توقفت للحظة ..
جلست على الرصيف ..
قطعت عهدا مع نفسي سابقا ان لا ادخن ..
وها انا اعلن انني .. ضعيف العزيمه ..
كيف لا .. وقد نادتني .. هيت َ لك !
استليت سيجارتي من غمد الباكت
وجلست انا وسيجارتي والرصيف ..
نتامل احوال البشر ...
هناك على الزاوية في اقصى اليمين ..
رجل مسكين .. متهالك .. يجلس مثلي !
مع سيجارته .. ورصيفه .. سنعود له لاحقا !
لانني اكرهه .. فقد تخيلته انا ... بعد اربعين عاما !
فكرهت المنظر .. فانا لا اود العودة الى هنا مهما كانت الاسباب ..
هناك امامه مباشرة ً .. عاشقان ..
تستطيع القول "في سرك" بدون ان تجرح ذمتك ..
انهما .. قد شاطرا الفراش مرات كثيره !
فرغم كونهما " غير متزوجين " وذاك واضح
الا انه هناك نوع من الفتور بينهما ..
يدل على انتهاء كل الكلام ! ولم يبقى لهم ..
سوى الاستمتاع بالصمت !
استطيع الان من بُعدْ ان استمع الى حديثهما وهما ساكتان
استطيع ان اسمعه وهو يقول ..
الى متى ؟؟
واستطيع ان اسمعها بصوتها المخنوق .. تقول
ياخوفي من بكره !!
.. حجة ..
تبيع " الشروخ " ...
تلبس عباءة كانت في الاصل .. نظيفه ..
تمر من امامي .. لم ترد حتى ان تتنازل وتنظر الي
فهي تظن انها ان نظرت الي ..
فذلك يعني انني قد افكر بها بطريقة .. غير مؤدبه
رحمتها .. تخيلت حياتها منذ ان تصبح ..
الى ان تمسى .. وتخيل انت .. كل ذلك يدور في خلد امرأه!
ترتسم ابتسامه على شفتي ..
انظر الى الحجة وانا احاول ان افتنها . "هع "
لا لشيء .. هكذا .. اريد ان اكسر حاجز الصمت
بعد ان كسر احد صواريخها حاجز الصوت امام اذني
وانا في نصف مشواري في النظر الى تلك السيده
قاطعني شخص .. يركب حمارا ابيض ..
رايته وهو يمشي .. ورفيقه الحمار .. يتغندر ويمشي بكل رقه
بينما صاحبنا مالك الحمار .. تستطيع ان تلمح من عينيه
ومن نظرته الي .. بعدما رآني متوشحا ثوبي المطرز ..
انه يمقت كل شيء ٍ فيني ..
ثم يبتسم .. ويقول .. الدوره بخمسه ريال
اقسم لكم انني استطعت ان اره يلعنني الف لعنه
وهو مبتسم ..
رفضت بادب .. رحل بصمت ..
جلست اتامل حياة ذلك القائد !
فهو قائد حمار ..
بنيت مع نفسي له قصه ..
تخيلته يفيق من نومه كل يوم ..
وظهره الجاف ملتصق ُ ُ باكوام القش والشعير
فهو لا يجد مكانا ينام فيه
وجدته ايضا .. يقاسم صاحبه الحمار لقمة العيش ..
يخرجون سوية ً .. الى العمل ..
على امل ..
ان يقفز طفل صغير في شوارع الكورنيش
االى حجر ابيه .. وهو يتبكبك .. طالبا السماح
بلفة على ظهر صديق صاحبنا !!!
يالها من طريقة ٍ لكسب العيش !
واتخيله وقد اثقل صدره بالهموم .. كل ما تذكر
امه .. و اخوته .. !
تذكرت حينها مالدي من مشيكلات ..
واقتنعت .. انني بخير ..
قبل ان اهم بالرحيل ..
شخصان .. صديقان ِ .. اوقفا سيارتهما الفارهه
نزلا .. وجلسا في مكان ٍ قريب مني ..
واخذا يتكلمان وظهرهم نحوي .. واوجههم للبحر
صمت مرعب ..سبق صراخه .. وقال
.. خذذذذذذذ كل اللي تبي .. بس عطني .. خلف !
واخذ يردد لصاحبه وصاحبه ُ تخنقه ُ العبره !
" تشوفني ناجح .. وغني و و و بس ..
ما اقدر اتزوج !! .. وانت داري ليه ..
واخر كلمة قالها .. ليه بس ليه يا رب "
استغفرت الله .. !! وتمنيت انني لم اسمع ما حصل !
وانني لم اتعهد ان اكون من مسترقي السمع لليوم !
ولم يقنعني شيء اكثر .. من بكاء سيجارتي ..
اللتي اختنقت .. من حزنها على الناس
فتوارت وانطفأت !
ادركت حينها .. انني لم ادخن السيجاره !
وانما .. استنشقت هموم الناس ..
والله يعلم ُ ..
انها اشد خطرا وفتكا ..
على صدور البشر !
....
كل واحد معُــه همه على قده ..
الا انا يا صاح .. هم القلب عندي ..
قد بلــغ حده !
عندما اسمع تلك الاغنية ..
اتمايل طربا .. لابو بكر سالم ..
ولكنني ايضا ..
اتخيل نفسي ..
واراك انت ايضا .. ً ..
من قد يقولون ..
الا انا يا صاح .. هم القلب عندي ..
زاد عن حده
....
والمعنى في بطن الصايم .. بعد افطار ثقيل نسبيا
تعليق