لم يكن في الشارع غير القليل من السيارات و الناس ... و كان المشوار قصيرا
و حين وصلنا ، أركن سيف السيارة جانبا و نزلنا سوية .
كان والدتي هي من استقبلنا عند المدخل
و بمجرد أن دخلت ، أقبلت نحوي تعانقني و ترحب بي بحرارة ، و كأنها لم ترني يوم الأمس ...
قلت :
" سيف معي ... "
و كان سيف لا يزال واقفا خلف الباب ينتظر الإذن بالدخول
" دعه يتفضل ، خذه إلى غرفة المعيشة حيث والدك ، فغرفة الضيوف حارة الآن "
ثم انصرفت نحو المطبخ ، فيما فتحت الباب لسيف :
" تفضل "
و ذهبنا إلى غرفة المعيشة حيث كان والدي جالسا يقرأ إحدى الصحف ...
في الماضي ، كنت كثيرا ما أقرأ أخبار الصحف له !
" صباح الخير يا أبي "
والدي قام إلينا مرحبا بحرارة هو الآخر ... و اتخذ كلاهما مجلسه ، فيما استأذنت أنا و خرجت من الغرفة قاصدا المطبخ ، و تاركا الباب مفتوحا ، تشيعني نظرات سيف من الداخل !
هناك كانت والدتي واقفة عند الموقد و قد وضعت إبريقا كبيرا مليئا بالماء ليغلي فوق النار ...
ابتسمت لدى رؤيتي و قالت :
" لم أعلم أنك غادرت البارحة إلا بعد حين ... اذهبا أنت و سامر اليوم لشراء طقم غرفة نوم جديد ، سنعد لك غرفة الضيوف لتتخذها غرفة لك "
طبعا لم أملك من الشجاعة لحظتها ما يكفي لقول ما أخبئه في صدري ...
قلت ـ محاولا تغيير سير الحديث :
" هل تناولتم فطوركم ؟ "
" ليس بعد ، فسامر و الفتاتان لا زالوا نياما !"
و استطردت :
" سأعد لكم فطورا شهيا ... ، شغّل المكيف في غرفة الضيوف الآن ثم خذ الضيف إليها "
" حسنا "
و هممت بالانصراف ، فقالت أمي :
" قل لي ... أي طعام تود تناوله على الفطور يا عزيزي ؟؟ "
إنني لا أفكر بالطعام و لولا سيف لكنت اختصرت المسافة و ودعتكم و انتهينا ...
قلت بلا مبالاة :
" أي شيء ... "
ثم خرجت من المطبخ متجها إلى غرفة الضيوف لتشغيل المكيف .
كان الباب مفتوحا ، دخلت و ذهبت رأسا إلى المكيف فشغّلته و استدرت لأعود خارجا
فاصطدمت عيناي بشيء جعل قلبي يتدحرج تحت قدمي !
ربما كان صوت المكيّف هو الذي جعل هذا الكائن الحي يفيق فجأة ، و يفتح عينيه ، و يهب جالسا في فزع !
أخذت تنظر إلي بتوتر و اضطراب و تتلفت يمنة و يسرة ، بينما أنا متخشب في مكاني ... لا اعرف ماذا افعل !
ببساطة لا أعرف ماذا أفعل !
ثم ماذا ؟
رفعت الوسادة المربعة الشكل التي كانت موضوعة فوق حضنها و غطت بها وجهها و هبّت واقفة مستترة خلف الوسادة ، و ركضت نحو الباب !
" رغد انتظري ! "
توقفت ، و هي لا تزال تخبئ رأسها خلف الوسادة و أنا لا أزال واقفا مكاني لا أعرف ما أفعل من المفاجأة !
ربما أخطأت و شغلت المكيف على وضع التدفئة ! الجو حار ... حار ... حار !
و قطرات العرق بدأت تتجمع على جبيني و شعري أيضا ... !
اعتقد أنه موقف لا يترك للمرء فرصة للتفكير ، ألا أنني تذكرت سيف ، و هو يجلس في موقع يسمح له برؤية العابر في الممر ... و الباب مفتوح !
" أأ ... صديقي هنا ... سأغلق الباب ... لحظة ... "
كانت تقف قرب الباب و حين أتممت جملتي تراجعت للوراء حتى التصقت بالجدار فسرت أنا نحو الباب و خرجت و عمدت إلى باب غرفة المعيشة فأغلقته دون أن أرفع بصري نحو سيف الذي و لا شك كان يراني ...
عدت بعدها للفتاة الملتصقة بالحائط و الوسادة ... وقلت باضطراب :
" أنا ... آسف ... لم أعلم ... أقصد لم أنتبه ... أأ... "
و لم أجد كلمة مناسبة !
مسحت العرق عن وجهي و قلت أخيرا :
" يمكنك الذهاب "
و أوليتها ظهري ، و سمعت خطاها تبتعد مسرعة...
تهالكت على نفس المقعد الكبير الذي كانت رغد نائمة فوقه و شعرت بالحرارة تزداد ...
لقد كان دافئا بل و حارا أيضا !
ما الذي يدفعك للنوم في هذا المكان و بدون تكييف !؟
و تتدثرين بالوسادة أيضا !
يا لك من فتاة !
لا أعرف كيف تسللت ابتسامة إلى قلبي ...
لا ! ليست ابتسامة بل شيء أكبر من ذلك
إنها ضحكة !
لم يكن ظرفا مناسبا للضحك و حالتي كما تعرفون هي أبعد ما تكون عن السعادة ، لكنه موقف أجبر ضحكتي على الانطلاق ...
لم يطل الأمر ... وقفت ، و أخذت أحدق بالمقعد الذي كانت رغد تنام عليه ... ثم أتحسسه بيدي
عندما كانت رغد صغيرة ، كنت أجعلها تنام فوق سريري و أظل أراقبها بعطف ...
و أداعب شعرها الأملس ...
كانت تحب أن تحتضن شيئا ما عند النوم ... كدمية قماشية أو بالونة أو حتى وسادة !
و كم كانت تبدو بريئة و ملائكية !
لم يكن لضحكتي تلك أي داع لأن تولد وسط مجتمع الدموع الحزينة ، سرعان ما لقت حتفها بغزو دمعة واحدة تسللت من بين حدقتي قهرا ... و حسرة ... على ما قد فقدت ...
و حين وصلنا ، أركن سيف السيارة جانبا و نزلنا سوية .
كان والدتي هي من استقبلنا عند المدخل
و بمجرد أن دخلت ، أقبلت نحوي تعانقني و ترحب بي بحرارة ، و كأنها لم ترني يوم الأمس ...
قلت :
" سيف معي ... "
و كان سيف لا يزال واقفا خلف الباب ينتظر الإذن بالدخول
" دعه يتفضل ، خذه إلى غرفة المعيشة حيث والدك ، فغرفة الضيوف حارة الآن "
ثم انصرفت نحو المطبخ ، فيما فتحت الباب لسيف :
" تفضل "
و ذهبنا إلى غرفة المعيشة حيث كان والدي جالسا يقرأ إحدى الصحف ...
في الماضي ، كنت كثيرا ما أقرأ أخبار الصحف له !
" صباح الخير يا أبي "
والدي قام إلينا مرحبا بحرارة هو الآخر ... و اتخذ كلاهما مجلسه ، فيما استأذنت أنا و خرجت من الغرفة قاصدا المطبخ ، و تاركا الباب مفتوحا ، تشيعني نظرات سيف من الداخل !
هناك كانت والدتي واقفة عند الموقد و قد وضعت إبريقا كبيرا مليئا بالماء ليغلي فوق النار ...
ابتسمت لدى رؤيتي و قالت :
" لم أعلم أنك غادرت البارحة إلا بعد حين ... اذهبا أنت و سامر اليوم لشراء طقم غرفة نوم جديد ، سنعد لك غرفة الضيوف لتتخذها غرفة لك "
طبعا لم أملك من الشجاعة لحظتها ما يكفي لقول ما أخبئه في صدري ...
قلت ـ محاولا تغيير سير الحديث :
" هل تناولتم فطوركم ؟ "
" ليس بعد ، فسامر و الفتاتان لا زالوا نياما !"
و استطردت :
" سأعد لكم فطورا شهيا ... ، شغّل المكيف في غرفة الضيوف الآن ثم خذ الضيف إليها "
" حسنا "
و هممت بالانصراف ، فقالت أمي :
" قل لي ... أي طعام تود تناوله على الفطور يا عزيزي ؟؟ "
إنني لا أفكر بالطعام و لولا سيف لكنت اختصرت المسافة و ودعتكم و انتهينا ...
قلت بلا مبالاة :
" أي شيء ... "
ثم خرجت من المطبخ متجها إلى غرفة الضيوف لتشغيل المكيف .
كان الباب مفتوحا ، دخلت و ذهبت رأسا إلى المكيف فشغّلته و استدرت لأعود خارجا
فاصطدمت عيناي بشيء جعل قلبي يتدحرج تحت قدمي !
ربما كان صوت المكيّف هو الذي جعل هذا الكائن الحي يفيق فجأة ، و يفتح عينيه ، و يهب جالسا في فزع !
أخذت تنظر إلي بتوتر و اضطراب و تتلفت يمنة و يسرة ، بينما أنا متخشب في مكاني ... لا اعرف ماذا افعل !
ببساطة لا أعرف ماذا أفعل !
ثم ماذا ؟
رفعت الوسادة المربعة الشكل التي كانت موضوعة فوق حضنها و غطت بها وجهها و هبّت واقفة مستترة خلف الوسادة ، و ركضت نحو الباب !
" رغد انتظري ! "
توقفت ، و هي لا تزال تخبئ رأسها خلف الوسادة و أنا لا أزال واقفا مكاني لا أعرف ما أفعل من المفاجأة !
ربما أخطأت و شغلت المكيف على وضع التدفئة ! الجو حار ... حار ... حار !
و قطرات العرق بدأت تتجمع على جبيني و شعري أيضا ... !
اعتقد أنه موقف لا يترك للمرء فرصة للتفكير ، ألا أنني تذكرت سيف ، و هو يجلس في موقع يسمح له برؤية العابر في الممر ... و الباب مفتوح !
" أأ ... صديقي هنا ... سأغلق الباب ... لحظة ... "
كانت تقف قرب الباب و حين أتممت جملتي تراجعت للوراء حتى التصقت بالجدار فسرت أنا نحو الباب و خرجت و عمدت إلى باب غرفة المعيشة فأغلقته دون أن أرفع بصري نحو سيف الذي و لا شك كان يراني ...
عدت بعدها للفتاة الملتصقة بالحائط و الوسادة ... وقلت باضطراب :
" أنا ... آسف ... لم أعلم ... أقصد لم أنتبه ... أأ... "
و لم أجد كلمة مناسبة !
مسحت العرق عن وجهي و قلت أخيرا :
" يمكنك الذهاب "
و أوليتها ظهري ، و سمعت خطاها تبتعد مسرعة...
تهالكت على نفس المقعد الكبير الذي كانت رغد نائمة فوقه و شعرت بالحرارة تزداد ...
لقد كان دافئا بل و حارا أيضا !
ما الذي يدفعك للنوم في هذا المكان و بدون تكييف !؟
و تتدثرين بالوسادة أيضا !
يا لك من فتاة !
لا أعرف كيف تسللت ابتسامة إلى قلبي ...
لا ! ليست ابتسامة بل شيء أكبر من ذلك
إنها ضحكة !
لم يكن ظرفا مناسبا للضحك و حالتي كما تعرفون هي أبعد ما تكون عن السعادة ، لكنه موقف أجبر ضحكتي على الانطلاق ...
لم يطل الأمر ... وقفت ، و أخذت أحدق بالمقعد الذي كانت رغد تنام عليه ... ثم أتحسسه بيدي
عندما كانت رغد صغيرة ، كنت أجعلها تنام فوق سريري و أظل أراقبها بعطف ...
و أداعب شعرها الأملس ...
كانت تحب أن تحتضن شيئا ما عند النوم ... كدمية قماشية أو بالونة أو حتى وسادة !
و كم كانت تبدو بريئة و ملائكية !
لم يكن لضحكتي تلك أي داع لأن تولد وسط مجتمع الدموع الحزينة ، سرعان ما لقت حتفها بغزو دمعة واحدة تسللت من بين حدقتي قهرا ... و حسرة ... على ما قد فقدت ...
تعليق