
:تُعتبر قلعة حلب بناء عسكريًا متميزًا، وتأخذ أهمية معمارية كبيرة باعتبارها صرحًا هندسيًا إسلاميًا رائعًا من طراز فريد يوازي قيمتها العسكرية البارزة.
تقوم قلعة حلب وسط مدينة حلب الحالية على مرتفعٍ بارز وتشرف على أرجاء المدينة كلّها. وقد أظهرت التنقيبات الأثرية وجود آثار تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وأثار بيزنطية ورومانية، ممّا يثبت أن هذا المكان قديم جدًا. ويُعتقد أن القلعة القديمة بُنيت فوق تل طبيعي، ويُظن أنها كانت أكروبول المدينة القديمة. ولكن القلعة الحالية تثبت عبر بنائها وتخطيطها أنها عربية إسلامية خالصة.

كان أول من اهتم بالقلعة في العصر الإسلامي الأمير سيف الدولة الحمداني الذي أمرَ بعمارتها وتحصينها وبنى سورًا لمدينة حلب، حيث كان في صراعٍ عنيفٍ مع البيزنطيين، فأصبحت القلعة مقرًا لإقامته وصارت مقرًا دائمًا للحكام في المدينة من بعده. واستمرت العناية بالقلعة في العهود اللاحقة، حيث بنى نور الدين الزنكي، وهو ينتمي أصلاً إلى العهد السلجوقي، أبنية كثيرة فيها، كما رمم كامل القلعة وأعاد بناء سورها وبنى فيها مسجدًا

شهدت القلعة ازدهارًا كبيرًا في عصر الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي، حيث ترك آثارًا عسكريةً معماريةً هامّةً. فكانت المجموعة المعمارية والتّحصينات التي أقامها تُشكل إعجازًا في التحصين وفي نسق العمارة العسكرية في القرون الوسطى، حيث جدّد حصونها وبنى منحدراتها التي تبدأ من السُّور وتنتهي في قعر خندق، بناء مُتقنًا كالجدران لكي يتعذر التسلق ع

وفي العهد المملوكي، جدد عمارتها الأشرف خليل بن قلاون، ثم جدد بعض أجزائها السلطان الملك الناصر بن برقوق. وكانت آخر الترميمات المملوكية قد حدثت أيام السلطان قانصوه الغوري آخر السلاطين المماليك. والجدير بالذكر أن الترميمات المملوكية أبقت على شيء من مظاهر القلعة الجميلة.

إن قلعة حلب كانت وما تزال صرحاً معمارياً مهماً رغم النكبات التي تعرضت لها من زلازل وحرائق، وبقيت تُمثل ملامح قوة البناء العسكري الإسلامي. فهي مفتاح مدينة حلب، ومن مَلكها ملك حلب. وقلعة حلب حاليًا من أهم المباني الإسلامية والتاريخية، ومن أجمل التحصينات العسكرية الإسلامية التي وصلتنا. فهي تحوي أبراجًا رائعة وتمتاز بمداخلها المتقنة، حيث يتصل بابها ذات الواجهة الأمامية المُحصّنة بالمدينة بواسطة جسرٍ. ويحيط بالباب من جهة القلعة برجان ضخمان، وفيه دهليز ينعطف خمس مرات، ويفترق منه ثلاثة أبواب، احتفظ اثنان منها بدرفاتهما القديمة المصنوعة من الحديد في القرن الثالث عشر الميلادي. وفوق الباب الأول ثعبانان ملتفان حول بعضهما. وفوق الباب الثاني أسدان متقابلان. وفي طرف الباب الثالث أسدان آخران منحوتان في الجدار. ومن أشهر مباني القلعة، قاعة العرش والحمّام والجامع الصغير وجامع القلعة الكبير الذي ترتفع مئذنته فوق القلعة.

تعليق