كتبت من قبل في هذا المكان عن خطف البنات القبطيات في مصر واغتصابهن وإجبارهن على التحول إلى الإسلام، وقلت أنها ظاهرة بمعنى أنها تتكرر، وقلت أيضاً أنها محدودة بمعنى أن عدد حالات الخطف المباشر متكررة ولكنها محدودة عددياً، ولكن ظاهرة استهداف البنات القبطيات أوسع بكثير من عمليات الخطف المباشر وهي تقدر بالآلاف سنوياً.
ويشكل استهداف البنات القبطيات ظاهرة منظمة وواسعة. وتمثل العملية جزءا من استباحة كل ما هو قبطي في العقود الثلاثة الأخيرة وبتواطؤ من الأجهزة الأمنية وفي بعض الأحيان بتحريض أو مشاركة مثلما حدث في قرية الكشح، ولدي شكوك في أن زيادة مسألة استهداف البنات القبطيات مؤخرا وراءها تحريض أو مشاركة من بعض الأجهزة الأمنية في إطار خطة لقمع الأقباط والضغط عليهم وإذلالهم حتى يكونوا تحت السيطرة الكاملة في ظل الظروف والتغيرات الدولية الدراماتيكية الراهنة والمقبلة.وظاهرة "استهداف" البنات القبطيات تتم عبر أدوات منظمة وليست ظاهرة تلقائية، ومن هذه الأدوات الإغراءات العاطفية والجنسية، والضغوط، والاستدراج، والخطف الفعلى ….
تمثل عملية الاستدراج أحد أخطر الأدوات في استهداف البنات القبطيات، وعملية الاستدراج أخطر من الخطف وهي عدة جرائم متداخلة كما أنها ظاهرة أوسع بكثير من الخطف الفعلى المحدود كما ذكرت.
لقد كتبت وحاضرت من قبل عن استهداف البنات القبطيات وفي كل كلمة كنت أراعي الدقة العلمية والبحث المدقق عن كل رقم أو حرف وأنا على استعداد كامل لأي مناظرة علمية حول ما يحدث للأقباط في مصر. وفي الفترة الأخيرة انتشر الهلع بين الأسر القبطية في مصر بعد الكلام عن استدراج البنات القبطيات في عدد من المحلات العامة للإيقاع بهن ووصل الرعب إلى كافة البيوت القبطية بعد حديث البابا شنودة نفسه في محاضرته الأسبوعية الجماهيرية وتحذيره للدولة من خطورة هذه الأفعال الإجرامية. ولخطورة الموضوع ننقل نص ما قاله البابا في محاضرته حيث قال :
"جالي أوراق كثيرة جدا عن البنات اللي بيروحوا محلات السوبر ماركت وبعدين يقولوا ليكوا جوائز ونجحتم في مسابقات، اتفضلوا اطلعوا فوق علشان تأخذوا الجوائز. وما نعرفش يطلعوا فوق يجرى لهم إيه، وأنا شايف كلام كثير بيتقال. الموضوع هيعمل فتنة طائفية. ياريت البوليس ياخذوا موقف حازم، لأن جايلي جوابات لا حصر لها في هذا الموضوع. وماتقولوش أسماء أو غيره لأنهم يمكن خدوهم وودوهم في أي حته ما نعرفش هما فين.
ما يتخدش الأمر بهذه السهولة وعدم المبالاة. أنا بقول كده وأنا عارف إيه خطورة الموقف ومش عايزين بلاوي تاني تحصلنا كفاية إللي فات.
يعني نلاقي كام شاب بيسافروا بلد معين معاهم شوية أناجيل قبضوا عليهم وفضلوا 15 يوم ونيابة وهيصة لمجرد معاهم شوية أناجيل. أمال دول البنات اللي طلعوهم فوق ومنعرفش يحصلهم إيه. إحنا مش هنسكت على كده أبداً".
وقد وصلنى منذ فترة عدد كبير من الرسائل بأسماء عدد من المحلات التجارية ولكننى لم اخذها كوثائق يمكن الاستناد عليها ولم اؤكدها او انفيها ولكن ما استطبع تآكيده بضمير علمى خالص هو وجود وسائل متعددة لاستهداف البنات القبطيات.اما حديث البابا شنودة الصريح وهو فى موقع المسئولية فيعنى ان لديه وثائق وحقائق يمكن ان يحاجج بها، وهو قليل الكلام عن اوضاع الاقباط ومعنى حديثه الواضح الصريح أن فى الامور شيئا خطيرا.
الجدير بالذكر أنه في كل مرة يفتح فيها البابا فمه شاكياً تفتح أجهزة الدولة النار عليه، وهو ما حدث بالضبط بعد المحاضرة حيث سلطت الأجهزة الأمنية المصرية أحد صبيانها وهو مصطفى بكري فكتب في مطبوعته الأمنية الفاشية تقريراً خياليا ملفقا عن الشرق الأوسط الكبير زعم فيه أن من أهداف المشروع "إنشاء برلمان للأقباط يتم انتخابه من كل الأقباط، وأن هؤلاء يعينون فيما بينهم رئيس برلمان الأقباط في حين يظل البابا محتفظا بمكانته كرئيس لحكومة الأقباط في مصر"!!!!
تصوروا كيف وصلت الامور الى حد نشر مثل هذا الكلام المعتوه!!!
نفس الهجوم على البابا شنودة حدث العام قبل الماضى من هذا الصبي أيضا عندما طالب البابا بتمثيل عادل للأقباط في السلطة التشريعية والهيكل الإداري للدولة.
وهو كلام يعيد للاذهان اكاذيب السادات واذنابه عن الدولة القبطية والتى استخدمها للانقضاض على البابا شنودة والاقباط من قبل.
وتكرر ما حدث فى "الاسبوع" فى عدد من المطبوعات الامنية الاخرى حيث حملوا الاقباط المسئولية، وهى عادة اعلامية مصرية لازمت كل ما حدث للاقباط من حوادث وجرائم، فالقاتل إما مجنون أو الحادث فتنة مستوردة أو مشاجرة عادية،او اصابع صهيونية بل وصل الاستخفاف بتصوير المجني عليه بأنه السبب لأنه استفز القاتل، فوجود القبطي أصبح استفزازا في ظل ثقافة التعصب المقيت والتواطىء المخزي للدولة وأجهزتها ضدهم.
لقد وصلت الأوصاع القبطية بالفعل إلى مأساة. وكما يقول محرر جريدة الفيجارو الفرنسية في عدد 3 يناير 2004 : "زيارتي الأخيرة لمصر كشفت لي الأوضاع الحقيقية من تزييف ومظاهر خادعة لأوضاع مؤسفة بائسة يعيشها سبعة ملايين قبطي كمواطنين من الدرجة الثانية، لا يمر شهر في مصر بدون حوادث قتل وحرق الكنائس واعتداءات على كهنة ونهب محلات ومتاجر للمسيحيين وتعتيم كامل من السلطات وتجاهل وإنكار لكل ما يحدث من شركاء الوطن. لا يجد الأقباط من منصت لهم ويشاركهم آلامهم. أباء الصحراء الرهبان تحت أعين رقباء الشرطة، أديرتهم كقلاع محاصرة يعيشون كغرباء في وطنهم. هل أصبحت صلاة هؤلاء المتعبدين خطرة على الأمن ومثيرة للكراهية إلى هذا الحد بالرغم من حرص الكنيسة على المحبة والتسامح ومناداتها دائما بهذا في كل المنتديات. ومن الحرص الزائد للعيش في سلام تنازل الأقباط باستمرار عن حقوقهم حتى أصبحت المشكلة (مأساة) في إنكارهم أن هناك ظلم، وصمتوا عن البوح بآلامهم، وأصبح من الوطنية أن لا يبوح القبطي بالظلم الواقع عليه"!!.
نعم أنها مأساة فعلا أن تقاس وطنية القبطي بإنكاره للمظالم التي تقع عليه. ورغم أن أجهزة الأمن والمخابرات تحكم البلد بالكامل كما قال سعد الدين ابراهيم في حديثه مع إيلاف، وأنها تعرف كل شيء فى مصر حتى دبة النملة كما يعلم الجميع إلا أنه وياللأسف تتواطىء ضد الآلاف من البنات القبطيات اللواتى يستهدفن للدخول في الإسلام سنوياً.
إن الأقباط ضحايا الإرهاب المتأسلم قبل أحداث سبتمبر ومازالوا ولكنهم تحت قمع شديد،يتهموا بالخيانة والعمالة وباقي القاموس المعروف إذا تجرأ أحدهم وعبر عن هذه المشاكل الواضحة وضوح الشمس فى كبد السماء.
في جريدة وول ستريت جورنال كتب جوناثان لويس بتاريخ 24/12/2003 :
"بينما أدرك الأمريكيون خطر الإرهاب الإسلامي في 11 سبتمبر، عانى الأقباط من حملة من الترويع والعنف خلال التسعينات عندما استهدف الإسلاميون المدنيين الأقباط. وإذا كان من المسلم به أن الإسلاميين المصريين هم آلة التفريخ للإرهابيين والحاضنين لتنظيم القاعدة،ندرك على الفور أن الأقباط كانوا ضحايا نفس الإرهاب الإسلامي الذي طال الأبرياء من نيويورك إلى بالي".
انني أؤكد وبشكل علمي خالص أننا أمام مأساة تستوجب تكاتفنا جميعا مسلمين وأقباط، حكام ومحكومين لوضع حد لهذه المهازل. وحول هذه الظاهرة هناك عدد من الملاحظات الهامة :
أولا : وفقا لتشريح علمي دقيق لظاهرة سقوط الفتيات القبطيات ودخولهن غير الطبيعى فى الاسلام يمكن حصر أهم الأسباب في الأغراءات العاطفية والجنسية، الضغوط، الاستدراج عبر أساليب قذرة وإجرامية من الدهاء والمكر والخداع وأخيرا الخطف المباشر والذي يمثل حالات محدودة.
ثانيا : إن الضمير الإنساني والوطني والمصري يأبي قبول ويتفق على بشاعة هذه الظاهرة، وعندما حكيت لبعض أصدقائي المسلمين عن بعض هذه الممارسات كان رد فعلهم الاشمئزاز من هذه الممارسات اللاخلاقية والجنائية فى نفس الوقت. وقال لى بعضهم ان الاقباط يتحملون جزءا كبيرا من المسئولية لاننا لا ندرى شيئا عن مثل هذه الافعال،فلماذا الصمت عن مثل هذه الجرائم ولماذا لا يكون هناك فريق مصري وطني يضم مسلمين وأقباط للتصدي لمثل هذه الظواهر الشاذة؟، وقال لي صديق مسلم هل تتصور أن ضميري الإنساني يقبل مثل هذه الجرائم ضد الإنسانية وضد شركاء الوطن؟. إن التعتيم يؤدي إلى زيادة هذه الجرائم فالأمر يحتاج إلى رأي عام وطني إنساني يقف ضدها وهذه مسئولية كل الوطنيين الأحرار.
ثالثا: حذرت شخصيات وطنية مصرية في الثمانينات مثل المرحومين فرج فودة وأنطون سيدهم ورفعت السعيد وغيرهم من ظاهرة حل أزمة تمويل الجماعات الإرهابية عن طريق قتل الصاغة الأقباط ونهب محلاتهم، وبتهاون الدولة أمام هذه التحذيرات وتراخيها أمام هذه الجرائم تم تمويل العمل الإرهابي الذي أستهدف مصر كلها بعد ذلك من هذه الأموال بالاضافة الى الاموال الوافدة من الدول الاصولية ودفعت الدولة المصرية كلها ثمنا باهظا لأنها لم تأخذ هذه التحذيرات بشكل جاد ووطني. ونحن نحذر من محاولة البعض حل أزمة الكبت الجنسي عن طريق الفتيات القبطيات. أنني أؤكد كباحث أن هناك إستهداف مخطط ومنظم للايقاع بالبنات القبطيات، ونحذر من تنامي تاثير هذه الظاهرة على مستقبل الوطن كله وسمعته ورصيده الحضاري .
رابعا : لماذا لا تعقد ندوة علمية في إحدى جمعيات المجتمع المدني المصري حول هذه الظاهرة ؟، وأنا مستعد لتقديم بحث شامل يتناول الأبعاد المختلفة، صونا لوحدة الوطن وتماسكه ومستقبله. أين الجمعيات النسائية المصرية من هذه الظاهرة المريعة؟،اين نشطاء حقوق الانسان؟، اين منظمات المجتمع المدنى ؟.. هناك 16800 منظمة إهلية في مصر إلا توجد منظمة قادرة على كسر طوق الصمت والارتقاء بمستوانا الإنساني والوطني لمعالجة مثل هذه الجرائم الشاذة ؟
خامسا : هناك ما يسمي "بالأمن الوقائي" وهناك "الأمن القانوني الرادع". وكلاهما غير متوفر بشكل كاف في حالات الفتيات القبطيات المستهدفات، فلم تقدم الدولة متهما واحدا للمحاكمة بمثل هذه الجرائم خلال العقود الثلاثة الماضية، بل ويؤسفني أن أقول أنه فى كثير من الحالات هناك تواطؤ مؤسف مع الجناة.
لقد رأينا مأساة قرية النخيلة حيث تفاعل غياب الأمن الوقائي والأمن القانوني وتواطؤ بعض رجال الشرطة المنحرفين مما أدي إلى استفحال بؤر إجرامية أصبحت تشكل دولة داخل الدولة وكأننا في كولومبيا وليس فى بلد شديد المركزية وشعبه مسالم مثل مصر.
سادسا : من متابعة وتحليل ظاهرة الأسلمة عموما وسقوط الفتيات القبطيات خصوصا خلال المائة سنة الأخيرة يلاحظ أنها ظاهرة سياسية أكثر من كونها ظاهرة دينية واخلاقية. فهى ظاهرة سياسية تتبع درجة حياد او عدم حياد الدولة، وهى ظاهرة سياسية تزداد مع التدهور العام في أوضاع الدولة المصرية وتراجع أوضاع الأقباط بها، وهي ظاهرة سياسية تتبع علاقات مصر الإقليمية والدولية وتزداد مع تشابك العلاقات المصرية مع الدول الأصولية الإسلامية في المنطقة في حين تتراجع مع انفتاح مصر على المجتمعات المتقدمة والراقية، وهي ظاهرة سياسية تتبع درجة الانفتاح والديموقراطية فتزداد مع تعاظم الاستبداد وخاصة الديني وتتراجع مع الانفتاح الديموقراطي والحريات،وهي ظاهرة سياسية تتبع التكوين التعليمي والعقلي والوجداني للإنسان المصري، فالارتقاء بالتعليم والإعلام والثقافة هو ارتقاء بإنسانية الإنسان، أما عندما يعامل المجرم كأنه بطل ديني فنحن أمام قمة المأساة والملهاة، التي تعكس تكوين ثقافي وفكري شاذ ووجدان مريض.
سابعا : عن وسائل الاستدراج حدث ولا حرج فهناك العجب العجاب والذي لا يمكن حصره في هذه المساحة الضيقة، فهناك مثلا الاستدراج الناعم عن طريق صديقة مقربة، وهناك الإمضاء على أتوجرافات للذكري تتحول إلى ورقة زواج عرفي ضاغط، وهناك توقيع بحسن نية على أوراق تتحول إلى أوراق لإعلان إسلام الفتاة، وهناك التخدير والاغتصاب، وهناك التصوير بعد سقطة عاطفية ناتجة عن ضعف إنساني،وهناك الغزل المكثف المركز المدروس، وهناك التداخل العائلي والاختلاط الزائد، وهناك التعاطف مع مشكلة يتحول إلى مأساة فى اطار خطة مدروسة و مستهدفة، وهناك الاختراق عن طريق معرفة الأسرار والمشاكل العائلية والتسلل من خلالها، وهناك العبث واللهو عن طريق الانترنيت، وهناك الدعوة لمقابلة عمل في مكان مغلق وهى استدراج جنسى مخطط، وهناك الدعوة للحصول على جائزة وهي ايضا إستدراج جنسي، وهناك الخطف وهناك الكثير والكثير... ما أود أن أؤكده هو وجود "وسائل منظمة للاستهداف" يلزمها "وسائل منظمة للوقاية".ان مجرد التحرش بالانثى يشكل جريمة فى المجتمعات المتحضرة،اما وسائل الاستدراج هذه فهى تشكل عدة جرائم مركبة.
ثامنا : تشكل الأسرة الخلية الأولي والأساسية للوقاية، فيجب أن يكون هناك معرفة دقيقية بتفاصيل حياة الأبناء عبر حوار أسري يتناول كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة، يجب أن يكون هناك حب واحتواء وصداقة وفضفضة، وتحديد صارم لحدود الاختلاط،والحذر الحكيم وتحديد ماهية الصداقات وحدودها وإطارها ومعرفة تفاصيل الحوار بين الصديقات والمواضيع المثارة، مطلوب معرفة كل كلمة تقال للفتاة ولو كلمة مدح صغيرة، فقطرة وراء قطرة يمكن أن تفتت الصخر. مطلوب حوار متواصل ودقيق بين الزوج وزوجته والاستماع إلى كافة تفاصيل حياتها حتى الأشياء التي تبدو غير مهمة، مطلوب الإنصات باهتمام،مطلوب زرع الثقة في البنت والزوجة والاخت فمهما كانت الخطية ومهما كان الابتزاز فكل شئ يمكن علاجه إلا شيئا واحدا وهو ترك الأسرة والدين، فهذه هي الخطوة التي يصعب معها الرجوع.
تاسعا : وهذه هى جوهر رسالتى التى اوجهها بصورة عاجلة للاقباط: انتم مستهدفون،مستباحون، والدولة واجهزتها جزء من المخطط الموجه ضدكم، ومصر مقبلة على سنوات عجاف قد تؤدى الى انفجار المجتمع كله،ان لم تسارع باصلاح حقيقى للاوضاع،ودائما تدفع الاقليات ثمنا باهظا فى حالة سيادة الفوضى، وهذه هى وصايا عشر لكم فى هذه الايام الصعبة.
1- كونوا جزءا من حركة الاصلاح المقترح، تحالفوا مع الاصلاحيين المصريين، فالديموقراطية والحريات والاصلاح هى السبيل الوحيد لاخراج مصر واخراجكم من محنتكم.
2- المواطنة تعنى المشاركة والمساواة وتعنى ايضا الاندماج والاحتجاج، والذى لا يحتج على انتهاك حقوق المواطنة لا يحق له الشكوى والتذمر.اليات الاحتجاج السلمى كثيرة ومتنوعة ولكن يلزمكم التنظيم والتحرك والتنفيذ.
3- كونوا جزءا من حركة حقوق الانسان الدولية وهذا حق لكم يتيحه الدستور المصرى والمواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر.لم تعد عناوين وتليفونات والبريد الالكترونى لمئات من جمعيات حقوق الانسان الدولية ووسائل الاعلام العالمية سرا، هى متاحة بسهولة ويسر الآن، اكتبوا شكواكم وحالات الاعتداء المتكررة لهذه الهيئات بلغة انجليزية واضحة وابعثوها بالبريد الالكترونى وهى طريقة سهلة وميسورة وبدون تكاليف، ومن يعرف عليه مساعدة من لا يعرف فى ايصال هذه الجرائم للضمير العالمى،والمؤكد ان العمل المنظم والمستمر له نتائجه الايجابية.
4- اخرجوا من العزلة السياسية التى فُرضت عليكم او اُجبرتم عليها، اندمجوا فى الحياة السياسية والثقافية فى مصر بشكل كامل، فاكبر عدو لنيل الحقوق هو الانسحاب والعزلة.
5- لا تجاروا المجتمع المريض فى رفض كل ما هو غربى،فحقوقكم السياسية حصلتم عليها عندما انفتحت مصر على الغرب، وقبل مجئ نابليون كنتم تعاملون كالعبيد فى ظل الجزية والذمية. حقوق كل الاقليات فى الشرق ارتبطت بظهور الدولة الحديثة وبفكر المواطنة وكلها اسهامات غربية.
6- لاتنافقوا المجتمع فى الابتذال والغوغائية والعداء للغرب وللسلام،فالكثير من المتحدثين باسمكم هم يتحدثون بلسان الدولة او الثقافة المجتمعية المريضة فلا تكترثوا بكلامهم ولا تصدقوهم، دوركم الحقيقى قنطرة تربط الغرب بالشرق وتنقل التقدم والقيم الانسانية الرفيعة الى المجتمعات الاسلامية المريضة.كونوا صادقين مع انفسكم وتراثكم، فالتلون ومجاراة المجتمع لن يجلب لكم الاحترام بقدر ما تتحولون الى جزء من مجتمع مريض. فى مجالسكم الخاصة تقولون كلاما جميلا ولكن فى المجتمع تتسمون بالحذر وفى كثير من الاحيان تجارون المجتمع بالنفاق الرخيص، وهذا لن يجلب لكم السلام ولا الاحترام وانما الذى يجلب لكم الاحترام والامان هو الاخذ بيد المجتمع للامام وتنمية قوتكم وقدراتكم والاحتفاظ بشخصيتكم الذاتية المميزة.
7- فى ظل تقاعس الدولة من حقكم تامين حقوقكم وبناتكم بكل الطرق،فالحاجة للامن مطلب انسانى طبيعى،اما تسامحكم المفرط فهو شئ معيب وليس ميزة.
8- فى دراسة اوضاع الاقليات يشكل اعلى معدل على استثمار الدولاربالنسبة لفائدته للاقلية ككل فى استثمار هذا الدولار فى التعليم والاعلام والعمل السياسى،والمؤسف إنكم لا تقدرون دور الاعلام ولا السياسة ولذلك لا تثتثمرون شيئا يذكر فيهما، فكيف تنموا قوتكم الذاتية والسياسية؟ لقد تقابلت مع عدد كبير من اصحاب الملايين الاقباط وصدمت بضحالة تفكيرهم ورؤيتهم الضيقة القاصرة، مجرد شكوى بدون رؤية حقيقية ولهذا لا توجد وسيلة اعلام او مركز دراسات سياسى قبطي ذو قيمة تذكر لا فى الداخل ولا فى الخارج.شئ مستغرب من شعب بهذا الثراء المادى والعلمى وفى نفس الوقت بهذاالقصور فى الرؤية بالنسبة للعمل السياسى والاعلامى.
9- لن تستطيع قوة فى العالم مساعدتكم ان لم تساعدوا انفسكم، لا الغرب ولا الشرق يستطيع ان يمد العون لكم الا اذا كانت رؤيتكم واضحة وتتعاونون مع المجتمع الدولى، فليس من الوطنية فى شئ انكار الحقوق والمظالم وانما ذلك هو طريق الانتحار الذاتى. الوطنية الحقيقية هى التمسك بالحقوق والدفاع عنها وشكر من يتقدم لمساعدتكم والتفاعل الايجابى معه، اما اذا كنتم تنتظرون معجزة فنحن لسنا فى عصر المعجزات، ولو كانت هناك معجزات لما تقلص عددكم من 100%الى15% لانكم لم تحافظوا علىشعبكم.
10- تحتاجون الى رؤية جديدة للنهضة داخل كنائسكم فالمسئلة ليست بناء كنائس بمئات الملايين ولكن فى بناء الانسان نفسه وهذا موضوع مؤلم ويحتاج الىتفصيلات.
هذه هى الوصايا العشرللخروج من المحنة فهل نبدأ؟
ويشكل استهداف البنات القبطيات ظاهرة منظمة وواسعة. وتمثل العملية جزءا من استباحة كل ما هو قبطي في العقود الثلاثة الأخيرة وبتواطؤ من الأجهزة الأمنية وفي بعض الأحيان بتحريض أو مشاركة مثلما حدث في قرية الكشح، ولدي شكوك في أن زيادة مسألة استهداف البنات القبطيات مؤخرا وراءها تحريض أو مشاركة من بعض الأجهزة الأمنية في إطار خطة لقمع الأقباط والضغط عليهم وإذلالهم حتى يكونوا تحت السيطرة الكاملة في ظل الظروف والتغيرات الدولية الدراماتيكية الراهنة والمقبلة.وظاهرة "استهداف" البنات القبطيات تتم عبر أدوات منظمة وليست ظاهرة تلقائية، ومن هذه الأدوات الإغراءات العاطفية والجنسية، والضغوط، والاستدراج، والخطف الفعلى ….
تمثل عملية الاستدراج أحد أخطر الأدوات في استهداف البنات القبطيات، وعملية الاستدراج أخطر من الخطف وهي عدة جرائم متداخلة كما أنها ظاهرة أوسع بكثير من الخطف الفعلى المحدود كما ذكرت.
لقد كتبت وحاضرت من قبل عن استهداف البنات القبطيات وفي كل كلمة كنت أراعي الدقة العلمية والبحث المدقق عن كل رقم أو حرف وأنا على استعداد كامل لأي مناظرة علمية حول ما يحدث للأقباط في مصر. وفي الفترة الأخيرة انتشر الهلع بين الأسر القبطية في مصر بعد الكلام عن استدراج البنات القبطيات في عدد من المحلات العامة للإيقاع بهن ووصل الرعب إلى كافة البيوت القبطية بعد حديث البابا شنودة نفسه في محاضرته الأسبوعية الجماهيرية وتحذيره للدولة من خطورة هذه الأفعال الإجرامية. ولخطورة الموضوع ننقل نص ما قاله البابا في محاضرته حيث قال :
"جالي أوراق كثيرة جدا عن البنات اللي بيروحوا محلات السوبر ماركت وبعدين يقولوا ليكوا جوائز ونجحتم في مسابقات، اتفضلوا اطلعوا فوق علشان تأخذوا الجوائز. وما نعرفش يطلعوا فوق يجرى لهم إيه، وأنا شايف كلام كثير بيتقال. الموضوع هيعمل فتنة طائفية. ياريت البوليس ياخذوا موقف حازم، لأن جايلي جوابات لا حصر لها في هذا الموضوع. وماتقولوش أسماء أو غيره لأنهم يمكن خدوهم وودوهم في أي حته ما نعرفش هما فين.
ما يتخدش الأمر بهذه السهولة وعدم المبالاة. أنا بقول كده وأنا عارف إيه خطورة الموقف ومش عايزين بلاوي تاني تحصلنا كفاية إللي فات.
يعني نلاقي كام شاب بيسافروا بلد معين معاهم شوية أناجيل قبضوا عليهم وفضلوا 15 يوم ونيابة وهيصة لمجرد معاهم شوية أناجيل. أمال دول البنات اللي طلعوهم فوق ومنعرفش يحصلهم إيه. إحنا مش هنسكت على كده أبداً".
وقد وصلنى منذ فترة عدد كبير من الرسائل بأسماء عدد من المحلات التجارية ولكننى لم اخذها كوثائق يمكن الاستناد عليها ولم اؤكدها او انفيها ولكن ما استطبع تآكيده بضمير علمى خالص هو وجود وسائل متعددة لاستهداف البنات القبطيات.اما حديث البابا شنودة الصريح وهو فى موقع المسئولية فيعنى ان لديه وثائق وحقائق يمكن ان يحاجج بها، وهو قليل الكلام عن اوضاع الاقباط ومعنى حديثه الواضح الصريح أن فى الامور شيئا خطيرا.
الجدير بالذكر أنه في كل مرة يفتح فيها البابا فمه شاكياً تفتح أجهزة الدولة النار عليه، وهو ما حدث بالضبط بعد المحاضرة حيث سلطت الأجهزة الأمنية المصرية أحد صبيانها وهو مصطفى بكري فكتب في مطبوعته الأمنية الفاشية تقريراً خياليا ملفقا عن الشرق الأوسط الكبير زعم فيه أن من أهداف المشروع "إنشاء برلمان للأقباط يتم انتخابه من كل الأقباط، وأن هؤلاء يعينون فيما بينهم رئيس برلمان الأقباط في حين يظل البابا محتفظا بمكانته كرئيس لحكومة الأقباط في مصر"!!!!
تصوروا كيف وصلت الامور الى حد نشر مثل هذا الكلام المعتوه!!!
نفس الهجوم على البابا شنودة حدث العام قبل الماضى من هذا الصبي أيضا عندما طالب البابا بتمثيل عادل للأقباط في السلطة التشريعية والهيكل الإداري للدولة.
وهو كلام يعيد للاذهان اكاذيب السادات واذنابه عن الدولة القبطية والتى استخدمها للانقضاض على البابا شنودة والاقباط من قبل.
وتكرر ما حدث فى "الاسبوع" فى عدد من المطبوعات الامنية الاخرى حيث حملوا الاقباط المسئولية، وهى عادة اعلامية مصرية لازمت كل ما حدث للاقباط من حوادث وجرائم، فالقاتل إما مجنون أو الحادث فتنة مستوردة أو مشاجرة عادية،او اصابع صهيونية بل وصل الاستخفاف بتصوير المجني عليه بأنه السبب لأنه استفز القاتل، فوجود القبطي أصبح استفزازا في ظل ثقافة التعصب المقيت والتواطىء المخزي للدولة وأجهزتها ضدهم.
لقد وصلت الأوصاع القبطية بالفعل إلى مأساة. وكما يقول محرر جريدة الفيجارو الفرنسية في عدد 3 يناير 2004 : "زيارتي الأخيرة لمصر كشفت لي الأوضاع الحقيقية من تزييف ومظاهر خادعة لأوضاع مؤسفة بائسة يعيشها سبعة ملايين قبطي كمواطنين من الدرجة الثانية، لا يمر شهر في مصر بدون حوادث قتل وحرق الكنائس واعتداءات على كهنة ونهب محلات ومتاجر للمسيحيين وتعتيم كامل من السلطات وتجاهل وإنكار لكل ما يحدث من شركاء الوطن. لا يجد الأقباط من منصت لهم ويشاركهم آلامهم. أباء الصحراء الرهبان تحت أعين رقباء الشرطة، أديرتهم كقلاع محاصرة يعيشون كغرباء في وطنهم. هل أصبحت صلاة هؤلاء المتعبدين خطرة على الأمن ومثيرة للكراهية إلى هذا الحد بالرغم من حرص الكنيسة على المحبة والتسامح ومناداتها دائما بهذا في كل المنتديات. ومن الحرص الزائد للعيش في سلام تنازل الأقباط باستمرار عن حقوقهم حتى أصبحت المشكلة (مأساة) في إنكارهم أن هناك ظلم، وصمتوا عن البوح بآلامهم، وأصبح من الوطنية أن لا يبوح القبطي بالظلم الواقع عليه"!!.
نعم أنها مأساة فعلا أن تقاس وطنية القبطي بإنكاره للمظالم التي تقع عليه. ورغم أن أجهزة الأمن والمخابرات تحكم البلد بالكامل كما قال سعد الدين ابراهيم في حديثه مع إيلاف، وأنها تعرف كل شيء فى مصر حتى دبة النملة كما يعلم الجميع إلا أنه وياللأسف تتواطىء ضد الآلاف من البنات القبطيات اللواتى يستهدفن للدخول في الإسلام سنوياً.
إن الأقباط ضحايا الإرهاب المتأسلم قبل أحداث سبتمبر ومازالوا ولكنهم تحت قمع شديد،يتهموا بالخيانة والعمالة وباقي القاموس المعروف إذا تجرأ أحدهم وعبر عن هذه المشاكل الواضحة وضوح الشمس فى كبد السماء.
في جريدة وول ستريت جورنال كتب جوناثان لويس بتاريخ 24/12/2003 :
"بينما أدرك الأمريكيون خطر الإرهاب الإسلامي في 11 سبتمبر، عانى الأقباط من حملة من الترويع والعنف خلال التسعينات عندما استهدف الإسلاميون المدنيين الأقباط. وإذا كان من المسلم به أن الإسلاميين المصريين هم آلة التفريخ للإرهابيين والحاضنين لتنظيم القاعدة،ندرك على الفور أن الأقباط كانوا ضحايا نفس الإرهاب الإسلامي الذي طال الأبرياء من نيويورك إلى بالي".
انني أؤكد وبشكل علمي خالص أننا أمام مأساة تستوجب تكاتفنا جميعا مسلمين وأقباط، حكام ومحكومين لوضع حد لهذه المهازل. وحول هذه الظاهرة هناك عدد من الملاحظات الهامة :
أولا : وفقا لتشريح علمي دقيق لظاهرة سقوط الفتيات القبطيات ودخولهن غير الطبيعى فى الاسلام يمكن حصر أهم الأسباب في الأغراءات العاطفية والجنسية، الضغوط، الاستدراج عبر أساليب قذرة وإجرامية من الدهاء والمكر والخداع وأخيرا الخطف المباشر والذي يمثل حالات محدودة.
ثانيا : إن الضمير الإنساني والوطني والمصري يأبي قبول ويتفق على بشاعة هذه الظاهرة، وعندما حكيت لبعض أصدقائي المسلمين عن بعض هذه الممارسات كان رد فعلهم الاشمئزاز من هذه الممارسات اللاخلاقية والجنائية فى نفس الوقت. وقال لى بعضهم ان الاقباط يتحملون جزءا كبيرا من المسئولية لاننا لا ندرى شيئا عن مثل هذه الافعال،فلماذا الصمت عن مثل هذه الجرائم ولماذا لا يكون هناك فريق مصري وطني يضم مسلمين وأقباط للتصدي لمثل هذه الظواهر الشاذة؟، وقال لي صديق مسلم هل تتصور أن ضميري الإنساني يقبل مثل هذه الجرائم ضد الإنسانية وضد شركاء الوطن؟. إن التعتيم يؤدي إلى زيادة هذه الجرائم فالأمر يحتاج إلى رأي عام وطني إنساني يقف ضدها وهذه مسئولية كل الوطنيين الأحرار.
ثالثا: حذرت شخصيات وطنية مصرية في الثمانينات مثل المرحومين فرج فودة وأنطون سيدهم ورفعت السعيد وغيرهم من ظاهرة حل أزمة تمويل الجماعات الإرهابية عن طريق قتل الصاغة الأقباط ونهب محلاتهم، وبتهاون الدولة أمام هذه التحذيرات وتراخيها أمام هذه الجرائم تم تمويل العمل الإرهابي الذي أستهدف مصر كلها بعد ذلك من هذه الأموال بالاضافة الى الاموال الوافدة من الدول الاصولية ودفعت الدولة المصرية كلها ثمنا باهظا لأنها لم تأخذ هذه التحذيرات بشكل جاد ووطني. ونحن نحذر من محاولة البعض حل أزمة الكبت الجنسي عن طريق الفتيات القبطيات. أنني أؤكد كباحث أن هناك إستهداف مخطط ومنظم للايقاع بالبنات القبطيات، ونحذر من تنامي تاثير هذه الظاهرة على مستقبل الوطن كله وسمعته ورصيده الحضاري .
رابعا : لماذا لا تعقد ندوة علمية في إحدى جمعيات المجتمع المدني المصري حول هذه الظاهرة ؟، وأنا مستعد لتقديم بحث شامل يتناول الأبعاد المختلفة، صونا لوحدة الوطن وتماسكه ومستقبله. أين الجمعيات النسائية المصرية من هذه الظاهرة المريعة؟،اين نشطاء حقوق الانسان؟، اين منظمات المجتمع المدنى ؟.. هناك 16800 منظمة إهلية في مصر إلا توجد منظمة قادرة على كسر طوق الصمت والارتقاء بمستوانا الإنساني والوطني لمعالجة مثل هذه الجرائم الشاذة ؟
خامسا : هناك ما يسمي "بالأمن الوقائي" وهناك "الأمن القانوني الرادع". وكلاهما غير متوفر بشكل كاف في حالات الفتيات القبطيات المستهدفات، فلم تقدم الدولة متهما واحدا للمحاكمة بمثل هذه الجرائم خلال العقود الثلاثة الماضية، بل ويؤسفني أن أقول أنه فى كثير من الحالات هناك تواطؤ مؤسف مع الجناة.
لقد رأينا مأساة قرية النخيلة حيث تفاعل غياب الأمن الوقائي والأمن القانوني وتواطؤ بعض رجال الشرطة المنحرفين مما أدي إلى استفحال بؤر إجرامية أصبحت تشكل دولة داخل الدولة وكأننا في كولومبيا وليس فى بلد شديد المركزية وشعبه مسالم مثل مصر.
سادسا : من متابعة وتحليل ظاهرة الأسلمة عموما وسقوط الفتيات القبطيات خصوصا خلال المائة سنة الأخيرة يلاحظ أنها ظاهرة سياسية أكثر من كونها ظاهرة دينية واخلاقية. فهى ظاهرة سياسية تتبع درجة حياد او عدم حياد الدولة، وهى ظاهرة سياسية تزداد مع التدهور العام في أوضاع الدولة المصرية وتراجع أوضاع الأقباط بها، وهي ظاهرة سياسية تتبع علاقات مصر الإقليمية والدولية وتزداد مع تشابك العلاقات المصرية مع الدول الأصولية الإسلامية في المنطقة في حين تتراجع مع انفتاح مصر على المجتمعات المتقدمة والراقية، وهي ظاهرة سياسية تتبع درجة الانفتاح والديموقراطية فتزداد مع تعاظم الاستبداد وخاصة الديني وتتراجع مع الانفتاح الديموقراطي والحريات،وهي ظاهرة سياسية تتبع التكوين التعليمي والعقلي والوجداني للإنسان المصري، فالارتقاء بالتعليم والإعلام والثقافة هو ارتقاء بإنسانية الإنسان، أما عندما يعامل المجرم كأنه بطل ديني فنحن أمام قمة المأساة والملهاة، التي تعكس تكوين ثقافي وفكري شاذ ووجدان مريض.
سابعا : عن وسائل الاستدراج حدث ولا حرج فهناك العجب العجاب والذي لا يمكن حصره في هذه المساحة الضيقة، فهناك مثلا الاستدراج الناعم عن طريق صديقة مقربة، وهناك الإمضاء على أتوجرافات للذكري تتحول إلى ورقة زواج عرفي ضاغط، وهناك توقيع بحسن نية على أوراق تتحول إلى أوراق لإعلان إسلام الفتاة، وهناك التخدير والاغتصاب، وهناك التصوير بعد سقطة عاطفية ناتجة عن ضعف إنساني،وهناك الغزل المكثف المركز المدروس، وهناك التداخل العائلي والاختلاط الزائد، وهناك التعاطف مع مشكلة يتحول إلى مأساة فى اطار خطة مدروسة و مستهدفة، وهناك الاختراق عن طريق معرفة الأسرار والمشاكل العائلية والتسلل من خلالها، وهناك العبث واللهو عن طريق الانترنيت، وهناك الدعوة لمقابلة عمل في مكان مغلق وهى استدراج جنسى مخطط، وهناك الدعوة للحصول على جائزة وهي ايضا إستدراج جنسي، وهناك الخطف وهناك الكثير والكثير... ما أود أن أؤكده هو وجود "وسائل منظمة للاستهداف" يلزمها "وسائل منظمة للوقاية".ان مجرد التحرش بالانثى يشكل جريمة فى المجتمعات المتحضرة،اما وسائل الاستدراج هذه فهى تشكل عدة جرائم مركبة.
ثامنا : تشكل الأسرة الخلية الأولي والأساسية للوقاية، فيجب أن يكون هناك معرفة دقيقية بتفاصيل حياة الأبناء عبر حوار أسري يتناول كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة، يجب أن يكون هناك حب واحتواء وصداقة وفضفضة، وتحديد صارم لحدود الاختلاط،والحذر الحكيم وتحديد ماهية الصداقات وحدودها وإطارها ومعرفة تفاصيل الحوار بين الصديقات والمواضيع المثارة، مطلوب معرفة كل كلمة تقال للفتاة ولو كلمة مدح صغيرة، فقطرة وراء قطرة يمكن أن تفتت الصخر. مطلوب حوار متواصل ودقيق بين الزوج وزوجته والاستماع إلى كافة تفاصيل حياتها حتى الأشياء التي تبدو غير مهمة، مطلوب الإنصات باهتمام،مطلوب زرع الثقة في البنت والزوجة والاخت فمهما كانت الخطية ومهما كان الابتزاز فكل شئ يمكن علاجه إلا شيئا واحدا وهو ترك الأسرة والدين، فهذه هي الخطوة التي يصعب معها الرجوع.
تاسعا : وهذه هى جوهر رسالتى التى اوجهها بصورة عاجلة للاقباط: انتم مستهدفون،مستباحون، والدولة واجهزتها جزء من المخطط الموجه ضدكم، ومصر مقبلة على سنوات عجاف قد تؤدى الى انفجار المجتمع كله،ان لم تسارع باصلاح حقيقى للاوضاع،ودائما تدفع الاقليات ثمنا باهظا فى حالة سيادة الفوضى، وهذه هى وصايا عشر لكم فى هذه الايام الصعبة.
1- كونوا جزءا من حركة الاصلاح المقترح، تحالفوا مع الاصلاحيين المصريين، فالديموقراطية والحريات والاصلاح هى السبيل الوحيد لاخراج مصر واخراجكم من محنتكم.
2- المواطنة تعنى المشاركة والمساواة وتعنى ايضا الاندماج والاحتجاج، والذى لا يحتج على انتهاك حقوق المواطنة لا يحق له الشكوى والتذمر.اليات الاحتجاج السلمى كثيرة ومتنوعة ولكن يلزمكم التنظيم والتحرك والتنفيذ.
3- كونوا جزءا من حركة حقوق الانسان الدولية وهذا حق لكم يتيحه الدستور المصرى والمواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر.لم تعد عناوين وتليفونات والبريد الالكترونى لمئات من جمعيات حقوق الانسان الدولية ووسائل الاعلام العالمية سرا، هى متاحة بسهولة ويسر الآن، اكتبوا شكواكم وحالات الاعتداء المتكررة لهذه الهيئات بلغة انجليزية واضحة وابعثوها بالبريد الالكترونى وهى طريقة سهلة وميسورة وبدون تكاليف، ومن يعرف عليه مساعدة من لا يعرف فى ايصال هذه الجرائم للضمير العالمى،والمؤكد ان العمل المنظم والمستمر له نتائجه الايجابية.
4- اخرجوا من العزلة السياسية التى فُرضت عليكم او اُجبرتم عليها، اندمجوا فى الحياة السياسية والثقافية فى مصر بشكل كامل، فاكبر عدو لنيل الحقوق هو الانسحاب والعزلة.
5- لا تجاروا المجتمع المريض فى رفض كل ما هو غربى،فحقوقكم السياسية حصلتم عليها عندما انفتحت مصر على الغرب، وقبل مجئ نابليون كنتم تعاملون كالعبيد فى ظل الجزية والذمية. حقوق كل الاقليات فى الشرق ارتبطت بظهور الدولة الحديثة وبفكر المواطنة وكلها اسهامات غربية.
6- لاتنافقوا المجتمع فى الابتذال والغوغائية والعداء للغرب وللسلام،فالكثير من المتحدثين باسمكم هم يتحدثون بلسان الدولة او الثقافة المجتمعية المريضة فلا تكترثوا بكلامهم ولا تصدقوهم، دوركم الحقيقى قنطرة تربط الغرب بالشرق وتنقل التقدم والقيم الانسانية الرفيعة الى المجتمعات الاسلامية المريضة.كونوا صادقين مع انفسكم وتراثكم، فالتلون ومجاراة المجتمع لن يجلب لكم الاحترام بقدر ما تتحولون الى جزء من مجتمع مريض. فى مجالسكم الخاصة تقولون كلاما جميلا ولكن فى المجتمع تتسمون بالحذر وفى كثير من الاحيان تجارون المجتمع بالنفاق الرخيص، وهذا لن يجلب لكم السلام ولا الاحترام وانما الذى يجلب لكم الاحترام والامان هو الاخذ بيد المجتمع للامام وتنمية قوتكم وقدراتكم والاحتفاظ بشخصيتكم الذاتية المميزة.
7- فى ظل تقاعس الدولة من حقكم تامين حقوقكم وبناتكم بكل الطرق،فالحاجة للامن مطلب انسانى طبيعى،اما تسامحكم المفرط فهو شئ معيب وليس ميزة.
8- فى دراسة اوضاع الاقليات يشكل اعلى معدل على استثمار الدولاربالنسبة لفائدته للاقلية ككل فى استثمار هذا الدولار فى التعليم والاعلام والعمل السياسى،والمؤسف إنكم لا تقدرون دور الاعلام ولا السياسة ولذلك لا تثتثمرون شيئا يذكر فيهما، فكيف تنموا قوتكم الذاتية والسياسية؟ لقد تقابلت مع عدد كبير من اصحاب الملايين الاقباط وصدمت بضحالة تفكيرهم ورؤيتهم الضيقة القاصرة، مجرد شكوى بدون رؤية حقيقية ولهذا لا توجد وسيلة اعلام او مركز دراسات سياسى قبطي ذو قيمة تذكر لا فى الداخل ولا فى الخارج.شئ مستغرب من شعب بهذا الثراء المادى والعلمى وفى نفس الوقت بهذاالقصور فى الرؤية بالنسبة للعمل السياسى والاعلامى.
9- لن تستطيع قوة فى العالم مساعدتكم ان لم تساعدوا انفسكم، لا الغرب ولا الشرق يستطيع ان يمد العون لكم الا اذا كانت رؤيتكم واضحة وتتعاونون مع المجتمع الدولى، فليس من الوطنية فى شئ انكار الحقوق والمظالم وانما ذلك هو طريق الانتحار الذاتى. الوطنية الحقيقية هى التمسك بالحقوق والدفاع عنها وشكر من يتقدم لمساعدتكم والتفاعل الايجابى معه، اما اذا كنتم تنتظرون معجزة فنحن لسنا فى عصر المعجزات، ولو كانت هناك معجزات لما تقلص عددكم من 100%الى15% لانكم لم تحافظوا علىشعبكم.
10- تحتاجون الى رؤية جديدة للنهضة داخل كنائسكم فالمسئلة ليست بناء كنائس بمئات الملايين ولكن فى بناء الانسان نفسه وهذا موضوع مؤلم ويحتاج الىتفصيلات.
هذه هى الوصايا العشرللخروج من المحنة فهل نبدأ؟
تعليق