تويت
كن من شئت
كن ذاك المدين ...الذي يسهر الليل مهموما ويسعى في النهار ذليلا ..قلدته نوائب الدهر قلادة الدين فلا يزال مطرقا رأسه لا يرتاد مجالس الرجال خوفا من دائن يفضحه أو سفيه يجرحه ..حتى أنضجت الحرقة كبده.
كن ذاك التلميذ الصغير الذي عجز عن أداء الواجب فأوجعت عصا المعلم الغليظة يده ولم يستطع أمام هيبة المعلم وفظاظته ذكر مرضه...فسكت تخنقه العبرة.
كن ذاك الفقير الذي تشتكي له ابنته باكية استهزاء الفصل بحذائها العتيق ...وعزمها ألا تعود للمدرسة إلا بحذاء كأحذيتهم اللامعة..حتى إذا أدخل يده في جيبه أخرجها ...صفرا.
كن ذاك الشاب عظيم الهمة عزيز النفس الذي ضرب في أصقاع الأرض وسعى في مناكبها ..يبتغي وظيفة مبرأة من تسلط رئيس وتملق مرؤوسين ...فلم يجد.
كن تلك الفتاة ..قبيحة المنظر جميلة المخبر التي ترى أوراق العمر تتساقط أمامها ورقة.. ورقة ولا يدق بابها أحد وعيون الأقارب بل العقارب تنظر إليها شزرا كأنها جنت ذنبا أو اقترفت منكرا.
كن تلك المعلمة رائعة الجمال الذي يتسابق الشباب على خطبتها ..فيصدهم أب جشع أكبر همه في الدنيا راتب يخشى انقطاعه إذا تزوجت.
كن تلك المثقفة من اصطدمت بجدار التقاليد البالية.. التي تمنع الفتاة من الكتابة باسمها والتي لا ترى لها أمرا أو نهيا في نفسها ,والتي تجعلها متاعا للرجل يسيرها كيف شاء أنى شاء...لا حق ولا صوت ولا رأي لها.
كن من شئت من هؤلاء,أو حتى لا تكن
فقط
كن إنسان..تمر بك حالات يضيق صدرك بمشاعرك ويضيق عقلك عن احتواء أفكارك ,تتشابه في ناظريك الوجوه والأشكال والألوان وتمتزج معا فلا تشكل إلا شكلا ولونا واحدا هو..رماد سعادتك
فتقف قد سدت دونك الأبواب وزجرك الحجاب ,إلا باب واحد لم تلجه ولا يقف دونه حاجب ..هو باب رحمن الدنيا ورحيم الآخرة,فترفع يديك إلى السماء حاسباأن الظلام خيم على كل الأرض إلا بقعتك التي تدعو بها ..ملأى بنور الإيمان والرجاء ,تخال نفسك وحدها مع الله والآخرين مشاغيل في الدنيا وزينتها ,فتناجي ربك وتلح بالدعاء وتضمخ دموعك وجهك ...لا تدري أهي دموع الإلحاح ؟ أم دموع ملهوف وجد كريما يغيثه؟ أم دموع العزة؟ نعم ..العزة, تسجد متذللا أمام الله لأنك عبده ..عزيزا لأنه ربك,تدعو وغيرك يدعو في نفس اللحظة فمن يسمعكم إنه الذي لا يشغله أمر عن أمر ...
تدعوه والأصوات حولك : إلهي ..أعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ..إلهي انصرني على من ضربني فإنك نعم المولى ونعم النصير..إلهي أعوذ بك من فقر منسي وغنى مطغي..إلهي..إلهي وتتصاعد الدعوات إلى عظيم حليم رحمن رحيم هو القاهر فوق عباده لا سلطان فوقه يخشى ولا متصرف يرجى
عندها...تحس بلذة العبودية وجلال الألوهية ونعمة التوحيد..............فالحمدلله حمدا كثيرا.
تحياتي ..
اختكم عنوسه
تعليق