يحكى أن ثعلباً أراد أن يسرق الدجاج من بيت أحد الصباغين ، فعندما دخل البيت تصارخ الدجاج فأحس الصباغ صاحب البيت بشيء غريب ، فحمل عصاه وجاء مهرولا ناحية الصوت ، فلما رأى الثعلب مجيء الصباغ فر بنفسه ، فكان كلما مر على وعاء من أوعية الصباغ تلطخت ذيله بلونها ، فعادت تشبه ألوان ذيل الطاووس ، فلما نفذ الثعلب بجلده التفت إلى ذيله ففرح فرحاً شديداً ، فتوجه نحو أقرانه ودخل عليهم شامخاً بأنفه ، ناظراً في عطفه ، فعندها سأله أحدهم عن سبب تغيبه ، فصاح فيهم بأعلى صوته: أسكتوا ولا تكلمون ، وانظروا إلى ذيلي فلقد اتضح أن أصلي طاووس !!!
صحيح أن هذه القصة ضرب من الخيال ، لكنها تبدي من الحكمة خير مقال ، حيث تجسد شريحة من الناس من من يعتقدون في أنفسهم الكمال ، ويعتقدون في أنفسهم التطور والتمدن .. والحضارة والتقدم ، ويعدون أنفسهم من المثقفين والمطلعين والعارفين ، لأنهم من من عرف في الدين بعض القشور ، ولأنهم من أصحاب الصف العالي والجامعات ، ولكن غرورهم هذا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ، وأخشى – شخصياً – أن أكون أحدهم.
هذه الظاهرة ناتجة وناجمة بسبب أمرين: الأول هو تغذية هؤلاء ببعض الأفكار المدسوسة والمسمومة ، حيث يكون ظاهرها الخير والصلاح ، وهي مبطنة بالشر والفساد ، والسبب الآخر هو كون هذه الشريحة تعيش في وسط يعشعش فيه الجهل، فيكون لهم في هذا الوسط كلمة مسموعة وأمرا مطاعاً ..
وكنتيجة للسبب الثاني تبرز ظاهر الانتقائية والالغائية ، فتراه يقوم بانتقاء الأفكار والآراء بل وحتى الأشخاص ويلغي ما سوى ذلك ، وكأنما قد كسي كسوة العصمة ، وهذا كله دائم مستمر ما بقي يعيش في ذلك الوسط وما بقي المغذي يزوده من طعمه.
وسرعان ما تظهر الحقيقة عند المواجهة مع شخصية حباها الله بالثقافة الواعية الحرة ، المنطلقة من أسس راسخة رصينة ، فيبقى معه في تذبذب وتلكأ ووجوم ، لضعف دليله وحجته، وخوار تعبيره وركاكته ، فيفر من خيبته ناكصا ، والغلبة لنفسه متقمصا ، فيعود لوسطه بمشية تبخترية ، فيحكي أفلامه العنترية ، فيزهو بين جماعته ليرفعوه أعلى عليين ، حيث ألجم ذلك الرجل المسكين ، فمثله كمثل الطاووس بين إناثه ، يزهو بنفش ذيله الجميل ، حتى إذا رأى رجليه خمدت ثورته ، لكنه يؤوب لفعله هذا مرة ثانية وثالثة ورابعة .. فماذا عسى أن يكون علاجه؟ محمود طرادة - الماحوز
صحيح أن هذه القصة ضرب من الخيال ، لكنها تبدي من الحكمة خير مقال ، حيث تجسد شريحة من الناس من من يعتقدون في أنفسهم الكمال ، ويعتقدون في أنفسهم التطور والتمدن .. والحضارة والتقدم ، ويعدون أنفسهم من المثقفين والمطلعين والعارفين ، لأنهم من من عرف في الدين بعض القشور ، ولأنهم من أصحاب الصف العالي والجامعات ، ولكن غرورهم هذا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ، وأخشى – شخصياً – أن أكون أحدهم.
هذه الظاهرة ناتجة وناجمة بسبب أمرين: الأول هو تغذية هؤلاء ببعض الأفكار المدسوسة والمسمومة ، حيث يكون ظاهرها الخير والصلاح ، وهي مبطنة بالشر والفساد ، والسبب الآخر هو كون هذه الشريحة تعيش في وسط يعشعش فيه الجهل، فيكون لهم في هذا الوسط كلمة مسموعة وأمرا مطاعاً ..
وكنتيجة للسبب الثاني تبرز ظاهر الانتقائية والالغائية ، فتراه يقوم بانتقاء الأفكار والآراء بل وحتى الأشخاص ويلغي ما سوى ذلك ، وكأنما قد كسي كسوة العصمة ، وهذا كله دائم مستمر ما بقي يعيش في ذلك الوسط وما بقي المغذي يزوده من طعمه.
وسرعان ما تظهر الحقيقة عند المواجهة مع شخصية حباها الله بالثقافة الواعية الحرة ، المنطلقة من أسس راسخة رصينة ، فيبقى معه في تذبذب وتلكأ ووجوم ، لضعف دليله وحجته، وخوار تعبيره وركاكته ، فيفر من خيبته ناكصا ، والغلبة لنفسه متقمصا ، فيعود لوسطه بمشية تبخترية ، فيحكي أفلامه العنترية ، فيزهو بين جماعته ليرفعوه أعلى عليين ، حيث ألجم ذلك الرجل المسكين ، فمثله كمثل الطاووس بين إناثه ، يزهو بنفش ذيله الجميل ، حتى إذا رأى رجليه خمدت ثورته ، لكنه يؤوب لفعله هذا مرة ثانية وثالثة ورابعة .. فماذا عسى أن يكون علاجه؟ محمود طرادة - الماحوز
تعليق