[gdwl]
الايمان بالقضاء والقدر خيره وشره، حلوه ومره، ركن من اركان الايمان، والله قدر الاشياء في القدم، وعلم انها ستقع في اوقات معلومة، وعلى صفات مخصوصة، فتقع على حساب ما قدرها سبحانه، والاعمال تنسب الى العباد فعلا وكسبا، وتضاف الى الله خلقا وايجادا، وليس في هذا معنى الاجبار والاكراه والقهر، لان العبد له مشيئة وارادة واختيار.
والقدر عقيدة في القلب وغيب لا يعلمه الا الله، وهو سر الله في خلقه، لم يطلع عليه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا يجوز الاحتجاج به لتبرير المعاصي وارتكاب الآثام، فالعبد حينما يرتكب محرما انما يرتكبه بدافع الشهوة والهوى، لا امتثال للقدر، لانه لم يطلع عليه، وهو غيب عنه، ولا نعلم ان الامر مقدر الا بعد وقوعه، ولا يجوز لاحد ان يقول: كتب الله علي ان اسرق، فانا ذاهب لتنفيذ قدره! فهل اطلع على اللوح المحفوظ فقرأ ما فيه؟! وهل اذا سرق ماله يسكت ويستسلم، ويقول هذا قضاء الله وقدره؟! ام انه يقيم الدينا ويقعدها؟! والله يحاسب العبد حسب النية والباعث على الفعل. قيل لعبدالله بن عمر: ان قوما يزنون ويشربون الخمر، ويسرقون ويقتلون النفس، ويقولون: كان ذلك في علم الله! فلم نجد بُدا منه، فغضب ابن عمر، وقال: سبحان الله العظيم، قد كان في علم الله انهم يفعلون ذلك، ولم يحملهم علم الله على فعلها، مثل علم الله فيكم، كمثل السماء التي اظلتكم، والارض التي اقلتكم، فكما لا تستطيعون الخروج من السماء والارض، كذلك لا تستطيعون الخروج من علم الله، وكما لا تحملكم السماء والارض على الذنوب، كذلك لا يحملكم علم الله عليها. ثم قال ابن عمر: لعبد يعمل المعصية ثم يقر بذنبه على نفسه احب الي من عبد يصوم النهار ويقوم الليل ويقول: ان الله يفعل الخطيئة فيه! ونحن نرد الاقدار بالاقدار، فالجوع قدر، وندفعه بقدر الطعام، والمرض قدر، ونرده بقدر التداوي، وقد قيل: يا رسول الله، ارأيت ادوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، اترد من قدر الله شيئا؟ فقال: هي من قدر الله.
وقد ظهر الاختلاف في موضوع القدر منذ القرون الاولى، حينما اظهر معبد الجهني القول بنفي القدر وقد اخذ مذهبه هذا عن رجل من اهل البصرة يقال له سيسويه، ثم اخذ غيلان الدمشقي عن معبد مذهبه، وهؤلاء هم اقطاب القدرية، الذين ضلوا جادة الصواب وانحرفوا عن الحق، وقالوا بنفي علم الله بافعال العباد والاشياء قبل وقوعها، كما ينفون خلقه لافعال العباد وتقديره لها. ويقولون: لا قدر، وان الامر انف! فمن شاء هدى نفسه، ومن شاء اضلها.
وفي مقابل هذا المذهب، ظهر مذهب آخر يدعو للجبر، وهو أن العبد مجبور على أفعاله، فلا قدرة له ولا اختيار ولا إرادة، فهو كالريشة في مهب الريح، وفعل الطاعة وفعل المعصية لا قدرة للعبد ولا إرادة له فيها، وإنما هو مجبور عليها. ورأس هذا المذهب هو الجهم بن صفوان، وإليه تنسب طائفة الجهمية، يقول الذهبي عن الجهم: هلك في زمان التابعين - أواخر دولة بني أمية - وما علمته روى شيئاً، ولكن زرع شراً عظيماً!
وقد كره السلف الخوض في موضوع القدر، جاء رجل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: أخبرني عن القدر، فقال: طريق مظلم فلا تسلكه، قال: أخبرني عن القدر، قال: بحر عميق فلا تلجه، قال: أخبرني عن القدر، قال: سر الله فلا تَكلّفْه!. وقيل لابن عباس رضي الله عنهما: إن رجلاً قدم علينا يُكذّب بالقدر، فقال: دلّوني عليه، وهو يومئذ أعمى، فقالوا: وما تصنع به؟ قال: والذي نفسي بيده، لئن استمكنت منه لأعضنّ أنفه حتى أقطعه، ولئن وقعت رقبته في يدي لأدقنّها، والذي نفسي بيده، لا ينتهي بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله عز وجل من أن يكون قدّر الخير، كما أخرجوه من ان يقدّر الشر!
وكان الحسين بن محمد بن الحنفية رحمه الله ينهى عن مجالسة معبد الجهني ويقول: لا تجالسوه، فإنه ضال مضل! وقد قتل عبدالملك بن مروان معبداً سنة ثمانين وصلبه في دمشق.
وكان طاووس يطوف في البيت فلقيه معبد، فقال له: أنت معبد؟ قال: نعم، فالتفت إلى من حوله فقال: هذا معبد فأهينوه! والتقى رجل من أهل البدع والأهواء بأيوب السختياني فقال له: يا أبا بكر، أسألك عن كلمة، فولى أيوب وهو يقول بيده: ولا نصف كلمة!
[/gdwl]
الايمان بالقضاء والقدر خيره وشره، حلوه ومره، ركن من اركان الايمان، والله قدر الاشياء في القدم، وعلم انها ستقع في اوقات معلومة، وعلى صفات مخصوصة، فتقع على حساب ما قدرها سبحانه، والاعمال تنسب الى العباد فعلا وكسبا، وتضاف الى الله خلقا وايجادا، وليس في هذا معنى الاجبار والاكراه والقهر، لان العبد له مشيئة وارادة واختيار.
والقدر عقيدة في القلب وغيب لا يعلمه الا الله، وهو سر الله في خلقه، لم يطلع عليه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا يجوز الاحتجاج به لتبرير المعاصي وارتكاب الآثام، فالعبد حينما يرتكب محرما انما يرتكبه بدافع الشهوة والهوى، لا امتثال للقدر، لانه لم يطلع عليه، وهو غيب عنه، ولا نعلم ان الامر مقدر الا بعد وقوعه، ولا يجوز لاحد ان يقول: كتب الله علي ان اسرق، فانا ذاهب لتنفيذ قدره! فهل اطلع على اللوح المحفوظ فقرأ ما فيه؟! وهل اذا سرق ماله يسكت ويستسلم، ويقول هذا قضاء الله وقدره؟! ام انه يقيم الدينا ويقعدها؟! والله يحاسب العبد حسب النية والباعث على الفعل. قيل لعبدالله بن عمر: ان قوما يزنون ويشربون الخمر، ويسرقون ويقتلون النفس، ويقولون: كان ذلك في علم الله! فلم نجد بُدا منه، فغضب ابن عمر، وقال: سبحان الله العظيم، قد كان في علم الله انهم يفعلون ذلك، ولم يحملهم علم الله على فعلها، مثل علم الله فيكم، كمثل السماء التي اظلتكم، والارض التي اقلتكم، فكما لا تستطيعون الخروج من السماء والارض، كذلك لا تستطيعون الخروج من علم الله، وكما لا تحملكم السماء والارض على الذنوب، كذلك لا يحملكم علم الله عليها. ثم قال ابن عمر: لعبد يعمل المعصية ثم يقر بذنبه على نفسه احب الي من عبد يصوم النهار ويقوم الليل ويقول: ان الله يفعل الخطيئة فيه! ونحن نرد الاقدار بالاقدار، فالجوع قدر، وندفعه بقدر الطعام، والمرض قدر، ونرده بقدر التداوي، وقد قيل: يا رسول الله، ارأيت ادوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، اترد من قدر الله شيئا؟ فقال: هي من قدر الله.
وقد ظهر الاختلاف في موضوع القدر منذ القرون الاولى، حينما اظهر معبد الجهني القول بنفي القدر وقد اخذ مذهبه هذا عن رجل من اهل البصرة يقال له سيسويه، ثم اخذ غيلان الدمشقي عن معبد مذهبه، وهؤلاء هم اقطاب القدرية، الذين ضلوا جادة الصواب وانحرفوا عن الحق، وقالوا بنفي علم الله بافعال العباد والاشياء قبل وقوعها، كما ينفون خلقه لافعال العباد وتقديره لها. ويقولون: لا قدر، وان الامر انف! فمن شاء هدى نفسه، ومن شاء اضلها.
وفي مقابل هذا المذهب، ظهر مذهب آخر يدعو للجبر، وهو أن العبد مجبور على أفعاله، فلا قدرة له ولا اختيار ولا إرادة، فهو كالريشة في مهب الريح، وفعل الطاعة وفعل المعصية لا قدرة للعبد ولا إرادة له فيها، وإنما هو مجبور عليها. ورأس هذا المذهب هو الجهم بن صفوان، وإليه تنسب طائفة الجهمية، يقول الذهبي عن الجهم: هلك في زمان التابعين - أواخر دولة بني أمية - وما علمته روى شيئاً، ولكن زرع شراً عظيماً!
وقد كره السلف الخوض في موضوع القدر، جاء رجل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: أخبرني عن القدر، فقال: طريق مظلم فلا تسلكه، قال: أخبرني عن القدر، قال: بحر عميق فلا تلجه، قال: أخبرني عن القدر، قال: سر الله فلا تَكلّفْه!. وقيل لابن عباس رضي الله عنهما: إن رجلاً قدم علينا يُكذّب بالقدر، فقال: دلّوني عليه، وهو يومئذ أعمى، فقالوا: وما تصنع به؟ قال: والذي نفسي بيده، لئن استمكنت منه لأعضنّ أنفه حتى أقطعه، ولئن وقعت رقبته في يدي لأدقنّها، والذي نفسي بيده، لا ينتهي بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله عز وجل من أن يكون قدّر الخير، كما أخرجوه من ان يقدّر الشر!
وكان الحسين بن محمد بن الحنفية رحمه الله ينهى عن مجالسة معبد الجهني ويقول: لا تجالسوه، فإنه ضال مضل! وقد قتل عبدالملك بن مروان معبداً سنة ثمانين وصلبه في دمشق.
وكان طاووس يطوف في البيت فلقيه معبد، فقال له: أنت معبد؟ قال: نعم، فالتفت إلى من حوله فقال: هذا معبد فأهينوه! والتقى رجل من أهل البدع والأهواء بأيوب السختياني فقال له: يا أبا بكر، أسألك عن كلمة، فولى أيوب وهو يقول بيده: ولا نصف كلمة!
[/gdwl]
تعليق