(( جزيرة الموت ))
كنت في رحلة سياحية إلى مصر ..
نعم ( أم الدنيا ) ..
أصر أبي أن يأخذنا لرحلة في مياه البحر المتوسط ..
كنت في حالة خوف ..
إني أخاف البحر كثيراً ..
يأتيني دورا البحر ..
لكني أحسست بإثارة بالنسبة لتلك الرحلة ..
الجميع وافق للذهاب لتلك الجولة في مياه البحر المتوسط ..
----
ها نحن الآن في صدد ركوب تلك السفينة ..
إنها عملاقة ..
تجذب النظر ..
بدأت أولى ساعات الرحلة بالضحك ..
كنا نستمتع بالجو ..
بالشمس ..
بالهواء ..
بضحكات الأطفال ..
تستعد الشمس الآن إلى المغيب ..
حسناً حسناً ..
لن تفوتني تلك اللحظة ..
سأجلب ( الكاميرا )
أقصد آلة التصوير ..
دقائق فقط ..
جلبتها و ها أنا ألتقط أولى الصور ..
-------
( رائعة رااااائعة )
هذا ما نطقت به أختي بشأن تلك الصور عندما رأتها ..
سألتها
( ما رأيك أن نخرج إلى سطح السفينة ؟؟ )
( كلا لا أريد الذهاب ، إنني مرهقة قليلاً )
( حسناً سأذهب لوحدي )
ذهبت لسطح السفينة ..
كان هناك مجموعة من الأطفال يلعبون ..
و صبايا يتأهبن للنزول ..
لم آبه بهم ..
فكل ما كان في بالي ..
هو الوقوف على تلك المنصة ..
كما في قصة ..
( روميو و جولييت )
نعم أنا حالمة جداً ..
و رومانسية ..
لا أتحمل الجروح البسيطة ..
وقفت كما فعلت جولييت ..
لم ينقصني سواه ..
لا أقصد أحداً ..
بل أقصد روميو ..
دعوني أضحك على مخيلتي التافهة ..
حسناً ..
ها أنا أستنشق ذرات الهواء ..
و أرى عتمة المساء ..
لكن أرى في الأفق خطاً أحمراً يتأهب للزوال ..
لا أعلم ما جال في فكري ..
لقد كنت خائفة ..
سمعت صوت خطوات قوية قادمة نحوي ..
التفت خلفي بسرعة ..
رأيت الأطفال يلعبون ( الغميضة ) ..
و أحدهم معصوب العينين جاء باتجاهي بسرعة ..
أردت النزول لكن لم أستطع ..
فقد علق طرف ثوبي بتلك الحدائد ..
نزلت لأقطعه ..
متجنبةً أن لا أسقط ..
لكن مشيئة الله أرادت ذلك ..
فقط اصطدم بي ذلك الشقي ..
و سقطت من أعلى السفينة ..
حتى ..
ميااااااه البحر ..
مياه باردة ..
ظلام دامس ..
محركات السفينة بأسفلي تماماً ..
و الكارثة الأعظم ..
(( لا أعرف السباحة ))
فما بالكم السباحة في مياه بحر عميق ..
ظللت أبكي بحرقة ..
أصرخ ..
لكن أولائك الأغبياء ذهبوا فور سماع صراخي ..
لم يخبروا أحدا خوفاً من العقاب ..
خوفاً من العقاب و أنا هنا أموت موتاً بطيئاً ..
ماذا أفعل ؟؟
لم أستطع الصمود ..
فقد ذهبت السفينة عني بعيداً ..
لم أستطع التنفس ..
فقد كنت خائفة من ما أسفل ..
و خائفة المجهول ..
و خائفة من
_- كمية الماء التي شربتها -_
-----
لم أعد استحمل ..
أشعة الشمس على عيني ..
أحس بدوار ..
و ثقل في عيناي ..
لا أستطيع أن أفتحهما ..
مرت دقائق طويلة
فتحت عيناي ببطئ ..
لا أرى سوى الضباب ..
بدأت تتضح لي الرؤية ..
أنا على شاطئ ..
رفعت رأسي لـ أرى من حولي ..
إنها جزيرة موحشة ..
يا إلهي ..
ما هذا ؟؟
ليس بها أي شيء يدل على أنها ..
( مأهولة بالسكان )
لقد وجدت الدموع طريقها لعيني ..
أشعر بالأسى ..
ماذا سأفعل ؟؟
كيف سأرجع لأهلي ؟؟
كيف ؟؟
صرخت بأعلى صوتي ..
أستنجد ..
ربما كان أحداً في الطرف المقابل ..
هناك ..
لكني خائفة ..
لقد حل الظلام و أنا أبكي ..
فعلاً غبية ..
ذهبت إلى هناك ..
تحت جذع تلك الشجرة ..
عقدت عزمي على أن لا أنام ..
ظللت طوال الليل أدعو ربي أن ينقذني ..
أن ييسر لي أمري ..
طوال الليل و أنا أبكي ..
و أقرأ ما تيسر لي من ذكر الله ..
ظللت أناجي ربي ..
سمعت أصواتاً ..
ربما من مخيلتي ..
لكنه مخيف ..
عشت اثنا عشر ساعةً ..
في بكاء و عويل ..
و ذكر الله ..
لم أذق النوم ..
و لا أنكر أني ارتحت قليلاً ..
و عقدت العزم ..
على أن ما إن يحل الصباح حتى أبحث عن الحياة في الضفة المقابلة ..
ها قد ظهرت أشعة الشمس ..
تحاكي رمال الشاطئ ..
و موج البحر هذا ..
و أنا عازمة على النجاة من هذه المأساة ..
اتجهت نحو الضفة المقابلة ..
كنت أصرخ ..
ربما يسمع أحدٌ ما صراخي ..
و ينقذني ..
لففت الجزيرة كلها ..
لم اجد أحداً ..
إن حظي ليس جيداً ..
آآآآآآه
لقد تعبت ..
سيحل المساء بعد أربع ساعات ..
ماذا سأفعل ..
أقترح أن أبني لي عشاً ..
أقصد كوخاً يحميني من الحشرات و الحيوانات ربما ..
بالفعل بدأت في جمع سيقان الخيزران اليابسة ..
و وجدت ألواحاً يبدو أنها لقارب متحطم بالقرب من الشاطئ ..
لم يكن لدي ما أثبته بها كالمسامير ..
لكن وجدت حبالاً ..
أخذتها و ما إن بدأت أن أثبت بها الألواح و الخيزران حتى ..
(( تقطعت ))
لقد يأست و بكيت ..
دعوت الله أن يكون في عوني ..
و في تلك الأثناء ..
شعرت بأهمية المسامير و الحبال التي ألقيتها في باحة منزلنا الخلفية ..
ذهبت نحو البحر و قررت أن أغسل وجهي و أرجع للعمل ..
أحسست بالجوع ..
أنا منذ أن ركبت السفينة لم أذق شيئاً ..
و الخوف هنا كان مسيطر علي تماماً ..
و لم أشعر بشيء ..
ماذا آكل ؟؟
لا شيء
لا شيء هناااااا
(( أنقذونـــــــــــــــــي ))
صرختها بكل ما أوتيت من قوة
لم أجد أي إشارة سوى صدى الكلمة التي نطقتها ..
رجعت للعمل على ذلك المنزل ..
أقصد الكوخ الصغير ..
لا أعرف بماذا أثبت تلك الألواح ..
وضعت يداي على خصري و أنا انظر حوالي ..
نعم إنها تلك الشجرة ..
نعم هي ..
أوراقها الطويلة ..
و التي لا تتقطع بسهولة ..
سوف أثبت الألواح بها ..
قمت بجلبها ..
جلبت كمية لا بأس بها ..
بالفعل بدأت العمل على كوخي الصغير ..
آآآآآآه
زفرتها من صدري المليء بالحسرة ..
بعد أن انتهيت من بناء كوخي ..
ذرفت دمعة فرح ..
لكن ..
رأيت أن الشمس توشك على الغروب ..
لم يبقى إلا أقل من نصف ساعة ..
يجب أن أبحث عن ما أسد به رمقي و جوعي ..
أخذت بالدوران حول الجزيرة ..
كانت الشجيرات متداخلة و لا يمكن أن أرى عبرها ..
قررت أن أدخل إليها ..
ربما أجد شيئاً ..
بالفعل دخلت ..
رأيت شجيرات صغيرة ..
نزلت لمستواها ..
وجدت أنها تحتوي على ثمرات صغيرة الحجم ..
قطفت أحدها ..
إن طعمها حلوٌ ..
أخذت بقطف كل ثمرات الشجيرة التي أمامي ..
و البقية سأقطفها فيما بعد ..
نزعت سترتي و وضعت بها الثمرات ..
بقيت بقميصي ..
شعرت بالبرد ..
لكنها لحظات حتى أوصل للكوخ و ألبس سترتي ..
أردت أن أذهب ف الشمس ستغرب بعد لحظات ..
وقفت ..
و نظرت للأعلى ..
رأيت شجرة جوز الهند ..
و لحسن حظي أنها قصيرة و ليست فارعة الطول ..
تسلقتها بسرعة و قطفت ثمرتان ..
و وضعتهما مع الثمرات ..
و ركضت نحو الكوخ ..
ف الشمس قد غربت ..
قمت بأداء الصلاة ..
بعد أن لففت سترتي على رأسي ..
فحجابي سقط مع سقوطي من السفينة ..
لم أعرف الجهات ..
فصليت ناحية البحر ..
استغفرت ربي ..
فخوفي بالأمس لم يجعل لي عقلاً لأصلي ..
جلست بعد صلاتي لآكل ..
كنت جائعة ..
التهمت الثمرات و جعلت للغد حصةً ..
و أردت أن أكسر تلك الجوزات ..
و بعد جهد استطعت ذلك ..
كنت متعبة جداً ..
فنمت و أنا أرجو أن أكون في حلم و أنهض منه في الصباح ..
-----
الصباح التالي ..
قمت و أديت صلاة الفجر ..
و جلست انظر للسماء ..
أكلت تلك الثمرات من الأمس ..
و عزمت أن استكشف هذه الجزيرة ..
قمت بالسير في داخلها ..
و اكتشفت مناطق بها ثمرات لذيذة ..
و رأيت بئر ماء عذب ..
وجدت حقيبة ..
لم أعلم ما بها ..
لكنها تبدو و كأنها حقيبة سفر ..
هرعت نحوها آملةً بأن يكون بها ما يقيني من البرد ..
فتحتها ..
بها ملابس ..
بعض أدوات الزينة ..
مالاً ..
كيس مليء بالحلوى ..
سترة صوفية ثقيلة ..
أخذت بارتدائها ..
إنها دافئة ..
أخرجت ما بالحقيبة ..
وجدت معلبات تحت الملابس ..
(( علبة تونة – حمص – جبنة مطبوخة ))
الآن عرفت أهميتها ..
فقد كنت أصرخ على الخادمة عندما أطلب منها العشاء ..
و تحضر لي هذه الأصناف ..
حمدت الله ..
فقد يسد جوعي ..
أخذت برد كل شيء للحقيبة و سحبتها إلى الكوخ ..
نظرت للشمس ..
إنها في منتصف السماء ..
فجأة مر نسيم بارد ..
أخذت بشد السترة على جسدي ..
و صليت فرضي ..
و هرعت إلى الجبل الذي يعتبر أعلى نقطة في الجزيرة ..
ليس بشاهق الارتفاع ..
بل متوسط ..
أعلى عن منزلي في الإمارات بقليل ..
وصلت لقمته ..
و رأيت الجزيرة بأكملها ..
و المياه من حولها ..
التفت إلى الوراء ..
ربما أرى حركة أو ما شابه ..
و أنقذ نفسي ..
لكن ..
لا يوجد شيء ..
لا حركة ..
سوى حركة الأشجار و الموج ..
و لا صوت ..
سوى صوت حركة الشجر و حركة الموج ..
زفرت زفرة قوية ..
و قررت النزول ..
وضعت رجلي على حجر كبير ..
لم أنتبه أنه قابل للسقوط ..
ما إن وضعت رجلي ..
حتى سقطت ..
سقطت لأسفل الجبل ..
و مع لحظة اصطدامي بالأرض سمعت صوت ضحكات عالية ..
ضحكات ميزتها ..
ضحكة أبي و أمي و أختي ..
نعم هم ..
التفت للخلف ..
رأيتهم واقفون و ينظرون لي ..
تردد على مسامعي صوت والدي ..
(( هيا انهضي سنتأخر على الطائرة ))
انتبهت ..
و رجعت لي الذاكرة ..
و اكتشفت أنه
مجرد
(( حلم مزعج ))
آآآآآآآآه الحمدالله ..
و عدت للحياة الطبيعية ..
و لم أخبر أحداً عن هذا الحلم ..
لأنه عبارة عن احد أحلامي التي أعيشها ..
دائماً و يومياً ..
نهضت من فراشي و أنا أردد جملتي المعتادة بعد كل حلم ..
(( الحمدالله .. كان حلم على جزيرة الموت ))
كنت في رحلة سياحية إلى مصر ..
نعم ( أم الدنيا ) ..
أصر أبي أن يأخذنا لرحلة في مياه البحر المتوسط ..
كنت في حالة خوف ..
إني أخاف البحر كثيراً ..
يأتيني دورا البحر ..
لكني أحسست بإثارة بالنسبة لتلك الرحلة ..
الجميع وافق للذهاب لتلك الجولة في مياه البحر المتوسط ..
----
ها نحن الآن في صدد ركوب تلك السفينة ..
إنها عملاقة ..
تجذب النظر ..
بدأت أولى ساعات الرحلة بالضحك ..
كنا نستمتع بالجو ..
بالشمس ..
بالهواء ..
بضحكات الأطفال ..
تستعد الشمس الآن إلى المغيب ..
حسناً حسناً ..
لن تفوتني تلك اللحظة ..
سأجلب ( الكاميرا )
أقصد آلة التصوير ..
دقائق فقط ..
جلبتها و ها أنا ألتقط أولى الصور ..
-------
( رائعة رااااائعة )
هذا ما نطقت به أختي بشأن تلك الصور عندما رأتها ..
سألتها
( ما رأيك أن نخرج إلى سطح السفينة ؟؟ )
( كلا لا أريد الذهاب ، إنني مرهقة قليلاً )
( حسناً سأذهب لوحدي )
ذهبت لسطح السفينة ..
كان هناك مجموعة من الأطفال يلعبون ..
و صبايا يتأهبن للنزول ..
لم آبه بهم ..
فكل ما كان في بالي ..
هو الوقوف على تلك المنصة ..
كما في قصة ..
( روميو و جولييت )
نعم أنا حالمة جداً ..
و رومانسية ..
لا أتحمل الجروح البسيطة ..
وقفت كما فعلت جولييت ..
لم ينقصني سواه ..
لا أقصد أحداً ..
بل أقصد روميو ..
دعوني أضحك على مخيلتي التافهة ..
حسناً ..
ها أنا أستنشق ذرات الهواء ..
و أرى عتمة المساء ..
لكن أرى في الأفق خطاً أحمراً يتأهب للزوال ..
لا أعلم ما جال في فكري ..
لقد كنت خائفة ..
سمعت صوت خطوات قوية قادمة نحوي ..
التفت خلفي بسرعة ..
رأيت الأطفال يلعبون ( الغميضة ) ..
و أحدهم معصوب العينين جاء باتجاهي بسرعة ..
أردت النزول لكن لم أستطع ..
فقد علق طرف ثوبي بتلك الحدائد ..
نزلت لأقطعه ..
متجنبةً أن لا أسقط ..
لكن مشيئة الله أرادت ذلك ..
فقط اصطدم بي ذلك الشقي ..
و سقطت من أعلى السفينة ..
حتى ..
ميااااااه البحر ..
مياه باردة ..
ظلام دامس ..
محركات السفينة بأسفلي تماماً ..
و الكارثة الأعظم ..
(( لا أعرف السباحة ))
فما بالكم السباحة في مياه بحر عميق ..
ظللت أبكي بحرقة ..
أصرخ ..
لكن أولائك الأغبياء ذهبوا فور سماع صراخي ..
لم يخبروا أحدا خوفاً من العقاب ..
خوفاً من العقاب و أنا هنا أموت موتاً بطيئاً ..
ماذا أفعل ؟؟
لم أستطع الصمود ..
فقد ذهبت السفينة عني بعيداً ..
لم أستطع التنفس ..
فقد كنت خائفة من ما أسفل ..
و خائفة المجهول ..
و خائفة من
_- كمية الماء التي شربتها -_
-----
لم أعد استحمل ..
أشعة الشمس على عيني ..
أحس بدوار ..
و ثقل في عيناي ..
لا أستطيع أن أفتحهما ..
مرت دقائق طويلة
فتحت عيناي ببطئ ..
لا أرى سوى الضباب ..
بدأت تتضح لي الرؤية ..
أنا على شاطئ ..
رفعت رأسي لـ أرى من حولي ..
إنها جزيرة موحشة ..
يا إلهي ..
ما هذا ؟؟
ليس بها أي شيء يدل على أنها ..
( مأهولة بالسكان )
لقد وجدت الدموع طريقها لعيني ..
أشعر بالأسى ..
ماذا سأفعل ؟؟
كيف سأرجع لأهلي ؟؟
كيف ؟؟
صرخت بأعلى صوتي ..
أستنجد ..
ربما كان أحداً في الطرف المقابل ..
هناك ..
لكني خائفة ..
لقد حل الظلام و أنا أبكي ..
فعلاً غبية ..
ذهبت إلى هناك ..
تحت جذع تلك الشجرة ..
عقدت عزمي على أن لا أنام ..
ظللت طوال الليل أدعو ربي أن ينقذني ..
أن ييسر لي أمري ..
طوال الليل و أنا أبكي ..
و أقرأ ما تيسر لي من ذكر الله ..
ظللت أناجي ربي ..
سمعت أصواتاً ..
ربما من مخيلتي ..
لكنه مخيف ..
عشت اثنا عشر ساعةً ..
في بكاء و عويل ..
و ذكر الله ..
لم أذق النوم ..
و لا أنكر أني ارتحت قليلاً ..
و عقدت العزم ..
على أن ما إن يحل الصباح حتى أبحث عن الحياة في الضفة المقابلة ..
ها قد ظهرت أشعة الشمس ..
تحاكي رمال الشاطئ ..
و موج البحر هذا ..
و أنا عازمة على النجاة من هذه المأساة ..
اتجهت نحو الضفة المقابلة ..
كنت أصرخ ..
ربما يسمع أحدٌ ما صراخي ..
و ينقذني ..
لففت الجزيرة كلها ..
لم اجد أحداً ..
إن حظي ليس جيداً ..
آآآآآآه
لقد تعبت ..
سيحل المساء بعد أربع ساعات ..
ماذا سأفعل ..
أقترح أن أبني لي عشاً ..
أقصد كوخاً يحميني من الحشرات و الحيوانات ربما ..
بالفعل بدأت في جمع سيقان الخيزران اليابسة ..
و وجدت ألواحاً يبدو أنها لقارب متحطم بالقرب من الشاطئ ..
لم يكن لدي ما أثبته بها كالمسامير ..
لكن وجدت حبالاً ..
أخذتها و ما إن بدأت أن أثبت بها الألواح و الخيزران حتى ..
(( تقطعت ))
لقد يأست و بكيت ..
دعوت الله أن يكون في عوني ..
و في تلك الأثناء ..
شعرت بأهمية المسامير و الحبال التي ألقيتها في باحة منزلنا الخلفية ..
ذهبت نحو البحر و قررت أن أغسل وجهي و أرجع للعمل ..
أحسست بالجوع ..
أنا منذ أن ركبت السفينة لم أذق شيئاً ..
و الخوف هنا كان مسيطر علي تماماً ..
و لم أشعر بشيء ..
ماذا آكل ؟؟
لا شيء
لا شيء هناااااا
(( أنقذونـــــــــــــــــي ))
صرختها بكل ما أوتيت من قوة
لم أجد أي إشارة سوى صدى الكلمة التي نطقتها ..
رجعت للعمل على ذلك المنزل ..
أقصد الكوخ الصغير ..
لا أعرف بماذا أثبت تلك الألواح ..
وضعت يداي على خصري و أنا انظر حوالي ..
نعم إنها تلك الشجرة ..
نعم هي ..
أوراقها الطويلة ..
و التي لا تتقطع بسهولة ..
سوف أثبت الألواح بها ..
قمت بجلبها ..
جلبت كمية لا بأس بها ..
بالفعل بدأت العمل على كوخي الصغير ..
آآآآآآه
زفرتها من صدري المليء بالحسرة ..
بعد أن انتهيت من بناء كوخي ..
ذرفت دمعة فرح ..
لكن ..
رأيت أن الشمس توشك على الغروب ..
لم يبقى إلا أقل من نصف ساعة ..
يجب أن أبحث عن ما أسد به رمقي و جوعي ..
أخذت بالدوران حول الجزيرة ..
كانت الشجيرات متداخلة و لا يمكن أن أرى عبرها ..
قررت أن أدخل إليها ..
ربما أجد شيئاً ..
بالفعل دخلت ..
رأيت شجيرات صغيرة ..
نزلت لمستواها ..
وجدت أنها تحتوي على ثمرات صغيرة الحجم ..
قطفت أحدها ..
إن طعمها حلوٌ ..
أخذت بقطف كل ثمرات الشجيرة التي أمامي ..
و البقية سأقطفها فيما بعد ..
نزعت سترتي و وضعت بها الثمرات ..
بقيت بقميصي ..
شعرت بالبرد ..
لكنها لحظات حتى أوصل للكوخ و ألبس سترتي ..
أردت أن أذهب ف الشمس ستغرب بعد لحظات ..
وقفت ..
و نظرت للأعلى ..
رأيت شجرة جوز الهند ..
و لحسن حظي أنها قصيرة و ليست فارعة الطول ..
تسلقتها بسرعة و قطفت ثمرتان ..
و وضعتهما مع الثمرات ..
و ركضت نحو الكوخ ..
ف الشمس قد غربت ..
قمت بأداء الصلاة ..
بعد أن لففت سترتي على رأسي ..
فحجابي سقط مع سقوطي من السفينة ..
لم أعرف الجهات ..
فصليت ناحية البحر ..
استغفرت ربي ..
فخوفي بالأمس لم يجعل لي عقلاً لأصلي ..
جلست بعد صلاتي لآكل ..
كنت جائعة ..
التهمت الثمرات و جعلت للغد حصةً ..
و أردت أن أكسر تلك الجوزات ..
و بعد جهد استطعت ذلك ..
كنت متعبة جداً ..
فنمت و أنا أرجو أن أكون في حلم و أنهض منه في الصباح ..
-----
الصباح التالي ..
قمت و أديت صلاة الفجر ..
و جلست انظر للسماء ..
أكلت تلك الثمرات من الأمس ..
و عزمت أن استكشف هذه الجزيرة ..
قمت بالسير في داخلها ..
و اكتشفت مناطق بها ثمرات لذيذة ..
و رأيت بئر ماء عذب ..
وجدت حقيبة ..
لم أعلم ما بها ..
لكنها تبدو و كأنها حقيبة سفر ..
هرعت نحوها آملةً بأن يكون بها ما يقيني من البرد ..
فتحتها ..
بها ملابس ..
بعض أدوات الزينة ..
مالاً ..
كيس مليء بالحلوى ..
سترة صوفية ثقيلة ..
أخذت بارتدائها ..
إنها دافئة ..
أخرجت ما بالحقيبة ..
وجدت معلبات تحت الملابس ..
(( علبة تونة – حمص – جبنة مطبوخة ))
الآن عرفت أهميتها ..
فقد كنت أصرخ على الخادمة عندما أطلب منها العشاء ..
و تحضر لي هذه الأصناف ..
حمدت الله ..
فقد يسد جوعي ..
أخذت برد كل شيء للحقيبة و سحبتها إلى الكوخ ..
نظرت للشمس ..
إنها في منتصف السماء ..
فجأة مر نسيم بارد ..
أخذت بشد السترة على جسدي ..
و صليت فرضي ..
و هرعت إلى الجبل الذي يعتبر أعلى نقطة في الجزيرة ..
ليس بشاهق الارتفاع ..
بل متوسط ..
أعلى عن منزلي في الإمارات بقليل ..
وصلت لقمته ..
و رأيت الجزيرة بأكملها ..
و المياه من حولها ..
التفت إلى الوراء ..
ربما أرى حركة أو ما شابه ..
و أنقذ نفسي ..
لكن ..
لا يوجد شيء ..
لا حركة ..
سوى حركة الأشجار و الموج ..
و لا صوت ..
سوى صوت حركة الشجر و حركة الموج ..
زفرت زفرة قوية ..
و قررت النزول ..
وضعت رجلي على حجر كبير ..
لم أنتبه أنه قابل للسقوط ..
ما إن وضعت رجلي ..
حتى سقطت ..
سقطت لأسفل الجبل ..
و مع لحظة اصطدامي بالأرض سمعت صوت ضحكات عالية ..
ضحكات ميزتها ..
ضحكة أبي و أمي و أختي ..
نعم هم ..
التفت للخلف ..
رأيتهم واقفون و ينظرون لي ..
تردد على مسامعي صوت والدي ..
(( هيا انهضي سنتأخر على الطائرة ))
انتبهت ..
و رجعت لي الذاكرة ..
و اكتشفت أنه
مجرد
(( حلم مزعج ))
آآآآآآآآه الحمدالله ..
و عدت للحياة الطبيعية ..
و لم أخبر أحداً عن هذا الحلم ..
لأنه عبارة عن احد أحلامي التي أعيشها ..
دائماً و يومياً ..
نهضت من فراشي و أنا أردد جملتي المعتادة بعد كل حلم ..
(( الحمدالله .. كان حلم على جزيرة الموت ))
تعليق