مقتطف من رواية .. " تيس في ستارباكس " .. لجعفر رجب ...
تتحدث القصة حول " تيس " هارب من صاحبه .. ولجأ إلى شخص إسمه حكيم .. وقد عرض صاحبه مبلغ 100 ألف دولار لمن يجد تيسه ...
وتدور حوارات بين التيس وحكيم ...
________________________________________
حوار بين " حكيم " وتيس إسمه " مبروك " ...
" عبرنا الشارع الثاني بفضل الفتاتين .. وعبر الناس معنا بفضلهن ( ونحن بدورنا ومن هذا الموقع.. نشكر الفتاتين على جهودهما في مساعدتنا على عبور الشارع) ...
وصلنا إلى مجمّع الفنار .. ودخلنا إلى المجمّع .. وبدأ التيس (مبروك) تعليقاته ...
مبروك: لا يوجد شيء هنا !
حكيم: ماذا تريد أن ترى ؟
مبروك: يعني لا يوجد إلا المحلات والمطاعم ...
حكيم: أنت داخل إلى مجمّع تجاري .. وليس متحف اللوفر .. من الطّبيعي أن تشاهد محلاّت تجارية ...
مبروك: أوففففف .. كل هذه محلاّت .. وكل هؤلاء بشر !
حكيم: قل لا إله إلا الله .. ولا تكن حسودًا .. أول مرة أشوف تيس وعينه حراة .. لا تحسدنا على ما نحن فيه رجاء !
مبروك: وهل حسدتكم على المصانع والجامعات .. إنها مجرد محلات !
حكيم: أيًّا كان .. لا تحسد .. وخاصة إذا عينك حارة .. وتؤثر في اقتصادنا وحالتنا المادية !
مبروك: يعني الآن الخطر الوحيد على اقتصادكم العيون الحارة .. وهذا يعني إن الدولة الأقوى في العالم .. هي الدولة الأكثر حرارة في عيونها !
حكيم: إتق الله .. ولا تسخر .. الحسد مذكور بالقرآن ...
مبروك: أعلم أنه مذكور في القرآن .. وهل ذُكر في القرآن إن هناك من هو عينه حراة وعينه باردة ...
وثانيا ما علاقة الدين بحديثنا ؟
لماذا تدخلون الدّين والقرآن في حواراتكم .. عندما تعجزون عن المناقشة !
حكيم: نحن قوم الدين جزء من حياتنا .. إن لم تكن كلها ...
مبروك: أسمعني شوية شعارات .. خلصّنا من شعارات اليسار والقوميين .. الآن شعارات الإسلاميين .. لما لا تعملون بقدر ما ترفعون من الشعارات ...
حكيم: يعني لا تؤمن بالحسد ؟
مبروك: الحسد حالة نفسية مثل الغرور والتكبر وكلها بالقرآن ...
بالقرآن مذكور تعلّموا .. احترموا الناس .. لا فرق بين عربي وأعجمي .. لا فرق بين أبيض وأسود ...
وهناك فرق بين من يعلم وبين من لا يعلم ...
ومذكور سيروا في الأرض وانظروا إلى الكون .. وإلى أنفسكم .. واكتشفوا العالم ...
ومذكور لا تنافقوا ولا تغشوا ولا تقتلوا ولا تغدروا ولا تسرقوا ولا تتكاسلوا ولا تتواكلوا ...
ومذكور أيضًا إن الله لا يغيركم ولا يصلح حالكم .. ما لم تغيروا ما بأنفسكم ...
هذا هو المذكور في القرآن وليس فقط الحسد ...
ولو كان عندكم شيء يُحسد عليه لما اعترضت ...
ولكن على ماذا تخاف ؟
على مصانع السيارات أم مصانع الطائرات ...
أم حقول القمح الممتدة خلف بيتكم ...
أم على شوارعكم النظيفة ...
تخافون على سواد عيونكم .. أم على قاماتكم الطويلة وشعوركم الناعمة ...
حكيم: لا أرد عليك !
مبروك: طبعًا لأنك عاجز .. نخلَّص من الحسد .. فيُقال لنا الجن .. وستقول الجن مذكور في القرآن ...
وهل مذكور أيضًا أن فلان الفلاني المشعوذ أو النصاب .. هو قائد عمليات محاربة الجن والشياطين ...
لماذا تحمّلون تخلفكم وغباءكم وخيالاتكم على القرآن ؟
حكيم: أنت متحامل .. هل أنت علماني ؟
مبروك: لا .. أنا تيس !
حكيم: وأنا بني آدم والله كرمني بالعقل .. ولذلك لا يمكن أن تناقشني في هذه القضية !
مبروك: رجعنا للدين .. الله كرّمك .. وأنتم مصرون على الإنحطاط ...
هل رأيت تيسًا ينافق تيسًا ...
تيسًا يقتل تيسًا ...
تيس يغدر بتيس ...
تيس يقف في ناصية الشارع ويبيع المخدرات للأطفال ...
هل هذه كرامة ؟
حكيم: ومع ذلك نحن مكرّمون وأعلى قيمة منكم كحيوانات ...
مبروك: نعم ارض غرورك .. فهذا الأمر لا يهمني .. ما يهمني أنكم مجموعة من النصّابين .. تتعلّقون بالدين من أجل مصالحكم !
حكيم: هذا هجوم واضح على التوجّهات الإسلامية .. لقد قلت لك من قبل أنت تيس علماني !
مبروك: لا هجوم ولا دفاع ولا علاقة لي لا بتوجهات ولا سياسية .. أنا تيس فقط لا غير ...
وثانيًا استغلال الدين ليست خاصة لجهة دون أخرى .. ولا مذهب دون آخر ولا دين دون آخر ...
إنها طبيعة البشر .. هناك من يؤمن بالله ...
وهناك من يؤمن بالله كطريق للتكسّب الدنيوي .. سواء ادعى أنه إسلامي أو ليبرالي يساري أو يميني ...
في الشرق جميعكم ألف صورة لعملة واحدة ...
حكيم: دعنا من هذا الكلام ...
مبروك: أي كلام ؟
حكيم: الجن وغيره ...
مبروك: المشكلة إنكم تغيبون الواقع وتعيشون في الخيال ...
يا أخي الدين قال لك آمن بالغيب .. ولم يقل لك عش بالغيب واترك الواقع ...
حكيم: قلنا لنغير الموضوع ...
مبروك: أنا أغيّر ولكن أنتم لا تتغيرون .. تتصورون الدين حسد وجن وقطع يد السارق !
حكيم: وتعارض الحدود أيضًا !
مبروك: نعم أعارضه عندما تطبقه أنت وأمثالك ...
عندما يكون من يقطع يدي حرامي كبير .. ومن يقطع رقبتي قاتل كبير .. ومن يرجمني يمارس الدعارة الدولية ...
حكيم: لماذا لا نغير الحديث وندخل محل الساعات مثلا ...
مبروك: غيّر ولكن جاوبني أولاً .. لماذا حوّلتم القرآن إلى كتاب فيزياء وكيمياء ...
الغرب يكتشف ويخترع .. ثم يخرج لنا باحث في الجرائد ليقول .. هذا الإكتشاف موجود بالقرآن قبل ألف وأربعمائة سنة ...
حكيم: نعم هذا دليل إعجاز قرآني !
مبروك: ودليل عجزكم ...
مذكور في القرآن .. لماذا لم تكتشفونه .. أنتم تقرؤون القرآن ألف وأربعمائة سنة ؟
________________________________________
يستمر مبروك حواراته مع حكيم ...
وفي نهاية الرواية .. يقول حكيم لقرّاء الرواية ...
" الفرصة تأتي مرة واحدة .. يوجد في رصيدي الآن مئة ألف دولار ...
إعذروني .. فأنا في النهاية إنسان ولست بتيس !
تعليق