الخوف من (الوقوع بالمصيبة) قد يكلف أكثر من المصيبة ذاتها. وخوف الولايات المتحدة من تكرار تفجيرات سبتمبر كلفها أكثر من التفجيرات ذاتها.. فمن الناحية الاقتصادية اتخذت الولايات المتحدة إجراءات أمنية واستخباراتية كلفتها أكثر من الحادث نفسه بستين مرة.. ومن الناحية الاجتماعية جرب الشعب الأمريكي لأول مرة هاجس القلق من الهجمات العسكرية - مما قفز بمبيعات الحبوب المهدئة إلى أحد عشر ضعفاً.. أما من الناحية السياسية فيصعب تعداد التجاوزات الخارجية التي وقعت بها إدارة بوش مستغلة هذا الحادث - ولكن المحصلة النهائية هي تحول أمريكا لدولة إرهابية في نظر كثير من دول العالم!!
هذا الأمر خطر ببالي وأنا أقرأ مؤخراً عن بدء العمل بنظام جديد للتأشيرات سيكلف الولايات المتحدة ما بين 3إلى 10مليارات دولار (ويدعى كاشف الوضع الأمني للزوار). وهو نظام معقد يعتمد على الاتصال الالكتروني بكافة السفارات ونقاط التفتيش والجمارك لمنع الإرهابيين من التسلل للداخل. ورغم أهمية إجراء كهذا إلا أن خبراء الأمن يرون أنه نظام باهظ ومعقد يمكن الاستعاضة عنه بطرق تقليدية أقل كلفة - في حين يرى البعض أن تسلل إرهابي أو اثنين أرخص بكثير من صرف هذه البلايين!!.
@ والأمر لا يتعلق بالخسارة الاقتصادية فقط؛ بل في تحول الولايات المتحدة تدريجيا إلى دولة بوليسية تعمل على نمط الأخ الأكبر.. (والأخ الأكبر) مصطلح استخباراتي ظهر لأول مرة في رواية سياسية كتبها الصحفي الأمريكي جورج أورويل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية (وتدعى عام 1984القادم). وفيها تنبأ أورويل بتحول احدى الدول العظمى إلى دولة استخباراتية مغلقة بدون أن تشعر. وفي النهاية تركز جميع الصلاحيات بيد ديكتاتور قمعي تنتشر صوره في كل مكان يدعى "الأخ الأكبر". وهو يسيطر على الشعب بفضل نظام بوليسي صارم ووسائل إعلامية متقدمة ومراقبة الناس عن بعد ومن خلال الفضاء.. ومن المهام الاساسية لوزارة الداخلية فيها مراقبة المواطنين من خلال كاميرات تنتشر في كل مكان - حتى في البيوت ودورات المياه!!
@ نظام المراقبة الصارم هذا بدأ ينتشر في الولايات المتحدة بصورة لم تكن معهودة حتى في الاتحاد السوفياتي أيام ستالين.. فهذه الأيام تقلصت الحرية الفردية للمواطن الأمريكي بحجة مكافحة الإرهاب ومراقبة "الأجانب"؛ فهناك نظام متابعة صارمة للرسائل الالكترونية والمكالمات الهاتفية ورسائل الفاكس. ورغم وجود نظام قديم لأرشفة معلومات المواطنين قررت الحكومة استبداله بنظام أكثر تطورا يشرف عليه البنتاغون. وهو نظام يسمى لايف لوج (Life Log) لا يتضمن فقط المعلومات الشخصية للمواطن بل ويضيف إليه بشكل تلقائي متى يسافر ويحضر ومن أين يشتري ويطلب وعلى ماذا يطلع ويكتب ومتى يتزوج وينجب (وكل هذا من خلال وصل بطاقات الدفع ومبيعات التذاكر والسجلات الشخصية بهذا البرنامج الضخم". كما يتضمن البرنامج نظاماً خاصاً بالشبكة يزود البنتاغون بنسخة طبق الأصل من أي رسالة أو صورة الكترونية، وطبيعة وعدد المواقع التي يزورها الشخص...
@ أيضاً هناك نظام مراقبة فضائي يدعى كومبات زوون (Combat Zone) يمكنه تتبع حركة أي جسم يتحرك في نطاق المدن. وكان في الأصل مشروعاً عسكرياً دشنته وزارة الدفاع لتتبع حركة جنودها (وتحذيرهم من المدرعات وجنود العدو خلفهم) أثناء خوض المعارك في المدن البعيدة. وتم التفكير في هذا المشروع بعد تورط الجنود الأمريكان في حرب شوارع حقيقية في الصومال كبدتهم خسائر فادحة. وبعد تفجيرات سبتمبر تم اعتماد هذا النظام لتتبع حركة الأفراد والسيارات في المدن الأمريكية ومراقبة - ما يعتقد - انه تحركات مشبوهة!!.
والقضية هنا ليست في فشل أو نجاح أي من التقنيات السابقة؛ بل في التدخل السافر بحياة المواطنين والتجسس عليهم بأعذار واهية لا تخرج عن دائرة الاحتمالات. وفي حين يصبح العالم أكثر شفافية وانفتاحا تتحول أمريكا بالتدريج إلى دولة استخباراتيه تنبأ بظهورها أورويل قبل 60عاماً.
مقاله من مقالات الكاتب فهد الاحمدي
حبيت اكتبها لكم
لهواه السياسه مثلي
هذا الأمر خطر ببالي وأنا أقرأ مؤخراً عن بدء العمل بنظام جديد للتأشيرات سيكلف الولايات المتحدة ما بين 3إلى 10مليارات دولار (ويدعى كاشف الوضع الأمني للزوار). وهو نظام معقد يعتمد على الاتصال الالكتروني بكافة السفارات ونقاط التفتيش والجمارك لمنع الإرهابيين من التسلل للداخل. ورغم أهمية إجراء كهذا إلا أن خبراء الأمن يرون أنه نظام باهظ ومعقد يمكن الاستعاضة عنه بطرق تقليدية أقل كلفة - في حين يرى البعض أن تسلل إرهابي أو اثنين أرخص بكثير من صرف هذه البلايين!!.
@ والأمر لا يتعلق بالخسارة الاقتصادية فقط؛ بل في تحول الولايات المتحدة تدريجيا إلى دولة بوليسية تعمل على نمط الأخ الأكبر.. (والأخ الأكبر) مصطلح استخباراتي ظهر لأول مرة في رواية سياسية كتبها الصحفي الأمريكي جورج أورويل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية (وتدعى عام 1984القادم). وفيها تنبأ أورويل بتحول احدى الدول العظمى إلى دولة استخباراتية مغلقة بدون أن تشعر. وفي النهاية تركز جميع الصلاحيات بيد ديكتاتور قمعي تنتشر صوره في كل مكان يدعى "الأخ الأكبر". وهو يسيطر على الشعب بفضل نظام بوليسي صارم ووسائل إعلامية متقدمة ومراقبة الناس عن بعد ومن خلال الفضاء.. ومن المهام الاساسية لوزارة الداخلية فيها مراقبة المواطنين من خلال كاميرات تنتشر في كل مكان - حتى في البيوت ودورات المياه!!
@ نظام المراقبة الصارم هذا بدأ ينتشر في الولايات المتحدة بصورة لم تكن معهودة حتى في الاتحاد السوفياتي أيام ستالين.. فهذه الأيام تقلصت الحرية الفردية للمواطن الأمريكي بحجة مكافحة الإرهاب ومراقبة "الأجانب"؛ فهناك نظام متابعة صارمة للرسائل الالكترونية والمكالمات الهاتفية ورسائل الفاكس. ورغم وجود نظام قديم لأرشفة معلومات المواطنين قررت الحكومة استبداله بنظام أكثر تطورا يشرف عليه البنتاغون. وهو نظام يسمى لايف لوج (Life Log) لا يتضمن فقط المعلومات الشخصية للمواطن بل ويضيف إليه بشكل تلقائي متى يسافر ويحضر ومن أين يشتري ويطلب وعلى ماذا يطلع ويكتب ومتى يتزوج وينجب (وكل هذا من خلال وصل بطاقات الدفع ومبيعات التذاكر والسجلات الشخصية بهذا البرنامج الضخم". كما يتضمن البرنامج نظاماً خاصاً بالشبكة يزود البنتاغون بنسخة طبق الأصل من أي رسالة أو صورة الكترونية، وطبيعة وعدد المواقع التي يزورها الشخص...
@ أيضاً هناك نظام مراقبة فضائي يدعى كومبات زوون (Combat Zone) يمكنه تتبع حركة أي جسم يتحرك في نطاق المدن. وكان في الأصل مشروعاً عسكرياً دشنته وزارة الدفاع لتتبع حركة جنودها (وتحذيرهم من المدرعات وجنود العدو خلفهم) أثناء خوض المعارك في المدن البعيدة. وتم التفكير في هذا المشروع بعد تورط الجنود الأمريكان في حرب شوارع حقيقية في الصومال كبدتهم خسائر فادحة. وبعد تفجيرات سبتمبر تم اعتماد هذا النظام لتتبع حركة الأفراد والسيارات في المدن الأمريكية ومراقبة - ما يعتقد - انه تحركات مشبوهة!!.
والقضية هنا ليست في فشل أو نجاح أي من التقنيات السابقة؛ بل في التدخل السافر بحياة المواطنين والتجسس عليهم بأعذار واهية لا تخرج عن دائرة الاحتمالات. وفي حين يصبح العالم أكثر شفافية وانفتاحا تتحول أمريكا بالتدريج إلى دولة استخباراتيه تنبأ بظهورها أورويل قبل 60عاماً.
مقاله من مقالات الكاتب فهد الاحمدي
حبيت اكتبها لكم
لهواه السياسه مثلي
تعليق