هل يولد النصاب نصاباً أم يصنعه المجتمع؟ وهل يولد الطماع طماعاً أم يربيه المجتمع؟؛
أسئلة كبيرة بحاجة إلى بحوث ودراسات وخبراء في تخصصات عدة ولن يتسع المجال هنا لمحاولة الإجابة عنها؛ ولكننا نسمع ونشاهد ونعرف الكثير من النصابين والطماعين بل وقد نكون من ضحايا النصابين في فترة من حياتنا أو ضمن قائمة الموصوفين بالطمع.
الشائعة الأخيرة عن الزئبق الأحمر الموجود في إبر مكائن خياطة قديمة لنوع محدد منها والتي رفعت سعر هذه المكائن بصورة كبيرة والتي أطلقها نصابون وركض خلفها طماعون وتداولتها مواقع الإنترنت ورسائل الجوال استدعت أن يصدر من وزارة الداخلية ممثلة في المتحدث الأمني لها تصريح تحذر فيه من تصديقها ومن النصابين الذين روجوها.
إن شائعة الزئبق الأحمر تمثل حلقة من مسلسل مكسيكي أو تركي طويل بدأ عرضه منذ زمن في مجتمعنا وقد يستمر سنوات طويلة ويكشف لنا في كل حلقة منه واقع شريحتين من المجتمع بدأتا تنموان بصورة كبيرة؛ الأولى شريحة النصابين الذين يتفتق ذهنهم على أفكار جديدة كل يوم ليمارسوا النصب والاحتيال على الآخرين مستغلين بصورة رئيسية خصلة الطمع التي يغيب عقل وإحساس من تتمكن منه وتجعله يقدم على مغامرات غير محسوبة بصورة سليمة وعلى استثمارات وهمية أو القيام بتصرفات لا تمت بصلة إلى العقل والتدبر والمنطق وهؤلاء هم من يمثلون الشريحة الثانية التي بدأت تزداد بشكل كبير في المجتمع.
إن الرغبة في الثراء السريع وضعف فضيلة القناعة لدى هؤلاء تجعلهم يريدون أن يتجاوزوا كل مسوغات النجاح في الحياة؛ مادية كانت أو غير ذلك من خلال القفز فوق القيم والمبادئ أو تغييب العقل والمنطق وهذا ما عزز قوة خصلة الطمع لديهم مع أن الغالبية منهم يقعون ضحايا نصب واحتيال الشريحة الأولى فتجدهم يخسرون مدخراتهم والبعض يخسر عقله واتزانه وجميعهم يخسرون احترام الناس لهم قبل خسارتهم احترامهم لأنفسهم. ولكن لماذا يحدث هذا السلوك ويتكرر في مواقع مختلفة من بلدنا وبأشكال وطرق مختلفة وكيف يمكننا معالجته؟؛
إن الضبط والانضباط هما الأساس في معالجة هذا السلوك؛ فللتعامل مع النصابين من المهم أن تكون لدى المجتمع ممثلاً بكل فئاته الرسمية وغير الرسمية أدوات قادرة على رصد ممارساتهم وضبط مرتكبيها ومعاقبتهم بما يردع كل من تسول له نفسه التنفع بهذه الممارسات؛ أما الانضباط فهو سلوك مجتمعي نتحمل مسئوليته جميعاً يجب أن يعزز لدينا القيم الإنسانية الإيجابية النقية التي تحارب القيم السلبية الفاسدة؛ فالقناعة تقطع دابر الطمع والرضا يحجم شهوة الاستحواذ والعدل يمنع الظلم والصدق يقضي على الاحتيال وتحكيم العقل يقتل الشائعات والخرافات حتى لو كانت زئبقاً أحمر في إبرة ماكينة خياطة قديمة يستخدم في السحر واستخراج الذهب والكنوز المدفونة !!!.
ها شرايكم باللي مكتوب
لكم مني الاحترام
....
متابعه :)
...
عندما تحين لحظة الفراق
تضيع منا الحروف
يصبح الصمت رائعاً
هنا أتوقف
لا أعلم لماذا ..؟؟
تعليق