

قال الإمام ابن القيم رحمهالله
في هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالحللعبد:
فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب،والمحبوب قد يأتي بالمكروه،
لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أنتأتيه المسرة من جانب
المضرة؛
لعدم علمه بالعواقب، فان الله يعلم منها مالا يعلمهالعبد،

ومن أسرار هذهالآية:
أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور،والرضا بما يختاره له ويقضيه
له
لما يرجو فيه من حسنالعاقبة.

ومنها :
أنه لا يقترح على ربه ، ولا يختارعليه ، ولا يسأله ما ليس له به علم ،
فلعل مضرته وهلاكه فيه وهولا يعلم ،فلا يختار على ربه شيئًا؛
بل يسأله حسن الاختيار له ، وأنيرضِّيه بما يختاره، فلا أنفع له من ذلك !

ومنها :
أنه إذا فوَّض إلى ربه ورضي بما يختاره له، أمدَّه فيمايختاره له بالقوة عليه والعزيمة والصبر،
وصرف عنه الآفات التي هي عُرْضة اختيار العبدلنفسه،وأراه من حسن عواقب
اختياره له
ما لم يكن ليصل إلى بعضه ، بما يختاره هولنفسه"

ومنها :
أنه يُرِيُحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات ،ويُفرِّغ قلبه من التقديراتوالتدبيرات
التي يصعد منه في عَقَبةٍ وينزل في أخرى، ومع هذا فلاخروج له عما قُدِّر عليه
فلو رضي باختيار الله أصابه القدروهو محمود مشكور ملطوفٌ بهفيه؛
وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غيرملطوف به فيه لأنه مع اختيارهلنفسه.
ومتى صحَّ تفويضه ورضاه ، اكتنفه في المقدور العطف عليه،واللطف به،
فيصير بين عطفه ولطفه، فعطفه يقيه ما يَحْذَره، ولطفه يهوِّن عليه ما قدَّره. !

إذا نفذ القدر في العبد كان من أعظمأسباب نفوذه تَحَيُّله في رده،
فلا أنفع له من الاستسلام، وإلقاءنفسه بين يدي القدر طريحًا كالميتة،
فإن السبع لا يرضى بأكل الجيف!

فوائدالفوائد
الإمام ابن القيم رحمه الله
تعليق