذاااااااااات ..
طلع الدكتور المصري من الغرفة اللي فيها فاطمة فركض عليه سالم وقاله : هاااا يا دكتور .. شو فيها فاطمة ؟!؟؟
الدكتور المصري : حضرتك جوزها ؟!؟
سالم : أنا رئيسها في العمل ، وهي مش متزوجة ..
الدكتور : فاطمة بخير ، ما فيهاش حاجة ، تشنجات عصبية بسيطة ، شكلها اتعرضت لصدمة عصبية أو هي تمر بأزمة نفسية حادة .. لكن إنشاء الله هتكون بخير وهتروح وكلها نص ساعة بس ..
الدكتور : بس مش لازم نبلغ أبوها ولا حد من قرايبينها ؟!؟
سالم : أبوها متوفي وأمها عمياء وما عندها إخوان شباب .. هي جارتنا ..
الدكتور : أهـــا .. يلا أنت بردو في مقام أخوها الكبير[/align]
كانت فاطمة في الخامسة والعشرين من عمرها .. تقدم لها الكثيرون ولكنها رفضتهم ، تقدم لها ابن خالتها ولكنها كانت لا تفكر في الزواج .. كانت تفكر في شيء آخر شغل فكرها وبالها وجعلها تنسى موضوع الزواج حتى إشعار آخر ..!!
نعود إلى الماضي وبالضبط قبل سبع سنوات حينما تقدم الشاب الجامعي المتعلم سالم لطلب يد الآنسة فاطمة التي كانت تدرس في الصف الثاني ثانوي ويومها وافقت والدتها عليه ولكن والدها ( رحمه الله ) رفضه ورجعه حزيناً خائباً لأن والد سالم كان فارسي الأصل وكذلك لأن فاطمة مازلت صغيرة في السن .. حزن سالم حزناً شديداً وقرر السفرإلى لبنان لاستكمال دراسته في العلوم السياسية بجامعة بيروت ليعود بعدها بأربعة سنوات ومعه زوجة لبنانية وثلاثة ابناء !!
قرر سالم أن يرحل بحزنه بعيداً عن ( الدقداقة ) التي ولد وتعلم وأحب فيها إلى بيروت الباردة .. إلى لبنان الجميلة حيث ينشغل بالتعليم وينسى الفتاة التي أحبها .. ذهب ليتعلم في لبنان وينشغل بالدراسة ولكن حدث مالم يكن يتوقعه حينها وهو إعجابه بأحد زميلات الدراسة من اللبنانيات الجميلات فتزوجها بسرعة وواصل تعليمه ليكتشف قبل التخرج أن عنده ثلاثة أطفال وكأن عجلة الزمن تسير أسرع من طبيعتها ..
اكتشف سالم أن زوجته لبنانية وأنه أصبح مرتبطاً بها ولا يستطيع التخلي عنها واكتشف أن عنده ثلاثة أبناء منها واكتشف اكتشافاً آخر وهو أن عليه العودة إلى الإمارات لأنه حصل على شهادة الماجستير حيث تنتظره الوظيفة الكبيرة وينتظره وعد قطعه على نفسه بأن يقدم شيئاً لبلده الإمارات التي وفرت له كل شيء حتى حصل على شهادته !!
بعد انتهاء سالم من دراسته وحصوله على الشهادة اعتبر زواجه من اللبنانية ( فايزة ) أكبر خطأ في حياته واعتبر إنجابه للأبناء إصراراً على الوقوع في الخطأ وأخذ يفكر فيما يجب عليه فعله ..
هل يترك اللبنانية في لبنان ويطلقها ويرحل غير عابئاً بها وبالأبناء ؟!؟
هل ينسى المرأة التي وقفت إلى جنبه وينسى فلذات كبده ؟
هل يستطيع التخلي عن أبنائه وزوجته بهذه الطريقة البشعة ؟!؟
وهل هو نذل وجبان لهذه الدرجة حتى يفكر هذا التفكير الأحمق ؟!؟
طبعاً لا فسالم أكبر من أن يفعل هذا وهو إبن الإمارات الذي تعلم فيها الأخلاق العربية الأصيلة وتعلم في مدارسها مبادىء الدين الإسلامي الحنيف ولهذا قرر سالم أن يأخذها معه إلى الإمارات حتى لو كان هذا على حساب قلبه الذي مازال يحب فاطمة بنت الجيران التي رفضه والدها ..
نزل سالم مع زوجته وأطفاله في مطار دبي ولم يكن يستقبله أحد ( كالعادة ) فركب تاكسي إلى رأس الخيمة حيث بيت والده الهرم الذي يقضي يومه في الصلاة والذكر ..
وصل سالم إلى الدقداقة وأخذ ينظر إلى بيوتها القديمة حتى مر ببيت كان يعرفه ، كان يحبه ، كان يتمنى لو أن صاحبه قد زوجه بابنته قبل أن يموت وقبل أن يسافر هو إلى لبنان ويتزوج منها .. هو بيت فاطمه ، الحب الأول الذي مازال له في القلب أجمل مكان وأحلى ذكرى .. ولكن كفىء سالم دمعة من عينه وانتبه لزوجته التي كانت تقارن بين عمارات دبي الشاهقة والبيوت الشعبية القديمة في أحياء رأس الخيمة .. ضحك سالم في خاطره وقال : بالأمس كنت آكل معها جبنة وزيتون في الشقة وغداً سوف تأكل معي المالح والعوال في العريشة ههههههههه ..
اشتغل سالم في أحد الدوائر المحلية بوظيفة مدير قسم واستمر في عمله لثلاث سنوات أخرى وهو يتتبع أخبار فاطمة من بعيد وكان لا يزال يمني نفسها بالزواج بها !!
نعود إلى فاطمة ونقول بأنها لم تكن تفكر في الزواج لأنها كانت تفكر في الطريقة التي تساعد فيها أمها العمياء وتربي أختها الصغيرة خصوصاً وأنه ليس لها أقارب قريبون أبداً بالإضافة إلى أن والدها ليس له معاش تقاعد من الدولة لأنه لم يعمل في دائرة حكومية كما أن معاش الشؤون الاجتماعية ( 1250 درهم ) لا يكفي لسد فواتير الكهرباء والتلفون والمأكل والمشرب ومصاريف دراسة البنت الصغيرة .. ولذلك فور تخرج فاطمة من كلية التقنية سارعت إلى البحث عن وظيفة ولكنها ( مثل غيرها من الخريجات ) لم تجد عملاً .. قدمت فاطمة أوراقها في الجامعة والتقنية والتربية والبنوك وغيرها ولكن كانت كل الأبواب مغلقة في وجهها بطريقة فظيعة حتى وقعت فاطمة بين نارين .. أمها العمياء وأختها الصغيرة ، وعدم وجود وظيفة لها وقلة الحيلة في فعل شيء ولذلك كانت فاطمة تبكي في كل يوم قبل أن تنام وكانت تدعو ربها أن يفك هذه الأزمة على خير !!
اتصل الأستاذ سالم بأم فاطمة ذات يوم وقد كان يعرفها بحكم أنها كانت صديقة المرحومة أمه وبحكم أنه جارهم الذي أصبح أقرب الناس لهم وقال لها : ألف مبروك .. أخيراً وبعد طول عناء استطعت إقناع المدير بتوظيف فاطمة عندنا في المؤسسة ..!!
فرحت أم فاطمة بهذا الخبر ودعت له بالتوفيق والنجاح وانفتاح أبواب الرزق وأخذت تدعو له بكل الدعوات الممكنة والغير ممكنة وهكذا هم ( العجائز ) الله يخليهم !!
سارعت أم فاطمة إلى ابنتها لتبلغها هذا الخبر ففرحت فاطمة واحتضنت أمها وأخذت تبكي على صدرها غير مصدقة .. وأخيراً ستعمل فاطمة وستحصل على راتب وستنتهي الكثير من الديون ..
بعد أقل من نصف ساعة طرق حموووود ابن الأستاذ سالم باب منزلهم وكان طفلاً في الروضة ويحمل بين يديه الظرف الأصفر الذي به أوراق المباشرة في العمل فركضت فاطمة إليه ورفعت حمووودإلى أعلى وأخذت تدور به من الفرحة ثم أنزلته وأخذت تقبل خديه لدرجة أن الولد ( احمر ) من الخجل وهو الذي اعتاد أن يرى فاطمة فلا تلقي له بالاً فتسمر الولد مكانه وهو غير مصدق ماذا تفعل به فاطمة وبعد أن تركته ظل واقفاً كالتمثال وكأنه يقول في خاطره ( شكلها سكرانة !! )
بعد أن أخذت فاطمة المظروف وفتحته بينما حمووود واقف مكانه أراد حمووود الخروج من البيت فمسكته من يده وذهبت به إلى الثلاجة ومن الرف العلوي أعطته الشوكولاته التي كانت تحبها ( أم آند أمز ) ووضعت قبلة جديدة على خده وفور أن قبلته فاطمة خرج الولد من البيت هارباً قبل أن تفعل به فاطمة أشياء أخرى !!
فرحت فاطمة كثيراً بالوظيفة الجديدة بالرغم من أن راتبها ضئيل ( أربعة آلاف فقط ) ولكنها كانت تعني لفاطمة الكثير وهي التي فقدت الأمل في الحصول على وظيفة تساعدها في تحمل تكاليف المعيشة ومصاريف البيت ..
اشتغلت فاطمة في الوظيفة الجديدة وقبلت بالراتب الضئيل لأنه أفضل من لا شيء وكان الأستاذ سالم هو مسؤولها المباشر في العمل ..
كان سالم يعاملها بأدب شديد وكان لا يضع عينه في عينها لأنها خجولة وكان يحترمها احترام العاشق لمليكته التي نصبها منذ كان صبياً على مملكة الروح !!
لاحظت فاطمة اهتمامه بها وشاهدت الحب في عينيه ولكنها كانت تخادع نفسها وتقول لها بأنه متزوج ويحب زوجته ولديه ثلاثة أطفال !!
قرر الأستاذ سالم في أحد الأيام استجماع قوته .. وقرر أن يتقدم لفاطمة طالباً يدها ومتجاهلاً كل شيء آخر .. وفعلاً في أحد الأيام استدعى الأستاذ سالم فاطمة فأتت فطلب منها الجلوس فجلست بحياء وترقب على الكرسي المقابل لطاولة الأستاذ سالم ..
قال الأستاذ سالم بصوت متقطع : يا أخت فاطمة ، ممكن أتكلم معاج في شي خاص ؟!؟
ردت فاطمة بصوت خافت : تفضل ..
الأستاذ سالم : يا فاطمة ، في البداية أتمنى ما تفهميني غلط لأنني والله العظيم أعزج وأحترمج وأعتبرج بمثابة وحدة من أهلي وفي نفس الوقت يا فاطمة أنتي بنت الجيران ونحن بمثابة جماعة وأهل ..
يا فاطمة أبوج توفى وأمج الله يشفيها ما تشوف وأنتي تشتغلين هنيه عشان تساعدين أمج وتربين أختج الصغيرة .. وأنا أريد أساعدج .. أريد أوقف وياج لأنج بالفعل إنسانة عظيمة وتستاهلين كل خير ..
فاطمة مثل ما تعرفين أنا تقدمت لج وطلبت أيدج من ابوج قبل سبع سنوات ويومها أبوج رفضني .. فسافرت على لبنان وتزوجت هناك ولكن بعده قلبي متعلق فيج أنتي .. يحبج أنتي ، يريدج أنتي .. فاطمة أنا أريدج على سنة الله ورسوله .. أريدج بالحلال .. وافقي يا فاطمة ..
صعقت فاطمة مما سمعت وأصابها تشنج عصبي وطاحت على الكرسي مغمى عليها ..
طااااار بسرعة الأستاذ سالم من على مكتبه ونادى الموظفات اللي في خارج مكتبه وصرخ فيهم : تعالوا بسرعة شوفوا فاطمة !!
وركض على التلفون واتصل بالإسعاف وأخبرهم بالمكان وأنه في حالة طارئة !!
وطبعاً لم يصبر سالم على سيارة الإسعاف لحد ما توصل لأنها ( تمشي على بيض ) وطلب من الموظفات ياخذونها على سيارته وأنه هو بيوصلها ..!!
وفعلاً موظفتين شلوا فاطمة وحطوها في الكراسي اللي ورا من سيارة سالم وركبوا معاها وطاااااااار الأستاذ سالم على المستشفى .. في الطريق : سالت إحدى الموظفات : شو فيها فاطمة ؟!؟
رد سالم بتلعثم : مممم ممادري شفيها ، اروحها طاحت !!
فردت موظفة مشهورة بدفاشتها ويسمونها ( أم لسانين ) : يمكن من الفرحة لأنه زيدولها راتبها !!
فرد سالم بقوة وهو يسوق السيارة : بسسسسسسسسس ياللي ما تستحي ، ما تشوفين حالتها !!
سكتت أم لسانين بعد ما احترق ويهها ...... وبسرعة وصلوا المستشفى ودخلوها على قسم الحوادث !!
دخل سالم مثل المجنون قسم الحوادث وقال للأطباء والممرضين الموجودين : عندنا حرمة مغمى عليها بسرعة شوفوها ..!!
وكان شكل سالم وهيئته يعطي هيبة واحترام وخاصة أن سيارته شبح أسود وعليه عاكس وعشان جيه صار كل اللي في المستشفى مثل النحل يحاولون يقدمون أقصى مافي استطاعتهم للمريضة وإرضاء للرجل المحترم الموجود في قسم الحوادث ..
المهم دخلوها غرفة خاصة ودخلوا عندها الأطباء وسالم يروح ويرجع قدام باب الغرفة وهو يفرك أيدينه بينما كانت الموظفات قاعدات على الكراسي فقالت عويش : شكله خايف عليها وايد ..
أم لسانين : هيه والله .. اتقول حرمته هههههههه ..
عويش : لو حرمته ما خاف عليها جيه ..
أم لسانين : طالعي شكله ههههههه ، اتقول حرمته وداخله تولد ..
عويش : بيطلع الدكتور وبيقول له : مبروووووك جالك ولد هههههههه
أم لسانين : لا يالعنز موب جيه ، بيطلع الدكتور وبيقول له : اضطرينا نضحي بالأم والجنين والممرضات عشان تعيش أنته ههههههههه
عويش : غربلات شكلج ، لا تفاولين على الحرمة .. إن شاء الله تطلع بالسلامة ..
أم لسانين : آي هوب ذاااااااااات ..
طلع الدكتور المصري من الغرفة اللي فيها فاطمة فركض عليه سالم وقاله : هاااا يا دكتور .. شو فيها فاطمة ؟!؟؟
الدكتور المصري : حضرتك جوزها ؟!؟
سالم : أنا رئيسها في العمل ، وهي مش متزوجة ..
الدكتور : فاطمة بخير ، ما فيهاش حاجة ، تشنجات عصبية بسيطة ، شكلها اتعرضت لصدمة عصبية أو هي تمر بأزمة نفسية حادة .. لكن إنشاء الله هتكون بخير وهتروح وكلها نص ساعة بس ..
الدكتور : بس مش لازم نبلغ أبوها ولا حد من قرايبينها ؟!؟
سالم : أبوها متوفي وأمها عمياء وما عندها إخوان شباب .. هي جارتنا ..
الدكتور : أهـــا .. يلا أنت بردو في مقام أخوها الكبير[/align]
تعليق