كتب:د. خالد القحص
«للخطايا ثمن» مسلسل درامي من المقرر عرضه على قناة ام بي سي في شهر رمضان المبارك، يثير ضجة كبيرة ومتنامية هذه الأيام بسبب تعرضه لموضوعات حساسة من الناحية الدينية (زواج المتعة والزواج العرفي)، ومن الناحية الاجتماعية (عبدة الشيطان)، بالاضافة الى اعطاء صورة مشوهة وخاطئة عن المجتمع الكويتي من خلال لباس الممثلات الفاضح والسلوكيات الغريبة والشاذة عن المجتمع، والتي يصورها المسلسل على أنها ظاهرة!.
ويرى القائمون على مسلسل (للخطايا ثمن) أن من حقهم اثارة المشكلات الاجتماعية وعرضها لأن دور الدراما هو في تسليط الضوء على الممارسات السلبية والخاطئة لكي يتنبه لها الجمهور والمسؤولون عن تلك الظاهرة، ويدفع منتج العمل بأن موضوع زواج المتعة يتم استغلاله بشكل سيئ من قبل البعض، تماماً كما أنه يوجد هناك استغلال سيئ لزواج المسيار والزواج العرفي واستغلال للدين واستغلال للمنصب، وهكذا في جميع الممارسات الاجتماعية. كما يرون بأنه يجب انتظار عرض العمل لكي نحكم عليه قبل أن نمارس وصاية فكرية بالمنع لمجرد انطباع مشوه عن المسلسل.
في حين يرى المعارضون للمسلسل بأنه تعرض لقضية حساسة لدى الاخوة الشيعة وهي زواج المتعة وعرضها بصورة مشوهة، مع الأخذ بالاعتبار الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة عموماً، مما يهدد الوحدة الوطنية ويثير الفتنة الطائفية في الكويت وفي الخليج، وأن هناك خطوطاً حمراء يجب ألا يتعداها مؤلفو ومنتجو المسلسلات، وهي التي تتعلق بالدين والمذاهب الدينية.
الأعمال الدرامية الكويتية في الآونة الأخيرة (بشكل عام) بدأت تهبط في مستوى القصة والحبكة الدرامية وتطور الشخصيات (الرئيسية والثانوية)، كما أن السيناريو تتم كتابته على عجل وبطريقة فيها الكثير من الركاكة والضعف في ظل غياب الحرفية والمهنية، الأمر الذي يعزز من فرص وجود الخطأ، ومن غلبة الاتجاه التجاري على الاتجاه الفني والقيمي للعمل الدرامي، مما يدعونا الى التساؤل حول الدور السيئ الذي تلعبه الدراما الكويتية في تشويه المجتمع الكويتي بصورة لم يسبق لها أن لعبته، حيث يتم تعميم الظواهر السلبية وتكريسها وتعزيزها (الشذوذ الجنسي، البويه، المخدرات، العلاقات قبل الزواج) واللباس الفاضح للممثلات بشكل متعمد ومستفز لمشاعر المشاهدين لاسيما وأن أغلب هذه الأعمال تعرض في شهر رمضان المبارك!.
أنا شخصياً ضد اقحام الموضوعات الدينية الحساسة في الأعمال الدرامية، خصوصا اذا صاحب هذا الاقحام ضعف النص الدرامي وبحثه عن الاثارة وغياب الشعور بالمسؤولية، فحينها تغدو الصورة أبشع وأخطر! الجمهور العربي (و الخليجي جزء منه) لم يتعود على طرح الموضوعات الجريئة والحساسة في اعلامنا، وبالتالي فتفسير الرسالة الاعلامية التي تحمل موضوعاً حساساً قد لا يكون بالصورة التي يريدها مرسل تلك الرسالة، وكما تشير الأدبيات الاعلامية، فان تفسير النص الاعلامي (المقال، الخبر، المسلسل، المسرحية، الفيلم، البرنامج الحواري...الخ) ليس بيد الوسيلة الاعلامية أو المرسل، بل هو بيد الجمهور الذي يتعامل مع النص الاعلامي بحسب خبراته وبحسب صفاته الديموغرافية، الأمر الذي يجعل أي قضية ـ تقريباًـ معرضة للقبول والرفض، ومعرضة ـ أيضاًـ للنقاش والجدال، والاعلام بطبيعته وبحسب فرضياته جدلي ومثير للنقاش وليس فيه رأي واحد قاطع ومحدد، فما تراه أنت صحيحاً، قد يراه آخر خطأً محضاً، والذي يتعاطى الشأن الاعلامي يدرك ما أقول.
وعودة إلى المسلسل، أعتقد أن المؤلف كان في غنى عن طرح مثل هذه الموضوعات الحساسة، وبطريقة متعجلة وسريعة في عمل درامي رمضاني، فالفعل كان خطأ في ظني. وبالمقابل، فأعتقد أن رد الفعل كان خطأ كذلك حيث تم تسييس الموضوع وتصعيده بطريقة سريعة ككرة الثلج، وبانفعالية بحيث بدأنا نسمع عن مطالبات باغلاق مكتب ام بي سي، وتبنى التكتل السعبي هذه القضية حيث أخذ يهدد باستجواب وزير الاعلام، وهناك وفد من بعض الأعضاء قابل سمو رئيس الوزراء بهذا الخصوص، كما قرأنا في بعض الصحف بأن مسلم البراك سيطلب من بعض الأمراء السعوديين ضرورة التدخل لوقف عرض البرنامج على اعتبار أن القناة سعودية، كما بدأ تداول الرسائل الهاتفية بشكل متسارع وشامل.
من حقنا كجمهور (سنة وشيعة) أن نغضب من عرض مثل هذه الموضوعات الحساسة والجريئة وبطريقة مشوهة أو خاطئة، وأنا لا أمانع من أن تناقش وسائل الاعلام أي موضوع حساس أو جريء، ولكن التحدي يكمن في المعالجة وفي طريقة التناول: هل هي للاثارة الاعلامية أو للتوعية؟
لقد حصل المسلسل على اعلان مجاني لم يكن يحلم به، وسيقبل الناس على مشاهدته، ربما ليس لقيمته الفنية أو لجودة الحبكة الدرامية، بل للجدل الذي دار حوله! ان طبيعة الناس عجيبة، حيث يقبلون على أي عمل تثور حوله ضجة اعلامية، ولذا يثيرهم ـمثلاًـ رد على مقال أكثر من المقال الأصلي نفسه، ويجذبهم التنويه إلى خطأ أكثر من الخطأ نفسه، ومن هنا ننصح بالمعالجة الهادئة والمباشرة والمتزنة التي تحقق نتائج أفضل مما تحققه ردود الأفعال المتشنجة أو الاقصائية! ان الوحدة الوطنية أقوى من أن تخدشها مشاهد حول موضوع حساس، وأن الفتنة ليس من السهل أن يوقظها مقال هنا أو برنامج هناك، فلنحاور الفكر بالفكر والرأي بالرأي، فهذا أفضل لقضيتنا وأفكارنا وتوجهاتنا، ومبارك عليكم الشهر.
هذا قبل لا ينعرض اكثرت بلبلته الله يستر اذا بيعرضونه :s
«للخطايا ثمن» مسلسل درامي من المقرر عرضه على قناة ام بي سي في شهر رمضان المبارك، يثير ضجة كبيرة ومتنامية هذه الأيام بسبب تعرضه لموضوعات حساسة من الناحية الدينية (زواج المتعة والزواج العرفي)، ومن الناحية الاجتماعية (عبدة الشيطان)، بالاضافة الى اعطاء صورة مشوهة وخاطئة عن المجتمع الكويتي من خلال لباس الممثلات الفاضح والسلوكيات الغريبة والشاذة عن المجتمع، والتي يصورها المسلسل على أنها ظاهرة!.
ويرى القائمون على مسلسل (للخطايا ثمن) أن من حقهم اثارة المشكلات الاجتماعية وعرضها لأن دور الدراما هو في تسليط الضوء على الممارسات السلبية والخاطئة لكي يتنبه لها الجمهور والمسؤولون عن تلك الظاهرة، ويدفع منتج العمل بأن موضوع زواج المتعة يتم استغلاله بشكل سيئ من قبل البعض، تماماً كما أنه يوجد هناك استغلال سيئ لزواج المسيار والزواج العرفي واستغلال للدين واستغلال للمنصب، وهكذا في جميع الممارسات الاجتماعية. كما يرون بأنه يجب انتظار عرض العمل لكي نحكم عليه قبل أن نمارس وصاية فكرية بالمنع لمجرد انطباع مشوه عن المسلسل.
في حين يرى المعارضون للمسلسل بأنه تعرض لقضية حساسة لدى الاخوة الشيعة وهي زواج المتعة وعرضها بصورة مشوهة، مع الأخذ بالاعتبار الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة عموماً، مما يهدد الوحدة الوطنية ويثير الفتنة الطائفية في الكويت وفي الخليج، وأن هناك خطوطاً حمراء يجب ألا يتعداها مؤلفو ومنتجو المسلسلات، وهي التي تتعلق بالدين والمذاهب الدينية.
الأعمال الدرامية الكويتية في الآونة الأخيرة (بشكل عام) بدأت تهبط في مستوى القصة والحبكة الدرامية وتطور الشخصيات (الرئيسية والثانوية)، كما أن السيناريو تتم كتابته على عجل وبطريقة فيها الكثير من الركاكة والضعف في ظل غياب الحرفية والمهنية، الأمر الذي يعزز من فرص وجود الخطأ، ومن غلبة الاتجاه التجاري على الاتجاه الفني والقيمي للعمل الدرامي، مما يدعونا الى التساؤل حول الدور السيئ الذي تلعبه الدراما الكويتية في تشويه المجتمع الكويتي بصورة لم يسبق لها أن لعبته، حيث يتم تعميم الظواهر السلبية وتكريسها وتعزيزها (الشذوذ الجنسي، البويه، المخدرات، العلاقات قبل الزواج) واللباس الفاضح للممثلات بشكل متعمد ومستفز لمشاعر المشاهدين لاسيما وأن أغلب هذه الأعمال تعرض في شهر رمضان المبارك!.
أنا شخصياً ضد اقحام الموضوعات الدينية الحساسة في الأعمال الدرامية، خصوصا اذا صاحب هذا الاقحام ضعف النص الدرامي وبحثه عن الاثارة وغياب الشعور بالمسؤولية، فحينها تغدو الصورة أبشع وأخطر! الجمهور العربي (و الخليجي جزء منه) لم يتعود على طرح الموضوعات الجريئة والحساسة في اعلامنا، وبالتالي فتفسير الرسالة الاعلامية التي تحمل موضوعاً حساساً قد لا يكون بالصورة التي يريدها مرسل تلك الرسالة، وكما تشير الأدبيات الاعلامية، فان تفسير النص الاعلامي (المقال، الخبر، المسلسل، المسرحية، الفيلم، البرنامج الحواري...الخ) ليس بيد الوسيلة الاعلامية أو المرسل، بل هو بيد الجمهور الذي يتعامل مع النص الاعلامي بحسب خبراته وبحسب صفاته الديموغرافية، الأمر الذي يجعل أي قضية ـ تقريباًـ معرضة للقبول والرفض، ومعرضة ـ أيضاًـ للنقاش والجدال، والاعلام بطبيعته وبحسب فرضياته جدلي ومثير للنقاش وليس فيه رأي واحد قاطع ومحدد، فما تراه أنت صحيحاً، قد يراه آخر خطأً محضاً، والذي يتعاطى الشأن الاعلامي يدرك ما أقول.
وعودة إلى المسلسل، أعتقد أن المؤلف كان في غنى عن طرح مثل هذه الموضوعات الحساسة، وبطريقة متعجلة وسريعة في عمل درامي رمضاني، فالفعل كان خطأ في ظني. وبالمقابل، فأعتقد أن رد الفعل كان خطأ كذلك حيث تم تسييس الموضوع وتصعيده بطريقة سريعة ككرة الثلج، وبانفعالية بحيث بدأنا نسمع عن مطالبات باغلاق مكتب ام بي سي، وتبنى التكتل السعبي هذه القضية حيث أخذ يهدد باستجواب وزير الاعلام، وهناك وفد من بعض الأعضاء قابل سمو رئيس الوزراء بهذا الخصوص، كما قرأنا في بعض الصحف بأن مسلم البراك سيطلب من بعض الأمراء السعوديين ضرورة التدخل لوقف عرض البرنامج على اعتبار أن القناة سعودية، كما بدأ تداول الرسائل الهاتفية بشكل متسارع وشامل.
من حقنا كجمهور (سنة وشيعة) أن نغضب من عرض مثل هذه الموضوعات الحساسة والجريئة وبطريقة مشوهة أو خاطئة، وأنا لا أمانع من أن تناقش وسائل الاعلام أي موضوع حساس أو جريء، ولكن التحدي يكمن في المعالجة وفي طريقة التناول: هل هي للاثارة الاعلامية أو للتوعية؟
لقد حصل المسلسل على اعلان مجاني لم يكن يحلم به، وسيقبل الناس على مشاهدته، ربما ليس لقيمته الفنية أو لجودة الحبكة الدرامية، بل للجدل الذي دار حوله! ان طبيعة الناس عجيبة، حيث يقبلون على أي عمل تثور حوله ضجة اعلامية، ولذا يثيرهم ـمثلاًـ رد على مقال أكثر من المقال الأصلي نفسه، ويجذبهم التنويه إلى خطأ أكثر من الخطأ نفسه، ومن هنا ننصح بالمعالجة الهادئة والمباشرة والمتزنة التي تحقق نتائج أفضل مما تحققه ردود الأفعال المتشنجة أو الاقصائية! ان الوحدة الوطنية أقوى من أن تخدشها مشاهد حول موضوع حساس، وأن الفتنة ليس من السهل أن يوقظها مقال هنا أو برنامج هناك، فلنحاور الفكر بالفكر والرأي بالرأي، فهذا أفضل لقضيتنا وأفكارنا وتوجهاتنا، ومبارك عليكم الشهر.
هذا قبل لا ينعرض اكثرت بلبلته الله يستر اذا بيعرضونه :s
تعليق