
قـصـة أصـحـاب الـكـهـف:
الكهف غار في جبل،والرقيم اسم الجبل الذي فيه الكهف،وأصحاب الكهف فتية شباب ألهمهم الله رشدهم،وآتاهم تقواهم،فآمنوا بربهم،واعترفوا له بالوحدانية،وشهدوا أن لا إله إلا هو،قيل كانوا على دين المسيح عيسى عليه السلام،وأنهم من أبناء ملوك الروم وسادتهم،وخرجوا يوما في أعياد قومهم الذين كانوا يعبدون الأصنام،ويذبحون لها،وكان لهم ملك جبار عنيد يقال له "دتيانوس"، وكان ظالما ومتمسكا بالوثنية،فلما رأوا ضلال قومهم،اتخذوا لنفسهم معبدا يعبدون الله فيه،فعرف القوم أمرهم،ووشوا بهم إلى الملك،فاستحضرهم،وسألهم عن أمرهم،فأجابوا بالحق،ودعوه إلى الله عز وجل،فتهددهم وتوعدهم نزع لباسهم،وأجلهم لينظر في أمرهم لعلهم يرجعون عن دينهم الذي كانوا عليه،فكان هذا من رحمة الله. فقد توصلوا إلى الهرب والفرار لدينهم من الفتنة،واختار الله لهم ذلك.وطلبهم الملك فلم يجدهم،إذ عمى الله عليه خبرهم،ولجئوا إلى الكهف وناموا فيه،وكانت الشمس تدخله صباحا ومساء تنفعهم بخيرها ولا تؤذيهم،ويتقلبون في نومهم الطويل حفاظا على أبدانهم من التلف،وهذا عطاء إلهي،فقد طلبوا الهداية،فيسر الله لهم سبلها،وضرب الله على آذانهم بالنوم،فناموا نوما طويلا لا يسمعون فيه صوتا. وكلبهم في ساحة الكهف باسط ذراعيه يحرسهم،فأصابه ما أصابهم من النوم،وألقى الله عليم المهابة،فكل من يراهم يشعر بالخوف،ويفر منهم لكي لا يتعرض للأذى حتى يتم الله الأجل،ومكثوا نائمين ثلاثمائة وتسع سنين هجرية،ثم بعثهم الله،فقالوا: كم لبثنا؟ قالوا: لبثنا يوما أو بعض يوم،وأرسلوا واحدا منهم ليشتري لهم طعاما،فوجد النقود قد تغيرت كما تغير وجه المدينة،واعتقد التجار أنه وجد كنزا،فأرسلوه إلى الملك، واسمه "نيدوسيس"، وكان مؤمنا عادلا،فأتى إليهم في الكهف.وعرض عليهم المناصب فأبوا،وعادوا إلى النوم،ثم أماتهم الله.
تعليق