هل تغني رسائل الــ (SMS) عن حرارة اللقاء وتهنئة الاهل والاقارب بحلول العيد وهل اصبحت علاقاتنا الاجتماعية مصابة بالركود في عصر العولمة وانتشار وسائل الاتصال السريعة؟؟، وهل يكفي ان نقول لمن نحب - عيدكم مبارك - او- عساكم من عوادة - وان نقطع صلة الرحم عبر الجوال؟؟؟
اسئلة كثيرة تطرح نفسها مع اقتراب هذه المناسبة السعيدة التي من المفترض ان تكثر فيها صلة الرحم وتتوطد أواصر المحبة والرحمة بين الناس.. ولكن على الرغم من هذا الجمود الذي اصابنا الا انه يبقى للعيد فرحة وبهجة ففيه تصفى القلوب ويتسامح البشر وتنسى الهفوات وفيه تتجدد التبريكات.
وايضا علينا ألا ننكر ان رسائل الجوال تحمل كلمات صادقة تحمل معها ابتسامة صادقة تكون تذكرة لدخول القلب بدون استئذان..
السيد (ايمن) يؤكد ان رسائل الجوال إحدى اهم المسببات الرئيسية لجفاف المشاعر حسب قوله.
واضاف انه وبحلول أول أيام العيد كان قد أعد باقة من الرسائل المنوعة للمعايدة يحدوه الشوق لتعميمها على كل الأصدقاء.. وقد الف أيمن هذه العادة منذ زمن طويل ويقول: أجد نفسي مرغما على فعل ذلك، فعملي لا يعرف الاجازات وما يمكن القيام به هو ارسال رسائل قصيرة لاقاربي واصدقائي.
وقال ايمن انه ومنذ سنوات مضت كان أحد المعيدين بهذا النوع من المعايدة -اوما يعرف بالرسائل القصيرة عبر الجوال ينمو بسرعة، حتى أصبحت أشبه بحالة جديرة بالدراسة.
وبنفس القدر من الولع بهذه العادة يحاول فواز 22عاما إزاحة واجب الزيارة في العيد لأقاربه من على كاهله برسائل المعايدة التي يتفنن في اختيار مفرداتها لتغدو أكثر تميزا عن رسائل الآخرين وأكثر تعبيرا عن مشاعره.
يقول: تساعدني رسائل المعايدة كثيرا على تجنب الزيارات العائلية التي تؤرقني كثيرا فأنا من النوع الخجول ولا أحب الزيارات.. ولا ينكر ما يلقاه من استهجان من أفراد أسرته حيال ذلك، وتأنيب أقاربه الذين تجمعه بهم الصدفة.
ومن جهته اكد السيد (احمد) صاحب أحد المحلات المتخصصة في بيع الجوالات بشكل لافت يزداد الطلب على مواقع الرسائل قبيل العيد وأثنائه من قبل الشباب، ويستغرب من دخول كبار السن هذه المواقع الذين يفضلون أيضا انتهاج أسلوب بعض الشباب للمعايدة بالرسائل.
يقول ابراهيم 47 عاما رسائل المعايدة عبر الهاتف المحمول أمر ميسور ومسل في نفس الوقت، لكنه يؤكد أن هذه الحالة عنده تقتصر على مراسلة أقاربه وأصدقائه البعيدين في الغربة.
هذا وقد نرى أن محلات الانترنت تزدحم بهواة هذا النوع من المعايدة لكثرة المتصلين خصوصا في مراكز التسوق التي تعكس واقعا حقيقيا لإغراء آلة التكنولوجيا التي تسهم إلى حد كبير في اختصار مسافات التواصل.
من جهة اخرى يرى رمزي خطوات طفولية وهو يتصفح بطاقات معايدة عبارة عن شعارات مختلفة يختلط فيها الطفولي بالمضحك، ومعظمها لأطفال يحملون وردا، كتب على بعضها عبارات عيدية (كل عام وأنتم بخير وعيد سعيد) والبعض الآخر أشكال مضحكة لحركات الوجه لكنها تعبر عن العيد.
بالنسبة لرمزي يعد هذا النزوع الطفولي نوعا من التغيير أوكما قال أيضا من باب «خالف تعرف». ويدأب رمزي في كل مناسبة على المعايدة برسائل المحمول لكنه يحاول أن يتميز بالجديد حسب قوله.
رسائل مؤلفة وقال ان التأليف ليس حكرا على الأقلام الكبيرة.. لقد دخل مجال رسائل المعايدة بعد تخصص مواقع على الانترنت لبث هذه الرسائل وربما يفكر هواة هذا النوع من التواصل بتأليف كتيبات على غرار كتيبات رسائل الحب وهذا هو الواقع الآن.
يخصص البعض جزءاً من وقته لعمل ذلك.. ويشعر (مختار) طالب جامعي بالمتعة حين يتميز برسائله على أصدقائه،ويقول: ندخل في منافسة على من سيهنئ بأحلى رسالة عيدية، وقد يستمر الإعداد للرسالة منذ فترة تسبق المناسبة حتى لا تقلد ما يبث من رسائل على الانترنت.
وما من هاتف محمول لدى من نلتقيهم إلا وخانة الرسائل تزدحم برسائل معايدة تتنوع بشكل لافت.
ويعتقد (مروان) أن هذا يكفي للتواصل خصوصا مع مشاغل الحياة الكثيرة التي لا تنتهي مؤكدا أن الرسائل وسيلته الوحيدة للتواصل مع أقاربه ويعتقد أنها وسيلة سهلة للتواصل ومعبرة في الوقت ذاته عن المشاعر وتؤجج مشاعر الحب والود لكنه يعود مجددا للقول نتفق على أنها طريقة جافة لتبادل المشاعر والأهم من هذا كله هوالحرمان من نيل ثواب المعايدة بالزيارات للأهل والأصدقاء.
ومع ذلك لايخلو الأمر من النكتة في صيغة تهنئة العيد بالمحمول وهذا ما يحاول البعض التميز به أيضا. وإن الشعبية المتنامية لرسائل المعايدة بالهاتف المحمول جعلت منها أحد رموز العيد وتعبيراته الحسية الجديدة التي صارت تعشعش في ذاكرة ومجتمع العيد. وهذا ليس نبأ سارا بالتأكيد، فما يساور هواة هذا النوع من التواصل هوالقلق حيال ذلك.
يقول (توفيق) طالب جامعي لقد مللت من تكرار رسائل المعايدة عند كل مناسبة، أصبحت أشعر بغربة عجيبة حتى مع أصدقائي داخل المدينة بعد أن شحّ التواصل بيننا حتى في الأعياد واعتمادنا على المعايدة بالرسائل.
ويتفق مع عديدين أن اعتماد هذا الروتين الممل سببه صعوبة الحياة والانشغال في زحمة الحياة التي لا تسعف كثيرين من رسم ملامح الفرح على وجه طفل أو رحم ينتظر الالتفاتة العيدية الموسمية، واضاف توفيق هذا النوع من التواصل يجافي مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحث على اللقاء والتواصل، فالحديث النبوي الشريف في معناه: تهادوا تحابوا.. وأيضا «الابتسامة في وجه أخيك المؤمن صدقة».. للبعيدين فقط.
منقول
تعليق