بمناسبة مرور 25 عام على تولي سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح مقاليد الحكم في البلاد صدر مؤلف موسوعي بعنوان "الحاكم، الوالد، الإنسان" يسجل مسيرة صاحب السمو الحافلة بالإنجازات العظيمة والعطاءات المتواصلة بقلم وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ ثامر محمد الاحمد وكان سمو الأمير حسب قول الشيخ ناصر المحمد قد تولى أمانة المسؤولية منذ ان تم اختياره في يناير 1949 رئيس للامن العام ونائب للامير في مدينة الاحمدي، ثم رئيس لدائرة المالية، فوزير المالية والاقتصاد وبويع بعد ذلك ولي للعهد ورئيس لمجلس الوزراء وأصبح سموه أمير في الحادي والثلاثين من ديسمبر 1977 وحتى الآن.
والكتاب الذي يقع في 717 صفحة يحكى قصة 55 عام من الجهود الكبيرة والتضحيات العظيمة والانجازات الرائعة في خدمة الكويت، ويتناول 4 فصول. والشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت كم يقول عبداللّه غلوم الصالح في مقدمة الكتاب هو احد من اولئك الزعماء والقادة الذين تفانو في خدمة وطنهم وعملو لرفاهية شعوبهم، فأحبه الجميع وتمسكو به قائد وزعيم في أصعب واحلك فترة مرت عليه الكويت في تاريخه المعاصر. ونحن اذ نسجل اليوم، للشيخ جابر الأحمد اميرا وحاكما ووالد وانسانا، فإننا نسجل لمسيرة دولة صغيرة في مساحته وتعداده السكاني كبيرة وعظيمة في امانيه وتطلعاته المستقبلية. نسجل لحقبة زمنية حققت فيها الكويت مقومات المجتمع المدني الديموقراطي والحياة العصرية بكل معطياتها واسبابها الحضارية.
لقد استمد الشيخ جابر الاحمد قيادته الحكيمة للدولة والمجتمع من ذلك المخزون النضالي العظيم الذي خلفه الآباء والاجداد الذين ركبو الصعاب، واقتحمو المخاطر بشتى الوانه ومشاربه عبر عقود وقرون من الزمن، سعي وراء بناء الدولة العصرية الحديثة، وارساء قواعد الديمقراطية والشورى والعدالة الاجتماعية، وهذ ما جعل قائد مسيرة الخير يضع الكويت ونموها، وعزة وكرامة أبنائه في مقدمة اولوياته، وهو يقود الدولة والمجتمع نحو مزيد من الحداثة والتطوير. ان افكار الشيخ جابر الاحمد التي نستعرضه في هذ الرصد التاريخي والمعلوماتي، سواء اكان ذلك على المستوى المحلي أم العربي أم الإسلامي ام الدولي، هي في الحقيقة محصلة نهائية لتجربة غنية وثرية ممزوجة بالرؤية الواقعية لم يدور اليوم حولن من سباق في شتى المجالات لاحتلال احد المقاعد الامامية في قطار العصر السريع المتجه نحو حضارة القرن الحادي والعشرين.
نقول: ان ما نستعرضه اليوم هو مجموعة افكار تم استقصاؤه وجمعه عن اوقات وفترات زمنية متفاوتة، ومواقع وظروف مختلفة ومتباينة، لكنه في النهاية تصب في قناة واحدة، وتدور حول موضوع واحد، هو كيفية استحداث نقلة نوعية في حركة الدولة والمجتمع. تلك النقلة التي طالم تحدث عنه الشيخ جابر الأحمد، وردده في اكثر من مناسبة محلية، لتصبح واحدة من أبرز افكاره. إذ ما تحققت فإنه ستؤهل الكويت بلاشك لان تصبح في الصفوف الامامية في قطار العصر السريع الذي يكاد العالم امامه ان يصبح امة وقرية كونية واحدة، او هكذ يبدو.
ان التاريخ الطويل من الممارسات العملية للشيخ جابر الاحمد في المجالات المهنية والوظيفية والدبلوماسية والقيادية المختلفة، وفي اكثر من موقع اكسبه بل شك رؤية واضحة لعالم اليوم، وم يمكن ان يكون عليه الغد. ولو تتبعن بدقة انشطته وجهوده منذ التسعينيات بصفة خاصة حتى اليوم، وجهوده ايض قبل ذلك التاريخ، لامكنن ان نكتشف كيف ان هذه الجهود جميعه كانت ومازالت تستهدف تحقيق الرفاء والسلام، والامن والامان، وكفالة حقوق الانسان، وتدعيم الديمقراطية والحريات العامة، والتطور المستمر نحو مزيد من التحديث والرقي، والاخذ بكل ما تنتهي اليه اساليب التقنية الحديثة لصالح شعبه الذي اولاه ثقته الكاملة، وتعاضد وتماسك تحت قيادته وزعامته. لم تقف جهود ونشاطات الشيخ جابر الأحمد عند حدود بلده، بل كان دائم وأبد على مدى سنوات مسيرته القيادية، ولا يزال يعمل على ان تصب جهوده في قنوات اخرى مماثلة لتلك التي عمل من اجلها في سبيل بلده. وتلك قصة تعرفها معظم شعوب الارض، ابتداء مما قدمته الكويت من قروض ومعونات ومساعدات ومشورات فنية، الى مناداته ومناشداته دول العالم المانحة للقروض الغاء فوائد ديونه على العالم الثالث، بل دعوته للنظر حتى في الغاء اصول تلك القروض بالنسبة للدول الاشد فقراً، وهو ما نفذته الكويت بالفعل، اذ ترجمت الاقوال والمقترحات الى افعال وممارسات واقعية.
علاقات طيبة
لقد كان الشيخ جابر الاحمد على مدى سنوات عمله وقيادته امير لدولة الكويت ول يزال حريص كل الحرص على بناء جسور من العلاقات الطيبة بين الكويت والكثير من دول العالم. وقد بدت ثمرة هذه الدبلوماسية الهادفة في اقامة علاقات ود وتفاهم وسلام ومصالح متبادلة مع الغالبية من شعوب العالم، متجسدة في تلك الوقفة الرائعة لتلك الدول عندم تعرض شعب الكويت للعدوان ومحنة الاحتلال من جارته العراق التي طالم مد لها يد العون في شتى المجالات. ان دبلوماسية الشيخ جابر الأحمد لم تتردد لحظة واحدة في التلاحم مع قضايا المجتمع العالمي. تجد ذلك في كل كلمة ألقاها في المحافل والقمم الدولية التي يحرص دائم على ان يكون له حضور متميز فيه. كانت دعوته الى الاخاء، وسيادة سلام عالمي عادل بين الشعوب، واحترام حقوق الانسان، ومساندة الدول النامية اقتصادي واجتماعي وسياسيا، ورفع الغبن عن تلك الدول التي ترزح تحت عبء البؤس الاقتصادي وتراكم الديون عليها، احدى الملامح البارزة في مفردات خطابه السياسي.
ان من يحاول استطلاع فكر الشيخ جابر الأحمد، سواء أكان ذلك من خلال مواقفه واعماله وانجازاته أم من خلال كلماته في المحافل والمؤتمرات الدولية. لقد قدم هذا الكتاب المهم جانبا من فكر الشيخ جابر الأحمد، وتاريخ دبلوماسيته، حيث لخصن المسيرة التي قادها في اربعة فصول، لم يخل واحد منه من المعاناة والعمل الدؤوب، وكان احلكه واقساه السبعة شهور التي عانت منه الكويت محنة الغزو ومرارة الاحتلال العراقي.
فالفصل الاول يتناول انطلاقة المسيرة التاريخية للشيخ جابر الأحمد في الادارة الحكومية، متدرج في مناصب قيادية من حاكم امني لمناطق النفط ومدينة الاحمدي، الى رئيس لدائرة المالية، فوزير للمالية والاقتصاد، فولي للعهد ورئيس لمجلس الوزراء.
لقاءات شعبية
اما الفصل الثاني فيتناول مرحلة تمتد من تاريخ توليه مقاليد الحكم رئيس للدولة في الحادي والثلاثين من ديسمبر عام 1977م، حتى الثاني من اغسطس عام 1990م. وفيه تم رصد لقاءات الشيخ جابر الاحمد بالاوساط الشعبية، وتفاعل الشعب والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني مع مجمل الافكار التي طرحه في المجالات الحياتية المختلفة، وذلك عبر الخطب والبيانات التي كان يوجهه الى الشعب الكويتي، والتي كانت تمثل بحق الاستراتيجية واضحة المعالم لتطلعاته المستقبلية لمسيرة الدولة والمجتمع.
ثم يأتي الفصل الثالث متضمن الاتجاهات الفكرية للشيخ جابر الاحمد، ليغطي مساحة كبيرة في حياة الكويت ومسيرته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ونهجه الديمقراطي والمؤسسي ومنهجه الاداري.
اما الفصل الرابع فيتناول الفترة القاسية، والمحنة العظمى التي عانت منه الكويت ارض وشعب وقيادة، وهي فترة الظلم والعدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت.
فترة لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلا لها في اعمال الخيانة والجحود، حيث تم رصد تحركات الشيخ جابر الاحمد على المستويات كافة لمواجهة هذه المحنة، وجهوده الجبارة من اجل تحرير تراب وطنه وشعبه، فكان له ما أراد في 26 فبراير عام 1991م، عندما تحررت الكويت بسواعد ابنائها، ومؤارزة بعض اشقائه من العرب المخلصين، ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودعم دول العالم المحبة للسلام، التي هبت جميعه وجاءت في تحالف دولي لنجدة الكويت، وقهر الظلم والعدوان العراقي. والشيخ جابر الاحمد واحد من الذين حباهم اللّه بالقبول، احب شعبه، وخدم وطنه بإخلاص وتفان، فأحبه الجميع، وأخلصوا له، فلا غرو في ذلك، فهو واحد من العظماء لانه استطاع ان يقود بلاده مع غيره من حكام الكويت من مجتمع اولي بسيط الى مجتمع حضاري مدني مترابط بأنظمته وقوانينه.
مجتمع ديمقراطي، الحكم فيه لآل صباح، والامة هي مصدر السلطات. مجتمع اسلامي عروبي يؤمن بأمته العربية اشد الايمان، رغم ما اصابه ايام محنة العدوان والاحتلال العراقي من نكران بعض الاخوة من العرب. ان افكار الشيخ جابر الاحمد المتصلة بقضاي الامة العربية جلية وواضحة للعيان منذ ان دخل معترك العمل السياسي. لم يساوم يوم على عروبته وقوميته ومبادئه الانسانية، ولم يعط بيد ليأخذ بالاخرى. كان دوم المدافع عن قضاي الامة العربية من المحيط الى الخليج. وكانت قضية فلسطين، وشعب فلسطين، واردة باستمرار في ذاكرته ووجدانه في احلك الظروف واصعبه.
ففي الوقت الذي كان يناضل من اجل حرية وطنه وشعبه من طغيان النظام العراقي، كانت فلسطين، وشعب فلسطين، على لسانه وجزء من نضاله الوطني، سواء اكان ذلك في المحافل الدولية أم في خطابه السياسي للعالم. وكان يحارب على جبهتين في آن واحد: تحرير الوطن وتحرير الانسان الفلسطيني، على الرغم من انحياز قادتهم لجانب قوى الاحتلال، وموقفهم غير المبرر من تحرير دولة الكويت، ودعمهم غير المحدود للمحتل لاستمرار احتلاله لارض الكويت وشعب الكويت.
دعم التحرير
لقد تخطى الشيخ جابر الاحمد حدود الوطن العربي وهذا واضح للعيان في سياسته الخارجية ليمس قضايا العالم الثالث والشعوب المقهورة في الصميم.
حارب التمييز والتفرقة العنصرية. حارب الفصل العنصري في جنوب القارة الافريقية. دعم حركات التحرير الوطني اينم وجدت في العالم، وبخاصة في افريقي. اصبحت مديونيات العالم الثالث في نظره تساوي حالة من الاستعمار الجديد.
خاطب الضمير العالمي من فوق منبر الامم المتحدة عندم طالب الدول الدائنة بمراعاة الاوضاع الاجتماعية والانسانية في الدول المدينة، ومارسه عملي حين اسقط فوائد الديون عن كاهل الدول المدينة للكويت، بل ونظر في اصول الديون بالنسبة للدول الاشد فقر. كم طالب البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي بأن يكون اكثر عدالة مع الدول المحتاجة والدول الساعية الى التنمية.
اكثر من 26 ألف طالب وطالبة، وسبعة آلاف مرشدة وزهرة، وخمسة آلاف كشفي وشبل، وألفي طالب وطالبة من التعليم الخاص، وعدد من طلبة المعاهد الخاصة وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. مثلما شارك في تغطية هذه التظاهره الوطنية اكثر من 300 مصور وفني وصحفي. هذ الزحف البشري اكد من جديد البيعة الثالث للامير الشيخ جابر الاحمد.
فالبيعة الاولى تمت في 31 ديسمبر عام 1977م بتوليه مهام الحكم امير لدولة الكويت. والبيعة الثانية تمت في اكتوبر عام 1990م والكويت تحت نير الاحتلال والعدوان العراقي، حيث جاءت تلك البيعة الشعبية كحالة من الاصرار على رفض كل دعوة الى تغيير النظام السياسي، وحالة من التلاحم والالتفاف حول قائد المسيرة اما البيعة التي تمت صباح يوم الثلاثاء 15 يناير 2002م، فهي بيعة حب ووفاء واخلاص لرائد التحرير والتطوير والبناء والنظام السياسي الذي يعتبر ركن اساسي في احكام الدستور الكويتي الصادر عام 1962م. وتأكيد لهذه البيعة الشعبية عطل مجلس الامة الكويتي جدول اعماله يوم الاثنين 22 يناير 2002م، وفاءً وعرفان لامير البلاد، وقد وصف النواب هذه الجلسة بأنه جلسة مبايعة وتذكير بمناقب الشيخ جابر الاحمد وم قدمه لبلاده وشعبه منذ توليه المسؤولية عام 1949م وحتى تسلمه مقاليد الحكم وم بعده.
ان مسيرة الشيخ جابر الاحمد كم وقفن عليه حافلة بالاحداث والانجازات العظيمة، تناوله الكتاب بشيء من الايجاز في موقع، وبتفصيل شديد في موقع آخر، ذلك لان طبيعة الحدث واهميته كانت تفرض نفسها، وتلزمن بمثل هذ الاستطراد. لقد أردن من هذ الاصدار الا يكون عمل اعلامي ودعائي يمقته الرجل بطبعه بقدر ما اردناه ان يكون مرجع علمي يعين الباحثين والمؤرخين في رصد اهم مرحلة واخطره في تاريخ الكويت الحديث، عاشه الشيخ جابر الاحمد وقاده بفكره وعمله الدؤوب، سعي وراء تحقيق دولة عصرية. دولة مؤسسات وسيادة قانون. هذه المسيرة.
مسيرة الخير والعطاء
مسيرة الخير والعطاء التي شارك في قيادته الشيخ جابر الاحمد رئيساً، فوزيراً، فولي للعهد، ورئيس لمجلس الوزراء، ثم حاكم لدولة الكويت، اكمل عامة الخامس والعشرين في 31 ديسمبر عام 2002م، وهو في سدة الحكم، يخدم وطنه وشعبه وامته. ندعو له بدوام الصحة والعافية وطول العمر
والكتاب الذي يقع في 717 صفحة يحكى قصة 55 عام من الجهود الكبيرة والتضحيات العظيمة والانجازات الرائعة في خدمة الكويت، ويتناول 4 فصول. والشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت كم يقول عبداللّه غلوم الصالح في مقدمة الكتاب هو احد من اولئك الزعماء والقادة الذين تفانو في خدمة وطنهم وعملو لرفاهية شعوبهم، فأحبه الجميع وتمسكو به قائد وزعيم في أصعب واحلك فترة مرت عليه الكويت في تاريخه المعاصر. ونحن اذ نسجل اليوم، للشيخ جابر الأحمد اميرا وحاكما ووالد وانسانا، فإننا نسجل لمسيرة دولة صغيرة في مساحته وتعداده السكاني كبيرة وعظيمة في امانيه وتطلعاته المستقبلية. نسجل لحقبة زمنية حققت فيها الكويت مقومات المجتمع المدني الديموقراطي والحياة العصرية بكل معطياتها واسبابها الحضارية.
لقد استمد الشيخ جابر الاحمد قيادته الحكيمة للدولة والمجتمع من ذلك المخزون النضالي العظيم الذي خلفه الآباء والاجداد الذين ركبو الصعاب، واقتحمو المخاطر بشتى الوانه ومشاربه عبر عقود وقرون من الزمن، سعي وراء بناء الدولة العصرية الحديثة، وارساء قواعد الديمقراطية والشورى والعدالة الاجتماعية، وهذ ما جعل قائد مسيرة الخير يضع الكويت ونموها، وعزة وكرامة أبنائه في مقدمة اولوياته، وهو يقود الدولة والمجتمع نحو مزيد من الحداثة والتطوير. ان افكار الشيخ جابر الاحمد التي نستعرضه في هذ الرصد التاريخي والمعلوماتي، سواء اكان ذلك على المستوى المحلي أم العربي أم الإسلامي ام الدولي، هي في الحقيقة محصلة نهائية لتجربة غنية وثرية ممزوجة بالرؤية الواقعية لم يدور اليوم حولن من سباق في شتى المجالات لاحتلال احد المقاعد الامامية في قطار العصر السريع المتجه نحو حضارة القرن الحادي والعشرين.
نقول: ان ما نستعرضه اليوم هو مجموعة افكار تم استقصاؤه وجمعه عن اوقات وفترات زمنية متفاوتة، ومواقع وظروف مختلفة ومتباينة، لكنه في النهاية تصب في قناة واحدة، وتدور حول موضوع واحد، هو كيفية استحداث نقلة نوعية في حركة الدولة والمجتمع. تلك النقلة التي طالم تحدث عنه الشيخ جابر الأحمد، وردده في اكثر من مناسبة محلية، لتصبح واحدة من أبرز افكاره. إذ ما تحققت فإنه ستؤهل الكويت بلاشك لان تصبح في الصفوف الامامية في قطار العصر السريع الذي يكاد العالم امامه ان يصبح امة وقرية كونية واحدة، او هكذ يبدو.
ان التاريخ الطويل من الممارسات العملية للشيخ جابر الاحمد في المجالات المهنية والوظيفية والدبلوماسية والقيادية المختلفة، وفي اكثر من موقع اكسبه بل شك رؤية واضحة لعالم اليوم، وم يمكن ان يكون عليه الغد. ولو تتبعن بدقة انشطته وجهوده منذ التسعينيات بصفة خاصة حتى اليوم، وجهوده ايض قبل ذلك التاريخ، لامكنن ان نكتشف كيف ان هذه الجهود جميعه كانت ومازالت تستهدف تحقيق الرفاء والسلام، والامن والامان، وكفالة حقوق الانسان، وتدعيم الديمقراطية والحريات العامة، والتطور المستمر نحو مزيد من التحديث والرقي، والاخذ بكل ما تنتهي اليه اساليب التقنية الحديثة لصالح شعبه الذي اولاه ثقته الكاملة، وتعاضد وتماسك تحت قيادته وزعامته. لم تقف جهود ونشاطات الشيخ جابر الأحمد عند حدود بلده، بل كان دائم وأبد على مدى سنوات مسيرته القيادية، ولا يزال يعمل على ان تصب جهوده في قنوات اخرى مماثلة لتلك التي عمل من اجلها في سبيل بلده. وتلك قصة تعرفها معظم شعوب الارض، ابتداء مما قدمته الكويت من قروض ومعونات ومساعدات ومشورات فنية، الى مناداته ومناشداته دول العالم المانحة للقروض الغاء فوائد ديونه على العالم الثالث، بل دعوته للنظر حتى في الغاء اصول تلك القروض بالنسبة للدول الاشد فقراً، وهو ما نفذته الكويت بالفعل، اذ ترجمت الاقوال والمقترحات الى افعال وممارسات واقعية.
علاقات طيبة
لقد كان الشيخ جابر الاحمد على مدى سنوات عمله وقيادته امير لدولة الكويت ول يزال حريص كل الحرص على بناء جسور من العلاقات الطيبة بين الكويت والكثير من دول العالم. وقد بدت ثمرة هذه الدبلوماسية الهادفة في اقامة علاقات ود وتفاهم وسلام ومصالح متبادلة مع الغالبية من شعوب العالم، متجسدة في تلك الوقفة الرائعة لتلك الدول عندم تعرض شعب الكويت للعدوان ومحنة الاحتلال من جارته العراق التي طالم مد لها يد العون في شتى المجالات. ان دبلوماسية الشيخ جابر الأحمد لم تتردد لحظة واحدة في التلاحم مع قضايا المجتمع العالمي. تجد ذلك في كل كلمة ألقاها في المحافل والقمم الدولية التي يحرص دائم على ان يكون له حضور متميز فيه. كانت دعوته الى الاخاء، وسيادة سلام عالمي عادل بين الشعوب، واحترام حقوق الانسان، ومساندة الدول النامية اقتصادي واجتماعي وسياسيا، ورفع الغبن عن تلك الدول التي ترزح تحت عبء البؤس الاقتصادي وتراكم الديون عليها، احدى الملامح البارزة في مفردات خطابه السياسي.
ان من يحاول استطلاع فكر الشيخ جابر الأحمد، سواء أكان ذلك من خلال مواقفه واعماله وانجازاته أم من خلال كلماته في المحافل والمؤتمرات الدولية. لقد قدم هذا الكتاب المهم جانبا من فكر الشيخ جابر الأحمد، وتاريخ دبلوماسيته، حيث لخصن المسيرة التي قادها في اربعة فصول، لم يخل واحد منه من المعاناة والعمل الدؤوب، وكان احلكه واقساه السبعة شهور التي عانت منه الكويت محنة الغزو ومرارة الاحتلال العراقي.
فالفصل الاول يتناول انطلاقة المسيرة التاريخية للشيخ جابر الأحمد في الادارة الحكومية، متدرج في مناصب قيادية من حاكم امني لمناطق النفط ومدينة الاحمدي، الى رئيس لدائرة المالية، فوزير للمالية والاقتصاد، فولي للعهد ورئيس لمجلس الوزراء.
لقاءات شعبية
اما الفصل الثاني فيتناول مرحلة تمتد من تاريخ توليه مقاليد الحكم رئيس للدولة في الحادي والثلاثين من ديسمبر عام 1977م، حتى الثاني من اغسطس عام 1990م. وفيه تم رصد لقاءات الشيخ جابر الاحمد بالاوساط الشعبية، وتفاعل الشعب والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني مع مجمل الافكار التي طرحه في المجالات الحياتية المختلفة، وذلك عبر الخطب والبيانات التي كان يوجهه الى الشعب الكويتي، والتي كانت تمثل بحق الاستراتيجية واضحة المعالم لتطلعاته المستقبلية لمسيرة الدولة والمجتمع.
ثم يأتي الفصل الثالث متضمن الاتجاهات الفكرية للشيخ جابر الاحمد، ليغطي مساحة كبيرة في حياة الكويت ومسيرته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ونهجه الديمقراطي والمؤسسي ومنهجه الاداري.
اما الفصل الرابع فيتناول الفترة القاسية، والمحنة العظمى التي عانت منه الكويت ارض وشعب وقيادة، وهي فترة الظلم والعدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت.
فترة لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلا لها في اعمال الخيانة والجحود، حيث تم رصد تحركات الشيخ جابر الاحمد على المستويات كافة لمواجهة هذه المحنة، وجهوده الجبارة من اجل تحرير تراب وطنه وشعبه، فكان له ما أراد في 26 فبراير عام 1991م، عندما تحررت الكويت بسواعد ابنائها، ومؤارزة بعض اشقائه من العرب المخلصين، ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودعم دول العالم المحبة للسلام، التي هبت جميعه وجاءت في تحالف دولي لنجدة الكويت، وقهر الظلم والعدوان العراقي. والشيخ جابر الاحمد واحد من الذين حباهم اللّه بالقبول، احب شعبه، وخدم وطنه بإخلاص وتفان، فأحبه الجميع، وأخلصوا له، فلا غرو في ذلك، فهو واحد من العظماء لانه استطاع ان يقود بلاده مع غيره من حكام الكويت من مجتمع اولي بسيط الى مجتمع حضاري مدني مترابط بأنظمته وقوانينه.
مجتمع ديمقراطي، الحكم فيه لآل صباح، والامة هي مصدر السلطات. مجتمع اسلامي عروبي يؤمن بأمته العربية اشد الايمان، رغم ما اصابه ايام محنة العدوان والاحتلال العراقي من نكران بعض الاخوة من العرب. ان افكار الشيخ جابر الاحمد المتصلة بقضاي الامة العربية جلية وواضحة للعيان منذ ان دخل معترك العمل السياسي. لم يساوم يوم على عروبته وقوميته ومبادئه الانسانية، ولم يعط بيد ليأخذ بالاخرى. كان دوم المدافع عن قضاي الامة العربية من المحيط الى الخليج. وكانت قضية فلسطين، وشعب فلسطين، واردة باستمرار في ذاكرته ووجدانه في احلك الظروف واصعبه.
ففي الوقت الذي كان يناضل من اجل حرية وطنه وشعبه من طغيان النظام العراقي، كانت فلسطين، وشعب فلسطين، على لسانه وجزء من نضاله الوطني، سواء اكان ذلك في المحافل الدولية أم في خطابه السياسي للعالم. وكان يحارب على جبهتين في آن واحد: تحرير الوطن وتحرير الانسان الفلسطيني، على الرغم من انحياز قادتهم لجانب قوى الاحتلال، وموقفهم غير المبرر من تحرير دولة الكويت، ودعمهم غير المحدود للمحتل لاستمرار احتلاله لارض الكويت وشعب الكويت.
دعم التحرير
لقد تخطى الشيخ جابر الاحمد حدود الوطن العربي وهذا واضح للعيان في سياسته الخارجية ليمس قضايا العالم الثالث والشعوب المقهورة في الصميم.
حارب التمييز والتفرقة العنصرية. حارب الفصل العنصري في جنوب القارة الافريقية. دعم حركات التحرير الوطني اينم وجدت في العالم، وبخاصة في افريقي. اصبحت مديونيات العالم الثالث في نظره تساوي حالة من الاستعمار الجديد.
خاطب الضمير العالمي من فوق منبر الامم المتحدة عندم طالب الدول الدائنة بمراعاة الاوضاع الاجتماعية والانسانية في الدول المدينة، ومارسه عملي حين اسقط فوائد الديون عن كاهل الدول المدينة للكويت، بل ونظر في اصول الديون بالنسبة للدول الاشد فقر. كم طالب البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي بأن يكون اكثر عدالة مع الدول المحتاجة والدول الساعية الى التنمية.
اكثر من 26 ألف طالب وطالبة، وسبعة آلاف مرشدة وزهرة، وخمسة آلاف كشفي وشبل، وألفي طالب وطالبة من التعليم الخاص، وعدد من طلبة المعاهد الخاصة وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. مثلما شارك في تغطية هذه التظاهره الوطنية اكثر من 300 مصور وفني وصحفي. هذ الزحف البشري اكد من جديد البيعة الثالث للامير الشيخ جابر الاحمد.
فالبيعة الاولى تمت في 31 ديسمبر عام 1977م بتوليه مهام الحكم امير لدولة الكويت. والبيعة الثانية تمت في اكتوبر عام 1990م والكويت تحت نير الاحتلال والعدوان العراقي، حيث جاءت تلك البيعة الشعبية كحالة من الاصرار على رفض كل دعوة الى تغيير النظام السياسي، وحالة من التلاحم والالتفاف حول قائد المسيرة اما البيعة التي تمت صباح يوم الثلاثاء 15 يناير 2002م، فهي بيعة حب ووفاء واخلاص لرائد التحرير والتطوير والبناء والنظام السياسي الذي يعتبر ركن اساسي في احكام الدستور الكويتي الصادر عام 1962م. وتأكيد لهذه البيعة الشعبية عطل مجلس الامة الكويتي جدول اعماله يوم الاثنين 22 يناير 2002م، وفاءً وعرفان لامير البلاد، وقد وصف النواب هذه الجلسة بأنه جلسة مبايعة وتذكير بمناقب الشيخ جابر الاحمد وم قدمه لبلاده وشعبه منذ توليه المسؤولية عام 1949م وحتى تسلمه مقاليد الحكم وم بعده.
ان مسيرة الشيخ جابر الاحمد كم وقفن عليه حافلة بالاحداث والانجازات العظيمة، تناوله الكتاب بشيء من الايجاز في موقع، وبتفصيل شديد في موقع آخر، ذلك لان طبيعة الحدث واهميته كانت تفرض نفسها، وتلزمن بمثل هذ الاستطراد. لقد أردن من هذ الاصدار الا يكون عمل اعلامي ودعائي يمقته الرجل بطبعه بقدر ما اردناه ان يكون مرجع علمي يعين الباحثين والمؤرخين في رصد اهم مرحلة واخطره في تاريخ الكويت الحديث، عاشه الشيخ جابر الاحمد وقاده بفكره وعمله الدؤوب، سعي وراء تحقيق دولة عصرية. دولة مؤسسات وسيادة قانون. هذه المسيرة.
مسيرة الخير والعطاء
مسيرة الخير والعطاء التي شارك في قيادته الشيخ جابر الاحمد رئيساً، فوزيراً، فولي للعهد، ورئيس لمجلس الوزراء، ثم حاكم لدولة الكويت، اكمل عامة الخامس والعشرين في 31 ديسمبر عام 2002م، وهو في سدة الحكم، يخدم وطنه وشعبه وامته. ندعو له بدوام الصحة والعافية وطول العمر
تعليق