إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة طريق الجبــال..رومنسية..!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة طريق الجبــال..رومنسية..!!

    بسم الله الرحمن الرحيم



    قصة طريق الجبــال..رومنسية..!!



    الفصـــل الأول

    كان يظن بأنه سينسى ما جرى ويهرب من صفحات ماضي الزمان التي عاشها... وسيعيش حاضره وما تبقى من دفتر حياته دون أن ينظر إلى الوراء, فربما تهب الرياح و تقلب صفحاته إلى ماضيه الأليم والحزين, عندما يقرر أن يبدأ حياته بصفحة بيضاء و يطوي أوراق الزمان ويتركها لتتراكم عليها كومة من الآلام و الجراح المضمدة بحلم النسيان.. لكن الماضي استعمر على حياته و تربع على عرشها... و لكن إلى متى؟

    سنوات طويلة مضت ودائرة الزمن تدور دورتها الرتيبة و تمضي...!
    فذات صباح استيقض حسام و هو يحس بالوحدة والفراغ, فنهض من فراشه متكاسلا يحس بأنه لا يستطيع حمل نفسه من كثر الهموم التي يحملها على ظهره, ثم ذهب ليغتسل, و لكن قبل أن يغتسل جلس على السرير يتذكر نفسه قبل عدة أيام, في الليلة التي عاد فيها للقرية, عندما كان في مقهى محطة القطار, عندما وصل إلى هناك, كان الليل باردا و هو جالس على الطاولة, تحت ضياء الشمعة الذائبة, وحيدا و بيده فنجان قهوته الساخنة يحتسيها و يتأمل ما حوله و يفكر و يتمتم بينه و بين نفسه, " هل سترجع أم رحلت بلا عودة؟؟ هل حقا رحلت أم أنا في حلم؟. لا.. لا أنا في كابوس فضيع لا أستطيع تحمل مضاض هذا الألم!!!"
    أغمض عينيه و هو يشعر بالبرد القارص وضع رأسه على الطاولة, لم يكن أحدا معه, جلس خارج المقهى, لعله يراها تمر من أمامه و يعيدها إليه بالطيب بالقوة سوف يرجعها, و لكن هذا محال.. محال إرجاع أي شيء مضى فالذي مضى قد مضى و لن يعود.. أيامه الراحلة لن تعود..
    كانت أفكاره متناقضة مما يدفعه للشعور بالجنون, لماذا يريد أن يرجعها فهي لن تفيده بشيء, لن تصنع له السعادة بل ستهدم مستقبله و كيانه..
    صحا على صوت رقيق يوقضه" يا سيد.. يا سيد.. إستيقض إنها الساعة الثالثة صباحا.. هل تنتظر أحدا ليقلك من هنا يا سيد؟" رفع رأسه من على الطاولة و نظر إليها و الابتسامة تعلو وجهه و تمتم بإسم لم تفهمه الفتاة, ثم وضع رأسه على الطاولة مرة أخرى, و لكنه رفعه بسرعة و نظر إلى الفتاة " النادلة" و قال لها:" و لكنها رحلت!!" فأطال النظر إليها ثم أعتذر منها و انسحب من مكانه بهدوء يجر و راءه أذيال الخيبة و الألم, مشى في دربه متوجها لبيت جده الموجود بداخل القرية, كان يمشي بتخاذل, يمشي و كأن أحدا يدفعه ليواصل سيره, وصل إلى البيت بأعجوبة كل شيء تغير و لكنه و صل؛ البيت يرثى له من الغبار, و خيوط العنكبوت و لكنه لم يبالي بأي شيء, دخل إلى غرفته و وضع ملابسه بالخزانة التي كانت مليئة بملابسه القديمة, و حاول أن ينظف ما يستطيع من البيت ثم تمدد على السرير و أحس بثقل في جفنيه إلى أن غفا دون أن يعلم بما يجري. و في الأيام التي بعدها بدأ بتنظيف البيت و نفض الغبار من كل مكان لوحده دون مساعدة احد, لأن لا أحد يعرف بقدومه إلى القرية للآن, إلى أن قرر في هذا اليوم أن يخرج من عزلته و يتحقق من كل شيء بنفسه.
    وقف أمام المرآة ينظر إلى نفسه نظرة شفقة وتأمل في ملامح وجهه و قال بينه وبين نفسه:"أريد أن احلق ذقني ولكني لن افعل, وما أهمية مظهري بعد أن رحل كل شيء". فلقد كانت هذه هي العبارات التي كان يرددها على نفسه كلما أراد أن يفعل شيء سيؤدي إلى تغيير حياته بطريقة أو بأخرى سواء كان في مظهره أو في حياته التي اعتاد عليها.
    كان هذا أول يوم له في القرية من بعد رحيله عنها لمدة طويلة لينسى ما حدث... كان يفكر في تصرفاته انه يتصرف بغرابة حتى بعد مرور السنين على وقوع الحادثة, فكل إنسان ستتغير حياته يوما ما سواءً شاء ذلك أم أبى فكل شيء في هذه الحياة له أوانه, و لأننا لا نستطيع تغيير المكتوب لنا أبدا.

    وقف أمام خزانة الملابس محتار ماذا يلبس ؟؟ أغمض عينيه ومد يده و سحب أي شيء تقع عليه أنامله فلبس ملابسه وخرج دون أن يتناول فطوره أو أي شيء خرج و معدته خالية. خرج من باب بيته الصغير الذي هجره لسنين ينظر إلى ما حوله ينتظر أن يناديه جده في أي لحظة, جده الذي عاش معه اسعد أيام حياته قبل أن يرحل من البلاد, ولكن جده قد توفي وترك له هذا المنزل الصغير الذي كان وسط الغابة عند رحيله أما الآن فبيوت كثيرة بمقربة منه.. فنظر إلى ما حوله واخذ نفسا عميقا وتنهد..

    مشى في دربه بخطى شبه ثابتة و لكنه مهزوز في داخله, يمشي ولا يريد أن يتذكر يمشي ويجر ورائه حزنه ويئسه مخلفا وراءه غابات من علامات الاستفهام يقطف الناس ثمارها...
    الحياة تغيرت ولكن هناك أشياء من بقايا ذكرياته مازالت موجودة.. سار في دربه دون أن يدرك بأنه يمشي في طريق الجبال الطريق الذي ضماهما إلى أحضانه منذ سنين, سار إلى الوادي كما الماضي عندما كان يجلس معها ويتكلمون ويغنون ويضحكون؛ و بينما كان في طريقه إلى الوادي, لمحته فتاة من القرية في بداية العشرين من عمرها وكان اسمها آمال كانت معتادة على السير في هذا الطريق و مراقبة كل من يسير ثم تذهب لمشوارها المعتاد و هو الجلوس عند البحيرة و طرف الوادي, فبينما هي جالسة مر حسام من أمامها دون أن يراها, فقد كان فكره شاردا و لا يدري بمن حوله نظرت إليه بانبهار فهو رجل وسيم, جميل, طويل القامة و عمره تقريبا لم يتجاوز ال 29 سنة, و لكن حالته يرثى لها, فبدأت هذه الفتاة بمراقبته عن كثب فلقد أثار فضولها 0 فيا ترى من يكون ؟؟؟

    مازال يمشي شاقاً طريقه باتجاه الوادي و هي تتبعه خفية خلفه, وصل عند الوادي و جلس ينظر إلى المكان من أعلى بحنان وألم ويحبس دمعته بداخله كسجين و يتذكر تلك الأيام الخوالي التي يجلس فيها مع حبيبته قبل رحيلها للسكن تحت التراب, حسبما سمع من الناس عندما كان متغرباً بعد حادثة طريق الجبال, وهو يحاول الآن أن ينسى الحادثة و ينسى ماضيه الأليم...

    جلس يراقب الطيور في السماء و يراقب ذكراها و هي تمر من أمامه وتتعالى له ضحكاتها في أرجاء الوادي. انه يشعر بالوحدة والخوف والضياع و بالحنين للماضي الذي يتمنى أن يرجعه لأيامه الراحلة من دنيا الوجود.
    وقف في مكانه فكانت شجرة التفاح من خلفه و منظر الوادي من أمامه و البحيرة الصغيرة على يمينه و ذكراها تحوم حوله, كان ينظر إلى السماء ينتظر غروب الشمس, فهو يعلم بأن الغروب في الوادي يبعث في النفس شعور غريب و يذكره بماضيه الذي غاب مثل ما غابت الشمس خلف الجبال و لكن شمس ماضيه لن تشرق أبدا فهذا محال. وقف وهو يحبس الدمع الحزين في داخله, وجراحه تصرخ بالآلام, وعقله تتضارب فيه الأسئلة غير مصدق, يا ترى ماذا حل بها ؟ هل مازالت جسداً بروح فوق التراب أم رحلت مع ذويها لبلدةٍ أخرى؟ أم جسداً بلا روح تحت التراب؟ أم جسدا بلا روح يجوب الأرض؟؟؟ فهو لا يستطيع تصديق ذالك بأنها قد توفيت- فكان يسأل نفسه و هو يشعر بحرقة و حسرة على ما مضى من حياته- هل وصلتها رسائلي لتهون عليها؟ فيا ليتها تعلم سبب رحيلي عنها, أردت أن أفاجئها بذلك, لقد تركت لها رسالة عند شجرة التفاح لتقرأها و تفرح بالخبر فهل قرأتها؟ فكان حسام يحترق في داخله بسبب المفاجئة التي تفجرت داخل روحه و لم تصل لحبيبته!!!!.

    الفتاة تراقبه والفضول يجرها للأمام والخلف تريد أن تعرف من هو هذا الشخص فهي لأول مرة تراه بالقرية, و تصرفاته تذكرها بالقصة التي روتها لها أختها التي تتذكر بعض المشاهد منها و كان ذلك منذ سنين طويلة, و هذه القصة عن صديقة أختها و قريبتهم من بعيد التي توفيت من الحزن على حبيبها الذي لم تعرف أخباره أو أي شيء عنه من بعد حادثة طريق الجبال.

    كانت الفتاة آمال في 8 من عمرها في ذلك الوقت عندما حدثت هذه القصة المألمة, فقد كانت سعاد (الله يرحمها) في ريعان شبابها 16 سنة, وكان لها صديقة من أهلها في مثل سنها وهي منال أخت آمال. كانت سعاد كل صباح تذهب مع صديقتها منال للبحيرة لغسل الملابس و للترفيه عن نفسيهما بالعب أو بحكي الأسرار و أشياء كثيرة كانتا تفعلانها هناك مثل باقي البنات اللاتي في مثل سنهن.
    فذات يوم كانت سعاد و صديقتها تلعبان لعبة الاختباء من بعد إنتهائهما من غسل الملابس, فأرادت سعاد أن تختبأ في مكان لا تستطيع صديقتها العثور عليها، فقامت بالاختباء عند شجرة التفاح, فذهبت صديقتها للبحث عنها كما في شروط اللعبة فبحثت عنها بين الشجيرات و في أرجاء المكان و لكنها لم تجدها و لم يخطر في بالها شجرة التفاح لأن لأول مرة تختبيء سعاد هناك, لقد بحثت منال عنها لمدة طويلة, فكانت سعاد جالسة عند تلك الشجرة وهي تراقب الطيور و تنظر إلى السماء و تراقب الشمس و هي تشع من بين الجبال و أشعتها تنعكس في الوادي, و صديقتها منال تناديها و لكنها لا تسمعها لأنها أغمضت عينيها و غفت على تغريد العصافير و خرير الماء العذب, فظنت منال بأن صديقتها سعاد ذهبت إلى البيت؛ فحملت منال الأغراض و رحلت من الوادي و هي غاضبة عليها لأنها جعلتها تحمل الأشياء لوحدها و تسير في الطريق أيضا لوحدها...

    أفاقت سعاد من غفوتها مذهولة كيف غفت بهذه السهولة؟ ذهبت تركض بإتجاه البحيرة ولكنها لم تشاهد صديقتها, فخافت كثيراً لأن الشمس على وشك المغيب, و كان اللون الأصفر الشاحب قد أخذ يغزو السماء و انتشرت أصابع برتقالية من الأفق الغربي مبدلة لون الظلال التي سكبتها الشمس الغاربة, فهي لا تستطيع عبور طريق الجبال لوحدها بعد غياب الشمس لأن المكان يصبح مخيفاً, فركضت بأسرع ما عندها لتسرق الوقت قبل غروب الشمس و لكن لسؤ حضها لقد سلكت الطريق الخطأ فلم تعرف إلى أين تتجه,أو ماذا تفعل!! و لكن يا ترى ماذا سيخبيء لها طريق الجبال !!!؟.
    [align=center][aldl]http://www3.0zz0.com/2007/12/27/03/75188441.gif[/aldl]

    [aldl]http://www.7ammil.com/data/visitors/2007/10/21/7ammil_193_houdaifas2.gif[/aldl][/align]

    [align=center]ابداع وتميز على منتديات كويـــــــــــــــ777ــــــــــــــــت[/align]

  • #2
    الفصـــــل الثـــــاني

    وقفت سعاد في منتصف الطريق حائرة لا تعرف ماذا تفعل و بدأت تمشي ببطء لعلها تتذكر كيف زجت نفسها في هذه المتاهة, وبينما هي تمشي شعرت بأن هناك أحدا يتبعها عند كل خطوة, عندما تمشي يمشي معها وعندما تتوقف يتوقف أيضا فشعرت بالخوف, يا ترى من يكون؟ تريد أن تعرف من الذي يتبعها و لكنها خائفة بأن يكون حيواناً مفترساً يريد أن يفترسها أو وحشاً يريد أن يهاجمها, أو ربما سفاحاً يريد أن يقتلها, فكانت تمشي وهي ترتجف و هي تفكر ماذا تفعل فيجب أن لا تتسرع بشيء فتسرعها قد يودي بحياتها, يا ترى من هو هذا الشخص الذي يلاحقها و كيف ستتصرف؟...
    و أخيرا فوضت أمرها إلى الله و حاولت أن تدير وجهها ببطء.. ببطء.. ببطء, وهي مرتعبة, فعندها نظرة إلى الوراء مرة واحدة فدهشت!!!... لأنها رأت أرنبا أبيض اللون و حول عنقه شريطاً لونه أحمر, وكان الأرنب تائِها أيضاً عن صاحبه, فضحكت سعاد كثيراً على نفسها فقامت بأخذه ليكون ونيساً لها في دربها, فكانت تمشي وهي تتكلم معه فقد أعطاها القليل من الطمأنينة؛ و لكن الذي لم يكن على الحسبان هو أن تشاهد شيئاً يتحرك من بين كومة من الشجيرات, فكانت تنظر إلى الشجيرات تنتظر ما سيفاجئها, ما الذي يختبيء هناك؟؟.. وفجأة!! ظهر لها شخصاً من هناك فقفز أمامها فصرخت صرخة ً لا تعرف ما الذي يجري فألقت بالأرنب من يديها و جلست في الأرض و خبأت رأسها بين يديها من شدة الخوف, فجرى الأرنب إلى ذلك الشخص لأنه كان صاحبه, فأخذه وكان يهم بالرحيل ولكنه عندما نظر إلى الوراء و رأى منظر الفتاة و هي خائفة حن قلبه و رجع إليها و اقترب منها وناداها:"لو سمحتي.. لو سمحتي " لكنها لم تتحرك فأمسكها وساعدها على النهوض و قال لها:"لا تخافي فأنا لم اقصد إخافتك صدقيني".. و لكنها لا تستطيع رفع رأسها من شدة الخوف, وكان يريد أن يبرر موقفه فمد يده ورفع رأسها فنظرت إليه بذهول و انبهار من شدة جماله ووسامته, فأخذت تنظر إليه ولكنها خطفت عند عينيه اللتين جعلتاها لا تتحرك من مكانها....
    فمد يده ليصافحها, و قال لها: "أنا حسام و اسكن في نهاية الغابة في بيت العم نعمان و أنتِ؟..." فأجابته بتردد فقالت: "أنا.. أ.. أ.. أ.. أنا من القرية المجاورة و قد أضعت..." ثم سكتت و أخذت نفساً عميقاً و تنهدة و أكملت حديثها قائلة " أضعت طريقي عندما كنت أحاول العودة إلى البيت لأن صديقتي تركتني وذهبت إلى البيت, أعتقد بأنها ظنت بأني قد رحلت من المكان الذي كنا فيه لأنها بالتأكيد بحثت عني و لم تجدني...لأننا..لأننا.. كنا نلعب لعبة الاختباء.. فأنا غبية عندما اختبأت هناك" و أحست بأنها تريد البكاء, فقال لها مطمأناً:"لا عليك أنا اعرف هذه المنطقة بأكملها, و أنا سأوصلك, إذا لم يكن لديك أي مانع و إذا لا أتسبب لك بالإحراج؟ " فهزت رأسها موافقة؛ لقد كان الشاب لطيفاً و مُهذبا وهو من عائلة نبيلة.

    فذهبت معه ليوصلها إلى القرية سيرا على الأقدام, و كان يتحدث معها وكأنه لم يتحدث منذ سنين عن نفسه, كان يتكلم معها بلطف وبأدب بالغين, اخبرها بأنه يعيش هنا مع جده وأهله يسكنون في المدينة؛- لقد أحب حسام العيش مع جده لوحدهما فهو خجول جداً ولقد كانوا دائما يقولون له ذلك, و عفوي في تصرفاته, فهو شاب يعيش أكثر حياته وحيداً ليس لديه أصدقاء سوى هذا الأرنب فهو يحبه كثيراً, و كانت سعاد أول فتاة يلتقي بها ويتكلم معها عن نفسه بهذه الطريقة-.

    و أخيراً وصلا لنهاية الطريق و أصبحت القرية قريبةً منهما, فقال لها: " سأتركك لتكملي طريقك أعتقد بأنك تعرفين الباقي منه و لأني لا أريد أن أسبب لك المشاكل " فقالت له وهي مبتسمة:" أشكرك جزيل الشكر على مساعدتك لي لقد كنت خائفة جداً لأن المكان أصبح مظلما فلولا فظل الله ثم مساعدتك لي لما عدت إلى البيت" فمد يده ليودعها فنظرت إليه بتعجب لأنه مد يده لها فهي فتاة خجولة وفي نفس الوقت كانت ممتنة له كثيراً لما فعله لأجلها فمدت يدها له فقال لها:" أتمنى أن أراك مجددا و قريبا" فسألها عن اسمها فقالت له:"أنا سعاد " فسألها:" هل ستذهبين غداً إلى البحيرة", فلمحته بنظرة غير مبالية لكلامه ولكنها تشعر بالخجل في داخلها, فقالت له باستغراب:" لماذا تسألني هذا السؤال" فقال لها:"أنا بصراحة ليس لدي أصدقاء ولا أتكلم مع احد.. صدقيني.. أنت أول شخص أتكلم معه بهذه الطلاقة و يسمعني دون أن يشعر بالملل مني و أحس بأنك انسانة طيبة وحنونة و لأنني..." فسكت قليلاً و أكمل حديثه مترددا قليلا " لأنني ارتحت لك كثيرا فأنت فتاة مؤدبة و جميلة و خلوقة أيضا " فلقد كان يحدثها و هو ممسكاً بيدها لقد تعلق بها كثيرا وكأنه وجد نصفه الآخر و كانت هذه بداية جميلة لأول خطوة يخطيها في حياته بإختطلاطه مع الناس._ فهو يعيش مع جده العجوز فلا احد يكون معه و قد أراد شخصا يحبه بصدق ويكون رفيق دربه للأبد _ فترك يدها و رحل و هو يقول " سأنتظرك كل يوم عند شجرة التفاح في الصباح و بعد الظهر (العصر) لا تنسي " فركض إلى أن اختفى عن الأنظار, فجعلها تتجمد في مكانها لأنه كان يتكلم معها و هو ينظر في عينيها مما جعلها تنأسر بسحره؛ فأكملت سعاد طريقها إلى البيت وهي خائفة من توبيخ والديها لها.

    كانت سعاد فتاة جميلة جداً خجولة ليس لديها أصدقاء سوى منال أخت آمال و هما دائما مع بعضيهما و اسرارهما مع بعض, فهي فتاة مرحة و تحب الناس جميعا و طيبة جداً.

    وصلت أخيرا إلى البيت تحس بأنها منهكة بسبب أحداث هذا اليوم, فتحت باب المنزل فأتت أمها تركض لها فسألتها في لهفة يجرها الخوف:"ما الذي حصل لك ؟ لماذا تأخرت؟ لقد أتت منال و أحضرت حاجياتك و كانت تسأل عنك لقد أخبرتنا بما حصل لقد ظنت بأنك عدت إلى البيت, لقد كنا قلقين عليك كثيرا, و لقد ذهب والدك للبحث عنك " فقالت لأمها ماذا حصل لها و لكنها لم تخبرها بالقصة بأكملها خصوصا ما يخص الفتى, و لم تكمل حديثها لأمها لأنها تعبة جدا, فقامت أمها بمعاقبتها على فعلتها لأنها تأخرت على البيت فلم تسمح لها بالخروج من البيت لمدة أسبوع كامل, فبعد صدور الحكم عليها ذهبت لتأوي لفراشها, تمددت على الفراش و هي تفكر بما حدث لها هذا اليوم و قلبها يخفق بسرعة فلأول مرة يحدث لها هذا الشيء فظلت تفكر فيه إلى أن اختطفت الأنوار من أمام عينيها و نامت.
    استيقضت سعاد في الصباح و اغتسلت, فنادتها أمها لتتناول فطورها و لكنها لا تحس بالجوع فما زالت متأثرة لما حصل لها و بسبب عقابها, فهي تحاول أن تتظاهر بعدم الاكتراث لما حصل و لكنها لا تستطيع, فجلست لتحتسي فنجان القهوة بشفتين باردتين و هي تفكر بالحكم الذي صدر بحقها و بينما هي جالسة تشرب قهوتها سمعت طرق على الباب فقامت أخت سعاد بفتحه فكانت منال هي التي تطرق الباب أتت لتطمأن عليها, و لتعاتبها على ما فعلته بها بالأمس, و لكي تذهب معها إلى البحيرة و لكنها لا تستطيعا الخروج للذهاب إلى البحيرة أو لأي مكان آخر لمدة أسبوع إلى أن تكمل مدة عقابها, فقالت لها منال بأنها ستذهب للبحيرة و بعد انتهائها من هناك ستأتي لتجلس معها.
    أوفت منال بوعدها لصديقتها فأصبحت تذهب لزيارتها و الجلوس معها كل يوم بعد أن تكمل عملها و إلى أن انتهت مدة العقاب الذي كان مقررا لها...
    [align=center][aldl]http://www3.0zz0.com/2007/12/27/03/75188441.gif[/aldl]

    [aldl]http://www.7ammil.com/data/visitors/2007/10/21/7ammil_193_houdaifas2.gif[/aldl][/align]

    [align=center]ابداع وتميز على منتديات كويـــــــــــــــ777ــــــــــــــــت[/align]

    تعليق


    • #3
      الفصــــــل الثالث
      مازالت الفتاة آمال تراقب الرجل و هو جالس لوحده يتأمل في ملكوت الله, و هي تتسائل بينها و بين نفسها إلى متى سيبقى هذا الرجل على هذه الحال يجب أن أعرف ماذا يجري هنا؛ فحاولت الاقتراب منه تدريجياً.- لقد كانت آمال فتاة مرحة جريئة و فضولية و لها عالمها الخاص في كل شيء تعيش بحرية أفكارها التي توقعها دائما في المشاكل و تحب الإكتشاف و تحب أن تعرف كل شيء يدور حولها_و لكنها توقفت فقالت لنفسها بأنها ستنتظر قليلا فربما يحدث شيء أيضا. فجلست تكمل تذكرها للقصة المؤلمة التي أودت بهذا الرجل إلى هذه الحال, فهي تريد أن تتأكد بأن هذا الرجل هو نفسه حسام حبيب سعاد أم لا؟ ...و لكنه توفي على ما تعتقد و لكن هناك بعض من الناس تقول بأنه مازال على قيد الحياة....

      و أخيرا انتهت مدة العقاب التي كانت مقررة على سعاد, في الصباح استلمت عهدتها كما السابق فذهبت إلى صديقتها منال لتذهب معها إلى البحيرة, و لكن منال كانت مريضة, لذلك ذهبت سعاد إلى البحيرة لغسل الملابس لوحدها, فعندما وصلت للبحيرة وضعت حاجياتها و بدأت تغسل الملابس, فلقد نسيت أمر الفتى أو بالأحرى رحل الموضوع من بالها, و لكنها تتذكره بين الحين و الآخر, فلقد مرة فترة طويلة فلابد من إنه قد يأس, فجلست تغسل و هي تغني لتسلي نفسها, فبعد أن أكملت غسلها للملابس وضعت رجليها في ماء البحيرة و تمددت على الأرض و هي تنظر للسماء و للطيور و هي تغرد فسرحت فكانت تحلم بأن تطير من هذا العالم إلى عالم آخر و بينما هي تحلم.. وتحلم.. خطر ببالها بأن تذهب للجلوس قليلاً عند شجرة التفاح, فذهبت هناك لتكمل أحلامها لهذا اليوم. وقفت عند الشجرة و رمقة المكان بنظرة من عينيها البنيتين الواسعتين, و استندت على جذع الشجرة بجسدها الممشوق, و بينما هي هكذا أحست بشيء يشدها من طرف ملابسها, فشعرت بالفزع فنظرة إلى الأسفل فإذا بالأرنب اللطيف موجود بجوارها, ففرحت و تعجبت من وجوده هنا لوحده فأخذته بين ذراعيها و أخذت تلتفت يمينا و شمالا ثم جلست تلاعبه و هي في شوق لرؤية حسام, فعندما كانت تلاعب الأرنب قام أحدهم بإغماض عينيها فشعرت بقشعريرة تسري في جسدها وأحست بأن قلبها يخفق بسرعة, و نبضاته لا تكاد تدرك بعضها, و أحست بشعور غريب يشوبه الخوف, و بأن الوادي و الطيور بدأت أسواطهم تعلوا و رائحة العطر الفواح جعلتها تذوب كالجليد في مكانها و أحست برعب شديد, فبعد ذلك أبعد الشخص يديه و ألقى عليها التحية فقال لها:"لماذا لم تأتي طوال الفترة التي مرت فقد أوشكت على اليأس من مجيئك, هل خفتي مني عندما أغمضت عينيك؟" فنظرت إليه منذهلة منه و تساءلت بينها و بين نفسها" أليس هذا هو الفتى الخجول الذي التقيت به منذ أسبوع؟ ما قصته و لماذا يعاملني بهذه المعاملة؟" و لكنها طمئنة نفسها بأنها لا تشعر بأي نوايا سيئة من جهته!!!!؛ فقال لها:"أنا آسف على إزعاجك فلقد انتظرتك كثيرا لذلك قررت بأن يكون اليوم ربما هو آخر يوم انتظرك فيه و كنت أدعو من ربي بأن تأتي, و ها انت قد أتيت" كان ينظر إليها و الفرحة مرسومة على وجهه البريئ. نظرت إليه فستسمحته عذرا لأنها تريد أن تذهب إلى البيت, و لا تريد أن تتأخر و تعاقب بإسبوع آخر بسببه, و لكنه رفض رحيلها فكان يريد أن يكون معها لوقت أطول و لم يدعها إلا بعد أن و عدته بأنها ستلتقي به مرة ثانية..إن أحوال هذا الفتى تغيرت كثيرا و كما يقولون تبدل 180درجة, فهو لا يستطيع إخفاء مشاعره أو حتى التهرب منها, فلقد كان يفكر في تصرفاته مع سعاد و لماذا يشعر بأن تصرفاته جنونية فهو لأول مرة يتصرف هكذا, و لكنه لم يجد إلا تفسيرا واحدا وهو بأنه أصبح مجنون بحبها و لكن جنونه لذيذ فحبه لها هو "حب من أول نظرة"...
      فبدأت سعاد بالذهاب كل اليوم مع صديقتها إلى البحيرة لكي تلتقي به فأصبح كل شيء بحياتها و حتى الأشياء الروتينية لها طعم آخر كالشهد خصوصا عندما يكون معها فلقد تعلقا ببعضهم البعض كثيرا. لذلك قرر حسام أن يتزوج بسعاد, و كان دائما يلمح لها بهذا الموضوع و لكنها دائما تجيبه قائلة:"و كيف ذلك فأنت مازلت شابا صغيرا و لا يمكنك تحمل مسؤوليات الزواج فليس لديك عمل لتغطية تكاليف الحياة الزوجية" و كان يجيبها قائلا:"لا عليك سأعمل بكل جد لأحصل عليك و نكون لبعضنا إن شاء الله".
      لم يكن يعرف أحد بعلاقتهما سوى منال صديقتها الوحيدة و كاتمة أسرارها و كانت تساعدها للقاء به و لتوصيل الرسائل في ما بينهما في بعض الأحيان..... إلى أن أتى ذلك اليوم الذي واعد حسام حبيبته بأن يراها عند شجرة التفاح..
      في الصباح استيقضت سعاد باكرا و أكملت عملها بالمنزل بسرعة و لكنها نسيت بأن اليوم هو دورها للقيام بترتيب الملابس فأنهت عملها بأقصى سرعتها و ذهبت إليه مسرعة, فلقد تأخرت عليه كثيرا فاليوم وعدها بأنه سيخبرها بمفاجئة رائعة و لكنها لا تعرف ما هي, سلكت طريقا مختصرا غير طريق الجبال, إنها تمشي بسرعة و هي تهب للقياه في المكان الموعود...لكن!!.. هناك شيئا غريبا يحصل... الناس تركض في كل مكان و هناك أصوات ناس تصرخ و الضجيج يعلو و يعلو... خافت سعاد, و وقفت في مكانها تسأل نفسها يا ترى ما الذي يجري؟؟!!! أوقفت أحدهم في الطريق و سألته:"ماذا يجري؟" فقال لها و هو يهم بالرحيل مسرعا:" حدث انفجار في منجم طريق الجبال و لقد قاموا بإغلاق الطريق و لقد مات الكثير هناك".
      خافت سعاد كثيرا فأصبحت الأفكار تأتي و ترحل بها فحسام دائما يسلك درب طريق الجبال فأحست سعاد بالحرقة و بات في صدرها رماد من الحسرات لأنها تأخرت عليه و هي خائفة عليه كثيرا فذهبت بأسرع ما عندها لتبحث عنه و هي تناديه "حسام...حسام.. حسام.. حســـــــام أين أنت يا حســــــــــــــــــــــام".. يا ترى أين هو؟؟؟! أين تبحث عنه؟ فلقد أحست بأن جسمها مجرد و روحها هائمة و عقلها محطم... فذهبت تبحث عنه بين الجثث, و وسط الدماء المهدورة على الأرض, و بين الجرحى و المحتضرين لعلها تجده هناك سألت عنه عند كل شخص تصادفه فالجميع لا يعرف شيء عنه حاولت, و لكنها أحست بأنها قد انهارت نهائيا لقد ضاعت فرحتها أين لا تعرف؛ فهل ضاعت وسط كومة من الجثث الهامدة أم غرقت في بحيرة الدماء أم دفنت تحت أنقاض الانفجار....؟! فبقيت تردد بينها و بين نار فؤادها "يا إلهي ما الذي حصل؟؟ أتمنى أن أكون في كابوس...يا الله...ماذا حصل لقد تلاشى كل شيء؟ " و جلست تبكي .. و تبكي.. و لكن لا من مجيب!...

      هزت رأسها في غرابة شديدة تجر مرارتها من أعماق روحها و إحساس غريب يهتف في قلبها.. ماذا يحصل؟ هل هذا حقيقي؟.. أم حلم؟.. أريد أن أصحوا.. أريد أن أصحو من نومي... أيقضوني...
      ذهبت إلى البيت مكسورة الجناحين لا تستطيع أن تطير كما السابق من الفرح فهي الآن تزحف من الحزن و الألم لا تستطيع تصديق ما حصل, فلقد حدث كل شيء بلمح البصر دون أن تدرك شيء مما جرى... بقيت سعاد بالبيت طريحة الفراش لا تتكلم مع أحد و لا تأكل و لا تشرب و الأطباء يزورونها, و لكن دون فائدة فالذي سينقذها قد رحل من الوجود.. فماذا تفعل؟؟!!!
      تريد خبرا عنه لتقف على رجليها و لكن لا من أخبار تفرحها و لا من شيء يطمأنها, و بقيت على هذا الحال لفترة طويلة, فكانت أشياء عالقة في ذاكرتها تصبرها قليلا على بلواها و فاجعتها.. فلقد كانت تزورها صديقتا المقربة منال دون أن تعلم سعاد بما يدور حولها, فلقد لقيتها منال بحواس حائرة.. تتسلل الأفكار إلى رأسها ما بينا مخطئة أو صادقة! ما الذي حصل لصديقتها المرحة القوية التي انهارت كما ينهار الثلج من فوق أعالي الجبال.. ظلت سعاد على هذا الحال إلى أن أصيبت بمرض من كثر الحزن و الألم و شدة البكاء على رحيل حبيبها و بسبب قلت الأكل, من بعد أن وقعت المأساء التي حرمتها من نور عينها و دقات قلبها و كل قطرة دم كانت تسري في جسدها لأجله...
      فتحت ظلال النور الخافتة ترقد بسلام إلى أن خلد عمرها إلى الراحة... .
      [align=center][aldl]http://www3.0zz0.com/2007/12/27/03/75188441.gif[/aldl]

      [aldl]http://www.7ammil.com/data/visitors/2007/10/21/7ammil_193_houdaifas2.gif[/aldl][/align]

      [align=center]ابداع وتميز على منتديات كويـــــــــــــــ777ــــــــــــــــت[/align]

      تعليق


      • #4
        الفصــــل الرابــــــع


        مازالت آمال تراقب, فلقد تأخر الوقت و هي في مكانها, كانت تنظر إليه و هو يراقب الغروب الذي طالما أحبته في هذا المكان بذات, لقد كان ينظر لغروب الشمس بعيون حزينة دامعة لم يكن الأفق و رونق اللون القرمزي كافيان لينتشلانه من أفكاره و آلامه, ودّ لو يكون رساما ليرسم لوحة رائعة كهذا الغروب و يرسم حبيبته من ضمن هذه الطبيعة الخلابة, يرسمها و هو ممسكا بيديها و يقربها منه ليضمها لصدره.
        لقد تعبت من الانتظار و المراقبة الطويلة فقررت أن تذهب إليه لتعرف ما الذي يجري و ما هي قصة هذا الشخص الغريب, فتوجهت إليه بكل حماس و لكن ماذا ستقول له؟؟ فسارت منطلقة باتجاهه قالت لنفسها لترفع معنوياتها:" عندما أصل إليه سيظهر الكلام لوحده فلا داعي لأن أفكر بالكلام فهذا ليس مجدي" فبينما هي تمشي تعثرت بغصن شجرة مما جعله يلتفت إليها فرآها ممددة على الأرض, فتفاجئ من وضعها فذهب إليها مسرعا ليساعدها, لقد كان الحظ حليفها لهذه المرة فلقد أتى إليها بنفسه..
        وقف بجانبها و مد يده ليساعدها على النهوض و كان وجهه خالي من أي تعبير قد يدلها على شيء أو حتى ليشجعها على أن تسأله فلديها أسئلة كثيرة, تريد أن تعرف من هو؟ من يكون؟ ماذا يفعل؟ و لكنها محرجة لما حصل لها, و لقد كان يتصرف بجمود, و لكن إحراجها لم يدم طويلا, فوقفت باعتدال و هي تنظف ملابسها و ترتب هندامها, فقال لها:" انتبهي مرة ثانية و أنت تسيرين", فتركها دون أن ينظر إليها و مشى, فلحقت به فألقت عليه التحية و قالت له:" آآآآه شكرا, و مرحبا" و لكنها لم تستطيع أن تتكلم و هو يمشي و لا يكترث لها و هي تركض وراءه لأنه يمشي بسرعة, و لكن فضولها لم يتركها فتابعت كلامها له "أنا آمال أسكن في هذه القرية... و.. و.. و لأول مرة أنا أراك هنا هل أنت غريب عن هذه المنطقة؟ هل تريدني أن أساعدك بشيء؟ أدلك على مكان ؟" قطعت كلامها الفضولي عندما توقف و قال لها بكل هدوء"شكرا" ثم مشى و تركها, فلحقت به مرة ثانية و قالت له بحسن نية:" لا عليك لن تزعجني و يسعدني أن أقدم المساعدة للغرباء" وقف مرة ثانية ينظرإليها و لقد طفح الكيل من فضولها فلكل شي حدوده, حدق فيها لبرهة و قال:" أنا من هذه المنطقة أيضا". ازدردت ريقها و ضاقت عينيها فظهر على وجهها علامات من الاستغراب و الإحراج, فعضت على شفتيها فسألته متعجبة:" و كيف ذلك؟؟" هذا لا يعقل كيف يمكنه أن يكون من القرية و هي لم تعرفه؟؟ عندما رآها مصرة على فضولها و لن تتركه, قال لها بحزم:" لقد غبت عنها لفترة طويلة و ها أنا عدت إليها منذ وقت قريب" ثم أخذ نفسا عميقا و تنهد قائلا " أنا أسمي حسام". ماذا؟؟ هل قال حسام؟!! لم تصدق فتحت عينيها البنيتين القابعتين في محجريهما وكأنهما تتأهبان للقفز, أحست بأن ماءا باردا قد سكب على ظهرها من هول الصدمة المفاجئة و تجمدت في مكانها و شكلها يوحي و كأنها رأت شبحا أو سمعت كلاما مخيفا, فقال لها متعجبا من شكلها:" ما بك ما الذي حصل؟؟" و لكن لا حياة لمن تنادي, فتركها لوحدها مصدومة و رحل عنها لأنه لم يعد يكترث لشيء في هذا العالم من بعد حبيبته "المرحومة".
        بعد لحظات أفاقت آمال من صدمتها و لكنها لم تشاهد حسام أمامها أو حتى في الجوار فذهبت تبحث عنه في الأنحاء و لكنها لم تجده, وضعت يديها خلف ظهرها و وقفت تفكر و هي تنظر إلى السماء التي بدأت تكتسي باللون القرمزي " أين ذهب؟ و متى ذهب؟ و كيف ذهب؟" لكنها لم تصل إلى حل. سارت في دربها إلى البيت, و هي شاردة الذهن و تفكرو تسأل ربما هذا الشخص هو شبح حسام أتى ليزور القرية؟ فأجابت نفسها لا لا لا يعقل ذلك. فقررت أن تبدأ استخباراتها المعتادة من هذا اليوم على الشخص الذي اسمه حسام, تريد أن تتأكد إن كان هو نفسه حسام حبيب سعاد؟ و إن كان هو فلماذا رجع الآن و لم يرجع من قبل؟؟ و هي تريد أن تعرف الحكاية بأكملها فهي تعرفها من طرف واحد.

        وصلت آمال إلى البيت فتحت الباب و لكن فكرها لم يكن معها, مرت بالقاعة التي كانت فيها أمها, و أباها و أختها منال و ابن أختها, كانت متجهة إلى غرفتها ألقت عليهم التحية و أكملت سيرها للغرفة, تعجب الجميع من تصرفها فهذه ليست عاداتها. دخلت غرفتها و جلست تفكر و تخطط لما ستفعله غدا فهي تظن نفسها متحرية أو صحفية لأن هذه هي أمنيتها بأن تصبح متحرية خاصة أو صحفية, و لكن عليها أن تكمل دراستها أولا ثم الذهاب إلى الجامعة الموجودة في المدينة البعيدة عن القرية.
        في صباح اليوم التالي استيقضت المتحرية الصغيرة في الساعة السادسة لتكمل مهمتها, فقامت بسرعة و استحمت و لبست ملابسها, و قامت بأداء الصلاة و خرجت من غرفتها متوجهة إلى المطبخ لتتناول إفطارها بسرعة, و همت بالخروج من المنزل, فأوقفتها أمها متسائلة " إلى أين أنت ذاهبة بهذه السرعة في الصباح الباكر, فهذا ليس من عادتك الاستيقاض مبكرا إلا إذا كان لديك قضية تريدين حلها أو بالأحرى لديك مشكلة تريدين أن تثيريها, فلقد حذرتك ألف مرة من هذه المشاكل التي تسببينها لك و لنا و تورطينا" كانت آمال تنظر لوالدتها و هي تلعق شفتيها و ترفرف بعينيها تريدها أن تنهي محاضرتها الصباحية بسرعة, و لكن أمها مازالت تتابع حديثها و تأنيبها " لقد عرفت بأن لديك قضية منذ الأمس عندما دخلت البيت و ألقيت علينا التحية و أنت شاردة الدهن ثم دخلتي غرفتك" فبادرت آمال بالرد على أمها و هي تسرع بالخروج من الباب, و قبلت والدتها على وجل " لا تقلقي يا أمي العزيزة لن أثير المشاكل و لكني ذاهبة لصديقتي و سأعود بعد ذلك لن أتأخر سآتي على الغداء".
        خرجت من البيت و فتحت دفترا كانت قد دونت فيه مخططها لهذا اليوم, فذهبت أولا إلى مخبز المدينة و وقفت هناك و بيدها دفتر الملاحظات الذي كتبت فيه أيضا ما حدث أمس بالتفصيل و بدقة عن حسام, لقد وقفت عند المخبز لأنه أول وجهة يقصدها الناس في الصباح لشراء الخبز للإفطار, وقفت فترة من الزمن تنتظر قدوم حسام و لكنه لم يحضر للشراء, هل مازال نائما؟؟ ماذا ستفعل إذا؟ قررت آمال دخول المخبز لعلها تحصل على خبرا عن حسام, دخلت و جلست و لكن كيف يمكنها أن تعرف أو تحصل على معلومات عنه؟ فكرت, و فكرت !!! ثم وقفت على رجليها و سارت متوجهة إلى البائع, وقفت أمامه و ابتسمت له و ألقت عليه التحية بلطف و سألته عن الخبز الجديد الذي يصنعه, " إنه خبز ممتاز أليس كذلك فهل هذا النوع من الخبز يقبل عليه الكثير من أهالي القرية؟ " فبادرها بالرد بفرح وسرور و أعتدل في وقفته كأنه قام باكتشاف الذرة:"نعم, أكيد لأن طعمه رائع و لا يقاوم" فقام بإعطائها قطعة من الخبز لكي تجربها و لقد كانت بالفعل لذيذة, فأبدت إعجابها بطعمها و لقد فرح البائع كثيرا لأنه أعجبها, ثم قالت له:" وهل يشتري الغرباء من هذا الخبز أم نحن فقط؟ فطعمه لذيذ جدا.. آه على ذكر الغرباء.." فتمتمت قائلة "لقد سمعت عن شخصا جديدا قد سكن مؤخرا في القرية و يقال عنه غريب الأطوار!!" فقال لها البائع:" من قال لك ذلك؟ و من تقصدين لا أفهم" سكت قليلا و قال:" آه هل تقصدين حسام؟" فضاقت عينيها " لا أعرف ربما هو فهل هو جديد على القرية؟" فتمتم بحزن " إنه من سكان هذه القرية منذ زمن و لكنه رحل و لقد ظن الجميع بأنه قد توفي في حادثة طريق الجبال, ربما لا تذكرين الحادثة لأنك كنت صغيرة يا عزيزتي, و لقد عاد إلى القرية و هو يسكن في بيت العم نعمان لأنه حفيده الذي ترعرع معه". قالت مخاطبة نفسها "إذا توقعاتي و شكوكي حوله منذ البداية كانت صحيحة يا لني من ذكية سوف أكون بالتأكيد صحفية و متحرية ناجحة" فقطع حبل أفكارها سؤال البائع عندما سألها " هل تريدين المزيد من الخبز؟" فوافقت على ذلك ثم سألته قليلا من الأسئلة عن الخبز لكي لا ينتبه لها و لا يعطي لسؤالها أهمية كبيرة.
        خرجت من المحل و وقفت تخاطب نفسها مرة أخرى" حسنا لقد كان إحساسي في مكانه و كانت نظرتي صائبة عندما شككت بأنه حسام". توجهت بعد ذلك إلى وجهتها الثانية و هي تكتب ملاحظاتها و المعلومات الجديدة التي عرفتها و بدقة, وصلت عند منزل العم نعمان, وقفت خلف شجرة بجانب المنزل تنتظر خروجه من المنزل لتسجل باقي ملاحظاتها لأول يوم في تحرياتها عنه... بينما هي واقفة تراقب و تتمتع بأكل الخبز الذي اشترته من المخبز ظهر لها كلبا ً, و ظل ينبح عليها, وقفت في مكانها تنظر إليه لا تعرف ماذا تفعل, ستحاول أن تهدئه " مرحبا.. ك.. ك.. كلب طيب.." و لكنه مازال ينبح, فخافت منه و صرخت لا تعرف ماذا تفعل؟, فجرت بسرعة باتجاه بيت العم نعمان. لقد سمع حسام صوت نباح الكلب و صراخ فتاة فخرج مسرعا إلى الخارج, فاصطدم بها ووقعت أرضا فرفعت رأسها ونظرت إليه و الرعب في عينيها و كأنها تتوسل إليه ليساعدها, و كان الكلب يلاحقها, فوضعت وجهها بين يديها خائفة من أن يهجم عليها, و لكن حسام أبعد الكلب عن آمال ثم ذهب إليها ليساعدها, عندما رآها هكذا مر في ذاكرته وميض الأحداث التي حدثت عندما التقى بسعاد أول مرة, فتراجع للوراء, و هز رأسه وقال لنفسه مؤنبا لقد رحل كل شيء.. كل شيء... , أبعدت آمال يديها عن وجهها و نظرت إليه بنظرة أسف على ما حصل فشكرته و هي محرجة فهذه المرة الثانية التي تحرج نفسها مع نفس الشخص, نهضت من مكانها, و وقفت على الأرض دون أن يساعدها, نظر إليها بغرابة و قال:" أنت أيضا مرة ثانية؟؟! ماذا تفعلين هنا؟" رأى بيديها الدفتر و القلم فسألها و هو يبتسم ابتسامة جافة:" هل كنت تدرسين هنا؟ لماذا لا تدرسين في المنزل؟" نظرت إليه بغباء و تمتمت " أدرس؟؟... آآه ادرس نعم أدرس.. أجل.. أجل بكل تأكيد كنت ادرس.. لا أردت فقط أ.. أ.. أردت أن أبحث عن حقائق و معلومات عن النباتات لذلك أقوم بهذه الجولة في الصباح" ثم وضعت يدها خلف رأسها و أحست بارتياح لأنها عرفت أن تجيب عليه, فقال لها:" حسنا احترسي مرة ثانية", قالت " حسنا" و هي تشعر بالإحراج فعليها أن تذهب و لكنها تريد أن تكمل مشوارها لهذا اليوم فليس من المعقول أن تنهي كل هذا من أجل نباح كلب, فأوهمته بأنها ذاهبة و لكنها لم تذهب لأي مكان لأنها اختبأت لتنتظره إلى أن يخرج مرة ثانية و تراقب حركاته لعلها تصل لشيء..
        [align=center][aldl]http://www3.0zz0.com/2007/12/27/03/75188441.gif[/aldl]

        [aldl]http://www.7ammil.com/data/visitors/2007/10/21/7ammil_193_houdaifas2.gif[/aldl][/align]

        [align=center]ابداع وتميز على منتديات كويـــــــــــــــ777ــــــــــــــــت[/align]

        تعليق


        • #5
          الفصـــل الخامــــــــــس

          بعد مرور ساعة على بقائها منتظرة و تراقب, أخيرا خرج حسام من منزله و توجه إلى طريق الجبال ثم إلى البحيرة, و هي مازالت تتبعه و من بعد البحيرة ذهب إلى الوادي, و كان يحس بأنها تراقبه و لكنه تغاضى عن ذلك, بعد ذلك استراح عند شجرة التفاح, إنه نفس مشوار اليوم الذي مضى, فظلت آمال تراقبه من بعيد و هي تتوقع في ماذا يفكر و ما هي أحاسيسه و تتخيل ذلك, فبعد بقائه جالسا هناك لمدة ساعة إلا عشر دقائق, تحرك من مكانه راجعا أدراجه إلى البيت, و هي ورائه خطوة بخطوة, وبعد عشر دقائق خرج من المنزل, متوغلا إلى داخل القرية إلى المصنع القابع في نهاية القرية على حدود القرية المجاورة, و ساروا لمدة ربع ساعة, دخل المصنع فتساءلت ماذا يفعل داخل المصنع؟ هناك شيء مبهم يجب أن تعرفه, لقد كانت تعرف متى ينتهي دوام العمل في المصنع, لذلك ذهبت و جلست بالمقهى المجاور للمصنع لتدون ملاحظاتها و لتحتسي فنجان قهوة, الوقت يداهمها و الشمس أصبحت حارقة و حسام مازال بالداخل, لقد دخل وقت الظهيرة دون سابق إنذار لكنها لم تعرف بعد ماذا يفعل حسام بداخل مصنع القطن القديم؟ و ما علاقته به؟ لابد من أنه يتعلق بشيء من قصته المؤلمة... لمعت عينا آمال القابعتين في محجريهما بذكاء, لقد تذكرت إن والد سعاد كان يعمل في هذا المصنع قبل أن يهاجر من القرية من بعد وفات سعاد, فلابد من أن حسام يريد أن يعرف مكان هجرتهم. لقد كان ذلك مجرد افتراض لما قد يكون قد أتى إليه حسام إلى هذا المصنع. لقد تأخر حسام بداخل المصنع, فهذه المتحرية لا تستطيع أن تتأخر عن البيت و في نفس الوقت لا يمكنها ترك قضيتها فربما تفوتها أشياء مهمة لن تستطيع تعويضها, إنها محتارة ماذا تفعل يجب أن تجد حلا مناسبا لهذه المشكلة, فقررت أن تذهب إلى البيت, فمن الحكمة أن تفعل ذلك لكي لا تعاقب, فأهون عليها أن تضيع بعض الفرص و لا تضيعها جميعها إذا تأخرت و عندها ستجازا بعقاب يقطع عليها حبل تحرياتها.
          همت بالرحيل دافعة كرسيها بتكاسل إلى الخلف و لملمت أفكارها و أغراضها و خرجت من المقهى, و بينما هي تسير بالطريق عائدة إلى المنزل أرادت أن تكسب الوقت و تذهب في طريق مختصرة, فدخلت في ممر ما بين المباني, و لكن حدث ما لم يكن على الحسبان, اعترض طريقها شاب في مقتبل العمر, إنه من الشبان الذين يجولون في الشارع طوال اليوم, و ظل يلاحقها كظلها و هي خائفة أن يراها أحد و يفسر ذلك بطريقة مشينة, فهي في منطقة بعيدة عن البيت, تريد أن تتخلص من هذا المتطفل لتذهب بسرعة إلى البيت, و لكنه لم يتركها و شأنها على الرغم من إنها لم تعره أي اهتمام لعله يفهم أو حتى يحس و يذهب و يتركها في حال سبيلها. لقد طفح الكيل بها التفتت إليه بعينين غاضبتان و قالت بصوت حاد " ماذا تريد مني فأنت تلاحقني في كل مكان اذهب إليه.. نعم.. ها تريد شيئا ً؟؟؟" نظر إليها بعينين باردتين و لكنهما تشعلان نيران في داخلها " نعم أريد.. أعتقد بأننا سنكون صديقان سيحسدني أصدقائي عليك لأنك فتاة جميلة" فأخذ ينظر إليها بنظرة تثير الريبة من رأسها إلى أخمص قدميها, غضبت من كلامه و نظراته لها و في نفس الوقت كانت تتذكر تحذير أمها لها بعدم اختلاق المشاكل مما جعلها مرتبكة, و قالت له بلهجة مؤدبة يشوبها القليل من التوتر و هي تترجاه" اذهب عن طريقي فأنا لا أريد المشاكل و لا أريد أن أكون صديقة لأحد.. اذهب" كانت تتحدث معه و هي تنظر في كل الاتجاهات خائفة أن يراها أحد, و لكن محاولاتها باءت بالفشل, و بينما هي تتشاجر مع الشاب و تترجاه بأن يتركها, لمحها حسام و هي في هذا الوضع و لقد اقترب الشاب منها كثيرا أمسكها من كتفها لتتوقف عن الصارخ, ذهب إليها حسام بسرعة فقال" هل يضايقك هذا الشاب؟ و ماذا يريد منك؟" فرحت آمال لقدوم منقذها حاولت الهرب من قبضته و لكنه لم يتركها, فنظر إليه حسام بنظرة حاسمة و أمره بأن يتركها حالا و إلا سوف يتحول تهديده من الكلام إلى شيئا آخر, أفلتها الشاب من قبضته و نظر إليه نظرة إستحقار و قال له" على كل حال إنها لا تستحق العناء" و تركهما, أجفلت آمال عند سماعها ما قاله الفتى و احمر وجهها من كثر الإحراج و فتحت عينيها مندهشة مما قاله, و شهقت غير مصدقة, و لكن حسام ذهب خلفه و أمسكه من كتفه و جعله يدير وجهه له و أعطاه لكمة قوية على أنفه, و تركه و مشى و لكن الشاب لم يواجه حسام و لم يدافع عن نفسه حتى. كانت آمال فرحة لما فعله منقذها لأجلها, ولقد كانت مشغولة الذهن بالتفكير و هي تشاهد ما حصل لأن لم يفتها شيء من القضية, وجود حسام معناه بأنها ستتابع تحرياتها؛ حقا إنها فتاة متهور و غبية لم تفكر بشيء سوى هذه التحريات اللعينة. التفت حسام إلى آمال و قال لها و الشرار يشع من عينيه" لماذا أنت هنا؟ إن هذه المنطقة بعيدة عن القرية." اقترب منها يود لو يستطيع صفعها على ما تفعله و أكمل غاضبا: " في الصباح كنت تدرسين و تبحثين عن النباتات, والآن عن ماذا تبحثين و تدرسين عن كيفية التسكع في الأزقة ؟" سكتت آمال و لم تعرف ماذا تقول فخير إجابتها السكوت, لقد أحرجها بكلامه و وضعت نفسها في موقف أو بالأحرى في مواقف لا تحسد عليها, و كل ذلك في سبيل ماذا؟ في سبيل التحريات و في سبيل القضية و الفضول اللذين سيأدون بها لهاوية جرف الندم.
          أحست بأنها تريد البكاء و أصبح لون وجهها شاحبا, فنظر إليها بحنية يشوبها الأسف و ابتسم ابتسامة خفيفة و قال:" أنا آسف إذا قسيت عليك ففتاة مثلك و في جمالك يجب عليها أن لا تأتي إلى هذه الأماكن لوحدها لتتعرض لمثل هذه المواقف, فلو لم أكن مارا هنا بالصدفة ماذا كنت ستفعلين؟" لم يكن ينتظر الإجابة منها فتابع:" حسنا.. هيا لنذهب من هنا قبل أن يقلقوا أهلك عليك" ساروا في دربيهما متجهين إلى قرية طريق الجبال, و لقد دثرهما غطاء الصمت طوال الطريق, و لم يعترف حسام لها بأنه يعلم بأنها تراقبه, و آمال لم تحاول أن تكسر جدار الصمت الذي يفصلهما بسبب ما حصل خصوصا من بعد أن قذفها حسام بتلك الكلمات التي من المفروض أن تجعلها تتأدب و تتوقف عن سخافاتها. متى ستتعلم؟.
          إن الفضول يأكلها أكل, تريد أن تسأل تريد أن تعرف لماذا رجع مرة ثانية و ما الذي فعله في غيابه عن القرية كل هذه السنين؟, في الطريق و عند نقطة الافتراق أخيرا كسرت الصمت بكلمة أسف و شكرته و رحلت مكسورة دون أن تنظر إليه, فذهب حسام في طريقه إلى البيت و ذهبت هي بدورها إلى بيتها.
          [align=center][aldl]http://www3.0zz0.com/2007/12/27/03/75188441.gif[/aldl]

          [aldl]http://www.7ammil.com/data/visitors/2007/10/21/7ammil_193_houdaifas2.gif[/aldl][/align]

          [align=center]ابداع وتميز على منتديات كويـــــــــــــــ777ــــــــــــــــت[/align]

          تعليق


          • #6
            الفصـــل الســـادس

            دخلت البيت و كان يبدو عليها الحزن و الكآبة, و وجهها مازال شاحبا, و تشعر بشعور غريب لا تعرف ما هو بالضبط, و تشعر بدق الدموع في مقلتيها لتخرج و تنساب على وجنتيها, فهي على وشك البكاء, ذهبت بسرعة إلى غرفتها قبل أن يراها أحد و أغلقت الباب, سمعت أمها صوت إغلاق الباب, فليس من عادة آمال أن تدخل البيت بهدوء دون أن تقول شيء أو حتى تثير القليل من الفوضى و الإزعاج, توجهت أمها بسرعة إليها, سمعت آمال صوت خطوات أقدام تتجه إلى غرفتها ثم سمعت طرق باب فنادتها أمها متسائلة:" ماذا بك عزيزتي آمال هل أنت بخير؟" أجفلت عند سماعها صوت أمها أخذت نفسا عميقا "أجل أمي.. أنا بخير ليس هناك شيء لا تقلقي" حاولت أن تجمع شجاعتها لتحدث والدتها بثقة و كأن شيئا لم يحصل لها لكي لا تشك بشيء, و لكن بداخلها عكس ما أظهرت, " حسنا حبيبتي غيري ملابسك و صلي و تعالي لتجلسي معنا فأختك منال هنا" ماذا؟.. منال هنا؟!, قفزت من مكانها بسرعة و بدأت بتغيير ملابسها و خرجت لتغتسل و تتوضأ بسرعة.. بسرعة فلقد فاتها شيء مهم جدا جدا جدا, و هو أختها منال بما أنها كانت في يوم من الأيام جزء لا يتجزأ من قصة حسام و سعاد, فربما تعرف شيئا عن عودة حسام و تساعدها في قضيتها و ربما تعرف أشياء لا تعرفها آمال.
            انتهت آمال من الصلاة وذهبت لتجلس مع أمها و أختها فجلست ساكتة تفكر كيف تبدأ الحديث في الموضوع و لكنها تخاف أن يشكو بشيء, بينما كانت غارقة في أفكارها انتشلتها كلمات أختها من غرقها عندما وضعت ابنها على الأرض ليلعب " ماذا بك هل أنت بخير يا أختي؟ فتصرفاتك في الآونة الأخيرة غير طبيعية, هل قضيتك لهذه المرة صعبة عليك؟" بعد أن نطقت منال بتلك الجمل الأخيرة, ترددت آمال كثيرا بفتح الموضوع فستشك منال في الموضوع أو بالاحرى بالقضية؛ و لكن كما اعتادت دائما الحظ حليفها في هذه القضية بغض النظر عن الإحراجات التي تعرضت لها, دخل والدها و ألقى عليهم التحية, فركض ابن منال لجده ليحمله و يرفعه للأعلى كما تعود أن يفعل له و يلاعبه, حمله جده و رفعه للأعلى ولاعبه ثم جلس على الكرسي و وضع الطفل بحجره ليأخذ أنفاسه المقطوعة من اللعب و الضحك و قال:" هل تعلمون بأن حسام حفيد العم نعمان قد رجع إلى القرية مجددا, فلقد إلتقيته منذ قليل و لكنه كان يبدو في مزاج معكر, لقد كبر و أصبح شابا يا للمسكين.. لم يعرفني جيدا عندما كلمته في بادئ الأمر و لكنه في النهاية عرفني, إنه مشوش الفكر قليلا لا اعرف لماذا؟ هل مازال يفكر بالماضي؟!"
            عندما سمعت آمال والدها يتكلم عن حسام تغيرت ألوانها و شحب وجهها و ارتبكت, فربما حسام أخبر والدها بشيء عنها و لكن.. لا.. فلو أخبره فسيقول لها والدها, و بينما هي تسأل نفسها ناداها والدها" آمال.. آمال..ماذا بك آمال؟ " التفتت إليه على وجل و قالت:" ماذا؟.. لا.. لا.. لا شيء ماذا قال؟", فنظر إليها والدها نظرت استغراب من كلامها و ظهر على وجهه علامة استفهام كبيرة " ماذا بك يا ابنتي هل هناك شيء, و من الذي قال؟" انتبهت لنفسها و للتصرف الغبي الساذج الذي فعلته و قالت متداركة الموقف"لا لا شيء فقط كنت أريد أن أعرف من يكون حسام و لكن هذا ليس مهم سأذهب لغرفتي" و لكنها لم تتدارك أي شي من كلامها لأنها أصبحت محل شك و ريبة بتصرفها, فهذا يعني بأن هناك سر تخفيه آمال عنهم و لا أحد يعرفه, فلقد استغرب الجميع من تصرفها لأنها دائما تريد أن تعرف كل شيء فكيف تركت سؤالها المتعلق بحسام وحيدا دون جواب و رحلت عنه دون أن تكترث به.
            بعد ذهاب آمال لغرفتها جلست منال تنظر لوالدها بفرحة يشوبها الحزن و الألم و الدمعة تترقرق في عينيها: " هل حقا رجع حسام للقرية من جديد؟ و منذ متى و هو هنا؟", قال والدها و هو يترك حفيده ليأخذ اللعبة التي كان يحاول النزول لأخذها: " لقد وصل هذا الأسبوع, و لكن لم يشاهده أحد فأمس كان أول ظهور له أمام الجميع فانتشر الخبر بأنه هنا, كما السابق و لكن من دون سعاد رحمها الله". سكتت منال فترة متمالكة نزول دمعتها, و تحاول أن تسيطر على حالها و لكنها فشلت بذلك فأجهشت بالبكاء, و الحزن مرسوم على وجهها, لقد تذكرت الأيام الماضية و تذكرت صديقتها كيف وقعت في شباك الحب و أسرت, و كيف كانت, و كيف تعذبت إلى أن انتقلت إلى الرفيق الأعلى. في الوقت نفسه كانت آمال تفكر هل أخبر حسام أباها بما حصل, و ماذا سيكون موقفها من هذا؟.. سكتت فجأة..! و قطعت تفكيرها, و ضحكت من أعماقها على نفسها على أفكار الغباء التي تراودها من الحين للآخر, لأن حسام لا يعرف من تكون و لا يعرف هي ابنة من؟ جمعت رباط جأشها و رجعت كما السابق و خرجت من غرفتها فرحة و تضحك و تقفز كمن نجح في تركيب صورة من سبعمائة قطعة, و لكنها صدمت عندما رأت أختها تبكي بحرقة و أمها و أباها يحاولون تهدئتها, استنتجت آمال ما حصل. قالت منال و هي تحاول أن تهدئ من روعها:" أريد أن أرى حسام ", قفزت آمال من مكانها و قالت: " أنا.. أنا.. سأذهب معك لنرى المدعو حسام", نظرت إليها أختها بنظرة تعجب سرعان ما أصبحت نظرت لا مبالاة, انتبهت آمال لتصرفها فسكتت. استأذنت منال لتذهب للبيت فهي لم تعد في مزاج يسمح لها بمناقشة أحد خصوصا آمال, فذهب والدها معها ليوصلها.

            في صباح اليوم التالي و بعد أن أنهت آمال استنتاجاتها ليلا عن تطورات تحرياتها بخصوص حسام, و لقد كانت على بينة بأنها غير قادرة على أن تكمل تحرياتها عنه في نفس ذلك اليوم لأنها تتذكر تماما ماذا حصل لها في الصباح, و هي تتمنى أن يهدئ و ينسى ما حصل, ثم وضعت خططا مستقبلية لما ستفعله في اليوم الذي بعده؛ استيقظت بسرعة و اغتسلت و لبست ملابسها و همت بالخروج من المنزل, و كالعادة تعترض طريقها والدتها و ترمقها بنظرة تأنيب و تسألها:" إلى أين أنت ذاهبة اليوم و من دون إفطار أيضا؟" نظرت إلى والدتها و ابتسمت لها و قالت لها بلهفة سريعة:" لا تقلقي أنا ذاهبة لأفطر في بيت منال فأنت تعرفين كيف كان حالها بالأمس" قالت لها والدتها "حسنا.. خذي هذا الطبق من الإفطار معك أيضا و بلغيها تحياتي" أسرعت آمال في مشيها لبيت أختها من بعد أن غلفت لها والدتها الطعام و أخذته معها فمنزل أختها قابع بنهاية الشارع الثاني للحارة. وقفت عند باب بيت أختها لا تعرف لماذا يخالجها شعور بالفرح و كأن شيئا مثيرا سيحدث, تنفست الصعداء و طرقت الباب بعد ثوان معدودة فتحت أختها لها الباب, دخلت و ألقت التحية و قالت:" هيا.. هيا.. أريد فطورا لأنني لم أتناول إفطاري بعد, لذلك أتيت و سأتناوله معك و لقد جلبت لك إفطارك معي يعني (مقايضة) لقد قررت أن أتناول إفطاري في بيتك من بعد إذنك طبعا" قالت لها منال ضاحكة " أهلا و سهلا بك أختي العزيزة في أي وقت و هيا لنجهز الإفطار". بينما هما تتناولان الإفطار حاولت آمال استدراج أختها لعلها تتمكن من معرفة شيء بخصوص حسام فسألتها "أين زوجك؟ لم أراه!!" قالت منال بغرابة "إنه خارج البلدة و أنت تعلمين بأنه مسافر" ردت بارتباك "أجل.. أجل تذكرت و لكنني كنت أريد أن.. اقصد أن.. أسأل عن أبنك أين هو؟" قالت منال:"إنه نائم في غرفته". سكتت آمال و بقيت جالسة في مكانها لتكمل طبقها, ثم وقفت و اتجهت إلى أختها و وضعت يدها على كتف أختها " ماذا لديك من مخططات و مشاريع لتنفذيها لهذا اليوم؟" ثم ابتسمت لأختها و تحركت قليلا مبتعدة عن أختها, أجابتها منال و هي تضحك على كلمات و أسلوب آمال "لا شيء, هل تريدين شيئا؟ هل تحتاجين لأساعدك بشيء, أم تريدين أن تذهبي لمكان ما؟" لقد كانت إجابة منال في قلب الهدف مما جعل آمال تتردد " أمّ.. أمّ.. ما رأيك بأن نذهب إلى البحيرة, إنه مجرد اقتراح فقط, لغسل الملابس ثم الجلوس عند شجرة التفاح, و تخيلي منظر الوادي الذي سنرتاح فيه قليلا من هموم الدنيا, أليس هذا رائعا؟" التفتت منال لأختها و في عينيها بريق من الفرح و الدهشة "إنها فكرة رائعة اعتقد بأني بحاجة ماسة لذلك فمنذ زمن بعيد لم أذهب, فلقد كان ذلك المكان مسكننا أنا و..." توقفت عن الكلام لأنها أحست بغصة الألم التي اجتاحتها عندما تذكرت سعاد, و لكن آمال تداركت الموقف و جعلتها تبتلع غصتها من دون أن تشعر بها و قالت:"ما رأيك بأن نرسل ابنك لتجالسه أمي فهي لن تمانع لذلك, و بعد ذلك نذهب لمشوارنا من دون إزعاج من الأطفال" أيدتها منال على فكرتها, و لكن لا يهرول الذئب عبثا كما يقال..
            لقد خططت آمال لكل شيء فهي على يقين بأن حسام يذهب كل صباح إلى هناك فهذا هو خط سيره المعتاد, كانت تريد من أختها أن تلتقي به لتعرف ماذا يحصل؟ و ما الذي حصل فترة غيابه؟ و ما سبب رجوعه؟ و هل يفكر بالرحيل مجددا؟ فهناك أسئلة كثيرة تدور في خلدها يجب أن تجد لها جوابا. حملت آمال ابن أخته,ا و حملت منال الملابس التي سيتم غسلها عند البحيرة كما كانوا يفعلون قديما, لقد كانت كمية الملابس قليلة جدا, لان لدى منال الغسالة الكهربائية, و لقد قامت بغسل الملابس من يومين و لكنها أحبت فكرت أختها التي تعيد إليها أيام الخوالي. ذهبتا للبيت ليعطوا والدتهما الطفل ثم خرجوا مباشرة للمشوار الذي خططت له آمال.
            [align=center][aldl]http://www3.0zz0.com/2007/12/27/03/75188441.gif[/aldl]

            [aldl]http://www.7ammil.com/data/visitors/2007/10/21/7ammil_193_houdaifas2.gif[/aldl][/align]

            [align=center]ابداع وتميز على منتديات كويـــــــــــــــ777ــــــــــــــــت[/align]

            تعليق


            • #7
              الفصــــل السابــــــع

              سارتا في دربهم عبر طريق الجبال متجهتين إلى البحيرة و كانت آمال طول الدرب تتحدث مع أختها تحاول جاهده من منع أختها من تذكر الذكرى المؤلمة التي ربما تفسد مخططها فهي تخاف أن تطّر إلى الرجوع خائبة إذا ساءت حال أختها من الذكرى و انهارت من البكاء, فهي تعلم تماما من تكون سعاد بالنسبة لمنال, فهي تعلم بأن أختها تتذكر صديقتها في كل خطوة.
              أخيرا وصلتا إلى البحيرة و بدأتا بغسل الملابس, و كان الحماس يلف آمال, و كانت ما بين فترة و أخرى تلتفت حولها و كأنها تبحث عن شيء أو تترقب شيئا و كانت من بين لحظة و أخرى تعجل أختها بأن تنهي ما بيدها, شكت منال في تصرفات آمال فلابد من وجود سر من تصرفاتها فبادرتها بالسؤال:" ماذا بك آمال هل هناك شيء أم هل تنتظرين أحدا؟ فمنذ أن وصلنا و أنت لست على بعضك أحسك مشغولة بشيء ما؟؟!" أجفلت آمال من الكلام وعضت شفتيها لكي لا تسمع أختها شهقتها, يا لها من غبية كيف يمكنها أن تصبح متحرية أو صحفية ناجحة دون أنت تسيطر على تصرفاتها, و لكنها ارتاحت لأن التي أغرقتها في القلق قد انتشلتها منه من دون وعي عندما سألتها منال:" لهذه الدرجة أنت على عجلة من أمرك لنذهب عند شجرة التفاح؟" و لكنها سرعان ما أغرقتها مرة أخرى قبل أن تستطيع أن تجفف نفسها " أم مازلت تتحرين عن كل شيء تصادفينه كعادتك؟" لم تجب آمال على أختها و لم تعرها أي اهتمام فكانت تحاول أن تخبأ خيبتها لذلك كانت تنظر إلى السماء حين و حين أخرى تنظر إلى البحيرة و الملابس. تركتها منال على راحتها و لم تناقشها أكثر في الموضوع, و لم تزعجها بالأسئلة مرة ثانية, و لكن تصرفاتها تثير الشكوك.
              بعد أن انتهت منال من غسل الملابس و وضعتها خلف شجرة إلى حين رجوعهم من باقي المشوار, ثم توجهتا إلى شجرة التفاح, لاحظت آمال الفرح و السعادة في ملامح وجه منال و ذلك أسعدها كثيرا, كانت منال تشعر بأنها رجعت إلى أيام مراهقتها كما الماضي مما جعلها تشعر بأنها في عالم آخر, و لكنها تعلم في قرارة نفسها بأن الماضي أحترق و لم يظل منه إلا الرماد المحفوظ في جرة على رف الزمن, و بينما هما تسيران في دربيهما التفتت منال لآمال و سألتها:" ألا تذكرين حسام؟ ... أو لم تصادفيه من بعد وصوله إلى هنا؟ أنا.. أنا.. أنا أريد أن.." و لكنها لم تكن تنتظر جوابا من آمال على سؤالها, فكانت مترددة كيف تبدأ حديثها" أريد أن أقول لك شيئا بيني و بينك يا آمال و لا أريد أن يعرف احد بذلك." سكتت قليلا, فقطعت آمال سكوتها و نظرت إليها بعينين متسعتين مملوءتان بالشوق لطلب أختها" ماذا..؟ ماذا قولي سرك في بئر قولي " فقالت منال و هي مترددة " أريد.. أريد أن.. أو بالأحرى أتمنى أن أرى حسام " ماذا حسام؟؟ تغيرت ألوان آمال, هل أختها تريد أن ترى حسام حقا؟ إذا تخطيطها سيعود على أختها بالراحة أيضا فأكملت منال " لان كانت آخر أمنية لسعاد بأن تراه أو تسمع صوته أو أي خبر عنه يطمئنها عليه.." كان الحزن يفيض من عينيها و هي تتكلم, و كانت تحاول تمالك نفسها قدر المستطاع: " و لقد كانت تريد أن تعرف إن كان حيا أو توفي في حادثة الانفجار, و هناك اسأله كثيرة كانت تريد الإجابة عليها فأنا أريد أن ترقد روحها بسلام و مطمئنة عليه من بعد مرور أثنتى عشرة سنة من العذاب" نظرت إلى آمال و أمسكت يديها بألم و قالت: " لقد سمعت بأن هناك رسائل من حسام لسعاد بعد أن توفيت لقد وصلوا متأخرين بسبب تعطيل البريد و الضغط الذي حدث بسبب حدوث حادثة طريق الجبال", مسحت منال الدمعة التي حاولت مجاهدة أن تحتفظ بها في مقلتها, و لكن الدمعة لم تمنعها من أن تفضي بما في خاطرها التي كبتته منذ سنين, لقد سمحت آمال لأختها بإطلاق العنان عن ما في قلبها مشجعتا لها بالاستماع لها باهتمام, فتمتمت منال تتابع حديثها: " فقبل وفاتها كنت أذهب للبريد لأتفقد إذا كان هناك رسالة منه, و لكني لم أحصل على شيء, و لقد وصلت الرسائل بعد فوات الأوان, فأخذ أهل سعاد الرسائل و رحلوا من القرية بعد وفاتها لأنهم لم يتحملوا البقاء بالقرية بسبب الحادثة التي أفقدتهم ابنتهم العزيزة..".
              قبل أن تنهي منال كلماتها حدثت المفاجأة التي تمنتها آمال من كل قلبها و هي ما خططت له بالضبط, أتى حسام يسير من بعيد و لكن منال لم تراه على الرغم من أن آمال قد رأته لأنها كانت بانتظاره, قالت آمال: " انسي الماضي الآن فربما باستطاعتنا فعل شيء.. فنحن أتينا إلى هنا لنرفه عن أنفسنا أليس كذلك؟ أرجوك كوني طبيعية.. آآآه انظري هناك شخصا قادم و لأول مرة أراه هنا فأرجو أن لا يشاهد علامات الحزن عليك", فحاولت ممازحة أختها قائلة " و لكي لا تبعدي السائحين عن القرية", كانت آمال تريد أن توهم أختها بأنها لا تعرفه و لم تقابله من قبل لكي لا تشك بأنها خططت لذلك, ابتسمت منال لأختها فقالت:" حسنا.. أيتها المشاكسة الصغيرة", فأدارت منال وجهها لتشاهد من هذا الغريب الذي يمشي نحوهم, نظرت إليه و لكنها لم تصدق عينيها, و كانت تشاكك بأنه حسام فربما من كثر شوقها لرأيته أصبح جميع الناس يشبهونه, و لكن بعد أن اقترب قليلا أجفلت متفاجئة بوجود حسام يسير في اتجاههما, و قالت منال بينها و بين نفسها بفخر: " لابد من إني فتاة طيبة لكي تتحقق أمنيتي بهذه السرعة" أحست منال بشعور غريب يشدها للبكاء و لكنها حبست دمعتها كسجين مذنب, لقد كانت آمال تراقب ردت فعل أختها بهدوء.
              كان حسام يمشي و رأسه للأرض لأنه لا يريد أن ينظر إلى المكان و يزيد من ألمه فيكفيه عطر الذكرى الذي تركوه قبل رحيلهم هو و حبيبته, بينما كان يمشي أحس بوجود أحد في المكان, فرفع رأسه بكسل و عندما رأى أمامه تفاجئ برؤية منال واقفة أمامه, لقد عرفها بعد مرور كل هذه السنين الأليمة التي مرت, فقترب حسام من منال و عينيه تتلألآن بدمعة محصورة بين الألم و الفرح, وقف مترددا ً فرجع بخياله إلى الوراء وقف ينظر إليها و هو يبحث بعينيه عن سعاد التي كانت دائما تقف بجانبها بخجل و نظرات الحب تشع من عينيها, وقعت عيناه على آمال وقف ينظر إليها بحنان و تخيلها بأنها سعاد, و كأن الماضي رجع ليضمهم لأحضانه من جديد. اقترب من آمال كان يريد أن يضمها إلى صدره و يقول لها كنت متأكد بأنك سوف تنتظرين عودتي حتى بعد كل هذه السنين, ينظر إلى آمال و كأن هناك شيء مفقود منه و قد حصل عليه, مد يديه إليها دون أن يحس بأنها ليست محبوبته التي رحلت لتسكن تحت ذرات التراب, لقد كانت آمال تشبه سعاد خصوصا في جسمها و قليلا من ملامح الوجه, فكل مرة يلتقي فيها حسام بآمال لم يلاحظ هذا الشبه بينهما لأنه لا يهتم لأي شيء في هذا الكون. أصبح وجه آمال جمرة من الخجل من نظرات حسام لها, فلقد كان سارحا في أحلامه دون وعي, و لكن كلمات منال أرجعته لواقعه الأليم: " كيف حالك يا حسام؟" لقد تبخر كل شيء من أمامه و شعر بالخجل لأنه لم يكن في وعيه, فوقف ينظر لآمال و أجاب منال " أنا بخير و كيف حالك أنت؟" ثم وجه نظره إلى منال, لقد شعرت آمال بالخوف و بشعور غريب بداخلها, قلبها يخفق بسرعة و أحست بأن جسمها يرتجف من نظرات حسام فهذا من جهة, و من جهة أخرى شعرت بالخوف ظنت بأنه سيفضحها أمام أختها عندما نظر إليها. سألته منال:" هل عرفتني؟" أجاب و الابتسامة الحزينة تعلو وجهه " أجل يا منال عرفتك فأنت لم تتغيري كثيرا اللهم انك أصبحت أكبر سنا عن قبل", فقالت له:" لقد تزوجت و لدي طفل عمره ثلاث سنين اسمه باسم", قال حسام و قد بدأت ملامحه بالظهور على حقيقتها شاب وسيم أسمر " بمن تزوجتي؟" قالت منال " لقد تزوجت بعمار, تعرفه أليس كذلك؟ لقد كنت جالسا مرة معه عندما أتينا أنا و سعاد الله يرحمها عندما أخبرتنا بأنه صديقك الذي تعرفت إليه مؤخرا" لقد تعجب حسام من ذلك و لكنه كان يتوقع حدوث مثل هذا لأنه كان يرى نظرات صديقه الوحيد لمنال, يا لا المصادفة الصديق الوحيد و القريب من حسام تزوج قريبة و صديقة حبيبته. فبعد أن تعرف حسام بسعاد بدأ يحتك بالناس و يتكلم معهم على عكس أيامه قبلها, كان منطويا على نفسه, صحيح إن الحب يعمل المعجزات و يغير الإنسان من حال إلى حال..
              فوقفا أي حسام و منال يتحدثان, و أجاب حسام على أسألت منال و لقد كانت آمال تنظر إليهم و هي تدون ما يحصل في عقلها, لقد كان حسام يجيب منال و الحزن و اليأس يأسرانه و الألم يحيطه و يشده من كل مكان. بعد طول حديث, حدث ما خافت منه آمال و الذي لم تحسب حسابه عندما خططت لهذا المشوار..
              سأل حسام منال بحسن نية و هو يشير إلى آمال:" هل تقرب لك.. آمال؟" استغربت منال من سؤاله, وتساءلت بينها و بين نفسها كيف حسام يعرف آمال و هي التي كانت تدعي بأنها لا تعرفه عندما شاهدته, فهي كانت صغيرة عندما شاهدها آخر مرة, أم مازال يذكرها منذ أن كانت صغيرة, و لكنه لم يشاهدها سوى مرة أو مرتين.. بينما كانت منال تحادث نفسها, نظرت آمال لحسام و هي تهز رأسها إليه تحاول أن تلفت انتباهه لكي لا يخبر أختها, فهم حسام إشارتها فقال لمنال متداركا الموقف:" آ آ آه.. هذه آمال أختك الصغيرة أليس كذلك؟" هزت منال رأسها بالإجابة فأكمل "كانت تأتي معك أحيانا في ما مضى." فقالت له منال:"... نعم أنها هي و كيف عرفتها؟ " ابتسم لها فأمسكت منال بكتف آمال تقربها إليهم و قالت" إنها المتحرية الصغيرة في هذه القرية, لا أعرف كيف لم تفتح لك ملفا لأنك عدت مرة ثانية فهذا غريب!!! فهي لو عرفت بعودتك لقامت باللازم فأنا أعرفها جيدا.."نظر حسام لآمال و رفع حاجبا واحدا و كأنه استنتج شيئا, أصبح وجه آمال ملطخا باللون الأحمر من كلام أختها, فلقد كشفت أشياء خطيرة عنها, تابعت منال" فهي لا تحب أن يفوتها شيء ستتعرف عليها أكثر عند حدوث قضية أو أمر ما في هذه القرية, فهي ماهرة بعض الشيء في هذا المجال" خافت آمال من أن يفضح أمرها أكثر من هذه الفضيحة فنظر ت إليه بنظرات تترجاه بأن لا يفضح أمرها أمام أختها, ابتسم حسام و قال:" لقد رأيتها منذ أيام تدرس في الصباح عند الأشجار و لقد كانت لطيفة جدا, لقد كبرت و أصبحت شابة" قال ممازحا " احذري يا منال فسوف تسرق الأضواء عنك" أصبح لون آمال أحمر و توردت خدودها خجلا من كلامه فقالت بينها و بين نفسها:" يا ليتني أستطيع الحصول على شخصا مثله فهو رائع" شعرت بأنها ستذوب من هذا الشاب الوسيم و الجذاب. استأذن حسام ليذهب لتكملة دربه, و وعد منال بأنه سيأتي لزيارتهم عندما يعود زوجها من السفر.

              نالت آمال مبتغاها من المشوار و عرفت أشياء كثيرة ستساعدها في قضيتها لتضمها لملف حسام, و لكن كيف ستخلص نفسها من أسألت أختها؟ الحمد لله بأن حسام لم يقل كل شيء عنها أمام أختها فهذه القشة هي التي ستنقذها لأنها كانت على وشك أن تفضح.
              في طريق العودة ظلت آمال ساكته, و لم تنطق بحرف واحد لكي لا تجلب لنفسها الكلام, ولكن ذلك زاد من الشكوك حولها, فسألتها منال:" ماذا بك يا آمال هناك شيء تريدين أن تقوليه و أنا لا أعرفه؟" قالت آمال :" و ماذا عساه يكون مثلا؟" قالت منال:" ألم تكوني تعرفي بان حسام سيأتي إلى هنا, و إنك قد قمت بالتخطيط لذلك؟ فهل حسام هو إحدى قضاياك و تحرياتك؟" سكتت آمال قليلا قبل أن تجيب أختها برباطة جأش "لا انه ليس كما تظنين و إنما إلتقيته صدفة عندما كنت أدرس و هذا كل ما في الموضوع, و لم أكن أعلم بأنه هذا الشخص هو حسام, فهل هناك شيء آخر تريدين أن تعرفيه أم لديك شكوك أخرى تريدين أن تتأكدي منها؟" كانت تكلم أختها بلهجة حادة و كأن أختها تظلمها بتوجيه هذه الاتهامات لها, و ذلك لكي تبعد الشكوك عنها, و لكنها فرحة في داخلها لأنها استطاعت أن تبعد و لو القليل من شكوك أختها. فقالت منال:" لا.. لا شيء لقد اكتفيت من كلامك, ولكن أريد أن أقول لك شيئا.. شكرا على إنك خططتي لذلك.. أوه.. أقصد بأنك إقترحتي علي بهذا المشوار!!!". و بعد ذلك مشتا في الطريق دون أن تتكلما, و لكن الفرحة مرسومة على وجه كلا منهما
              [align=center][aldl]http://www3.0zz0.com/2007/12/27/03/75188441.gif[/aldl]

              [aldl]http://www.7ammil.com/data/visitors/2007/10/21/7ammil_193_houdaifas2.gif[/aldl][/align]

              [align=center]ابداع وتميز على منتديات كويـــــــــــــــ777ــــــــــــــــت[/align]

              تعليق


              • #8
                الفصـــل الثامـــــــــن

                في البيت كانت الأم و الأب جالسان يشربان فنجان من القهوة فقالت الأم و هي تحاول تهدأت باسم أبن منال:" يا ترى لماذا تأخرتا؟ فطفل منال يبكي كثيرا لا أعرف ماذا به, لقد فعلت كل شيء تقريبا له و لكنه لم يستجيب لشيء ليتوقف عن البكاء, إنه يريد أن ينام و يريد أمه حقا إنه طفل عنيد" و بينما هما يتكلمان دخلت منال ثم آمال, فأسرعت منال لأخذ ابنها عندما رأته يبكي, فألقيتا التحية على والدها و والدتها فسألتهم الأم:" لماذا تأخرتما؟" فقالت منال:" لقد ذهبنا لغسل الملابس كما في الماضي ثم جلسنا عند شجرة التفاح كما خططت آمال للمشوار, ولكن حدثت لنا مفاجئة غير متوقعة, من تتوقعان بأني رأيت اليوم؟" نظر إليها والديها في حيرة, و تغيرت ألوان آمال, فربما تخبر منال أمها و أباها بكل شيء حصل و حتى عن شكوكها!, فستاذنت و ذهبت لغرفتها فهي تحس بإحساس غريب لا تعرف ماذا حصل لها من بعد أن قابلت حسام. أخبرت منال والديها بأنها رأت حسام و تكلموا مطولا عن أسباب الرحيل و وضح لها كل شيء تقريبا عما تريد معرفته و الذي قد كانت سعاد تريد أن تعرفه قبل رحيلها للعالم الآخر, و أخبرتهم بأنه وعد بزيارتهم عند عودة زوجها من السفر.
                جلست آمال على سريرها و هي تفكر فيما حصل, و فيما سيحصل لقضيتها مع حسام و تذكرت تصرفه عندما رآها مع أختها, و في الكلام الذي قاله عن نفسه, فلقد عرفت تقريبا أشياء كثيرة ستحتاجها في تحرياتها و مجازفاتها, و لكن هناك أسئلة كثيرة تدور في ذهنها, هل سيعيش حياته و ما تبقى منها هكذا وحيدا؟ و ما هي نهاية حبه لها؟ فلقد عرفت من كلامه مع أختها بأنه لم و لن ينساها أبدا, و لكن هل سيحب أحدا آخر؟ و ماذا ستكون النهاية لكل هذا؟...
                في نفس الوقت كان حسام يفكر, فلقد أعادة منال له كل ذكرياته المتعلقة بسعاد, فظل يفكر ماذا سيفعل بعد أن تأكد بأن سعاد قد رحلت و لن تعود له أبدا, وهذا هو السبب الرئيسي لعودته إلى القرية من جديد ليتأكد بأنها حقا توفيت... الآن... ماذا سيكون مصيره بعد كل هذه السنين؟ هل يستحق أن يعيش حياته من دونها؟ و هل سيعيش مع أحدا آخر غير محبوبته؟ أم سيعيش حياته مع ذكراها و سيكرس نفسه على تخليدها, و لكن هل ستسامحه إذا غير حياته بعيدا عن ذكراها المستعمرة على حياته؟ و كما يقال " الحي أبقى من الميت"..
                هل تغيير حياته يعتبر خيانة بحق الميت؟؟ إنه خائف كيف سيعيش حياته؟ هل سيحظى بسعادة مماثلة لسعادته التي هجرته؟. لذلك قرر أن يبدأ حياة جديدة و لكن كيف؟ و مع من؟ و أين؟ و كيف ستنتهي؟ و لكنه غير واثق من قراره الصعب. خائف بأن ينتهي به المطاف مكسور الجناح.. أو تتكرر مأساته, فكل شيء مصيره للرحيل و الفراق, فإذا لماذا عليه أن يعيش حياة جديدة و هو على يقين برحيل كل شيء؟ إنه متشائم كثيرا من هذه الحياة و محتار و ضائع, و لكن من سينتشله من ضياعه, و من يريد أن يعيش حياته مع شخصا منعزل يفضل أن يعيش في الماضي بدلا من أن يعيش واقعه؟ و لكنه موجودا في الحاضر و لا يريد أن يختلط بالناس..

                جلس على كرسيا في غرفت الجلوس و بقي ساكتا, و بينما هو هكذا محتميا بداخل بناء السكون جاءت آمال على باله و كسرت بنائه الذي كان فيه, تذكرها عندما كانت واقفة بجانب أختها, إنها فتاة جميلة و شخصيتها لطيفة جدا و مرحة و لكنها تحتاج لتعديل بعض السلبيات, سكت و أوقف تفكيره ثم قال لنفسه:" يجب أن أترك كل شيء كما هو, أخاف من تغيير حياتي و أخاف أن اختار حياتا بعيدا عن الذكريات و افشل فأسقط في بئر الماضي, عندها لن اخرج منه أبدا, و لكن منال أعادة ذكرياتنا بأكملها, و لكني لن أضيع شيئا منها بل سأضعها في صندوق الذكريات و احتفظ بها للأبد."

                بعد مرور ثلاثة أسابيع من قدوم حسام إلى البلدة, و بعد تفكيره بهذه الحياة, قرر أن يفك قيود أسره من الماضي و الانطلاق إلى الحياة للبحث أو بالأحرى للمجازفة بالاحتكاك بالناس, فلقد لقي ترحيبا كبيرا من الناس مما جعله سعيدا بهذا التغيير, و في نفس الوقت هناك خوفا في داخل أعماقه و أفكاره مشتتة يحاول إخفائها قدر المستطاع, و كان دائما يحاول بين لحظة و أخرى أن لا يتراجع عن قراره الصعب خصوصا عندما يجلس و حيدا في البيت.. هل حياته تستحق هذه المجازفة المؤلمة التي ربما ترفعه لحياة هانئة أو ربما سترمي به لقاع الندم و الألم و الضياع, و لكنه عندما يتذكر الناس الذين يحاولون أن ينسونه آلامه و ماضيه كلا بطريقته, و مراعاة ظروفه السابقة يشعر بالراحة الكبيرة و يصر على قراره, على الرغم من عدم اختلاطه بالناس كثيرا إلا إنهم يحبونه كثيرا..
                بقيت حياة آمال كما هي, منشغلة بقضاياها و تحرياتها و مازالت تتحرى عن حسام و تراقبه لتعرف ما هي النهاية من بعد هذه القصة المؤلمة التي ضيعت حياته التي كرسها للذكرى, و لكنها سعيدة لأجله لأنه غير حياته و قد خرج من قبره الذي كان يقضي فيه سبات حياته الماضية, إلى أن أتى و عرف الحقيقة التي لم يتجرأ طوال السنين الماضية أن يتأكد منها خوفا من الواقع المرير و هو رحيل سعاد للأبد...
                أوفى حسام بوعده بزيارته لمنال و زوجها في بيتهم و لقد أحس بأن الحياة جميلة فعلا, و اكتشف بأنه قد دفن نفسه بسبب شخصا رحل و لن يعود, و لكن في قرار نفسه لا يستطيع نسيانها نهائيا, و إنما يحاول أكثر الوقت أن يهرب من الذكرى التي ستضيعه إذا ظل معها, فهذا الهروب ساعده كثيرا بأن يمحي معضم همه, فهو الآن لا يصدق ما حدث لحياته من تغيرات و الفضل يعود لإيمانه بربه ثم يعود الفضل للناس و لمنال و زوجها و الفضل الأكبر يعود لآمال التي جعلته يفكر بحياته بطريقة أفضل من دون أن تحس بأنها تعلمه بأن ينسى الماضي و يعيش حاضره دون تدخل ماضيه ليهدم حياته.. فلو لا مقابلته لمنال التي خططت لها, لما استطاع أن يفكر بحياته بجدية أكثر, و عرف بأن هناك شيئا مهما بحياته قد يحفل به الناس و الذي كان هو في وقتها يعتقد بأن حياته لم تعد مهمه من بعد رحيل سعاد....

                و بعد مرور ثلاث أشهر.. استطاعت آمال أن تنهي الكثير من قضية حسام و هي الآن تنتظر النهاية التي ستضمها للملف لتقفله, فلقد كانت طوال هذه المدة تلتقي به مصادفة معظم الأوقات في القرية, أو في المناسبات و خصوصا عندما يكون في بيت أختها, و لقد كانت دائما تشعر برجفة في جسدها و تتلعثم في كلامها كلما تشاهده, و لكنها لم تعرف السبب الحقيقي لذلك, و لكنها تفرح كثيرا عندما تتكلم معه و هذا نادرا ما يحدث, و لكنها لم تعد تسأل عن ماضيه لكي لا ترجعه له فهي تريد من كل قلبها أن ينسى الماضي و يعيش حاضره, وهي على استعداد تام لأن تساعده بذلك خصوصا عندما تشاهده جالسا وحيدا عند قيامهم بالرحلات الجماعية, فلقد كانت تعرفه من ملامح وجهه عندما يغرق بتفكيره بالماضي, خصوصا عندما يكون جالسا بجانب شاطئ البحر و هو يحظن بكفيه كومة من الرمل و يضغط عليها تارة و تارة يحررها, و كأنه غاضب من الأرض و ما عليها, و مصر على الانتقام من القدر الأليم الذي فرقه عن محبوبته الراحلة. فعندها تحث آمال أحدا ليسحبه من تفكيره لترجعه لواقعه, و لكن علاقته التي يظهرها لها مثل علاقته بمنال و الآخرين فهي تمنت لو ينظر إليها على إنها امرأة ناضجة و يشعر بها كما تشعر به.
                [align=center][aldl]http://www3.0zz0.com/2007/12/27/03/75188441.gif[/aldl]

                [aldl]http://www.7ammil.com/data/visitors/2007/10/21/7ammil_193_houdaifas2.gif[/aldl][/align]

                [align=center]ابداع وتميز على منتديات كويـــــــــــــــ777ــــــــــــــــت[/align]

                تعليق


                • #9
                  الفصــل التاســـــــع

                  ذات يوم و عندما كانت آمال جالسة عند البحيرة واضعة رجليها في الماء و تغني و تفكر, إذ بحسام مارا على البحيرة كعادته فلمحها و هي تغني و لكنها لم تشاهده, فوقف خلف الأشجار ينظر إليها و هو يبتسم لأن صوتها كان جميلا, لكنه لم يطل النظر و المكوث خلف الأشجار كما تفعل هي, فحاول أن يقترب من الفتاة الشقية ليلقي عليها التحية, فهو يعلم بأنها مازالت تراقبه و لكن ليس كما كانت تفعل سابقا, و لكن تصرفاتها لم تضايقه أبدا, بالعكس كان يحس بأن هناك أحدا مثابر و مجتهد و يهتم به و ينتظر التغيير في حياته بفارغ الصبر و يساعده بطريقة مختلفة عن الجميع دون أن يحسسه بأنه يقدم المساعدة له, فلقد كان حسام معجبا بشخصيتها و شجاعتها..
                  فعندما هم بالتحرك ليذهب إليها, رأى شخصا يتجه نحوها فتوقف مكانه يراقب من بعد, و لكنه لم يقصد أن يتجسس عليها, و إنما لم يشعر بالراحة عندما شاهد ذلك الشخص فشكله يوحي بالشر على الرغم من الجاذبية التي يتمتع بها. اقترب الفتى من آمال و أجفلها عندما ألقى عليها التحية, و لكنها لم ترد عليه التحية فنظرت إليه نظرة اشمئزاز و قالت:" نعم.. ماذا تريد؟؟ ألم يكيفك ما فعلته بي؟ اذهب أرجوك.. اذهب من هنا" فقال لها و هو ينظر إليها بنظرات حنية مصطنعة:" أنا أحبك يا آمال و أنت تعلمين ذلك" فأجابته باستهزاء:" آه حقا.. أجل أعلم ذلك, أجل أنك تحبني و تقول لفتاة أخرى إنك تحبها, لقد فعلت لك أشياء كثيرة من أجل الحب و ساعدتك في كل شيء, و كنت تستغل حبي لك و طيبتي أو بالأحرى سذاجتي لتعرف أخبار الناس ثم تؤذيهم و تسبب لي المشاكل, و لكن لا لن أسمح لك أن تفعل ذلك بعد الآن.. اغرب عن وجهي.. اذهب" أقترب منها الفتى و حاول أن يشرح لها فقاطعته صارخة و هي تدفعه:" اذهب.. لا أريد أن أراك في حياتي من الآن و أبدا اذهب" فصرخت بقوة " أكرهك.. أكرهك.. لا أريد التكلم معك, فإن رأيتك مرة ثانية أو حاولت أن تكلمني صدقني سوف أخبر هناء بكل شيء عنك, و سأجعلها تتركك عندما تكتشفك على حقيقتك.. اذهب من هنا هيا بسرعة" فبعد معاناة ذهب عنها و تركها لوحدها مع ونيستها الدمعة, التي كانت مستعدة لمواساتها في أي وقت تطلبها و لن تتخلى عنها؛ فجلست آمال في مكانها و فتحت كفيها لتسقط دموعها بداخلهما لكي لا يضيعوا في دروبها الحزينة.
                  حزن حسام على آمال و تضايق على ما حدث لها بسبب ذلك الشاب, فدارت الأسئلة تتضارب في رأسه, من يكون هذا الشخص؟ هل هو حبيب آمال حقا؟ و لماذا تكرهه لهذه الدرجة؟ و هل هي حقا تكرهه كما قالت له؟.. حاول الاقتراب منها و لكنه كان متردد لأنها كانت تبكي بحرقة, فربما تريد أن تكون لوحدها و لا تريد أن تكلم أحدا, و لكن طيبة قلبه لم تتركه يرحل و يتركها على هذا الحال, فتقدم إليها و هي مازالت جالسة في مكانها تبكي, فلم تشعر بأن هناك أحدا بمقربة منها, فألقى عليها التحية فأجفلت وأسرعت بمسح دموعها و وقفت ترتب هندامها و هي تحبس الغبنة بين أنفاسها, تفاجأت بوجود حسام معها, فردت عليه التحية بصوت متقطع يملئه الألم و الحزن و هي ترتجف و تسأل نفسها "يا ترى منذ متى وهو هنا؟" فسألها حسام بصوت حنون و كأنه يربت عليها" ماذا بك آمال, هل تبكين؟؟" فأجابته بسرعة:" لا.. لا.. لا أبكي إنما..."فسكتت لا تعرف بماذا تجيبه, فهي لا تستطيع إنكار الدموع التي مسحتها من على خديها, فقترب منها قليلا و وضع يده على كتفها, و لكنها لم تمانع على ذلك فهي محتاجة لأحد يواسيها و إنما ليس حسام.. فقال لها:" لا تقلقي.. و أنا آسف لقد شاهدت ما حصل لك" ففتحت آمال عينيها من هول المفاجأة و لكنها لا تستطيع أن تتكلم "فأنا لم أقصد أن أتجسس عليك.. صدقيني" فشد بقبضته على كتفها – كانت آمال تحبس دموعها بداخلها و تحبس آهاتها بداخل صدرها و لا تريد أن تبكي أمامه –
                  فأكمل حسام كلامه بلطف و بلا شعور شدها قليلا لتقترب منه:" هل يمكنني أن أعرف من يكون هذا الشخص؟" رفعت آمال رأسها و نظرت في عينيه, فبكت من أعماقها بشدة و حرقة تكاد تفتتها, و لم تستطيع أن توقف نفسها و لم تستطيع أن تقف في مكانها فأحست بضعف شديد لا تستطيع حمل نفسها, فاحكم حسام قبضته عليها, و ضمها إلى صدره, و لكنها سرعان ما أبعدته عنها و نظرت إليه و هي ترتجف, و جلست على الأرض فحتار حسام كيف يساعدها, فاعتذر منها على تصرفه و حاول تهدأتها و أحس بأنه سيبكي معها, و حاول إيقافها عن البكاء بكلمات تهديء من روعها, فبعد معاناة نجح بذلك, و توقفت عن البكاء فقال لها حسام:" إذا لم يكن لديك أي مانع, و إذا لا يضايقك, أعني.. إن أردت أن تتكلمي بالموضوع يمكنك أن تقولي لي فهذا سيريحك".. جلس بجانبها دون أن يلمسها فأمسكت يديها محتارة تفكر بينها و بين نفسها هل تخبره؟؟ إنها خائفة, و لكنها تشعر بأنها يمكنها الوثوق به.
                  فبدأت آمال تقص قصتها على حسام بأنها أحبت هذا الشاب و لقد عرفته منذ عدة أشهر, و لقد دامت علاقتهم ثمانية شهور تقريبا, و لقد كان هذا الفتى يحبها و لقد كانت علاقتهم أحسن ما تكون, و ذات يوم التقت صديقتها هناء بحبيبها, فمنذ ذلك اليوم أصبحت صديقتها على علاقة بحبيبها, فقالت آمال تدافع عن صديقتها:" و لكنها لم تكن تعلم بعلاقتنا و بأني أحبه, لأني حاولت قدر المستطاع أن أخفي موضوع علاقتنا لأني لا أريد لأحد أن يعرف, و لكي أمارس هوايتي بدون قيود, و لكنه كان يعلم بأنها صديقتي و لكني لم أعرف بعلاقتهم, فهي التي اعترفت لي بعلاقتها به منذ أيام..." سكتت تحاول ربط جأشها, و أكملت تحبس دمعتها:"لماذا فعل ذلك؟؟ على الرغم من علاقته بها فلقد كان يأتي و يكلمني و كأني الإنسانة الوحيدة في حياته, و لقد كان دائما يحاول أن يعرف الأخبار التي أعرفها و كان أكثر الأحيان يسبب لي المشاكل". كان حسام يسمعها باهتمام لقد اعترفت آمال لحسام بأشياء كثيرة عن حياتها الخاصة, و لكنها لا تعرف لماذا فعلت ذلك, فربما السبب يعود إلى إنها ترتاح له كثيرا.
                  عندما شعرت آمال بأن دمعتها على وشك النزول بدأت بتغيير الموضوع لكي لا تتأزم مشاعرها أكثر من ذلك. قالت له:"لا يهم إنسي الموضوع فالذي يخون مرة سيخون ألف مرة, اترك الحديث عنه فلقد نزعته من قلبي و لم يعد يهمني بشيء لقد ظننت بأني أحبه و لا أستطيع الاستغناء عنه, و لكن لو كانت هناك مشاعر سأمحيها مع مرور الأيام, و بالنسبة لصديقتي لقد حذرتها منه و الأيام كفيله بأن تثبت لها سوء نواياه."
                  نظرت إليه و قالت" أريد أن أسألك سؤالا و أتمنى أن لا يتسبب لك بإحراج" ابتسم لها و قال"تفضلي" سكتت قليلا و نظرت إلى الأرض و كأنها تفكر بشيء و قالت " و لكن كن صادقا معي مثلما كنت صادقة معك" رفعت رأسها بتردد لتشاهد ملامح وجهه و أكملت:" لقد أخبرتك بكل شيء عن نفسي على الرغم من إني أعتبر كل شيء بحياتي هو سري و لا أبوح به لأحد و لكني أخبرتك... و لا أعرف لماذا؟ ربما لأني قد وثقت بك, و لأني قد.. ارتحت لك كثيرا.. و لكن لا تعتقد بأني قلت هذا الكلام لكي تصارحني" فضحك ضحك خفيفة و قالها:" لا أبدا لم يخطر ببالي هذا الشيء, وتفضلي يمكنك أن تسألي". ثم سألته " لماذا عدت بعد كل هذه السنين؟ و لماذا لم تأتي من قبل؟؟" فنظر إليها و قالها و الحزن يملأه, و كأن هناك حملا على كاهله يريد أن يزيحه ثم استهل كلامه:" في ذلك اليوم و عندما قررت أن أرحل من هذه القرية للعمل في الخارج, وضعت رسالة عند شجرة التفاح, لأني كنت انتظرها و لقد تأخرت سعاد في القدوم لي, و كنت في عجلة من أمري و يجب أن أرحل, لقد كنت أريد أن أراها قبل رحيلي" ثم سكت و رفع رأسه للسماء و كأنه يداري على دمعة على وشك النزول ثم تنفس الصعداء و قال:" كتبت في الرسالة باني سأرحل لأعمل و لأتمكن من الزواج بها و نعيش حياتنا معا, و لقد حصلت على الموافقة لعملي في كبرى الشركات في المدينة.. و لقد رحلت من القرية قبل الحادث, و الذي بسببه لم أتمكن من التواصل معها, فبعد رحيلي بقليل حدثت الحادثة لذلك اعتقدت سعاد بأني كنت معهم, و لقد أرسلت لها رسائل كثيرة لعلها تطمئنها علي و تهون عليها و لكني لم أعلم بالذي حدث معها و لم أكن مطمئنا خصوصا عندما لم ترسل لي و لا رسالة, ثم سمعت من شخص كان قادما من القرية و قال بأنها مريضة جدا و تحتاجني, فقررت أن أرجع لأخبرها بنفسي بأني بخير وبالخبر... عندها وصلني نبأ رحيلها إلى الرفيق الأعلى, مما جعلني أبتعد كل هذه السنين من صدمة وفاتها و لمدة أثنى عشرة سنة, منذ أن كنت في السابعة عشرة من عمري, و لقد عدت إلى القرية بسبب أهلي الذين يريدون أن يزوجوني, و أنا لا أستطيع أن أعيش مع فتاة أخرى فلقد عانيت كثيرا على ما شفيت من حبها و عذاب فراقها لأني كنت دائما ألوم نفسي و أحس بأني السبب في موتها, فلو لم ارحل لما حدث ذلك لها" ثم سكت, واستند على شجرة التفاح فتفاجأ بانهما كانا يمشيان من دون وعي في ذلك الطريق إلى أن وصلوا لشجرة التفاح, فقد كانت آمال تسمعه و تصغي له دون أن تقاطعه, فلقد قال لها كل ما يجول بخاطره و الأشياء التي كان يكبتها و يحتفظ بها طول هذه السنين التي مضت, ثم قالت له آمال:" لا تقل هذا الكلام... لم يكن الذنب ذنبك لقد حاولت بقدر استطاعتك و لكن الظروف و القدر حكما بغير ذلك, فأنت رحلت لأجلها لتسعدها و لكي تستطيع أن تسكنها بحياتك للأبد, لكن المكتوب يجب أن يقرأ و عليك الآن أن تسمع كلام أهلك فهم الذين لديك بهذه الدنيا, و هم الذين يعرفون مصلحتك, و الذي رحل قد رحل و لن يعود... و لن تعود أيام الوعود فكل شيء سيرحل كما يرحل الدخان من المداخن و يبقى الرماد..." كان يستمع إليها باهتمام على الرغم من الألم و العذاب المسيطرين عليه, و تابعت كلامها لكي تقنعه بان ينسى الماضي و يعيش الحاضر:"عليك أن تبدأ حياة جديدة دون خوف و لا تردد" رد حسام عليها و الطمأنينة تحيطه:" الحمد لله اشعر بأني قد تخطيت جزءا كبير من هذه المحنة, و الفضل يعود لله ثم لأهالي القرية الطيبين و لأختك و زوجها, و لك أنت أولا و بصفة خاصة" علت الحمرة وجه آمال و اتسعت عينيها و رفرفت برموشها الطويلة و قالت له و هي تشعر بالخجل و الاستغراب:"أنا؟!! و كيف ذلك؟"ابتسم لها ابتسامة جذابة فاعترف لها أخيرا:" أنا أعرف بأنك كنت تراقبينني في كل مكان أذهب إليه" شعرت آمال بالإحراج و تمنت لو تحدث معجزة و تختفي من أمامه, و لكنه كان يكلمها بلطف مما هون عليها من مصيبتها"في البداية لم أكترث لشيء و لكن بعد ذلك أعجبت بجرأتك و شجاعتك و طيبة قلبك نحوي و نحو جميع الناس.. و كل ذلك جعلني أفكر بحياتي و أيقنت بأني كنت أعيش بوهم طوال هذه السنين و لذلك قررت أن أغير حياتي" ثم اقترب منها و نظر إلى عينيها و قال لها بلطف و حنية:" ربما ما قلته لك ليس سبب مقنعا في تغيير حياتي و لكني.... أشعر بأن تصرفاتك كان لها تأثير خاص أكثر من أي شخص في هذه القرية على شخصيتي و قناعتي بهذه الحياة, و تغيير أفكاري" ثم ابتسم لها و شعرت آمال بأن الدمعة تتراقص في عينيها لا تعرف هل من الفرحة أم من الألم...
                  بعد طول حديث و تحرك مشاعر جديدة و غريبة في نفس الوقت على كليهما, استأذنت آمال من حسام لأنها تريد أن تعود للمنزل لكي لا يقلقوا عليها والديها.
                  عندما وصل حسام إلى البيت جلس يفكر بالتصرف الذي تصرفه مع آمال و كيف أتت له الجرأة بأن يقترب و يضمها إلى صدره؟؟ و لماذا فعل ذلك؟! و لكنه لم يستطع أن يعرف الجواب, فهو خائف بأن يكون يتوهم هذا الشعور و هو انه قد ارتاح لها و يشعر بأنه منجذب إليها..
                  فمثلما أثرت آمال بحياة حسام, أثر حسام بحياتها كثيرا مما جعلها تغير أشياء كثيرة و مهمة بالنسبة لها وهي تحرياتها, فأصبحت نادرا ما تتحرى عن الناس و تحاول أن تشغل وقتها بأشياء أخرى بعيدا عن مشاكل التحريات و لقد عملت في جريدة البلدة بشكل مؤقت لأنها تريد أن تجعل حياتها مستقرة و كانت تنظر لمستقبلها نظرة صائبة و مستقبلية.
                  [align=center][aldl]http://www3.0zz0.com/2007/12/27/03/75188441.gif[/aldl]

                  [aldl]http://www.7ammil.com/data/visitors/2007/10/21/7ammil_193_houdaifas2.gif[/aldl][/align]

                  [align=center]ابداع وتميز على منتديات كويـــــــــــــــ777ــــــــــــــــت[/align]

                  تعليق


                  • #10
                    الفصــل العاشــــر والاخير


                    ذات يوم قرر حسام أن يذهب إلى المدينة ليزور أهله, و لكنه قبل أن يرحل ذهب ليودع أهالي القرية و ليودع منال و زوجها عمار, و في طريق عودته لبيته " بيت العم نعمان" شاهد آمال, فسلم عليها و أخبرها بأنه سيذهب لزيارة أهله خصوصا بعد أن أحس بأنه تغير و تغلب على عقدة الماضي.. فقال لها:" أنا ذاهب إلى المدينة لزيارة أهلي و سأعود بعد شهر أو شهرين" نظرت إليه آمال متفاجئة و قالت بينها و بين نفسها "ماذا شهرين؟؟؟" ثم نظرت إليه نظرة تحاول أن تخبئ حزنها بسبب الخبر و قالت له:" ماذا؟! إنها مدة طويلة جدا, و لماذا أنت ذاهب؟ هل تضايقة منا بهذه السرعة؟" فبتسم لها بحنية و قال:" لا لا كيف أتضايق من أناس قد ساعدوني و كيف أتضايق من انسانة سكنت عقلي؟؟" ثم سكت و رمقها بنظرة و بتسم لها فأحست بالخجل و أحمرة وجهها من كلامه و كانت تريد أن تخبأ نفسها و لا تدري ماذا تفعل إنه موقف محرج بالنسبة لها. ثم قال حسام:" هل تريدين شيئا أحضره لك من المدينة عند عودتي؟" فبتسمت ابتسامة خفيفة و قالت بحزن تحاول أن تخبأه خلف كلماتها:" لا شكرا.. لكني أريد أن اطلب منك طلبا.. أريدك أن تعدني بأنك ستنفذه؟؟" فقال لها:" سأنفذه من قبل أن تقولي ما هو" فقالت له و هي مترددة و خجلة في نفس الوقت لأنها لم تتوقع بأنه سيبادرها بهذا الرد, قالت:" أريدك فقط.. أن تهتم بنفسك و هذا كل ما اطلبه منك, و هناك شيئا آخر أريدك أن تسمع كلام أهلك ثم أن تعيش حياتك دون خوف من الماضي, و أن تخطو بهذه الدنيا بخطى ثابتة بدون تردد" فنظر إليها بنظرة حنان و ابتسم ابتسامته الساحرة و قال:" أعدك بذلك و أنت أيضا عديني بأنك ستهتمين بنفسك من أجلي" فنظرت له و الابتسامة تعلو وجهها و هزت رأسها موافقة و غادرت المكان و لكن في داخلها نداءا من قلبها تريد أن تصرخ و تقول له أرجوك أبقى لا ترحل...
                    فعندما ذهب حسام إلى أهله أحست آمال بالفراغ بحياتها من بعد رحيله عن القرية, حتى لو كانت سابقا لا تراه دائما و لكنها كانت تعلم بأنه موجود بالقرية و تستطيع أن تلتقي به صدفة في أي مكان.. و كانت دائما تتذكر موقفها معه عندما أتى ليواسيها و يضمها إلى صدره, و هذا ما كان يصبرها على بعده, و كانت تفرح عندما تتذكر كلماته الأخيرة بأن تعتني بنفسها لأجله..يا ترى ما سبب هذه المشاعر هل حقا إنها تحبه؟؟ أو مجرد إعجاب بهذا الشخص؟؟
                    كانت آمال مازالت تذهب كل يوم للجلوس عند البحيرة و عند شجرة التفاح, هذا هو مشوارها اليومي من بعد ما ذهب حسام إلى أهله فهي لم تترك هذا المشوار و لم تنقطع عنه يوما..

                    فذات يوم كانت جالسة عند الوادي تنتظر غروب الشمس الذي يأسرها و يجعلها في عالم آخر, تراقصت ذرة ذهبية من النور فوق الأرض معلنة اقتراب الغروب و انحنت رؤوس العشب المرهفة إذعانا لنسيم المساء المتثائب بحفيف بطيء, كانت سفوح الجبال تتوهج باللون القرمزي البرتقالي, مشتعلة بكرة اللهب المنغمسة قرب أديم الأرض, و تنحت زرقة السماء لجهة الشرق عن الانصهار ارجواني, في حين بدا الأفق الغربي برتقاليا أحمر داميا, حبست أنفاسها أمام تناثر الألوان الغامض, تذكرت تلك العيون الدافئة و صمتها بين ذراعيه فتدفقت بنهرين غزيرين من الدموع الساخنة المليئة بالشوق العاصف ليطرق أبواب الحب في أنحاء العالم.
                    كانت تشاهد تأبين الطبيعة الصامت, و تستنشق الهواء الطلق بقوة و هي تخطو نحو حافة الوادي و كأنها تريد الالتصاق باللون البرتقالي القاني الذي غزا الفضاء لعلها تستطيع أن تلون السماء بألوان المشاعر التي تغزو حياتها و تألمها, و بدا الهواء حولها باردا و ساكنا, و كان هذا المنظر الخلاب من اللوحة الفنية للطبيعة يزيد ألمها و حنينها إلى حسام مما يجعلها تبروز هذه اللوحة من حبال الشوق و تلونها من ألم الفراق و تحيك عليها غطاء حبها الصامت الذي تتعذب لعدم استطاعتها بالبوح به أمام من أحبت. جلست بصمت تحدث نفسها" كيف يمكنني أن أحارب في معركة خاسرة إني على يقين بأنه لن ينساها و لن يفكر بأن يحبني حتى لو تغلب على موضوع رحيلها من الوجود و لكنها لم ترحل من قلبه و عقله".

                    بعد مرور أسبوعين على ذهاب حسام عن القرية حاولت آمال أن تغير ما تفعله كل يوم فهذا يذكرها بحسام و يجعلها تشتاق إليه أكثر و يزيد من عذابها, لذلك قررت أن تذهب لبيت صديقتها, و عندما كانت عائدة من بيت صديقتها متجهة إلى البيت, رأت حسام خارجا من بيتهم الذي كان فيه والديها فقط.. فتعجبت لقدومه للبيت لأنه قال بأنه سيعود بعد شهر أو شهرين و هو عادةً يذهب لزيارة عمار و منال في بيتهم؟! يا ترى ما الذي جرى ليعود بهذه السرعة و يأتي إلى بيتهم؟؟ هناك أسئلة كثير تدور في رأسها و شعرت بالخوف و لكنها لا تعرف لماذا, و في نفس الوقت شعرت بالحنين لدى رؤيتها له و من بعد غيابه هذه المدة التي كانت تعتبر مدة طويلة جدا بالنسبة لها...
                    عندما شاهدها حسام من بعيد اتجه إليها مسرعا و كأن الشوق يتطاير من عينيه, و عندما وصل لها ابتسم و سلم عليها بطريقة جعلتها تشعر بشعور غريب!!
                    فقال لها:" لقد فعلت ما نصحتني به أولا أن اعتني بنفسي و ثانيا أن اسمع كلام أهلي ثم أن أعيش حياتي دون خوف من الماضي ولكنني لم اعد خائفا. و لقد قلتي لي أن اخطوا بهذه الدنيا بخطى ثابتة بدون تردد و هذا ما فعلته لتوي و بدون تردد" فبتسمت له و لكنها لم تكن مستوعبة ما يحصل ثم رحل عنها, و لكنه قبل أن يرحل تمتم لها قائلا:" أتمنى أن لا تخذليني" فسألته و هي متعجبة من كلامه الذي لم تستوعبه, ما الذي يجري ماذا به يتكلم بالألغاز؟؟؟: "أخذلك!؟؟و بماذا أخذلك؟؟ لم افهم ما الذي تقصده, و لكن لماذا عدت الآن لقد أخبرتني بأنك ستغيب على الأقل لمدة شهر؟؟" و لكن حسام لم يجيب على أسألتها و لم يطفأ نار حيرتها و فضولها فتركها و رحل و جعلها تائهة في حيرتها لا تعرف ما الذي يحدث..

                    دخلت آمال للبيت فوجدت والديها يتكلمان و لكنهما عندما شاهداها سكتا, و لقد كانا بانتظارها فنادتها أمها و قالت:" آمال تعالي اجلسي هنا نريد أنا و والدك أن نحدثك بموضوع مهم" فشعرت آمال بالخوف و بشعور غريب لا تعرف ما الذي يجري, أولا حسام يحيرها و يرحل و الآن أمها و أباها يريدانها في موضوع, يا ترى ماذا قال حسام لهما عندما أتى هل أخبرهم بشيء عنها و بما كانت تفعله؟؟ما الذي يجري الله يستر!!!؟؟؟
                    فوضت أمرها إلى الله و ذهبت للجلوس بجانب أمها, فبادر والدها بالكلام:" أعرف بأنك مستغربة مما يحصل و لكن اطمئني انه خير إنشاء الله, لقد أتى اليوم حسام إلى البيت" فقالت:" نعم لقد رايته عندما خرج" فقال والدها هل تكلم معك بشيء؟" ترددت ثم قالت:" لا.. لا لم يقل شيء.. و لكن ماذا عساه سيقول؟؟" فقال والدها:" الم يخبرك بأنه طلب يدك مني للزواج به ؟ ما رأيك يا ابنتي؟؟...." يا ألاهي ما الذي يجري شعرت آمال بأن العالم بأكمله يدور من حولها من هول الصدمة التي أتتها كالصاعقة إنها لا تصدق و لا تستطيع تصديق ما يحدث, هل حقا حسام الذي كان إحدى قضاياها و تحرياتها يريد أن يتزوجها, فأسرعت آمال بالخروج من البيت دون إن تجيب والديها بشيء لا بالرفض و لا بالقبول. فتعجبا من تصرفها, و لكنهما تركاها تخرج فربما تريد أن تفكر لوحدها بالموضوع...

                    خرجت آمال من البيت مسرعة و توجهت لشجرة التفاح و الدموع ترتجف بعينيها, و بينما هي تمشي كان شريط الذكريات يمر في بالها منذ أول لحظة التقت فيها بحسام إلى آخر مرة رأته فيها اليوم عندما كان خارجا من بيتهم, كانت تتذكر كل شيء و الدموع تتلألأ في مقلتيها غير مصدق بأنه أرادها هي أن تنهي قصته بالزواج به.
                    وصلت آمال عند شجرة التفاح أجفلت برأية حسام جالسا هناك و كأنه يعرف بأنها ستأتي إلى هنا "شجرة التفاح", و كان ينتظرها فعندما رأته وقفت في مكانها دون حراك و نظرت إليه و كانت تحس بأن قلبها يهتف إليها ويقول:" اذهبي إليه, وقولي له إنك موافقة".. و لكن عقلها يعترض ويقولها:" لا بل اذهبي إليه و اسأليه لماذا طلب يدك, فما الذي دفعه لفعل ذلك, ربما كان مجرد كلام وسيندم عليه لاحقا"..
                    كان حسام ينتظر أن تفعل شيء غير الوقوف ساكنة في مكانها مما جعله يتوتر و لكنه تركها تفعل ما تشاء, فبعد تردد ذهبت إليه ووقفت قريبا منه لا تعرف ماذا تقول, نظر إليها ثم قال:" قبل أن تقول أي شيء أريدك أن تعرفي شيئا مهما, و أنا اعلم بأن هذا الشيء الذي سأخبرك به قد تساءلت عنه كثيرا, و هو بأني لماذا عدت بسرعة, لأني... لم احتمل المكوث في المدينة مع أهلي و أحسست بالحنين, هل تعرفين لمن؟؟" و لكنه لم يكن ينتظر جوابا منها و هي كانت تصغي إليه باهتمام فأكمل حديثه قائلا:" لقد شعرت بالحنين إليك, واشتقت إليك كثيرا.. و لكني لم أخبرك و احتفظت بذلك إلى أن أتأكد من شعوري تجاهك و لقد عرفت باني مرتاح لك و أحبك.. صدقيني إني أحبك لذلك ذهبت لطلب يدك من أبيك" كانت آمال تصغي إليه و هي بالكاد تستطيع التنفس و تحاول حبس الدمعة بعيدا عن مقلتيها فطول مدة الحديث الذي كان يقوله حسام لها لم تنطق بحرف و لا حتى بهمسة "كنت خائفا قليلا عندما ذهبت لأنجز هذه الخطوة و لكني تذكرت كلامك لي بعدم الخوف و مواجهة خوفي فذلك شجعني للقيام بذلك"
                    أحست آمال بأن قلبها يقفز من الفرح و تريد أن تذهب إليه و تقول له هيا.. هيا خذني من هذه الدنيا فأنا أيضا مولعة بك بجنون, و لقد عرفت ذلك و تأكدت منه عندما رحلت عني فانا أيضا لم أتحمل بعادك... و لكنها لم تفعل كما أمرها قلبها, و إنما نظرت إليه و أخذت نفسا عميقا تحاول ربط جأشها و قالت له:" هل تريدني لأنك تحبني أم..." ثم سكتت ثم نظر إليها بشوق يريدها أن تكمل كلامها ثم أردفت:"أم لأني أشبهها؟؟" سكت حسام و تغيرت ملامح وجهه و فتح عينيه على مصراعيهما لأنه لم يتوقع هذا السؤال أبدا منها, خصوصا من هذه الفتاة التي أحبها رغم كل المصاعب و الضغوط. نظر إليها نظرة حزن و تأنيب على سؤالها, فقال لها:" أنا أحبك أنت يا آمال, إذا ًَ.. أنت تشكين بذلك أليس كذلك؟؟ يجب أن تعرفي شيئا, هي كانت جزء من الماضي الذي دفنته و كانت حلم وقد صحيت منه.. و أنت حاضري و مستقبلي و واقعي و لكن..." ثم تمتم بصوت مكتوم وحزين و متألم " حسنا.. لقد عرفت بأنك لا تريدينني و لكن.." ثم سكت و مضى عنها و تركها لوحدها مع تأنيب الضمير, فشعرت آمال بأن قلبها يبكي بحرقة حزنا عليه و يلومها و يقول لها قلبها "لماذا قلت له هذا الكلام؟؟ أرجوك لا تضيعيه" و كان قلبها يدق بسرعة لعله يستطيع اللحاق به و إيقافه قبل أن يرحل مرة ثانية و عندها لن يعود, و أحست بتأنيب الضمير لما قالته أحست بأنها جرحته جرحا مستحيل أن يبرأ, خصوصا و هي تحس و متأكدة بأنه صادق بإحساسه معها..
                    ذهبت إليه مسرعة و وقفت أمامه مباشرة, و نظرت إليه في عينيه و دموعها في مقلتيها ترتجف و كأن دمعتها تترجى عيونه لتضمها له و تعتذر عما فعلت من حماقة, فقالت:" سأخبرك بشيء و لكن أتمنى أن..." ثم سكتت مما جعله يرتبك أكثر فقال لها:"قولي فكلي آذان صاغية, لقد اعتدت على الصدمات و لن تكوني الوحيدة التي تجرحني و تنزف جراحاتي إلى أن ادفن.." فاقتربت منه و تمتمت له بالقرب من أذنه " أنا موافقة وأنا آسفة على سؤالي الأحمق و أتمنى أن تعذرني فلقد قلت ذلك الكلام لأني لم أصدق ذلك و أتمنى أن تسامحني" كانت مجرد لحظات من بعد نطقها لتلك الكلمات, فرأت نفسها مرمية بين ذراعيه يضمها لصدره بقوة و شوق و يقبلها بشغف, فقالت له:"صدقني حبيبي حسام أنا أحبك.. و أحبك كثيرا و بجنون, إني متيمة بك لدرجة الجنون, لقد كنت على وشك أن افقد الأمل بحبي لك عندما رحلت, سامحني يا حبيبي" أمسك رأسها بين كفيه ثم وضع رأسها على صدره و ضمها إليه بقوة مما جعلها تشعر بأنها ضعيفة بين ذراعيه, فهي الآن تؤمن بأن حسام سيكون لها إلى الأبد و حمدت الرب على إنها تخلصت من هذا العذاب..


                    لكن هل سيرحل ماضيه للأبد و يتركه ليعيش حياته؟!
                    هل تغيير حياته يعتبر خيانة بحق الميت؟!


                    تمت
                    [align=center][aldl]http://www3.0zz0.com/2007/12/27/03/75188441.gif[/aldl]

                    [aldl]http://www.7ammil.com/data/visitors/2007/10/21/7ammil_193_houdaifas2.gif[/aldl][/align]

                    [align=center]ابداع وتميز على منتديات كويـــــــــــــــ777ــــــــــــــــت[/align]

                    تعليق


                    • #11
                      يعطيك العافيه
                      pin:27FCFB53

                      تعليق

                      يعمل...
                      X