مصائب اللئام!
مررت يوماً برجل غريب عن بلدتنا يأكل طعاماً فاخراً، وكان الجوع قد بلغ مني مبلغاً شديداً... فسلَّمتُ على الرجل جلست بجواره لعله يدعوني لآكل معه...
وانتظرت طويلاً ولكنه استمر في التهام طعامه إليَّ شزراً بين الحين والحين.
ثم قال لي: من أنت؟ ومن أين أتيت.
فقلت له: أنا جحا، وقد أتيت من حيّكم الآن.
فقال: أتعرف حيّنا؟!
فقلت: نعم أعرفه.
فقال: أتعرف ابني مروان؟
فقلت: نعم، إنه يلعب في الحي ويرعى الغنم.
فقال: وكيف حال أم مروان زوجتي؟!
فقلت: بخير، وفي أحسن حال.
وأخذ يسألني وأنا أجيبه لعله يدعوني إلى الطعام، ولما وجدته منهمكاً في الأكل متجاهلاً إياي.
قررت أن أنغص عليه طعامه، فتظاهرت بالانصراف.
وقلت له: نسيت أن أخبرك أن حيكم قد أصابه وباء، وأنتشر فيه اللصوص خاصة بعد موت كلبكم.
فقال: وما سبب موته؟
فقلت: لأنه أكل كثيراً من لحم جملكم.
فقال: أمات الجمل أيضاً؟!
فقلت: نعم، لقد تعثَّر في قبر أم مروان، فذبحه الجيران ووزَّعوا لحمه بينهم.
فقال مذعوراً: وهل ماتت أم مروان كذلك؟!
فقلت: ماتت حزنا ًعلى موت ابنك مروان.
فقال: أو مات مروان أيضاً؟!!
فقلت: نعم تهدمت عليه الدار، ومات تحت الأنقاض.
فقام الرجل يجري جزعاً تاركاً طعامه، فهجمت على الطعام، وأخذت آكل حتى شبعت بعد جوع، وقلت لنفسي:
هكذا حال اللئام... لا تأكل في أفراحهم قدر ما تأكل في مصائبهم.
الرجل يفي بوعده!
دعاني أحد الناس إلى الغداء، وقال لي:
أنت رجل طيب ولن أتركك إلا بعد أن نتغدى سوياً، ونأكل خبزاً وملحاً.
فقبلت دعوته، وأخذت أمنِّي نفسي بشهي الطعام، ولذيذ الأشربة.
وما أن وصلنا إلى دار الرجل حتى أقبل يحمل طبقاً مليئاً بالملح، ومعه بعض الخبز فقط.
وكنت جائعاً فأكلت مضطراً. وبعد قليل طرق الباب فقير يطلب صدقة، فقال له صاحب الدار:
أنصرف وإلا كسرت رأسك.
فاستمر الفقير يلح في طلب الصدقة، فقلت له وأنا مغتاظ من دعوة الرجل: انصرف أيها الرجل، فإن صاحبي إذا قال فعل.
الميت الحي!
وقع رجل في السوق مغشياً عيه، فحمله أهله إلى الدار. وبعد قليل قالوا إنه مات.
فغسلوه وكفنوه وحملوه على النعش.
وبينما نحن نسير خلف الجنازة، والرجل محمول على النعش. إذا به أفاق، وقعد في النعش مذعوراً، وقال:
أنا لم أمت. خلصني يا جحا.
فقلت له: عجباً لك أيها الرجل، أأصدقك وأكذَّب كل هؤلاء الناس؟!
مررت يوماً برجل غريب عن بلدتنا يأكل طعاماً فاخراً، وكان الجوع قد بلغ مني مبلغاً شديداً... فسلَّمتُ على الرجل جلست بجواره لعله يدعوني لآكل معه...
وانتظرت طويلاً ولكنه استمر في التهام طعامه إليَّ شزراً بين الحين والحين.
ثم قال لي: من أنت؟ ومن أين أتيت.
فقلت له: أنا جحا، وقد أتيت من حيّكم الآن.
فقال: أتعرف حيّنا؟!
فقلت: نعم أعرفه.
فقال: أتعرف ابني مروان؟
فقلت: نعم، إنه يلعب في الحي ويرعى الغنم.
فقال: وكيف حال أم مروان زوجتي؟!
فقلت: بخير، وفي أحسن حال.
وأخذ يسألني وأنا أجيبه لعله يدعوني إلى الطعام، ولما وجدته منهمكاً في الأكل متجاهلاً إياي.
قررت أن أنغص عليه طعامه، فتظاهرت بالانصراف.
وقلت له: نسيت أن أخبرك أن حيكم قد أصابه وباء، وأنتشر فيه اللصوص خاصة بعد موت كلبكم.
فقال: وما سبب موته؟
فقلت: لأنه أكل كثيراً من لحم جملكم.
فقال: أمات الجمل أيضاً؟!
فقلت: نعم، لقد تعثَّر في قبر أم مروان، فذبحه الجيران ووزَّعوا لحمه بينهم.
فقال مذعوراً: وهل ماتت أم مروان كذلك؟!
فقلت: ماتت حزنا ًعلى موت ابنك مروان.
فقال: أو مات مروان أيضاً؟!!
فقلت: نعم تهدمت عليه الدار، ومات تحت الأنقاض.
فقام الرجل يجري جزعاً تاركاً طعامه، فهجمت على الطعام، وأخذت آكل حتى شبعت بعد جوع، وقلت لنفسي:
هكذا حال اللئام... لا تأكل في أفراحهم قدر ما تأكل في مصائبهم.
الرجل يفي بوعده!
دعاني أحد الناس إلى الغداء، وقال لي:
أنت رجل طيب ولن أتركك إلا بعد أن نتغدى سوياً، ونأكل خبزاً وملحاً.
فقبلت دعوته، وأخذت أمنِّي نفسي بشهي الطعام، ولذيذ الأشربة.
وما أن وصلنا إلى دار الرجل حتى أقبل يحمل طبقاً مليئاً بالملح، ومعه بعض الخبز فقط.
وكنت جائعاً فأكلت مضطراً. وبعد قليل طرق الباب فقير يطلب صدقة، فقال له صاحب الدار:
أنصرف وإلا كسرت رأسك.
فاستمر الفقير يلح في طلب الصدقة، فقلت له وأنا مغتاظ من دعوة الرجل: انصرف أيها الرجل، فإن صاحبي إذا قال فعل.
الميت الحي!
وقع رجل في السوق مغشياً عيه، فحمله أهله إلى الدار. وبعد قليل قالوا إنه مات.
فغسلوه وكفنوه وحملوه على النعش.
وبينما نحن نسير خلف الجنازة، والرجل محمول على النعش. إذا به أفاق، وقعد في النعش مذعوراً، وقال:
أنا لم أمت. خلصني يا جحا.
فقلت له: عجباً لك أيها الرجل، أأصدقك وأكذَّب كل هؤلاء الناس؟!
تعليق