إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مايمنع أستجابة الدعاء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مايمنع أستجابة الدعاء



    سبحان الله وبحمده
    سبحان الله العظيم

    إن المصيبة كل المصيبة والرزية كل الرزية أن يحال بين المرء وبين الدعاء عندما تنزل به الملمات، وتشتد به الكربات، فلا يضرع إلى الله ولا يلجأ إليه بأن يكشف الله ضره ويفرج همه.
    ولقد بين الله تعالى في القرآن نموذجًا من الواقع التاريخي، نموذجًا يعرض ويفسر كيف تعرض عاقبة تعرضهم له، وكيف يمنحهم الله الفرصة بعد الفرصة، ويسوق إليهم التنبيه بعد التنبيه، فإذا نسوا ما ذكروا به، ولم توجههم الشدة إلى التوجه إلى الله والتضرع له ودعائه، ولم توجههم النعمة إلى الشكر والحذر من الفتنة، كانت فطرتهم قد فسدت الفساد الذي لا يرجى معه صلاح، وكانت حياتهم قد فسدت الفساد الذي لا تصلح معه للبقاء فحقت عليهم كلمة الله، ونزل بساحتهم الدمار الذي لا تنجو منه ديار؛ فقال تعالى:
    }وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{ [الأنعام].


    في هذه الآيات عرض لأنموذج متكرر في أمم شتى.. أمم جاءتهم رسلهم فكذبوا، فأخذهم الله بالبأساء والضراء؛ في أموالهم،

    وفي أنفسهم، في أحوالهم وأوضاعهم، بالبأساء والضراء التي تبلغ أن تكون (عذاب الله) الذي هو التدمير والاستئصال.

    لقد أخذهم الله بالبأساء والضراء ليرجعوا إلى أنفسهم، وينقبوا في ضمائرهم، وفي واقعهم، لعلهم تحت وطأة الشدة يتضرعون إلى الله، ويتذللون له، ويدعون الله أن يرفع عنهم البلاء بقلوب مخلصة، بقلوب موقنة، فيرفع الله عنهم البلاء، ويفتح لهم أبواب السماء.. ولكنهم لم يفعلوا ما كان حريًا أن يفعلوا، لم يلجؤوا إلى الله، ولم يرجعوا عن عنادهم وعصيانهم، ولم ترد إليهم الشدة وعيهم، ولم تفتح بصيرتهم، ولم تلن قلوبهم، ، وكان الشيطان من ورائهم يزين لهم ما هم فيه من الضلال والعناد:



    }وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{.
    والقلب الذي لا ترده الشدة إلى الله قلب تحجر فلم تعد فيه نداوة تعصرها الشدة، ومات فلم تعد الشدة تثير فيه الإحساس، وتعطلت أجهزة الاستقبال الفطرية فيه؛ فلم يعد يستشعر هذه الوخزة الموقظة التي تنبه القلوب الحية للتلقي والاستجابة، والشدة ابتلاء من الله للعبد؛ فمن كان حيًا أيقظته، وفتحت مغاليق قلبه، وردته إلى ربه، وكانت رحمة له من الرحمة التي كتبها الله على نفسه، ومن كان ميتًا حُسبت علليه، ولم تفده شيئًا، وإنما أسقطت عذره وحجته، وكانت عليه شقوة، وكانت موطئة للعذاب.
    وإذا كانت الشدة لم تفد في تلك الأمم، فالله تعالى يملي لهم ويستدرجهم بالرخاء: }فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ{؛ إن الرخاء ابتلاء آخر كابتلاء الشدة، وهو مرتبة أشد وأعلى من مرتبة الشدة! والله يبتلي بالرخاء كما يبتلي بالشدة، قال r: «إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج». ثم تلا: }فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ{

    فكان أخذهم على غرة وهم في سهوة وسكرة؛ فإذا هم حائرون منقطعوا الرجاء في النجاة، عاجزون عن التفكير في أي اتجاه }فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{.



    لزوم الدعاء والمواظبة عليه



    من أحب أن يوفق للجوء إلى الله تعالى عند الشدة والبلاء فليلزم الدعاء والتضرع إليه حال الرخاء، والشكر على النعماء، وليسأل ربه العافية من البلاء، قال r: «من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر من الدعاء في الرخاء»
    لقد كان النبي r إذا أهمه أمر رفع رأسه إلى السماء فدعا يلتمس الفرج والنجاة من رب السماء، وكم له r من الدعوات عند الكروب ونوازل الخطوب.
    فعندما آذته ثقيف جلس r إلى ظل شجرة ورفع رأسه إلى السماء ضارعًا يقول: «اللهم أشكوا إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي...» الحديث.
    وعندما نازلته قريش في بدر رفع رأسه ويديه إلى السماء وأخذ يدعو الله ويضرع إليه حتى أتم الله له النصر وبعث إليه ملائكة تقاتل مع جيشه.

    فاتق الله يا أخي وتضرع إليه وادع الله وأنت موقن بالإجابة، ولا يقعدنك عن الدعاء الغفلة أو الركون إلى ضلال الضالين وشبه المنحرفين؛ فإن للدعاء أثره الواضح الفعال في تحقيق الرغائب وبلوغ الآمال، وحسبك أنه هو العبادة التي تفتح بها أبواب الرحمة، إذا توجه به العبد إلى ربه راغبًا راهبًا نال رضاه وبلغ به فوق ما تمناه }ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ{ [الأعراف:
    والله أعلم.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


    اللهم إني أسألك حبك ، وحب من يحبك ، وحب كل عمل يقربنا إليك ، اللهم إني أسألك حب رسولك عليه الصلاة والسلام وحب صحابته ، وحب من يحبهم ، ياذا الجلال والإكرام .


    استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه


    كتبه
    محمد بن عبد الله بن صالح الهبدان
    مدرس العلوم الشرعية في ثانوية الأندلس بالرياض
يعمل...
X